الرئيسية / القرآن الكريم / اليتيم في القرآن الكريم – عز الدين بحر العلوم

اليتيم في القرآن الكريم – عز الدين بحر العلوم

24-هل الإشهاد واجب ؟ :لم يقرر الفقهاء وجوب الإشهاد على الولي رغم أن الآية الكريمة خاطبت الأولياء، والاوصياء بصيغة الامر فقالت :
« فاذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم ».
وذلك لان هذا الحكم ارفاقي إحتياطي روعي فيه حال الاولياء ليحتاطوا لانفسهم بالإشهاد عليهم عند تسليم الاموال ليبعدوا التهمة عنهم. أما إذا لم يرد الولي أن يسلك هذا الطريق، وشاء أن يسلم المال بلا إشهاد، فإنه سيتحمل تبعات ما قد سيحدث لو أنكر اليتيم تسليم المال إليه ، أو ادعى أن فيه نقصاً ، أو تبديلا ، وما إلى ذلك من صور الإتهام .
وقد تكررت مثل هذه الأوامر في موارد عديدة وجاء ذلك في آيات أخرى من الكتاب الكريم.
يقول تعالى :
« يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجل مسمىً فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل » (1).
____________
(1 ، 2) ـ سورة البقرة : آية (281).

وقال سبحانه : « وأشهدوا إذا تبايعتم » (1).
ولم يقل أحد من الفقهاء بلزوم ، ووجوب الكتابة عند حصول المداينة بين الاشخاص، أو حصول معاملة بيعية ، بل ترك ذلك إلى الاطراف التي تتبايع ، أو تتداين ، أو الأولياء ، والأوصياء عند تسليم أموال اليتامى إليهم ، فإن شاؤوا أخذ الحيطة لانفسهم فهو ما يريده الشارع المقدس لهم من الارفاق وحسم مادة النزاع ، وإن أبوا إلا أن تسير أمثال هذه الامور إعتماداً على الثقة المتبادلة بين الطرفين من دون كتابة أو إشهاد كان ذلك من تبعات مسؤولياتهم الشخصية ، والانتظار لكل ما تفرضه الظروف المعاكسة في بعض الاحيان.
إن عملية الإشهاد في هذه الموارد هي عملية طبيعية تفرضها ظروف المجتمعات العامة ، وتقتضيها طبيعة الإنسان في هذه الحياة تماماً كما يحمل الإنسان السلاح تجنباً لما قد يلاقيه من أخطار ، ومخاوف.
وأخيراً تختم الآية الكريمة الأمر الاحتياطي بضرورة الإشهاد على عملية تسليم أموال اليتامى من قبل الاولياء، أو الاوصياء بقوله تعالى :
« وكفى بالله حسيباً ».
ورقيباً عليكم في أعمالكم ليحافظ كل فرد على ما هو مقرر في حقه ، فكما كان التشريع يقف في جانب اليتيم يحذر الآخرين مغبة التجاوز عليه ، ويشوقهم إلى مساعدته ، والأخذ بيده ، كذلك خذره من التطاول على من رعاه ، وسهر على شؤونه وهو الولي ، أو الوصي فلا يحسن به أن يعامله المعاملة السيئة فيرميه بالاختلاس ، والتقصير في الوقت الذي يكون بعيداً عن كل ذلك ، فإن الله ليس بغافل عن حساب الجميع ، وكفى به حسيباً ، ورقيباً في كل صغيرة ، وكبيرة ، وهو المطلع على السرائر ، ولا تخفى عليه خافية سواءً من جانب الاولياء في دور
____________
(1) سورة البقرة : آية (281).

وليائهم على اليتامى ، أو بعد ذلك مما قد يتعقب عملية تسليم الاموال من إتهامات يوجهها اليتامى لاوليائهم .

المرأة وحقها الطبيعي :
لقد كان المجتمع الجاهلي يجور على المرأة بشكل خاص ، ويعاملها معاملة ملؤها الظلم ، والتعدي في جميع المراحل التي تمر بها فكانت سلعة رخيصة بيد الرجل يسيرها كيف يشاء ، ويتحكم في أمرها تماماً كما يفعل بالرقيق فلم تجد في تلك العصور للكرامة أي معنىً ، ولعزتها أي أثر .
لقد كانت المرأه في نظر الرجل قاصرة حتى ، ولو تزوجت وتقدم بها السن فليس لها في أمرها شيء على الصعيدين :
الاجتماعي ، والمالي.
أما على الصعيد الاجتماعي : فإنها كانت محتقرة ، ومظلومة .
ويبدأ ذلك من الدقائق الأولى عندما تبدأ مسيرتها الحياتية فعند ولادتها نرى الاب بدلا من أن يستقبل وليدته ، وفلذة كبده ليطبع على جبينها قبلة الحب ، والحنو . وإذا به كما يحدث القرآن الكريم :
« وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من سوء ما بشر به أيمسكه على هونٍ أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون » (1).
نظرة ملؤها الإحتقار يلقيها الرجل على زهرته المتفتحة وهي تستقبل حياتها الجديدة مكفهر الوجه مقطب الجبين يكظم غيظه ، ويحاول السيطرة على أعصابه كأنه أصيب بكارثة وهو يتجلد أمامها .
____________
(1) ـ سورة النحل : آية (58).

« يتوارى من القوم من سوء ما بشر به ».
ولماذا هذا التخفي من الناس ؟ ويأتي الجواب . بان هذا الاجراء ليس إلا لأن الله قد منحه العنصر الثاني الذي يشكل القاعدة الكبرى لخلق الإنسان لانه سبحانه خلقهم من :
ذكر، وأنثى . من غير تفضيل لبعض على بعض ، فكما يكون الرجل طرفاً لايجاد النسل ، كذلك الأنثى هي الطرف الآخر في هذه العملية التناسلية ، والتي منها يتكون هذا البشر.
ويبقى الاب الحائر وهو في صراع عنيف مع نفسه فماذا يصنع أيبقى، والذل يحيطه من كل جانب ينظر كل يوم إلى وليدته وهي تتخطى عتبة الطفولة ، وتتفتح إلى الحياة ، أم يدفنها في التراب ، ويتخلص من هذا العار، وينفض عن يديه غبار الجريمة النكراء ؟.
وأخيراً يقود ، ويصمم ، ويرجح الرأي الثاني . وإذا به يذهب بها ليدفنها ، وهي حية.
« وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت » (1).
أما إذا افلتت من الموت حيث كانت بعض النساء يخفين الوليدة ، ويظهرن أمام الرجل بانهن قمن بعملية الدفن ، أو كانت القبلية تتسامح في موضوع الدفن ، فان المرأة كانت تعيش رخيصة في كنف الرجل ليس لها أن تختار من تقترن به في حياتها الزوجية ، بل يكون ذلك راجعاً إلى من يقوم عليها فهو الذي يتحكم في ذلك يتركها وحيدة ، ومحرومة من الزواج أو يزوجها ممن يشاء.
أنها كانت تفقد حرية الإختيار الزوجي ، بل كان الرجل ـ كما قلنا ـ هو الذي يقود مصيرها ، ولتبقى تندب حظها التعس في كل لحظة تمر
____________
(1) ـ سورة التكوير : آية (9).

 

عليها لا لشيء إلا لانها إمرأة لا غير.
وأما على الصعيد المالي : فان المرأة كانت تمنع من التجارة والميراث بحجة أنهم كانوا يورثون من يقاتل ، ويحمل السلاح ويدافع عن الحريم. أما المرأة فهي من الحريم.
وإذاً فلها على الرجل أن يحميها كما يحمي متاعه ، وأمواله ولتعيش بعد ذلك في كنفه تتناول ما يمنٌ به عليها من فتات ما يأكل ، ويبقى بازاء ذلك مسيطراً على ما يصلها من ميراث يتمتع به كيف يشاء يمنعها من التصرف بحقها الطبيعي الشرعي.
يتامى النساء :
وقد كان من تعسف الرجل يزداد بشكل أكثر بالنسبة إلى يتامى النساء فان الكثير منهن كن يواجهن مشكلة أخرى غير حرمانهن من الميراث ، أو حرمانهن من اختيار الزوج تلك هي حبس اليتيمة ، وعدم تزويجها طمعاً في مالها ، وليس ذلك إلا لانها يتيمة فقدت كفيلها ، وبقيت تحت رحمة الاولياء ، والاوصياء .
إن الولاية على اليتيمة كانت تتضاعف ، فهي مضافاً الى كونها امرأة يتمية فقدت تلك اليد التي تربت على كتفها أو تمسح على رأسها ، أو تجفف دموعها .

شاهد أيضاً

مقاطع مهمه من كلام الامام الخامنئي دامت بركاته تم أختيارها بمناسبة شهر رمضان المبارك .

أذكّر أعزائي المضحين من جرحى الحرب المفروضة الحاضرين في هذا المحفل بهذه النقطة وهي: أن ...