الرئيسية / الاسلام والحياة / ( الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا) تأملات قرأنية – الاستاذ سالم الصباغ

( الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا) تأملات قرأنية – الاستاذ سالم الصباغ

بعد الكثير من المواقف المخجلة لبعض الشعوب والحكام العرب من مجمل القضايا الإسلامية ، وخاصة الصمت ضد همجية العدوان الصهيونى على الشعب الفلسطينى فى غزة ، يرى كثيراَ من المفكرين أية قرأنية شريفة تقفز وتقف أمام أعينهم ، بل ويتم ترديدها كثيراَ هذه الأيام ، لوصف الشعوب والحكام العرب ، وهى قوله تعالى :

( الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا)

إن هذا التوصيف الخطير المرعب لمن يطلق عليهم ( الأعراب ) ووصفم بأنهم أشد كفرا ونفاقاَ على الإطلاق ، أو أن كفرهم ونفاقهم أشد من كفر ونفاق الأخرين ، هذا التوصيف يجعل من الواجب علينا وخاصة سادتنا العلماء والمفكرين ، أن نبحث وننقب ونتدبر ونتفكر حتى نعرف ، ونتسائل :

من هم (الأعراب ) المقصودون فى الأية الشريفة ؟

من ناحية المعنى اللغوى لكلمة ( الأعراب ) فقد ورد فى تفسير ( الأمثل ) تعريف لمعنى كلمة ( الأعراب ) ، ورد فيه :

كلمة «الأعراب» من الكلمات التي تعطي معنى الجمع، ولا مفرد لها في لغة العرب، وعلى ما قاله أئمّة اللغة ـ كمؤلف القاموس والصحاح وتاج العروس وآخرون ـ فإن هذه الكلمة تطلق على سكان البادية فقط، ومختصة بهم، وإذا أرادوا اطلاقهم على شخص واحد فإنّهم يستعملون نفس هذه الكلمة ويلحقون بها ياء النسب، فيقولون: أعرابي. وعلى هذا فإنّ أعراب ليست جمع عرب كما يظن البعض.

ولكن لمعرفة المقصود القرأنى للأعراب نبدأ بذكر النصوص التى وردت فى ( الأعراب )

أولا : مقدمة:
الأعراب فى القرأن الكريم
( قراءة جديدة تفكرية وتدبرية )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعريف الشائع للأعراب المذكورين فى القرأن يعتبرهم هم البدو الذين عاشوا فى عصر الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله ، وكانوا يهتمون بالإسلام الظاهرى ، والإنشغال بالأموال والأهل عن الجهاد فى سبيل الله ، بل ويتربصون الدوائر بالرسول صلوات الله عليه وأله ، وغيرها من الصفات السلبية
أى انهم كانوا حالة زمنية موجودة فى عصر الإسلام الأول ، ولم يعد لها وجود ، ولكن بقليل من التأمل نجد أن القرأن تحدث عن الأعراب ودورهم السلبى فى حياة الأمة ، فى مرحلتين :
المرحلة الأولى : هى فى عصر الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله .
المرحلة الثانية : هى فى عصر الإمام المهدى عجل الله تعالى فرجه الشريف
وهذا ما سأحاول إثباته فى مقدمة هذا المقال ، فإن أحسنت ووفقت فمن الله ، وإن لم أوفق فمن نفسي
لقد تم ذكرالأعراب فى القرأن الكريم فى مقابل أهل المدينة ( أهل الحضر ) ، فى قوله تعالى :
وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ 101 سورة التوبة

وهذه الأية الكريمة تحتاج لكثير من التفكر والتدبر ، وهنا سوف أطرح محاولتى للتفكر فى هذه الأية الكريمة مع ربطها بغيرها من الأيات :

1 ـ فقوله تعالى : سنعذبهم مرتين ، أحتار المفسرون فى تحديد معنى ( المرتين ) ، ولم يصلوا إلى نتيجة ، ولكن التدبر والتفكر يكشف عن مرحلتين يعانى فيهما المجتمع الأسلامى من منافقى الأعراب :

المرحلة الأولى : كانت فى زمن الرسول صلوات الله عليه وأله وهى التى بينها القرأن فى عدد من الأيات التى تتحدث عن تخلفهم عن غزوة تبوك مع الروم ، سنذكرها فى المقال

والمرحلة الثانية : هى فى المستقبل فى زمن الإمام المهدى ( ع ) أيضاََ فى ملحمة الحرب مع الروم فى أحداث الظهور المقدس للإمام المهدى عليه السلام ، وهذا هو الجديد هو ماسنحاول إثباته :

فقوله تعالى :
(قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ ۖ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا ۖ وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) …. الفتح 16

نلاحظ الأتى :
أن الأية الكريمة تتحدث عن المستقبل ، ورغم أن الخطاب هو للرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله إلا أنه من الممكن أن يكون المقصود به هو حفيده الإمام المهدى عليه السلام الذى يشبهه فى الخَلق والخُلق والسمت ، وأن خلافته هى خلافة على منهاج النبوة ، وهذا متكرر كثيرا فى القرأن أن يكون الخطاب للرسول ويكون المقصود به غيره صلوات الله عليه وأله ، ومما يرجح هذا الإستنتاج :

1 ـ أن الأية تتكلم عن المستقبل فى قوله تعالى : ( ستدعون ) ،وحرف السين يدل على المستقبل

2 ـ وقوله تعالى (كما توليتم من قبل ) أى ستدعون إلى حرب شديدة مرة أخرى مع قوم أولى بأس شديد وهم الروم فى المستقبل ، فهل ستتولون فيها وتهربون من المواجهة معهم كما تولي أباؤكم الأعراب (من قبل ) فى غزوة تبوك مع الروم .. والمعروف أن غزوة تبوك لم تتم فبعد أن وصل المسلمون إلى موقع المعركة وجدوا أن الروم قد إنسحبوا ، فكأنما أُجلت هذه الغزوة لمعركة أخر الزمان .

3 ـ أن معظم الأيات التى تتحدث عن الأعراب ، وكفرهم ونفاقهم جاءت فى سورة التوبة ، ولكن هذه الأية الكريمة ،فقد جاءت فى سورة الفتح ، فهذا مما يدعم قولنا أن الحديث عن الأعراب فى سورة التوبة كان موجها للمرحلة الأولى ( عصر الرسول صلوات الله عليه وأله ) ..أما فى سورة الفتح فكان الحديث موجها للمرحلة الثانية ( عصر المهدى عليه السلام ) .. وأن المقصود بالفتح ليس فتح مكة ، ولكنه فتح أخر ، تم ذكره فى سورة السجدة ، وذلك فى قوله تعالى :

﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (29) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)﴾. [ سورة السجدة ].

فهذا الفتح الذى لا تقبل فيه التوبة ، غير فتح مكة الذى تم فيه قبول إسلام المشركين ، بل هو الفتح فى عصر الإمام المهدى عجل الله تعالى فرجه الشريف

4 ـ أن سورة الفتح فى ترتيبها فى المصحف الشريف تأتى بعد سورة محمد ( صلوات الله عليه وأله )، التى كانت أخر أية فيها تتحدث عما يمكن تسميته بعصر الإستبدال وهو أستبدال الفرس بدلا من العرب فى قيادة الأمة الإسلامية ، يقول تعالى فى أخر سورة محمد ( صلوات الله عليه وأله ) :

( وإن تتولوا يستبدل قوماََ غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم )

ففي البخارى ومسلم أنهم أهل فارس .

ثم تبدأ بعدها سورة الفتح ، فكأنما بعد هذا الأستبدال سوف يحدث الفتح .
5 ـ ولذلك فقد كان إفتتاح سورة الفتح هى بقوله تعالى :

( إنا فتحنا لك فتحاَ مبينا ) الأية رقم سورة الفتح الأية1

فكأنما (الفتح المبين ) هو هذا الفتح الذى سوف يحدث بعد أستبدال الفرس بدلا من العرب ، وأنه سوف يكون نصراَ مبيناَ للإسلام بعد الإنتصار على الروم وهم فى هذا العصر ( العالم الغربى ) الذى أحتل العالم الأسلامى فكرياَ وثقافيا وعسكرياَ.

6 ـ وإن تساءلنا : لماذا لا يكون هذا (الفتح المبين ) المقصود به ( فتح مكة ) .. نقول أن الأقرب لتوصيف فتح مكة بأنه هو ( الفتح القريب ) كما جاء أيضاَ فى نفس سورة الفتح فى الأية الكريمة :

لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ (فَتْحًا قَرِيبًا ) 18سورة الفتح

فهذا الفتح القريب هو فتح مكة ، والذى جاء بعد صلح الحديبية وهو عبارة عن هدنة مع المشركين ) نقضها المشركون ، وبعدها تم فتح مكة ….
وحسب الروايات فإن فى أحداث عصر الظهور ( هدنة مع الروم ) يغدر بها الروم ، فتقوم الملحمة ويكون الفتح المبين .

7 ـ قوله تعالى فى الأية 28 من سورة الفتح أيضاَ :
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً } (الفتح : 28
والمعروف أن هذا لايكون إلا فى عصر الإمام المهدى عجل الله تعالى فرجه الشريف ، وعلى هذا فإن سورة الفتح تختص فى كثير من أياتها بفتح العالم ( الفتح المبين ) ، وعلى ذلك فإن الأعراب فى ألأية الكريمة من سورة الفتح هم أعراب أخر الزمان وليس أعراب صدر الإسلام

8 ـ وفى الروايات الشريفة إشارة إلى هذه الواقعة :

عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله : (يكون بينكم وبين بني الأصفر هدنة ، فيغدرون بكم في حمل امرأة ، يأتون في ثمانين غاية في البر والبحر ، كل غاية اثنا عشر ألفاً ، فينزلون بين يافا وعكا ، فيحرق صاحب مملكتهم سفنهم ، يقول لأصحابه قاتلوا عن بلادكم ، فيلتحم القتال ، ويمد الأجناد بعضهم بعضاً ، حتى يمدكم من بحضر موت اليمن ، فيومئذ يطعن فيهم الرحمان برمحه ، ويضرب فيهم بسيفه ، ويرمي فيهم بنبله ، ويكون منه فيهم الذبح الأعظم) (مخطوطة ابن حماد ص141

9 ـ بل تم ذكر هذه الواقعة فى تفسير أية الأعراب :

فقد روى ابن حماد في ص 12 ، عن محمد بن كعب في تفسير قوله تعالى : قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ، قال : الروم يوم الملحمة. وقال : قد استنفر الله الأعراب في بدء الإسلام فقالت : شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فقال : سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ. يوم الملحمة فيقولون كما قالوا في بدء الإسلام ، فتحل بهم الآية : يعذبكم عذاباً أليماً

وقال صفوان : حدثنا شيخنا أن من الأعراب من يرتد يومئذ كافراً ، ومنهم من يولي عن نصرة الإسلام وعسكره شاكاً ).
فالمرتدون هم الذين يقفون إلى جانب الروم ، والمتولون هم الواقفون على الحياد ، وعذابهم الأليم على يد المهدي عليه السلام بعد انتصاره على الروم. ( كتاب عصر الظهور )

وأنا أتساءل فى ضوء الأحداث المعاصرة ، أين يقع موقف العرب من قتال المهدى عليه السلام مع العالم الغربى ؟

ثانياَ : صفات الأعراب فى القرأن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نذكر فى هذا الجزء من المقال الصفات التى وردت فى القرأن للأعراب ، وهى توضح لنا من هم أعراب هذا العصر ؟

1 ـ عيشهم بعيدا عن المدنية وعن دار هجرة الرسول صلوات الله عليه وأله ( المدينة )

وذلك فى قوله تعالى :

(مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ ) … 120 التوبة

ومعروف أن المدينة هى مقر حكم وإقامة الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه ، وموضع نشر علوم ومعارف الدين الجديد ، وهى عاصمة المسلمين ومقر دولتهم ومنها تدار شئون الدولة ، وتوضع سياستها ،، ومنها تتخذ قرارات الحرب والسلام ، وأنها أيضاَ موضع ( هجرة المسلمين ) ، ولذلك فى بعض الأحاديث الشريفة تم ذكر ( التعرب ) فى مقابل ( الهجرة ) وعلى أنه من الكبائر

2 ـ الكفر والنفاق والجهل الدينى

ونرى ذلك فى قول الله عز وجل :

( الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97 التوبة
……………………………….

3 ـ إعتبارهم الإنفاق فى سبيل الله مغرماَ أو كأنه جزية ، يتربصون هزيمة المسلمين حتى يتخلصوا منها ،

وذلك فى قوله عز وجل :

وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ ۚ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 98
……………………………….

4 ـ التخلف عن الجهاد والقتال مع رسول الله صلوات الله عليه وأله

(مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ )120 التوبة

5 ـ أن اسلامهم ظاهرى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول تعالى فى سورة الحجرات :

قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (14

6 ـ الإنشغال بالأموال والأهل عن الجهاد
كما فى قوله تعالى :

(شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا )

الأعراب المؤمنون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وليس معنى هذه الأيات الشريفة هو الحكم على الأعراب كمجموعة بشرية بكل هذه الصفات السلبية ، بل جاء المدح لمجموعة منهم على سبيل الإستثناء ، وذلك فى قوله تعالى :

(وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ ۚ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ ۚ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ 99 التوبة

وعلى ذلك فإن الذم للأعراب هو بسبب ماذكره الله فى حقهم من صفات سلبية ، هذه الصفات أن تحققت فى شعب من الشعوب ، أو فرد من الأفراد ، فهو خاضع لنفس مفهوم الأعراب السلبى ، ويمكن تلخيص هذه الصفات السلبية فيما يلى :

1 ـ أنهم يفضلون العيش بعيدا عن عاصمة الإسلام ، حتى لوكان فيها الرسول صلوات الله عليه وأله ، وكانت منبع العلوم الإسلامية والحضارة والمدنية ، ولا يهتمون بأمر المسلمين
2 ـ الكفر والنفاق والجهل الدينى نتيجة بعدهم عن مصادر العلم والمعرفة
3 ـ إعتبارهم الإنفاق فى سبيل الله مغرماَ .
4 ـ يتربصون بالمؤمنين الدوائر
5 ـ التخلف عن الجهاد والقتال
6 ـ أن أسلامهم ظاهرى
7 ـ إنشغالهم بأموالهم وأهلهم

ثالثاَ : التعرب بعد الهجرة من الكبائر

لقد تم الذكر فى الروايات الشريفة أن ( التعرب بعد الهجرة ) على أنه من الكبائر ، من ذلك :
فعَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ أنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السَّلام ) عَنِ الْكَبَائِرِ؟
فَقَالَ: “هُنَّ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ ( عليه السَّلام ) سَبْعٌ:
1 ـ الْكُفْرُ بِاللَّهِ.
2 ـ وَ قَتْلُ النَّفْسِ.
3 ـ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ.
4 ـ وَ أَكْلُ الرِّبَا بَعْدَ الْبَيِّنَةِ.
5 ـ وَ أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْماً.
6 ـ وَ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ.
7 ـ وَ التَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ
.
فما هو معنى التعرب بعد الهجرة …. ؟

لماذا حرَّمَ اللهُ التعرب بعد الهجرة؟
كتب أحد العلماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام :

لم يُحرم الله عَزَّ و جَلَّ التعرب بعد الهجرة بسبب سُكنى البادية حيث لا حرمة ذاتية لسُكنى البادية، و إنما حرَّم التعرب بعد الهجرة لما فيه من آثار سلبية، كترك الواجبات و الفرائض، أو عدم التمكن من أدائها بصورة طبيعية، و هذا ما صرَّحَ به أئمة أهل البيت ( عليهم السلام )،:

فقد كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا ( عليه السَّلام ) إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فِيمَا كَتَبَ مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ: “وَ حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ التَّعَرُّبَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ لِلرُّجُوعِ عَنِ الدِّينِ، وَ تَرْكِ الْمُؤَازَرَةِ لِلْأَنْبِيَاءِ وَ الْحُجَجِ ( عليهم السلام )، وَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ وَ إِبْطَالِ حَقِّ كُلِّ ذِي حَقٍّ، لَا لِعِلَّةِ سُكْنَى الْبَدْوِ، وَ لِذَلِكَ لَوْ عَرَفَ الرَّجُلُ الدِّينَ كَامِلًا لَمْ يَجُزْ لَهُ مُسَاكَنَةُ أَهْلِ الْجَهْلِ، وَ الْخَوْفِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَقَعَ مِنْهُ تَرْكُ الْعِلْمِ وَ الدُّخُولُ مَعَ أَهْلِ الْجَهْلِ وَ التَّمَادِي فِي ذَلِكَ”.

رابعاَ : الأعراب والتعرب فى أقوال العلماء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فى إجابة لمركز الأبحاث العقائدية وهو تابع للمرجع الدينى أية الله السيستانى :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أ- الأعراب جمع (عَرَب)، وهو أسم يطلق في أصل اللغة على سكان البادية.
وإطلاقه على كل من صدق عليه من سكان البوادي سواء كان عربياً أم لا.

ب- وصف الأعراب في كتاب الله بأنهم (( أَشَدُّ كُفراً وَنِفَاقاً )) (التوبة: من الآية97) ، وذلك لأسباب لعل من أبرزها:

أنَ الأعرابي لا يعتدّ إلا بتعاليم القبيلة وتتقاليدها فولاءه بالدرجة الأولى إنما هو للقبيلة، ومن التقاليد القبلية ما لا يرضى به الدين, فرسوخ تلك التقاليد في نفوس البدو جعلتهم أقرب للكفر والنفاق من غيرهم، ولذلك فإن البدوي في الغالب لا يصل إلى مرتبة الإيمان الحقيقي الذي يتطلب أن يكون فيه القلب غير متطبع بتلك الصفات والقلب إذا تطبع يعسر جداً تغييره إلا ما شاء الله، ولذلك قال عز من قائل: (( وَمِنَ الأَعرَابِ مَن يُؤمِنُ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ )) (التوبة:99) ، (وَمِنَ) تفيد التبعيض، وهي مقيدة للآية السابقة.

ج- أما كون الأعراب أكثر الناس محافظة على الموروث والتقاليد والإصرار عليها في مقابل الحضر، فذلك ليس على إطلاقه، لأن الأعراب يحافظون على تقاليدهم القبلية وموروثهم العشائري، ونادراً ما تكون محافظتهم على تقاليد الدين الحنيف, فهذا عليهم لا لهم، وهو من أسباب كفرهم ونفاقهم كما أوضحنا.

د- الظاهر أن الآية الكريمة غير مقيدة بخصوص عصر النبي(ص)، وإطلاقها يدل على شمول حكمها لجميع الأزمان.
ولكن يجب أن نلفت الانتباه إلى أمر وهو: أن صفة التعرب اللازمة عن التحول من مجتمع إسلامي إلى مجتمع غير إسلامي غير مرتبطة أصلاً بمدلول لفظ ( الأعراب), بل قد ورد مفهوم التعرب في قبال الهجرة، وهي دار الإسلام، بينما التعرب هي دار الكفر.
فالمفهوم هنا أعم, وهو منقول شرعي لمناسبة موجودة بين التعرب البدوي والتعرب في دار الكفر, وهو الكفر والنفاق, فلاحظ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 ـ التعرب بعد الهجرة ( فتوى السيد السيستانى )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السؤال الأول : ما هو حكم الهجرة الى دول الغرب ؟
الجواب: اذا أمن الضلال ونقص الدين سواء في العقائد أو الاحكام فلا مانع منه.

السؤال الثانى : ما المقصود من التعرّب بعد الهجرة؟
الجواب: قال بعض الفقهاء أنه الإقامة في البلاد التي ينقص بها الدين. والمقصود هو أن ينتقل المكلف من بلد يتمكن فيه من تعلم ما يلزمه من المعارف الدينية والأحكام الشرعية ويستطيع فيه أداء ما وجب عليه في الشريعة المقدسة وترك ما حرم عليه فيها، الى بلد لايستطيع فيه ذلك كلاّ أو بعضاَ.
السؤال الثالث : هل يعد التعرّب بعد الهجرة من الكبائر ؟
الجواب: نعم يعدّ

وفى ختام هذا المقال أتساءل :

هل العرب فى هذا العصر يمكن أن يطلق عليهم الأعراب ؟!

 

شاهد أيضاً

الطريق إلى الله تعالى للشيخ البحراني50

22 وقد قال رسول الله (ص) لبعض أصحابه وهو يشير إلى علي (ع): ( والِ ...