الرئيسية / بحوث اسلامية / ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا 02

ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا 02

الإنسان الكامل

إنّ معرفة الإنسان الكامل أو الإنسان النموذجيّ أو الأسمى واجبة علينا كمسلمين, لأنّه بحكم المثال والقدوة الّتي ينبغي أن يُقتدى بها، وليس بحثنا هذا مجرّد بحث علمّي بحت وإنّما له فائدة عمليّة كبيرة، إذ من خلاله نستطيع أن نشخّص الطريق الّذي أراد الإسلامُ من الإنسان والأمّة أن يسلُكاه للوصول إلى الإنسان الكامل الّذي يريده الإسلام.

طرق معرفة الإنسان الكامل
ولِمعرفة الإنسان الكامل يوجد طريقان:
 
الأوّل: الرجوع إلى القرآن والسنّة النبويّة:
لِنرى الأوصاف الّتي ذكرها للإنسان الكامل، ولو بتعبير المسلم أو المؤمن الكامل، إذ المراد منهما هو الإنسان الّذي يصل إلى الكمال على ضوء تعاليم الإسلام. وفي 
 
 
 
 
 
9

4

 المقام يوجد الكثير من النّصوص الّتي يمكن الاستفادة منها، وسنشير إلى بعضها إن شاء الله.

الثاني: البحث عن نماذج كاملة للإنسانيّة:
قد وجِدت على ضوء تعاليم الإسلام والقرآن، فنقوم بدراسة شخصيّاتها بكلّ أبعادها.
ويُعتبرُ النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ووصيّه الإمام عليّ عليه السلام نموذجين بارزين للإنسان الكامل. ودراسة شخصيّة الإنسان الكامل لا تعني دراسة هويّته فقط، كمعرفة نسبه وتاريخ ولادته، وإنّما تعني ما هو أعمق من ذلك بكثير، تعني التعرّف على حقيقة شخصيّته لنستطيع من خلال ذلك تشخيص القدوة، ونكون بالتالي قادرين على الاقتداء بها.
وبهذا الاقتداء نكون مستحقّين للاتصاف بأنّنا أتباع محمّد صلى الله عليه وآله وسلموشيعة عليّ عليه السلام. فإنّ الّذين يشايعون عليّاً عليه السلام هم الّذين يسيرون على دربه قولاً وعملاً لا قولاً فقط.
 
معنى كلمة الإنسان الكامل
لعلّ الكثير لا يجد صعوبة في فهم هذه الكلمة، ولكن
 
 
 
 
 
 
 
10

5

 بالتمعّن بها نجد أنّها تحتاج إلى توضيح وشرحٍ أكثر.

 

 
يوجد في اللغة العربيّة كلمتان متقاربتان في المعنى وليستا بمعنى واحد، هما “الكمال والتمام”. ويقابلهما كلمة واحدة وهي “النقصان”، تُستَعمل تارةً ضدّ الكمال وأخرى ضدّ التمام. فيُقال تارةً “هذا كامل وذاك ناقص”، وأخرى “هذا تامّ وذاك ناقص”، وقد ذكرتا معاً في القرآن الكريم في آيةٍ واحدةٍ، قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِينا﴾1 ولم يقل “اليوم أتممت لكم دينكم” أو “وأكملت عليكم نعمتي” ولو ذكر ذلك لما صحّ لغة فما هو الفرق بينهما؟ 
 
أمّا “التمام” فيُراد به التعبير عن تحقّق جميع الأمور اللاّزمة لصيرورة الشيء غير ناقص من جهة ماهيّته وحقيقته، فلو لم يتحقّق بعض هذه الأمور وُصِف الشيء بالناقص أي أنّه لم يوجد كلُّه. فمثلاً يتألّف المسجد من قاعة للصلاة وجدرانٍ وسقف و… فإذا وُجدت جميع هذه الأشياء أمكن القول بأنّ بناء المسجد قد “تمّ” وإلّا فإنّ البناء يبقى ناقصاً.
 
 
 

1- سورة المائدة، الآية: 3.
 
 
 
 
 
 
 
11

6

 وأمّا “الكمال” فيُراد به التعبير عن الدّرجات الّتي يمكن أن يصل إليها الشيء بعد تمامه، ولذلك فلو لم يكن الشيء كاملاً لم يعنِ ذلك أنّه غير تامّ، بل هو تامّ. وعندما يُقال أنّ فلاناً قد كمُل عقله فلا يعني أنّ عقله كان ناقصاً والآن أصبح تامّاً، بل يعني أنّ عقله تامّ إلّا أنّه قد ارتقى في سلّم الكمال.

وعليه، فالإنسان الكامل هو الإنسان الّذي وصل إلى أرقى درجات الإنسانيّة، ذلك الحدُّ الّذي لا يكون فوقه إنسان.

 

https://t.me/wilayahinfo  – تلغرام

[email protected] – أيميل

https://chat.whatsapp.com/JG7F4QaZ1oBCy3y9yhSxpC – واتساب عربي

https://chat.whatsapp.com/Fava5Ifru8330dDMfhs0gn – واتساب انكليزي

 

شاهد أيضاً

الرد الإيراني و النجاحات السياسية القطبية – فتحي الذاري

استراتيجية الرد الإيراني ذات أبعاد مترامية الأطراف ونجاحات سياسية قطبية تمثل جزءاً هاماً من السياسة ...