الرئيسية / الاسلام والحياة / اليتيم في القرآن الكريم – عز الدين بحر العلوم

اليتيم في القرآن الكريم – عز الدين بحر العلوم

21-التجارة بمال اليتيم :ونقصد بالتجارة بمال اليتيم كل تصرف يعود بالنفع عليه تجارة ، أو زراعة ، أو تنمية من قبل الجد ، أو الوصي من قبل الأب ، أو الحاكم الشرعي ، أو الاولياء المنصوبين من قبله ، وهكذا حيث تصل النوبة إلى عدول المؤمنين .

 
ولم تحدد الآية الكريمة في قوله تعالى :
« ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي احسن » (1).
أبعاد هذا التصرف ، بل نهت عن التقرب إليه إلا على النحو الاحسن .
وقد ذكر الفقهاء للقرب المذكور في الآية معاني عديدة ، وكذلك النحو الاحسن ذكروا له معاني عديدة أيضاً .

 
ومن مجموع ما ذكروه نخرج بالنتيجة التالية :
أن الأدلة الواردة في رعاية اليتيم ، والاحسان إليه ثبت فيها أنه إذا كان الترك للتصرف بمال اليتيم مفسدة حرم ذلك لانه إتلاف له . وإفساده. وهذا ما لا يريده الشارع المقدس .
وأما لو لم يكن في ترك التصرف مفسدة ، بل كان التصرف فيه
____________
(1) ـ سورة الاسراء : آية (34).

مصلحة فقد صرحت الآية الكريمة بسلوك الطريق الاحسن في مثل ذلك التصرف ، وقد جاء ذلك بصورة النهي إلى جميع المعنيين بشؤون اليتيم ، ورعايته أن يقربوا ، وهو كناية عن التصرف ـ لمال اليتيم إلا بالشيء الذي يصدق عليه التصرف الاحسن ، ويكون ذلك بحفظه ، وتثميره ، والانفاق عليه بالمعروف على ما لا يشك أنه أصلح له ، فأما لغير ذلك فلا يجوز لأحد التصرف فيه .
وإنما خص اليتيم بذلك ، وان كان التصرف في مال البالغ بغير إذنه لا يجوز أيضاً مما هي خصوصية اليتيم .

 
والجواب عن ذلك : أن اليتيم إلى هذه الرعاية أحوج والطمع في مثله أكثر(1) لذلك جاءت الآية الكريمة تحفظ حقه في التأكيد على ما هو أصلح له عند التصرف بماله .
ونقف أخيراً أمام السؤال الذي يفرض نفسه علينا ، ونحن نرى الآية الكريمة تجيز التصرف بالنحو الاحسن بأنه : لو دار الامر بين الأصلح ، والمصلحة ، ويمثل لذلك ، بما إذا كان يباع هذا المال في مكان بعشرة دنانير ، ولكنه يباع بعشرين دينار بمكان قريب من ذلك المكان ، ففي هذه الصورة يعد بيعه في المكان الأول ـ مع إمكان بيعه في المكان الثاني ـ إفساداً للمال ، ولو ارتكبه عاقل عد سفيها ليست لديه ملكة إصلاح المال ، وتثميره(2).

 
وإذاً فلا بد من رعاية الاصلح إن لم يكن ذلك موجباً لادخال الضرر على من يتصدى للتصرف بمال اليتيم.
____________
(1) ـ التبيان في تفسير القرآن في تفسيره لآية (34) من سورة الاسراء.
(2) ـ مكاسب الشيخ الانصاري بحث الولاية .

وقد استدل الفقهاء على هذه الرعاية ، وعدم جواز الاخذ بالمصلحة في مورد يمكن الاخذ بالاصلح بعدة أدٌلة :
الأول : أن الولي بحسب وضعه الاولي منصوب لرعاية مصلحة الصغير ، وإذا كان هذا الملاك ، فرعاية الاصلح مقدمة على المصلحة لان ذلك من مقتضيات نصب الولي ـ كما عرفت ـ .

الثاني : أننا نشك عند بيع مال اليتيم بالاقل رعاية للمصلحة ، وعدم البيع بالأكثر رعاية للاصلح بأن المال انتقل من ملك اليتيم إلى المشتري بدون وجود الاصلحية ففي هذه الصورة استصحاب ملكية اليتيم يحكم ببقائه ، وعدم إنتقاله أما لو راعى الولي حالة الاصلحية فان الاستصحاب لا يبقى مجال لجريانه كما هو واضح.

وهناك أدلة أخرى تعرضت لها الموسوعات الفقهية ، كما وقد ذكر من يكتفي بمجرد وجود المصلحة أدلة اعتمد عليها ، ودلل فيها على عدم لزوم تكليف الولي برعاية الاصلح ما دام عنوان المصلحة متحققا في التصرف بمال اليتيم . وليس بالاإمكان التعرض لكل هذه الاراء ،

 

والأدلة وملاحظة جميع ما ورد في هذا الموضوع . بل المهم أن نستفيد من وراء ما نقلناه أن رعاية اليتيم لا تقتصر على حفظ ماله ، وايداعه إلى أن يصل إلى حد البلوغ ليسلم إليه بل لا بد من تثميره ، وتنميته رعاية لحق اليتامى ، واشعاراً لهم بأن القدر لو اختطف منهم اليد الحانية فقد عوضهم الله بمن يعطف عليهم لينسيهم مرارة الوحدة ، وذل اليتيم .

شاهد أيضاً

مقاطع مهمه من كلام الامام الخامنئي دامت بركاته تم أختيارها بمناسبة شهر رمضان المبارك .

أذكّر أعزائي المضحين من جرحى الحرب المفروضة الحاضرين في هذا المحفل بهذه النقطة وهي: أن ...