الرئيسية / الاسلام والحياة / الأسرة في الإسلام – المسؤولية الأسرية

الأسرة في الإسلام – المسؤولية الأسرية

تعد هذه المسؤولية أكبر المسؤوليات، لما لها من أبعاد متشعبة يجب الانتباه إليها بدقة، وذلك بتحكيم الموازين الإلهية والسنة النبوية وسنة الأئمة الهداة(ع).

وفي صدر الإسلام نزلت آية تتحدث عن عذاب جهنم كانت السبب في خروج عدة من الشباب إلى الصحاري تاركين الحياة خلفهم خوفاً من أن ينزلقوا في متاهات يمكن أن تؤدي بهم إلى نار جهنم وعذابها. فقد أخذ أحدهم على نفسه أن لا يضاجع زوجته بعد نزول هذه الآية المباركة، وأن لا يحادث النساء ويتصل بهن مادام حياً، وعاهد آخر نفسه أن لا يخالط الناس واباح لنفسه الخروج على السمؤوليات الاجتماعية بينما صمم الثالث على ان لا يدخل جوفه طعاماً لذيذاً أبداً.

فذهبت زوجات هؤلاء الثلاثة إلى رسول الله (ص) وشرحن له أحوالهن الزوجية، فتأثر الرسول (ص) حال سماعه لهن وأسرع إلى المسجد وكان مغضباً حتى إنه لم يعبأ بوضع عباءته على كتفيه فقد كان أحد طرفيها يلامس الأرض، فيثير خلفه الغبار. وحين استقر به الأمر في المسجد قال (ص): “أنا نبيكم، ولي زوجة هي في بيتي، أتناول الطعام واحفظ الجسد مني، اجتمع إلى الناس، وعلى صلة دائمة بهم. بعدها قال: فمن رغب عن سنتي فليس مني”(3).

كذلك أشار القرآن الكريم لمثل ذلك حين قال جل وعلا:

(وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغتهم الله من فضله والله واسع عليم) سورة النور، الآية: 32.

تعلمنا هذه الآية الشريفة كيف يجب أن نعمل حين الشعور بالفقر وأن لا يكون الفقر طريقاً للابتعاد عن سنة رسول الله (ص) وبالخصوص الابتعاد عن الزواج وتشكيل الأسرة.

أجل، إن مسؤولية تشكيل الأسرة مسؤولية كبرى وخطيرة، لما تتميز به من خصوصية بشأن الزوجة وتربية الأولاد علاوة على التكاليف الملقاة على عاتق كل ركن من أركان الأسرة. إن التكاليف هذه هي الأساس الوحيد لحفظ سلامة الأسرة وألفتها ومحبتها على طريق التسامي والقيم.

(يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة) سورة التحريم، الآية: 6.

كذلك: (قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين) سورة الزمر، الآية: 15.

هنا ومن خلال الحديث عن كيفية السلوك الأُسري في مقام الزوجية بشكل مفصل سوف نتناول وظائف الزوجة ووظائف الرجل وتكاليفه قبال زوجته، وأولاده ووالديه وبيته بشكل عام. كذلك سنتطرق إلى كيفية الحفاظ على مركزية الأسرة وطريقة الابقاء على الاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة الواحدة،

والابتعاد عن كل ما يكدر صفوها، والاستمرار في البحث عن الوسائل التي من شأنها أن ترفع الأسرة وتنأى بها عن الأسباب التي قد تخرجها من الوضع الطبيعي إلى وضع يبعث على الكسل والخمول والتواني في إنجاز ما يجب أن يقوم به كل فرد من أفرادها. وبلوغها هذا الوضع يجرها إلى التفكك الذي يستتبع انهيار الجماعة وإخفاقها في بناء الحياة السعيدة.

(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)(4).

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...