الرئيسية / القرآن الكريم / آيات الأحكام للعلامة السيد الأسترآبادي 06

آيات الأحكام للعلامة السيد الأسترآبادي 06

تنبيه : الظاهر أنّه لا يشترط في المسح عدم تحقّق أقلّ الغسل معه أي جريان الماء في إمرار اليد لصدق الاسم المذكور في الكتاب والسنّة والإجماع حينئذ لغة وعرفا وللزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة لو كان شرطا ، إذ لم يبين ، ولأنه تكليف شاقّ
منفيّ خصوصا هنا ، فإيجابه بعيد ، نعم هو أحوط وقد تكون المقابلة باعتبار النيّة أو باعتبار غالب الأفراد .
وقوله : « وإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا » في حيّز « إِذا قُمْتُمْ » كما عرفت ، ونقيضه ما بعده ، فلا يلزم وجوب غسل الجنابة لنفسه ، بل هو كباقي الطهارات للصلاة ونحوها كما هو الظاهر ، ونقيضه بعض الأخبار وظاهر السياق كما قدّمنا .
وتبيّن في السنّة أنّ المراد بالمرض ما يستلزم الوضوء أو الغسل معه حرجا
وعسرا في الحال أو المآل وكذلك السفر ، لكن قد يتحقّق مثل أعذار السفر في الحضر ويوجب التيمّم كما هو مبيّن في السنّة وينبّه عليه عجز الآية ، فلا يبعد دخوله تحت قوله : « أَوْ عَلى سَفَرٍ » على أنّ المراد به مطلق الأحوال الَّتي يشقّ معها الوضوء والغسل غير المرض ، وعدم وجدان الماء ، ولو على طريق الاستتباع منبّها على ذلك بعجز الآية معتمدا على البيان النبوّي ، مع احتمال كون غير السفر معلوما حكمه عن محض السنّة أو العجز .
وقريب من ذلك الأمر في « أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ » فإنّه يحتمل أن يكون المراد مطلق الحدث الأصغر ومطلق الجنابة بقرينة ما تقدّم كما نبّهنا – وأن يكون الغائط أو ما يخرج من السبيلين من البول والغائط بل الريح ومجامعة النساء كما قاله كثير من المفسّرين فتأمّل .
فيدلّ على أنّ الغائط أو البول بل الريح أيضا أحداث موجبة للوضوء والتيمّم وكون الجماع حدثا أكبر موجبا للغسل والتيمّم ، وعدم اشتراط حصول المني في الجنابة فيكفي غيبوبة الحشفة لصدق الملامسة .
وفي قوله : « فَلَمْ تَجِدُوا ماءً » دلالة على أنّ الغسل والوضوء إنّما يكون بالماء لا غير ، وعلى طلب الماء في مثل رحله وحواليه مع اجتهاد ما من غير حرج ، وأما غلوة سهم في الحزنة وغلوتين في السهلة كما قيل ( 1 )
، فلا دلالة عليه فيها ، ولا في الخبر بل سياق بعض الأخبار كالأصل ينفيه . نعم لا بأس بمراعاة ذلك على حسب الاحتياط .
ويدلّ أيضا على وجوب الشراء مع التمكَّن من غير حرج لأنّه واجد بل على قبول بذله كذلك ، ونحوه بذل قيمته فتأمل .
وفي قوله : « فَتَيَمَّمُوا » إلخ دليل على وجوب التيمّم مع العذر واشتراطه وعدم جواز التيمّم بغير الأرض ، واشتراط طهارته بل إباحته أيضا ، وأنّ المسح ببعض الوجه وبعض الأيدي ، لأنّ الباء للإلصاق أو التبعيض ، وعلى التقديرين يصدق بمسح البعض ، ويشعر بأنّ مسح الوجه أوّل أفعال التيمّم إلَّا أن يريد بتيمّم الصعيد وضع اليد عليه أيضا ، أمّا الترتيب والموالاة فنحو ما تقدّم في الوضوء ومراعاة العلوق أحوط وربما كان في الروايات إشارة إليه ( 2 )
وإلى عدمه ، فليتأمل .
وفيها دلالة أيضا على أنّ تيمّما واحدا يكفي مع اجتماع الحدث والجنابة وأنّ التيمّم عن الجنابة مثل التيمّم عن الحدث الأصغر ، وأنه يكفي فيهما ضربة واحدة ، وهو في أخبار صحيحة أيضا وروي ضربتان مطلقا ( 3 )
وللغسل فالأولى حمل الزائد على الاستحباب كما قاله علم الهدى ، وكأنه في الغسل آكد فتأمل .
وفي العجز دلالة على عدم الحرج في أمر الطهارة أصلا ، فلا يبلغ في الطلب حدّ
الحرج ، ولا في استعمال الماء ، فلا يجزى مع العذر إلَّا في مثل ما إذا أفرط في الطلب فوجد ، لأنّه يجب بعد الوجدان .
ودلالة على أنّ التيمم طهارة ورافع في الجملة ، فينبغي أن يباح به عند العذر ما يباح بالمائيّة ، ويؤيّده ما في الاخبار نحو « يكفيك الصعيد عشر سنين ، والتراب أحد الطهورين ، وربّ الماء وربّ الأرض واحد » ( 1 )
وليس رافعا بالكلَّيّة ، فان حكمه يزول بزوال العذر ، والتمكَّن من المبدل .
وقال شيخنا المحقّق دام ظلَّه ( 2 )
يحتمل رفعه إلى أن يتحقّق الماء أو يوجد القدرة على استعماله إذ لا استبعاد في حكم الشارع بزوال الحدث إلى مدّة ، فإنّه مجرّد حكم الشارع ، فلعلّ البحث يرجع إلى اللَّفظي فليتأمل فيه .

شاهد أيضاً

الحجاب النوراني والحجاب الظلماني

لكن أنواع ذلك الجلال هو اشراقاتي وهو لفرط العظمة والنورانية واللانهائية، يبعد عنها العاشق بعتاب ...