الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / الولاء والولاية من كتب الفكر الاسلامي 04

الولاء والولاية من كتب الفكر الاسلامي 04

2ـ الولاء الايجابي العام

يريد الإسلام من المسلمين أن يعيشوا في وحدة مستقلة، وأن يكون لهم نظام مترابط ومجتمع متماسك، كل فرد فيه يرى نفسه عضواً في جسد واحد هو المجتمع الإسلامي، لكي يصبح المجتمع الإسلامي قوياً. لقد جاء في القرآن أن المجتمع المسلم ينبغي أن يكون أفضل من المجتمعات الأخرى:

{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[5].

ويقول القرآن في مكان آخر:
{ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}[6].

إنّ الإيمان أساس المحبة والوداد والولاء بين المؤمنين:
{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}[7].

فالمؤمنون قريب بعضهم من بعض، وهذا القرب يحملهم على أن يحب بعضهم بعضاً وينصره ويحامي عنه ويهتم بمصيره الذي هو في الحقيقة مصير مجتمعه الموحد الواحد، ولذلك فهو يأمره بالمعروف وينهاه عن ارتكاب الأعمال القبيحة.

إنّ هذين العملين ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ ناشئان من الود الإيماني، وبهذا نجد هذه الجملة ترد مباشرة بعد ذكر ولاء المؤمنين بعض لبعض.

إنّ الإهتمام بمصير الأشخاص ينبع من اهتمامهم بمصيرهم، فالأب الذي يحب أبناءه لاشك أنه يعاني بمصائرهم وسلوكهم، ولكنه قد لا يحس بالإحساس نفسه إزاء أولاد الآخرين، لأنه لا تربطه بهم رابطة بحيث أن أعمالهم الحسنة تثير فيه إحساساً إيجابياً، وتثير فيه أعمالهم الشائنة إحساساً، سلبياً.

فالأمر بالمعروف يأتي من ذلك الإحساس الإيجابي، والنهي عن المنكر يأتي من ذلك الإحساس السلبي. فإذا لم يكن ثمة حب فلا تكون تلك الأحاسيس في قلب الإنسان.

إذا لم يكن المرء محباً للناس يكون لا أبالياً إزاء أفعالهم، ولكنه إذا كان يحبهم فإنه لا يستطيع أن يقف ساكناً ولا أبالياً نحو ما يفعلون. ولهذا فإن الآية المذكورة تربط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالولاء ربطاً خاصاً.

وبعد ذلك يشير القرآن إلى نتائج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ويذكر إثنتين منها:{يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}[8].

والصلاة نموذج للعلاقة بين المخلوق والخالق. والزكاة نموذج لحسن علاقة المسلمين بعض ببعض. فهم بسبب التعاطف والتراحم الإسلاميين يتعاونون فيما بينهم, ويحمي بعضهم بعضاً.

{ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[9].

سوف نبين أموراً أخرى بخصوص هذه الآية والآيات الأخرى التي تتناول الولاء الإيجابي، وكيف أنه لا يقتصر على اعتبار المحبة والولاء القلبي فحسب، بل يؤكد ضرباً من المسؤولية والتزام حسن الروابط بين المسلمين.

شاهد أيضاً

قيادي في الحرس الثوري: إعادة النظر في الاعتبارات النووية في حال وجود تهديدات اسرائيلية

قال قائد قوات حماية المراكز النووية التابعة للحرس الثوري العميد احمد حق طلب: إذا كانت ...