الرئيسية / بحوث اسلامية / الـمـهـدي الـمـنـتـظـر فـي الـفـكـر الاسـلامـي – أحاديث في نسب الاِمام المهدي

الـمـهـدي الـمـنـتـظـر فـي الـفـكـر الاسـلامـي – أحاديث في نسب الاِمام المهدي

«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهدي اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي»(1).
حقيقة هذا التعارض وبيان قيمته العلمية :
هذه هي الاَحاديث التي جعلت مبرراً لاختيار (محمد بن عبدالله) كمهديٍّ في آخر الزمان، وكلها لاتصحّ حجة ومبرراً لهذا الاختيار. وقد علمت أن الثلاثة الاُولى منها كلّها تنتهي إلى ابن مسعود من طريق واحد وهو طريق عاصم بن أبي النجود . وسوف يأتي ما في هذا الطريق مفصّلاً.

 
وأما الحديث الرابع، فسنده ضعيف بالاتفاق اذ وقع فيه رِشْدِينُ بن سعد المهري وهو : رِشْدِينُ بن أبي رِشْدِين المتّفق على ضعفه بين أرباب علم الرجال من أهل السُنّة .
فعن أحمد بن حنبل : أنه ليس يبالي عمّن روى ، وقال حرب بن إسماعيل : « سألت أحمد بن حنبل عنه ، فضعّفه » ، وعن يحيى بن معين: لا يكتب حديثه . وعن أبي زرعة : ضعيف الحديث ، وقال أبو حاتم : منكر الحديث ، وقال الجوزجاني : عنده معاضيل ، ومناكير كثيرة ، وقال النسائي: متروك الحديث لا يُكتَب حديثه .

 
وبالجملة فإنّي لم أجد أحداً وثّقه قطّ إلاّ هيثم بن ناجة فقد وثّقه وكان أحمد بن حنبل حاضراً في المجلس ، فتبسّم ضاحكاً ، وهذا يدلّك على تسالمهم على ضعفه(2).
____________
(1) الفتن لنعيم بن حماد 1 : 368 | 1080 وعنه السيد ابن طاووس في التشريف بالمنن: 257 | 200 .
(2) راجع : تهذيب الكمال 9 : 191 | 1911، وتهذيب التهذيب 3 : 240 ففيهما جميع ماذكر بحق رِشْدِين بن أبي رِشْدِين.

ولا شك ، أنَّ من كان حاله كلما عرفت فلا يؤخذ عنه مثل هذا الامر الخطير.
وأما الاَحاديث الثلاثة الاُولى ، فهي ليست بحجة من كل وجه ، ومما يوجب وهنها وردها هو ان عبارة : (واسم أبيه اسم أبي) لم يروها كبار الحفّاظ والمحدّثين، بل الثابت عنهم رواية : (واسمه اسمي) فقط من دون هذه العبارة كما سنبرهن عليه ، هذا مع تصريح بعض العلماء من أهل السنة الذين تتبعوا طرق عاصم بن أبي النجود بأن هذه الزيادة ليست فيها، كما سيأتي مفصلاً .

 
ومن ثم ، فإن إسناد هذه الاَحاديث الثلاثة ينتهي إلى ابن مسعود فقط، بينما المروي عن ابن مسعود نفسه كما في مسند أحمد ـ وفي عدة مواضع ـ (واسمه اسمي) فقط(1)، وكذلك الحال عند الترمذي فقد روى هذا الحديث من دون هذه العبارة ، مشيراً إلى أنّ المروي عن علي عليه السلام ، وأبي سعيد الخدري ، وأُم سلمة ، وأبي هريرة هو بهذا اللفظ (واسمه اسمي) ثم قال ـ بعد رواية الحديث عن أبن مسعود بهذا اللفظ ـ : (وفي الباب : عن علي، وأبي سعيد ، وأُم سلمة ، وأبي هريرة . وهذا حديث حسن صحيح »(2)

 
وهكذا عند أكثر الحفاظ ، فالطبراني مثلاًأخرج الحديث عن ابن مسعود نفسه من طرق أُخرى كثيرة ، وبلفظ : ( اسمه اسمي ) ، كما في أحاديث معجمه الكبير المرقمة : 10214 و10215 و10217 و10218 و10219 و10220 و10221 و10223 و10225 و10226 و10227 و10229 و10230 .

____________
(1) مسند أحمد 1 : 376 و 377 و 430 و 448.
(2) سنن الترمذي 4 : 505 | 2230.

وكذلك الحاكم في مستدركه أخرج الحديث عن ابن مسعود بلفظ: (يواطئ اسمه اسمي) فقط ، ثم قال : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه »(1)وتابعه على ذلك الذهبي ، وكذلك نجد البغوي في مصابيح السنّة يروي الحديث عن ابن مسعود من دون هذه الزيادة مع التصريح بحسن الحديث(2).

 
وقد صرح المقدسي الشافعي بأن تلك الزيادة لم يروها أئمة الحديث ، فقال ـ بعد أن أورد الحديث عن ابن مسعود بدون هذه الزيادة ـ : « أخرجه جماعة من أئمة الحديث في كتبهم ، منهم الاِمام أبو عيسى الترمذي في جامعه ، والاِمام أبو داود في سننه ، والحافظ أبو بكر البيهقي ، والشيخ أبو عمرو الداني ، كلهم هكذا »(3)أي : ليس فيه : (واسم أبيه اسم أبي) ثم أخرج جملة من الاَحاديث المؤيدة لذلك مشيراً إلى من أخرجها من الاَئمة الحفاظ كالطبراني ، وأحمد بن حنبل ، والترمذي ، وأبي داود ،

 

 

والحافظ أبي داود ، والبيهقي ، عن عبدالله بن مسعود ، وعبدالله بن عمر ، وحذيفة.(4)
هذا زيادة على ما مرّ من اشارة الترمذي إلى تخريجها عن علي عليه السلام ، وأبي سعيد الخدري ، وأُم سلمة ، وأبي هريرة ؛ كلهم بلفظ : (واسمه اسمي) فقط.
ولا يمكن تعقّل اتفاق هؤلاء الاَئمة الحفاظ بإسقاط هذه الزيادة (واسم أبيه اسم أبي) لو كانت مروية حقاً عن ابن مسعود مع أنّهم رووها من طريق عاصم بن أبي النجود، بل ويستحيل تصور إسقاطهم لها لما فيها من أهمية
____________
(1) مستدرك الحاكم 4 : 442.
(2) مصابيح السنة 492|4210.
(3) عقد الدرر : 51 | باب 2.
(4) عقد الدرر : 51 ـ 56 | باب 2.

بالغة في النقض على مايدعيه الطرف الآخر .
ومن هنا يتضح أنّ تلك الزيادة قد زيدت على حديث ابن مسعود من طريق عاصم إما من قِبَل أتباع الحسنيين وأنصارهم ترويجاً لمهدوية محمد بن عبدالله بن الحسن المثنى، أو من قبل أتباع العباسيين ومؤيديهم في ما زعموا بمهدوية محمد بن عبدالله ـ أبي جعفر ـ المنصور العباسي .

 
وقد يتأكد هذا الوضع فيما لو علمنا بأنّ الاَول منهما كانت رتّة في لسانه، مما اضطر أنصاره على الكذب على أبي هريرة ، فحدّثوا عنه أنه قال : « إن المهدي اسمه محمد بن عبدالله في لسانه رتّة »(1).

 
ولما كانت الاَحاديث الثلاثة الاَُولى من رواية عاصم بن أبي النجود ، عن زرّ بن حبيش عن عبدالله بن مسعود ، مخالفة لما أخرجه الحفاظ عن عاصم من أحاديث في المهدي ـ كما مر ـ ، فقد تابع الحافظ أبو نعيم الاَصبهاني (ت|430هـ) في كتابه (مناقب المهدي) طرق هذا الحديث عن عاصم حتى أوصلها إلى واحد وثلاثين طريقاً ،

 

 

ولم يُرْوَ في واحد منها عبارة (واسم ابيه اسم أبي) بل اتفقت كلها على رواية (واسمه اسمي) فقط. وقد نقل نص كلامه الكنجي الشافعي (ت|638 هـ) ثم عقّب عليه بقوله : «ورواه غير عاصم ، عن زر ، وهو عمرو بن حرة ، عن زر كل هؤلاء رووا (اسمه اسمي) إلاّ ما كان من عبيد الله بن موسى ، عن زائدة ، عن عاصم ، فإنّه قال فيه : (واسم أبيه اسم أبي) . ولايرتاب اللبيب أن هذه الزيادة لا اعتبار بها مع اجتماع هؤلاء الاَئمة على خلافها ـ إلى أن قال ـ والقول الفصل في ذلك : إن الاِمام أحمد ـ مع ضبطه وإتقانه ـ روى هذا
____________
(1) هذا الحديث الموضوع منقول في معجم أحاديث الاِمام المهدي عن مقاتل الطالبيين: 163 ـ 164.

الحديث في مسنده [ في ] عدة مواضع : واسمه اسمي»(1).
ومن هنا يُعلم أنّ حديث : (.. واسم أبيه اسم أبي) فيه من الوهن ما لايمكن الاعتماد عليه في تشخيص اسم والد المهدي المباشر .

 
وعليه ، فان من ينتظر مهديّاً باسم (محمد بن عبدالله) إنما هو في الواقع ـ وعلى طبق ما في التراث الاسلامي من أخبار ـ ينتظر سراباً يحسبه الضمآن ماء .
ولهذا نجد الاستاذ الاَزهري سعد محمد حسن يصرّح بأن أحاديث (اسم أبيه اسم أبي) أحاديث موضوعة ، ولكن الطريف في تصريحه أنّه نسب الوضع إلى الشيعة الامامية لتؤيد بها وجهة نظرها على حد تعبيره(2)!!

 
ويتضح مما تقدم أنَّ نتيجة البحث في طوائف أحاديث نسب الاِمام المهدي ، قد انتهت إلى كونه من ولد الاِمام الحسين عليه السلام؛ لضعف سائر الاَحاديث التي وردت مخالفة لتلك النتيجة، مع عدم وجود أية قرينة تشهد بصحة تلك الاَحاديث، بل توفرت القرائن الدالة على اختلاقها.
واذا عدنا الى نتيجة البحث في الطوائف المتقدمة نجدها مؤيدة بما تواتر نقله عند المسلمين .

مؤيدات كون المهدي من ولد الحسين عليه السلام
هناك أحاديث كثيرة عند الشيعة الامامية عيّنت الاَئمة الاثني عشر بأسمائهم واحداً بعد آخر ابتداءً بالامام علي وانتهاء بالمهدي عليهم السلام ، مع مجموعة من الاَحاديث في تعيين كل إمام لاحق بنصّ من الاِمام السابق .
____________
(1) البيان في أخبار صاحب الزمان | الكنجي الشافعي : 482.
(2) المهدية في الاِسلام | الاستاذ الازهري سعد محمد حسن : 69.

شاهد أيضاً

مقاطع مهمه من كلام الامام الخامنئي دامت بركاته تم أختيارها بمناسبة شهر رمضان المبارك .

أذكّر أعزائي المضحين من جرحى الحرب المفروضة الحاضرين في هذا المحفل بهذه النقطة وهي: أن ...