الرئيسية / القرآن الكريم / اليتيم في القرآن الكريم – عز الدين بحر العلوم

اليتيم في القرآن الكريم – عز الدين بحر العلوم

11- « يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والاقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فان الله به عليم »(1).
والسؤال في ظاهر الآية عما ينفق بينما جاء الجواب عمن ينفق عليه ولرفع هذا الالتباس يقول علماء التفسير .
فان قلت : كيف طابق الجواب السؤال في قوله ( ما انفقتم ) وهم سألوا عن بيان ما ينفقون واجيبوا ببيان المصرف.
قلت: قد تضمن قوله ( ما انفقتم من خير ) بيان ما ينفقونه وهو كل خير ، وبين الكلام على ما حداهم وهو بيان المصرف لأن النفقة لا يعتد بها إلا أن تقع موقعها »(2).
وقال الطبرسي : «السؤال عن الانفاق يتضمن السؤال عن المنفق عمله فانهم قد علموا أن الأمر وقع بإنفاق المال فجاء الجواب ببيان كيفية النفقة وعلى من ينفق »(3).
لقد كان التحضير من الآيات الكريمة السابقة في الترغيب والتشويق الى الانفاق هو الذي دعاهم للسؤال عن كيفية الإنفاق.
لذلك بدأ القرآن يبين لهم مراحل الإنفاق بجهتيه :
نوعيته ، ومصرفه .
فعن النوعية لم يحدد لهم شيئاً يفرض فيه الانفاق ، بل ترك ذلك إلى تقديرهم .
فالاطعام خير ، والكساء خير ، والمال خير.
____________
(1) ـ سورة البقرة : آية (215).
(2) الكشاف للزمخشري : في تفسيره لهذه الآية.
(3) ـ مجمع البيان في تفسيره لهذه الآية .

وهكذا نرى الشارع المقدس يترك الباب مفتوحا ، فلم يحدد نوعية الانفاق ، بل يصفه بالخير جاء ذلك في آيات عديدة قال تعالى فيها :
« وما تنفقوا من خير فلانفسكم » (1).
« وما تنفقوا من خير يوف إليكم » (2).
« وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم » (3).
وعن المصرف ، وهو المنفق عليه : بدأ الكتاب الكريم بأسرتي الإنسان الخاصة ، والعامة ليحيط بره جميع الاطراف التي تضم الانسان .
فالاسرة الخاصة : وتتألف من الابوين العمودين ومن ثم الحواشي ، وهم الاطراف النسبية قال تعالى :
« قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والاقربين ».
واذا ما تجاوزنا أسرة الانسان الخاصة رأينا القرآن الكريم يلحق بهذه الاسرة المكونة من الوشائج النسبية الاسرة العامة ، وتتألف من :
اليتامى ، والمساكين ، وأبناء السبيل.
وهذا التدرج هو الذي تقتضيه طبيعة الاجتماع في هذه الحياة ، وقوانينه.
فالوالدان عمودا الانسان ، ومن ثم حواشيه وهم أطرافه وكلالته على حد تعبير الفقهاء لهم حصة في الميراث حسب التدرج في الطبقات لأنهم يحيطون بالرجل كالاكليل الذي يحيط بالرأس.
ومن ثم يتعدى في المراحل إلى الجماعة العامة من أصناف المعوزين .
____________
(1 ، 2 ، 3) سورة البقرة : الآيات ( 272 ـ 273 ).
 

 

شاهد أيضاً

مقاطع مهمه من كلام الامام الخامنئي دامت بركاته تم أختيارها بمناسبة شهر رمضان المبارك .

أذكّر أعزائي المضحين من جرحى الحرب المفروضة الحاضرين في هذا المحفل بهذه النقطة وهي: أن ...