الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / أسرار الصلاة – الجليل الشيخ الجوادي الآملي 26

أسرار الصلاة – الجليل الشيخ الجوادي الآملي 26

فتبيّن في هذه الصلة أمور :
الأوّل : أنّ النظام التكوينيّ يدور مدار الهداية البحتة ، بخلاف التشريعيّ منه ؛ لتطرّق الضلالة فيه ؛ لتمرّد بعض الناس عمّا هداه اللَّه إليه .
الثاني : أنّ القنوت ممثّل لما عليه التكوين من الذلَّة والضراعة للَّه سبحانه ، وأنّ القانت غير خائب ؛ لأنّ المسؤول جواد لا يخيّب سائله .

الثالث : أنّ رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله – كان يقنت في صلواته كلَّها ، وأنّ الصلاة الفاقدة للقنوت غير كاملة .
الرابع : أنّ التشهّد قد تمثّل أصله في المعراج ، والهم الرسول – صلَّى اللَّه عليه
وآله – بما قاله فيه .
الخامس : أنّ تأويل التشهّد هو : تجديد الإيمان والإقرار بالبعث بعد الموت ، وتأويل التحيّات هو : تعظيم الربّ عمّا نعته الملحدون .

السادس : أنّ سرّ التورّك وتأويله هو : إقامة الحقّ وإماتة الباطل .
السابع : أنّ المؤمن كلتا يديه يمين ، وكلتا رجليه يمنى ؛ لأنّه مظهر للَّه الذي ورد في وصفه أنّ كلتا يديه يمين .
الثامن : أنّ ولاية أهل البيت – عليهم السّلام – هي العلَّة الوسطى لأصل الفيض ودوامه وإن كانت العلَّيّة الحقيقية منحصرة في اللَّه تعالى ، وأنّ الصلاة الفاقدة للصلاة عليهم – عليهم السّلام – غير مقبولة .
التاسع : أنّ للقيام من السجدة الأخيرة أدبا ، وله ذكر وسرّ . وأنّ الجلوس قبل النهوض إلى القيام توقير للصلاة ، وتركه جفاء لها .

العاشر : أنّ الجبر والتفويض تفريط وإفراط ، وأنّ المنزلة الوسطى بينهما هو اللبن الخالص المصون عن دم الإفراط وروث التفريط .
الحادي عشر : أنّ قعود العبد كقيامه باللَّه ، وأنّه لولا حول اللَّه تعالى وقوّته لما قدر العبد على القعود ، كما لم يقدر على القيام .

الثاني عشر : أنّ الحوقلة الطاردة لطرفي الإفراط والتفريط جارية في جميع الشّؤون بلا اختصاص لها بالصلاة .
الثالث عشر : أنّ أمير المؤمنين – عليه السّلام – كان يبرأ بالحوقلة في كلّ ركعة من القدريّة .
الرابع عشر : أنّ سرّ الحوقلة يظهر يوم تبلى فيه السرائر والأسرار ، وهو يوم قيام الحقّ بساقه .
الخامس عشر : أنّ التسليم قد تمثّل أصله في المعراج ، والهم الرسول – صلَّى اللَّه عليه وآله – بما يقول فيه .
السادس عشر : أنّ تأويل السلام هو الترحّم والأمان ، وأنّ الدخول في الصلاة
كان بتحريم الكلام الآدميّ ، والخروج منها بتحليله .

السابع عشر : أنّ علَّة اختصاص التسليم باليمين هو : التوجّه إلى كاتب الحسنات ، وسبب التعبير فيه بالجمع هو : شموله لمن في اليسار من الملك ، وأنّ في سلامة الصلاة سلامة سائر الأعمال .
الثامن عشر : أنّ عادة العرب قد استقرّت على إحساس الأمن بالتسليم ، وأنّ السلام أمن للصلاة من الفساد .
التاسع عشر : أنّ السلام من الأسماء الفعليّة للَّه ، وأنّ الإنسان الكامل مظهر له ، وأنّ الملائكة يسلَّمون على المؤمن التقيّ النقيّ ، وأنّ السلام العالميّ إنّما اختصّ في القرآن بنوح عليه السّلام ، وأنّ الرسول – صلَّى اللَّه عليه وآله – مأمور بالتسليم على من يجيئه لتعلَّم المعارف .

الموفي عشرين : أنّ المصلَّي المناجي ربّه ، الغائب عمّا سواه يتمشّى منه التسليم ، وأنّ المصلَّي الساهي الذي له الويل لم يكن غائبا عمّا سواه حتّى يقدم عليهم ، فكيف يتمشّى منه التسليم ؟ إلَّا أنّه كان مرائيا ، حيث إنّه بسلامه يري أنّه كان مناجيا ربّه ، غائبا عمّن عداه فقدم فسلَّم ، والذي يراه المرائي ويريه أنّه يعبد الحقّ هو : السراب الذي يحسبه الظمآن ماء .

الخاتمة في أسرار تعقيبات الصلاة
إنّ الصلاة متقوّمة في داخلها بالنجوى ؛ لأنّ المصلَّي يناجي ربّه ، فليست الصلاة إلَّا النجوى ، ومحفوفة في حاشيتيها بالدعاء ؛ لأنّ المصلَّي يستقبل صلاته ، وكذا يعقبها بذلك ، فليست المقدّمة ولا المؤخّرة إلَّا الدعاء ؛ وذلك لأنّ العبد التامّ هو الذي يكون متقوّما بالنجوى ، ومحفوفا بالدعاء القادم والغابر ، إذ لا يجد العبد في ذاته إلَّا الفيض الإلهيّ الخاصّ الذي قوّمه ، ولا يشاهد ما بين يديه ولا ما خلفه إلَّا الجود الإلهيّ الذي تقدّم عليه وتأخّر منه ، فليس هو نفسه إلَّا فيضا محفوفا بالجود ، ويمثّل كيانه الخاصّ بالصلاة المحفوفة بالدعاء والمسألة .

شاهد أيضاً

الحجاب النوراني والحجاب الظلماني

لكن أنواع ذلك الجلال هو اشراقاتي وهو لفرط العظمة والنورانية واللانهائية، يبعد عنها العاشق بعتاب ...