الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / بداية الطريف 13

بداية الطريف 13

الدرس الحادي عشر: قيمة انتشار الفضيلة

 

الأهداف

1- أن يتعرّف الطالب إلى معنى انتشار الفاحشة وآثارها.

2- أن يدرك الطالب قيمة نشر الفضيلة وآثارها.

ما معنى انتشار الفاحشة؟

إنّ الإسلام حارب كلَّ ما يُمكن أن يمسَّ بتماسك المجتمع ولُحمته، وهو قد جاء بشريعة تُعاقب بحزم كلَّ من تُسوِّل له نفسه بثّ السموم في المجتمع ووضعه على سكّة الانحطاط. ومن جملة الأمور الّتي تُضعف المجتمع وتُسهّل انحداره انتشار الفاحشة ونشرها. وحتّى يتّضح لنا معنى انتشار الفاحشة ونشرها لا بأس بطرح بعض الأمثلة.

 

إنّ ارتكاب الذنوب في العلن وأمام الناس وبكلِّ جرأة، هو نوع من أنواع نشر الفاحشة. فعندما يرى الناس كلَّ يوم مشهداً متكرِّراً لشخص يشرب الخمر على الطريق، أو لشخص يستخدم كلمات بذيئة بصوت مُرتفِع أمام دكّانه، أو فتاة تلبس ملابس غير مُحتشِمة، هذه المشاهد والمواقف إذا تكرّرت من دون أيِّ رادع فإنّ أصحاب النفوس الضعيفة والإيمان الضعيف سيستسيغون ارتكابها مع مرور الوقت.

 

ومن مصاديق وأمثلة نشر الفاحشة في المجتمع، إشاعة أخبار الرذيلة والقبائح من الأفعال بين الناس. فتجد أحدهم همّه فقط تتبّع الفضائح والأخبار السيّئة، ثمّ القيام بنشرها في جلساته مع أصدقائه وأرحامه، وهو من حيث لا يدري يقوم بتعويد الأسماع على هذا النوع من الأخبار، فتستسيغ النفوس الضعيفة الوقوع ببعض الرذائل فيما بعد. وقد ورد عن الإمام الرضا عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “المستتر بالحسنة يعدل سبعين حسنة، والمذيع بالسيّئة مخذول، والمستتِر بها مغفور له”1.

1- الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 428.


إستنتاج

– الفاحشة هي كلُّ ما عظم قبحه من الأفعال والأقوال.

– ومن جملة الأمور الّتي تُضعف المجتمع وتُسهِّل انحداره انتشار الفاحشة ونشرها.

– إنّ ارتكاب الذنوب في العلن وأمام الناس وبكلِّ جرأة، هو نوع من أنواع نشر الفاحشة.

– ومن مصاديق وأمثلة نشر الفاحشة في المجتمع، إشاعة أخبار الرذيلة والقبائح من الأفعال بين الناس.

 

عاقبة نشر الفاحشة:

إنّ نشر الفاحشة والتجاهر بالمعاصي له جزاء خاصّ، غير نفس ارتكاب الفاحشة. ولذلك جزاء المرتكب للذنب في السرّ يختلف عن جزاء الّذي يرتكبه في العلن. فالثاني له عذاب مُضاعف. أما جزاؤه في الدنيا، فقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: “مُجاهَرة الله سبحانه بالمعاصي تُعجِّل النقم”2. وتعجيل النقمة معناه أن يُعجِّل الله عزَّ وجلَّ في هلاكه، أو في ذهاب ماله، أو في خسارة أعزّ ما يملك كالصحّة والأولاد. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ حتّى يُعلنِوا بها إلّا فشا فيهم الطاعون والأوجاع الّتي لم تكن مضت في أسلافهم الّذين مضوا”3.

 

وأمّا الجزاء في الآخرة، فالعذاب الشديد والأليم، لأنّ الله عزَّ وجلَّ يعتبر هذا الذنب من أقبح الذنوب بسبب الآثار السيّئة الّتي يتركها في المجتمع. يقول تعالى: ﴿إِنَّ الّذينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الّذينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾4. وورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: “إيّاك والمجاهرة بالفجور فإنّها مِنْ أشدّ المآثمّ “5.

 

إستنتاج

– جزاء المُتجاهِر بالمعاصي يفوق عذاب المُستتِر بها.

– التجاهر بالمعاصي يُعجِّل نزول النقم في الدنيا.

– المُتجاهِر بالمعاصي له عذاب أليم يوم القيامة.

 

2- ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج 2، ص 988.

3- م. ن، ج 3، ص 2419.

4- سورة النور، الآية: 19.

5- ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج 2، ص 988.


انتشار الفضيلة وآثارها الحسنة:

إنّ أوّل ثمار نشر الفضيلة في المجتمع هو تضييق الخناق على انتشار الفاحشة، فالمجتمع الّذي تنتشر فيه الفضيلة هو مجتمع يملك شيئاً من الحصانة أمام انتشار الفاحشة. لأنّ السائد فيه هو الأفعال الّتي يُحبّها الله. والمرتكز في الأذهان والنفوس هو العادات الحسنة والقيم العالية. والفضيلة على وجه الإجمال هي التزام الأفعال الحسنة الّتي يُحبّها الله عزَّ وجلَّ وعدم ارتكاب الأفعال القبيحة والمنكرات.

 

إنّ انتشار الفضيلة يقع في قبال انتشار الفاحشة. ولذلك من جملة مواصفات المجتمع الفاضل أنّه مجتمع يُشجّع ويحثّ ويدفع أفراده إلى فعل الخير. فعندما ترى الأمُّ ابنتها وقد ارتدت الحجاب فإنّها تمدحها على هذا العمل. وعندما يرى الوالد ولده يغضّ بصره أمام الحرام، فإنّه يُظهر له سروره وفرحه لهذا الفعل الصادر منه. ومن جهة أخرى، إنّ هذا المجتمع يُسارع إلى محاربة مظاهر الفاحشة الّتي تتسلّل إليه. فتراه مثلاً يُقاطع الفحّاشين في الكلام ويرفض التعامل معهم. وكذلك ينتقد ويُعارض أيَّ مظهر من مظاهر الّلباس غير المحتشم الّذي يظهر في الأماكن العامّة.

 

إستنتاج

– نشر الفضيلة يُضيّق الخناق على نشر انتشار الفاحشة.

– لمجتمع الّذي تنتشر فيه الفضيلة هو مجتمع يملك شيئاً من الحصانة أمام انتشار الفاحشة.

– من جملة مواصفات المجتمع الفاضل أنّه مجتمع يُشجّع ويحثّ ويدفع أفراده إلى فعل الخير.


للمطالعة

 

قوم نبيّ الله لوط عليه السلام:

كان لوط عليه السلام من كلدان في أرض بابل ومن السابقين الأوّلين ممّن آمن بإبراهيم عليه السلام، آمن به وقال: ﴿إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي﴾، فنجّاه الله مع إبراهيم إلى الأرض المقدّسة أرض فلسطين، فنزل في بعض بلادها وهي مدينة سدوم على ما في التواريخ والتوراة وبعض الروايات. وكان أهل المدينة وما والاها من المدائن يعبدون الأصنام، ويأتون بالفاحشة: اللواط، وهم أوّل قوم شاع فيهم ذلك حتّى كانوا يأتون به في نواديهم من غير إنكار، وشاعت الفاحشة فيهم حتّى عادت سنّة قوميّة ابتلت به عامّتهم وتركوا النساء وقطعوا السبيل. فأرسل الله لوطاً إليهم فدعاهم إلى تقوى الله وترك الفحشاء والرجوع إلى طريق الفطرة وأنذرهم وخوّفهم فلم يزدهم إلّا عتوّاً، ولم يكن جوابهم إلّا أن قالوا: ﴿ائْتِنَا بِعَذَابِ اللهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾، وهدّدوه بالإخراج من بلدتهم وقالوا له: ﴿لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ﴾ و﴿قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾. ولم يزل لوط عليه السلام يدعوهم إلى سبيل الله وملازمة سنّة الفطرة وترك الفحشاء وهم يُصرّون على عمل الخبائث، حتّى استقرّ بهم الطغيان وحقّت عليهم كلمة العذاب، فبعث الله رُسلاً من الملائكة المكرّمين لإهلاكهم، فمضوا إلى لوط في صُور غِلمان مُرد ودخلوا عليه ضيوفاً، فشقّ ذلك على لوط وضاق بهم ذرعاً لما كان يعلم من قومه أنّهم سيتعرّضون لهم وأنّهم غير تاركيهم البتّة، فلم يلبث دون أن سمع القوم بذلك وأقبلوا يهرعون إليه وهم يستبشرون، وهجموا على داره، فخرج إليهم وبالغ في وعظهم واستثار فتوّتهم ورشدهم وقال: ﴿فَاتَّقُواْ اللهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي﴾، ثمّ استغاث ﴿أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ﴾؟! فردّوا عليه أنّه ليس لهم في بناته إربة وأنّهم غير تاركي أضيافه البتّة حتّى أيس لوط و﴿قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾. قالت الملائكة عند ذلك: يا لوط إنّا رسل ربِّك، طِبْ نفساً إنّ القوم لن يصلوا إليك، فطمسوا أعين القوم فعادوا عمياناً يتخبّطون وتفرّقوا. ثمّ أمروا لوطاً عليه السلام


أن يسري بأهله من ليلته بقطع من الليل ويتّبع أدبارهم، ولا يلتفت منهم أحد إلّا امرأته فإنّه مصيبها ما أصابهم، وأخبروه أنّهم سيُهلكون القوم مُصبحين. فأخذت الصيحة القوم مُشرِقين، وأرسل الله عليهم حجارة من طين مسوّمة عند ربك للمسرفين، وقَلَبَ مدائنهم عليهم فجعل عاليها سافلها، وأخرج من كان فيها من المؤمنين فلم يجد فيها غير بيت من المسلمين وهو بيت لوط وترك فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم6.

6- ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج 4، ص 3062 – 3064 (بتصرف).

 

https://t.me/wilayahinfo
https://chat.whatsapp.com/CaA0Mqm7HSuFs24NRCgSQ0

ملاحظة:سيكون النشر في 02-12-22 من كل شهر

 


شاهد أيضاً

بداية الطريف 20

الدرس الثامن عشر: ضوابط الاستفادة من وسائل الإعلام الحديثة   الأهداف 1- أن يتعرّف الطالب ...