الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / بداية الطريف 15

بداية الطريف 15

الدرس الثالث عشر: تناول الحرام

 

الأهداف

1- أن يحدِّد الطالب أهمية البعد المعنوي في الإنسان.

2- أن يُدرك الطالب تأثير أكل الحرام على روح الإنسان.

 

الروح أم الجسد أيـُّهما أهمّ؟

شاءت حكمة الله عزَّ وجلَّ أنْ يُخلق الإنسان في عالم الدنيا، وأنْ يقضي شطراً من وجوده فيه، وقد خلق الله الإنسان مكوّناً من بُعدين:

1- بدنٌ ماديّ.

2- وروحٌ مجرّدة.

 

ولكلِّ بُعدٍ من هذين البُعدين خصائصه ومميّزاته وصفاته. والمطلوب من الإنسان أنْ يعتني بهما. أمّا البُعد الأوّل وهو البدن: ينبغي أنْ يُحافظ عليه، فلا يُعرِّضه للتّلف، وأنْ يُداويه إذا مرض، وأنْ يُغذّيه بالأغذية المناسبة. فهذا الجسم هو مطيّته في الحياة الدنيا، وهو وسيلته لطاعة الله عزَّ وجلَّ وعمارة أرضه والجهاد في سبيله. ويجب عليه دائماً وضع هذا الجسم في المواضع الّتي يرضى عنها الله، فلا يسرق بيده، ولا يظلم بلسانه، ولا ينظر نظراً محرّماً بعينه. ولا يمشي إلى معصية برجله، وهكذا…

 

أمّا البُعد الثاني، أي الروح: يجب على الإنسان أنْ يُحافظ أيضاً عليها، فلا يُلوِّثها بالمعاصي، وأنْ يتوب ويُنقّيها من قبائح الذنوب بالندم والاستغفار والعبادة، وأنْ يُرفدها دائماً بغذائها المناسب لها، كالإيمان القويّ والدعاء الصادق والمناجاة وقراءة القرآن والتقوى والأعمال الصالحة.

 

وبلحاظ أنّ الّذي يُصاحب الإنسان إلى يوم القيامة هو الإيمان والعمل الصالح، فإنّ المحافظة على الروح لها أهميّة تفوق أهميّة مراعاة البدن. لأنّ الّذي يبقى ويدوم أفضل من


الّذي يفنى ويبطل. ومن هنا جاءت التوصيات الكثيرة في القرآن والحديث لتوصي بالتقوى والعمل والعبادة والطاعة، فكلُّ هذه الأمور تقوّي الجانب الروحي عند الإنسان وتزيد من رصيد ثوابه يوم القيامة. يقول تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾1. ويقول أيضاً: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا﴾2. بل يوجد بعض الأحاديث الّتي تنصُّ على أنّ الأخذ من راحة البدن لحساب الروح والنفس هو أمرٌ مطلوب حتّى يرتقي الإنسان إلى المعالي، فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: “أسهِرُوا عيونكم وضمِّروا بطونكم وخذوا من أجسادكم تجودوا بها على أنفسكم”3.

 

إستنتاج

– يجب على الإنسان أنْ يُحافظ على روحه فلا يُلوِّثها بالمعاصي، وأنْ يتوب ويُنقّيها من قبائح الذنوب بالندم والاستغفار والعبادة.

– غذاء الروح المناسب لها هو: الإيمان القويّ والدعاء الصادق والمناجاة وقراءة القرآن والتقوى والأعمال الصالحة.

– المحافظة على الروح لها أهميّة تفوق أهميّة مراعاة البدن لأنّ الّذي يُصاحب الإنسان إلى يوم القيامة هو الإيمان والعمل الصالح.

 

العوامل المؤثِّرة على البُعد الروحي للإنسان:

بناءً على ما تقدّم من أهميّة البُعد الروحي في الإنسان، فينبغي أنْ يُعلم أنَّ هناك الكثير من العوامل الّتي تؤثّر على روح الإنسان سلباً أو إيجاباً. والإطلاع على هذه العوامل المؤثِّرة مهمٌّ جدّاً لأنّ العلم طريق لعمل كلِّ ما هو مفيدٌ للروح، وهو طريق أيضاً للاحتراز عمّا يضرّها ويؤذيها. فمثلاً العلم بأنّ ذكر الله عزَّ وجلَّ هو سبيل الروح للانعتاق من أغلال الغرائز والأهواء وأنّه من أهمِّ الزادِ ليوم المعاد، دافعٌ مهمٌّ للتزوّد منه. ومعرفة الإنسان بأنّ الغفلة عنه تعالى هي حياةٌ ضنكة للروح، تردعه عن الوقوع فيه. يقول تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾4. ومن الروايات اللطيفة الّتي تُبيّن بعضاً من حالات روح الإنسان والعوامل المؤثِّرة فيها ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال: “إنّ للجسم ستّة أحوال: الصحة، والمرض، والموت، والحياة، والنوم، واليقظة، وكذلك الروح، فحياتها علمها،

1- سورة الحجرات، الآية: 13.

2- سورة الشمس، الآية: 9.

3- ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج 2، ص 1137.

4- سورة طه، الآية: 124.


وموتها جهلها، ومرضها شكُّها، وصحّتها يقينها، ونومها غفلتها، ويقظتها حفظها”5.

 

إستنتاج

– ينبغي الاطلاع على العوامل الّتي تؤثِّر في الروح سلباً أو إيجاباً.

– يُعتبر الذِكْر مؤثِّراً إيجابيّاً.

– تُعتبر الغفلة مؤثِّراً سلبيّاً.

 

تأثير أكل الحرام على حياة الإنسان وروحه:

يقع تناول المحرّمات على رأس العوامل الّتي تؤثِّر في روح الإنسان. فقد ذكرت النصوص آثاراً عديدة لأكل الحرام، منها ما يترتّب في عالم الدنيا، ومنها ما يظهر في عالم الآخرة. وقبل الحديث عن هذه الآثار تجدر الإشارة إلى أنّ لتناول المحرّمات مصاديق عديدة، وكلّها تشترك في أنّها معصية عظيمة تستحقّ العقاب.

 

من مصاديق تناول المحرّمات:

– شرب الخمر والمسكرات.

– أكل اللحوم غير المذكّاة.

– تناول الطعام المغصوب.

– تناول الطعام المبتاع من مال السحت (الحرام).

– تناول المخدّرات.

 

ومن الأمور الّتي باتت شائعة في هذا الزمن التهاون في أكل اللحوم وابتياعها من مصادر غير مأمونة مع العلم أنّ اللحوم غير المذكّاة والمستوردة من الخارج صارت تملأ الأسواق والمحال التجاريّة. لهذا ينبغي على كلِّ إنسان مهتمٍّ بنقاء روحه أنْ يتحرّى عن هذه اللحوم قبل ابتياعها، وأن لا يأكل من المطاعم المشبوهة. فحتّى لو كان جاهلاً بعدم تذكية اللحم الّذي يتناوله، فإنّ لهذا الطعام آثاراً سلبيّة على روحه. ولهذا جاء هذا التقريع من الشارع حول مصادر طعام الإنسان. فالدين يُريد أنْ يحفظ روح الإنسان من التلوُّث والدنس.

 

5- ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج 2، ص 1129 – 1130.


ومن الآثار السلبيّة لتناول المحرّمات بحسب بعض الروايات:

– عدم دخول الجنـّة: فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “لا يدخل الجنّة من نبت لحمه من السحت، النار أولى به”6.

– عدم قبول الأعمال ومنها العبادة: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “العبادة مع أكل الحرام كالبناء على الرمل وقيل: على الماء”7. وعن الإمام الباقر عليه السلام: “إنّ الرجل إذا أصاب مالاً من حرام لم يُقبل منه حجٌّ ولا عمرة ولا صلة رحم حتّى أنّه يفسد فيه الفرج”8.

 

– عدم استجابة الدعاء: ولذلك يُعتبر طيب المكسب من العوامل الّتي تؤمِّن استجابة الدعاء: قال الإمام الصادق عليه السلام: “من سرّه أنْ يُستجاب دعاؤه فليُطيِّب كسبه”9.

 

إستنتاج

– من مصاديق تناول المحرّمات:

شرب الخمر والمسكرات.

أكل اللحوم غير المذكّاة.

تناول الطعام المغصوب.

تناول الطعام المبتاع من مال السحت (الحرام).

تناول المخدّرات.

 

– من الآثار السلبيّة لتناول المحرّمات:

عدم دخول الجنّة.

عدم قبول الأعمال ومنها العبادة.

عدم استجابة الدعاء.

 

 

6- ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج 1، ص 597.

7- م. ن.

8- م. ن.

9- م. ن، ج 2، ص 874.


للمطالعة

مجموعة من الروايات في الكسب الحلال والحرام:

– روي عن الإمام الصادق عليه السلام: “اشتدّت حال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت له امرأته: لو أتيت النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم فسألته فجاء إلى النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فسمعه يقول: من سألنا أعطيناه، ومن استغنى أغناه الله، فقال الرجل: ما يعني صلى الله عليه وآله وسلم غيري فرجع إلى امرأته فأعلمها، فقالت: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشر فأعلمه، فأتاه، فلمّا رآه عليه السلام قال: من سألنا أعطيناه، ومن استغنى أغناه الله حتّى فعل ذلك ثلاث مرّات، ثُمّ ذهب الرجل فاستعار فأساً ثمّ أتى الجبل فصعده وقطع حطباً ثُمّ جاء به، فباعه بنصف مدٍّ من دقيق، ثُمّ ذهب من الغدّ فجاء بأكثر منه فباعه، ولم يزل يعمل و يجمع حتّى اشترى فأساً، ثُمّ جمع حتّى اشترى بكرين وغلاماً، ثُمّ أثرى وحسُنت حاله فجاء النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم فأعلمه كيف جاء يسأله وكيف سمعه يقول، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: قلت لك، من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله”10.

 

– عن أبي جعفر عليه السلام قال: “ليس من نفسٍ إلّا وقد فرض الله لها رزقاً حلالاً يأتيها في عافية وعرض لها بالحرام من وجه آخر فإنْ هي تناولت شيئاً من الحرام قاصّها من الحلال الّذي فرض لها وعند الله سواهما فضل كثير وهو قوله: ﴿وَاسْأَلُواْ اللهَ مِن فَضْلِهِ﴾”11.

 

– قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: العبادة سبعون جزءاً أفضلها طلب الحلال12.

10- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 100، ص 14.

11-  م. ن، ج 100، ص 11.

12- الكافي، الشيخ الكليني، ج5، ص 78.

 

 

https://t.me/wilayahinfo
https://chat.whatsapp.com/CaA0Mqm7HSuFs24NRCgSQ0

ملاحظة:سيكون النشر في 02-12-22 من كل شهر

 

شاهد أيضاً

بداية الطريف 20

الدرس الثامن عشر: ضوابط الاستفادة من وسائل الإعلام الحديثة   الأهداف 1- أن يتعرّف الطالب ...