الرئيسية / شخصيات اسلامية / أنساب الأشراف 20

أنساب الأشراف 20

165 – وروى أن قريشا لما كانوا بالأبواء ، وهم يريدون أحدا ، همّوا باستخراج آمنة من قبرها . فقال قائلهم : إنّ النساء عورة ، فإن يصب محمد من نسائكم
أحدا ، قلتم : « هذه رمّة أمك وأعظمها » . ثم كفّهم الله عن ذلك إكراما
لنبيه ، فأمسكوا .
166 – وزعم بعض البصريين أن آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم ماتت بمكة ، ودفنت في شعب أبى دبّ الخزاعي . وذلك غير ثبت .
167 – وحدثني عباس بن هشام ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي صالح أو عكرمة ، أن حليمة ظئر رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدمت به من بلادها ، أضلَّته بأعلى مكة . فوجده ورقة بن نوفل ورجل آخر من قريش ، فأتيا به عبد المطلب وقالا : هذا ابنك وجدناه متلددا بأعلى مكة ، فسألناه من هو ؟ فقال :
أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، فأتيناك به . فذلك قول الله تبارك وتعالى :
« ووجدك ضالَّا فهدى » [ 1 ] . ثم إنّ عبد المطَّلب حمله على عاتقه ، وطاف به حول الكعبة ، وقال :
أعيذه بالله بارئ النسم * من كل من يسعى بساق وقدم
وقصفة الحجّاج في الشهر الأصمّ * حتى أراه في ذرى صعب أشمّ
ثم يكون ربّ غير مهتضم
168 – قالوا : وقدمت حليمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد تزوجه خديجة بنت خويلد ، فأنزلها وأكرمها . فشكت جدب البلاد وهلاك الماشية . فكلَّم خديجة فيها . فأعطتها أربعين شاة وبعيرا للظعنة ، وصرفها إلى أهلها بخير .
وقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة ، وهو بالأبطح ، أخت حليمة ومعها أخت زوجها ، وأهدت إليه جرابا فيه أقط ونجيّ سمن .
فسأل أخت حليمة عن حليمة . فأخبرته بموتها ، فذرفت عيناه . وسألها عمن خلفت . وأخبرته بخلَّة وحاجة . فأمر لها بكسوة ، وحمل ظعينة ، وأعطاها مائتي
درهم وافية . وانصرفت وهي تقول : نعم المكفول أنت صغيرا وكبيرا .
169 – قالوا : وكانت ثويبة تأتى النبي صلى الله عليه وسلم وهي مملوكة ، فيبرّها
ويكرمها . وتكرمها خديجة . وطلبت خديجة إلى أبى لهب أن يبيعها إياها لتعتقها .
فأبى ذلك . فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، أعتقها أبو لهب .
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إليها بالصلة والكسوة ، حتى بلغه خبر وفاتها . وكانت وفاتها منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر سنة سبع . فسأل عن ابنها مسروح ، أخيه من الرضاع ، فقيل له : مات قبلها .
فقال : هل له من قرابة ؟ فقيل : لم يبق له أحد . وقالت أم حبيبة بنت أبي سفيان لرسول الله صلى الله عليه وسلم : بلغني يا رسول الله أنك تخطب درّة بنت أبي سلمة بن عبد الأسد . فقال : وكيف ، وقد أرضعتني وأباها ثويبة ، فإنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
170 – وورث رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيه أمّ أيمن ، واسمها بركة ، فأعتقها ، وخمسة أجمال أوارك ، وقطعة غنم ، وسيفا مأثورا ، وورقا . فكانت أم أيمن تحضنه . ويسميها « أمي » / 43 / وقال بعض الرواة : ورث أم أيمن من أمه ، فأعتقها . وقال آخرون : ورث ولاءها من أبيه . وقال قوم :
كانت لأمه ، فأعتقها .
171 – قالوا : وضم أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موت عبد المطلب .
دخل منزله وإنّ عياله لفي ضيقة وخلَّة ، لا يكادون يشبعون لقلة ما عندهم .
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل معهم ، كفاهم ما يجدون من الطعام وأشبعهم حتى يتملَّوا . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر أيامه يصبح فيأتي زمزم ، فيشرب منها شربة . فربما عرض عليه الغداء فيقول :
لا أريده ، أنا شبعان .
172 – فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة سنة ، عرض لأبى طالب شخوص إلى الشأم في تجارة . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يألفه . فسأله إخراجه معه . فأبى ذلك ضنا به وصيانة له . فاغتمّ وبكى . فأخرجه . فرآه راهب من علماء الرهبان ، يقال له بحيرا ، قد أظلته غمامة . فقال لأبى طالب :
من هذا منك ؟ قال : ابن أخي . فقال : أما ترى هذه الغمامة كيف تظلَّه وتنتقل معه ؟ والله إنه لنبي كريم ، وإني لأحسبه الذي بشرّ به عيسى ، فإنّ زمانه قد قرب . وقد ينبغي لك أن تحتفظ [ 1 ] به . فردّه أبو طالب إلى مكة .
وذكر بعض الرواة أن أبا طالب أشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشأم وهو ابن تسع سنين . والأول أثبت .
173 – قالوا : ولما جاوزت سنو رسول الله صلى الله عليه وسلم العشرين ، قال له أبو طالب : يا ابن أخي ، إنّ خديجة بنت خويلد امرأة موسرة ذات تجارة عريضة ، وهي محتاجة إلى مثلك في أمانتك وطهارتك ووفائك . فلو كلَّمناها فيك فوكَّلتك ببعض أمرها وتجارتها . فقال صلى الله عليه وسلم : افعل يا عمّ ما رأيت . فسعى أبو طالب إليها ، فكلمها في توكيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض تجارتها .
فسارعت إلى ذلك ورغبت فيه ، ووجهته إلى الشأم ومعه غلام لها وقيّم يقال له ميسرة . فلما فرغ مما توجّه له وقدم مكة ، أخبرها ميسرة بأمانته وطهارته ويمن طائره ، وما يقول أهل الكتاب فيه ، والذي تعرّف من البركة بمكانه معه في كثرة الأرباح وسهولة الأمور . وقال : كنت آكل معه حتى نشبع [ 2 ] ويبقى أكثر الطعام كما هو .
174 – وقال الكلبي : بعثت خديجة رحمها الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن اخطبني إلى عمى عمرو بن أسد بن عبد العزى بن قصيّ . وكان شيخا كبيرا .
فأمرت بشاة فذبحت ، واتّخذت [ 3 ] طعاما ، ودعت عمّها عمرا ، وبعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأتى ومعه حمزة بن عبد المطلب وأبو طالب ، فأكلوا . وسقت عمرا . ثم قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : قل لأبى طالب فليخطبني . فخطبها أبو طالب إلى عمرو . فزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلَّم على اثنتي عشرة أوقية ونشّا . والأوقية أربعون درهما .

شاهد أيضاً

الأمان الرقمي للأسرة: كيفية إنشاء خطة عائلية للتعامل مع حوادث أمن المعلومات

تكنولوجيا وأمن معلومات  27/03/2024 الأمان الرقمي للأسرة: كيفية إنشاء خطة عائلية للتعامل مع حوادث أمن ...