الرئيسية / الاسلام والحياة / اليتيم في القرآن الكريم – عز الدين بحر العلوم

اليتيم في القرآن الكريم – عز الدين بحر العلوم

05  ومع الميثاق في بنوده :
1 ـ لا تعبدون إلا الله :
الاقرار بالله ، والتوحيد لذاته المقدسة هو البند الاول في هذا الميثاق الانساني ، وهو كل شيء ، وقبل كل شيء في هذه الحياة . فلا عبادة لغير
____________
(1) ـ سورة البقرة آية (83).

الله ، ولا خضوع لغير ذاته المقدسة ، فاليه لا بد من الاتجاه في كل صغيرة وكبيرة . وفي السراء والضراء لا بد من التوكل عليه ، والاتجاه لغيره هو الشرك الذي يفسد على الكون نظامه .
« لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا »(1).
فلا يستقيم نظام الكون لو فسحنا المجال لشريك يعبده الفرد . وكيف نتصور كوناً تحكمه إرادتان ، ولنفرض ان إحدى الارادتين توجهت لسلب شيء ، بينما كانت الاخرى تريد الايجاب . وهكذا في بقية المجالات التي يحصل فيها الاختلاف فأي الارادتين تتقدم ؟.
إذاً فلا بد من السير على النهج الذي يضمن للحياة استقامتها وللمجتمع سعادته ، وهذا ما لا يحصل إلا بتوحيد الله سبحانه والعبودية له.

 
« قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد . ولم يولد . ولم يكن له كفواً أحد »(2).
والشرك بعد كل هذا يسد طريق المغفرة على الانسان « إن الله لا يغفر أن يشرك به ، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء »(3).
وإذا انسد باب المغفرة في وجه الفرد ، فمصيره جهنم . وإذاً فالتوحيد هو اللبنة الاولى في سعادة الفرد ومن وراء ذلك سعادة المجتمع الموحد المتماسك الاطرف وإذا ما انتقلت الآية الكريمة تطالع الرسول الاعظم ببيان البند الثاني من ذلك الميثاق فاذا بها تصرح :
____________
(1) ـ سورة الانبياء : آية (23).
(2) ـ سورة الاخلاص : الآيات ( 1 ـ 4).
(3) ـ سورة النساء : آية (48).

2 ـ وبالوالدين إحسانا :
لقد تكفلت الفقرة الاولى من هذا الميثاق ببيان عرى الوحدة الإلهية وأن الفرد لا بد أن يتخذ إلهاً واحداً لا شريك له ، لذلك جاء البند الثاني يبين للاجيال عرى الوحدة الاجتماعية ، وفي مقدمتها الاحسان إلى المجموعة البشرية .

 
فبالاحسان إلى الآخرين تتماسك أواصر المجتمع ، وبالعطف على الضعيف تموت العوامل التي تهدم بناء الامم ، فتحل بمكانها المحبة ، والسلام ، والعطف ، والرعاية من البعض إلى الاخرين حيث يتحسس القوي أحوال الضعيف ، فيبادله الا´خر عطفه ومحبته ، وبذلك يجد الخير طريقه إلى قلوب الوادعة الآمنة دون أن تكون موطناً للحسد ، والنفاق ، والحقد ، وبقية الموبقات التي تجر على المجتمع آلاماً ومصائب .

 
ولكن للاحسان درجات يتقدم البعض منها على البعض الآخر طبقاً لقانون : تقديم الاهم ، ورعاية لما يقتضيه تأخير المهم . فالاحسان حسن ، ولكن في الدرجة الاولى لا بد وان يكون إلى الابوين لانهم الاصل الطيب لهذا الفرع ، وعلى هذا الأصل يتكيء الفرع وما تليه من ثمرات.

 
فالابوان : مصدر العاطفة ، ومنبع الحنان ، ومهد اللطف والرعاية ، ولا بد من مقابلة جهودهما المبذولة بالبر ، والاحسان وهما ـ في الوقت نفسه ـ أقرب حلقة إلى الانسان لذلك نرى الاهتمام بهما من قبل الشارع المقدس ملحوظاً في أكثر من مورد.
ونستعرض إلى عرض الكثير من هذه الموارد في فصل قادم.

3 ـ وذي القربى :
فقرابة الانسان هم الاوراق المتدلية من أغصان شجرة الاسرة . وهم

ـ في الوقت نفسه ـ الحواشي ، والاطراف والايصاء بهم من جملة ما يحقق البر والاحسان ، ويحقق الرحمة ، والتآلف بين الافراد .
يقول أحد الرواة قلت لأبي عبدالله الصادق (عليه السلام) « إن آل فلان يبر بعضهم بعضاً »(1) ويتواصلون فقال : إذاً تنمى أموالهم ، وينمون ، فلا يزالون في ذلك حتى يتقاطعوا ، فاذا فعلوا ذلك انقشع عنهم .
والمجتمع ليس إلا هؤلاء الافراد المجتمعون ، وسعادته تتوقف على ما يربط بينهم من التودد ، والتحابب ، وهذا ما يتمثل في صورة الاحسان ، والخير . وحواشي المحسن بعد أصوله مقدمون على غيرهم .

 

4ddbf71e-775f-4de2-8c56-3ff35c4b0503

شاهد أيضاً

مقاطع مهمه من كلام الامام الخامنئي دامت بركاته تم أختيارها بمناسبة شهر رمضان المبارك .

أذكّر أعزائي المضحين من جرحى الحرب المفروضة الحاضرين في هذا المحفل بهذه النقطة وهي: أن ...