الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / بداية الطريف 17

بداية الطريف 17

الدرس الخامس عشر: المسجد

 

الأهداف

1- أن يتعرّف الطالب إلى مكانة المسجد في الإسلام.

2- أن يدرك ثمرات الحضور في المسجد.

3- أن يتعرّف إلى آداب الحضور إلى المسجد.

مكانة المسجد في الإسلام:

إنّ للمسجد مكانة عظيمة في الإسلام، حيث يُعتبر المكان الّذي تتوفّر فيه جميع أسباب بناء الشخصيّة الإسلاميّة القويمة. وهو مركز أساس لانطلاق الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ. ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يؤمُّ المسلمين فيه، ويُبلِّغهم القرآن وأوامر الله ونواهيه. وكان أيضاً يستعمله كنقطة لانطلاق المجاهدين، حيث كان يأمرهم بالتجمُّع فيه، ويجهِّزهم ويُعطيهم كلَّ ما يحتاجونه من معلومات حول المهمَّة المُوكَلة إليهم. والمسجد كان ولا يزال المكان الّذي ترتاح فيه النفس وترمي عنها جميع همومها. ولذلك، فليُجرِّب كلُّ مهموم أو مُثقل بمشاغل الحياة أنْ يذهب إلى بيت الله عزَّ وجلَّ، خاصّة إذا كانت قد مرّت عليه فترة انقطاع عنه، سيشعر بحالة روحيّة خاصّة أثناء تأديته للصلاة لا تتحصّل لديه فيما لو أدّاها في منزله.

 

وممّا يُؤسف له أنّ الشباب في أيّامنا هذه باتت تُشغلهم مشاغل الحياة العصريّة عن الذهاب إلى المسجد، وباتوا يستسهلون الصلاة في أيِّ مكان غير بيت الله عزَّ وجلَّ. ولذلك نجد حالة من الجفاف الروحي منتشرة في أوساطهم، وهذه الحالة يُمكن أنْ تتقلَّص فيما لو اعتادوا الذهاب إلى المسجد، لأنّ المسجد فيه كلُّ العناصر المذكِّرة بالله عزَّ وجلَّ، والّذي يتذكَّر الله عزَّ وجلَّ يعيش حالة من الّلذة الروحيّة الّتي لا يُمكن أنْ تُقارَن بجميع ملذّات الدنيا الماديّة. يقول تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إلّا اللهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ1.

 

1- سورة التوبة، الآية: 18.


إستنتاج

– المسجد هو المكان الّذي تتوفّر فيه جميع أسباب بناء الشخصيّة الإسلاميّة القويمة.

– المسجد هو مركز أساس لانطلاق الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ.

– المسجد هو المكان الّذي ترتاح فيه النفوس وتُلقي عنها أثقالها والهموم.

– في المسجد يأنس المؤمن بذكر الله ويعيش حالة من الّلذة الروحيّة لا يجدها في غيره من الأماكن.

 

ثمرات الحضور في المسجد:

يُعتبر المسجد خير مُعين لمن يُريد أنْ يُهذِّب نفسه ويُحسِّن أخلاقه ويُصلح علاقته بربِّه، والمسجد يفتح آفاقاً رحبة للإنسان في كثير من المجالات، وإليك بعض ثمار المواظبة على حضور المسجد:

 

1- التذكير بالله عزَّ وجلَّ: فأجواء العبادة والصلاة والدعاء تُنبِّه الإنسان إلى ربِّه فيما إذا كان غافلاً ومنغمساً في مشاغل الدنيا وكثراتها. ومعلوم أنَّ الغفلة عن الله قد توقع الإنسان خاصّةً ـ إذا استمرّت ـ في الذنوب والمعاصي، وبالتّالي، يُعتبر الحضور إلى المسجد عاملاً مهمّاً لسدِّ هذه الثغرة في حياة الإنسان.

 

2- الهداية: المسجد يضمُّ الكثير من عناصر الهداية والصلاح، فإمام المسجد والعلماء الّذين يتردّدون إلى المسجد لصلاة الجماعة هم أحدُ أهمِّ عناصر الهداية، فمن خلالهم يُمكن السؤال عن الأحكام الشرعيّة، ومن خلالهم يُمكن سماع الموعظة والحكمة. ومن العناصر المهمّة أيضاً الإخوة المؤمنون الّذين هداهم الله عزَّ وجلَّ، حيث يُمكن استفادة النصيحة والمشورة من أهل العقل والدراية منهم.

 

3- التعرُّف على الإخوة المؤمنين: فالمسجد يضمُّ في الأغلب الشباب والكهول الّذين يواظبون على صلواتهم وعلى علاقتهم بالله عزَّ وجلَّ، فمن أراد أخاً في الله فليبحث عنه في بيوت الله عزَّ وجلَّ.

 

4- استجابة الدعاء: من المعروف أنّ هناك بعض الآداب الّتي يلزم مراعاتها حتّى يُستجاب دعاؤنا، منها ما له علاقة بمكان الدعاء، وكون المسجد بيت الله عزَّ وجلَّ فهذا من موجبات استجابة الدعاء.


ويُمكن تلخيص جميع ما مرّ وزيادة من خلال رواية عن الإمام الحسين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “من أدمن إلى المسجد أصاب الخصال الثمانية: آية محكمة، أو فريضة مستعملة، أو سنّة قائمة، أو علم مُستطرَف، أو أخ مستفاد، أو كلمة تدلّه على هدى أو تردّه عن ردى، وترك الذنب خشية أو حياء”2. وفي رواية أخرى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “لا يرجع صاحب المسجد بأقلّ من إحدى ثلاث: إمّا دعاء يدعو به يُدخله الله به الجنة، وإمّا دعاء يدعو به ليصرف الله به عنه بلاء الدنيا، وإمّا أخ يستفيده في الله عزَّ وجلَّ”3.

 

إستنتاج

– من ثمرات الحضور إلى المسجد:

التذكير بالله عزَّ وجلَّ.

الهداية.

التعرّف على الإخوة المؤمنين.

استجابة الدعاء.

 

آداب الحضور في المسجد:

المسجد هو بيت الله عزَّ وجلَّ، وحريٌّ بمن يقصد بيته تعالى أنْ يتأدّب بجملة من الآداب ويُحافظ عليها ويتمسّك بها، إنّ أحدنا عندما يقصد منزل إنسان محترم وعزيز على قلبه تراه يلبس ثياباً مرتّبة ويتعطّر ويتأدّب عند لقائه في كلامه وأفعاله، فكيف بنا ونحن نتوجّه إلى بيت ربِّ الأرباب وخالق الأرض والسماء. فيجب أنْ نتوجّه إليه تعالى بقلب خاشع وأعضاء ساكنة مترقِّبة للوقوف بين يديه تعالى في الصلاة. ومن جملة الآداب الّتي حثَّت عليها الشريعة المقدَّسة:

 

1- المشي إلى المسجد لما في ذلك من ثواب جزيل، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “من مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكلِّ خطوة سبعون ألف حسنة، ويُرفع له من الدرجات مثل ذلك، وإنْ مات وهو على ذلك وكّل الله به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره، ويؤنسونه في وحدته، ويستغفرون له حتّى يُبعث”4. وينبغي لمن يمشي إلى بيت الله عزَّ وجلَّ أنْ يقصده ويدخله بكلِّ وقار وأنْ تكون مشيته ممزوجة بالتفكّر والتأمُّل في

 

 

2- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج81، ص 3.

3- وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج5، ص 193.

4- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص 518.

 


حاله ومآل علاقته بربِّه وكيفيّة تمتينها. قال أمير المؤمنين عليه السلام: “ومن أراد دخول المسجد فليدخل على سكون ووقار فإنّ المساجد بيوت الله وأحبّ البقاع إليه، وأحبّهم إلى الله عزَّ وجلَّ”.

 

2- تقديم الرِّجل اليُمنى عند الدخول واليُسرى عند الخروج، فقد ورد عن أهل البيت عليهم السلام: “الفضل في دخول المسجد أنْ تبدأ برِجلك اليُمنى إذا دخلت وباليسرى إذا خرجت”5.

 

3- الاستعاذة والصلاة على محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وآل محمّد عليهم السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إذا دخل العبد المسجد فقال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الشيطان: إنّه كسر ظهري، وكتب الله له بها عبادة سنة، وإذا خرج من المسجد يقول مثل ذلك، كتب الله له بكلِّ شعرة على بدنه مائة حسنة، ورفع له مائة درجة”6. وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: “إذ دخلت المسجد فصلِّ على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وإذا خرجت فافعل ذلك”7.

 

4- أنْ يكون على طهارة، أي أنْ يكون متوضِّئاً قبل دخوله إلى المسجد، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “لا تدخل المسجد الا بالطهارة…”8.

 

إستنتاج

– من آداب الذهاب إلى المسجد:

– المشي إليه.

– تقديم الرجل اليُمنى عند الدخول واليُسرى عند الخروج.

– الاستعاذة والصلاة على محمّد وآل محمّد عند الدخول.

– الكون على طهارة.

 

5- الكافي، الشيخ الكليني، ج 3، ص 308 – 309.

6- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 81، ص 26.

7- الكافي، الشيخ الكليني، ج 3، ص 309.

8- جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج 4، ص 445.


للمطالعة

 

ترك الصلاة في المسجد:

ذكر صاحب مستدرك الوسائل: أنَّ ثعلبة بن حاطب الأنصاري أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، ادع الله أنْ يرزقني مالاً، فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: … يا ثعلبة، إذهب واقنع بما عندك، فإنّ الشاكر أحسن ممّن له مال كثير لا يشكره، فذهب ورجع بعد أيّام وقال: يا رسول الله، ادع الله تعالى أنْ يُعطيني مالاً، فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: أليس لك بي أسوة! فإنّي بعزّة عرش الله، لو شئت لصارت جبال الأرض لي ذهباً وفضّة، فذهب ثُمّ رجع فقال: يا رسول الله، سل الله تعالى أنْ يُعطيني مالاً، فإنّي أؤدّي حقّ الله، وأؤدّي حقوقاً، وأصل به الرحم، فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: اللّهم أعط ثعلبة مالاً. وكان لثعلبة غنيمات، فبارك الله فيها حتّى تتزايد كما تزايد النمل، فلمّا كثر ماله كان يتعاهده بنفسه، وكان قبله يُصلّي الصلوات الخمس في المسجد، مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فبنى مكاناً خارج المدينة لأغنامه، فصار يُصلّي الظهر والعصر مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وصلاة الصبح والمغرب والعشاء في ذلك المكان، ثُمّ زادت الأغنام فخرج إلى دار كبير بعيد عن المدينة، فبنى مكاناً فذهب منه الصلوات الخمس، والصلاة في المسجد، والجماعة، والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وكان يأتي المسجد يوم الجمعة لصلاة الجمعة، فلمّا كثر ماله ذهب منه صلاة الجمعة، فكان يسأل عن أحوال المدينة ممّن يمرُّ عليه…9.

9- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج 13، ص 256 – 257.

 

 

https://t.me/wilayahinfo
https://chat.whatsapp.com/CaA0Mqm7HSuFs24NRCgSQ0

ملاحظة:سيكون النشر في 02-12-22 من كل شهر

 


شاهد أيضاً

بداية الطريف 20

الدرس الثامن عشر: ضوابط الاستفادة من وسائل الإعلام الحديثة   الأهداف 1- أن يتعرّف الطالب ...