الرئيسية / الاسلام والحياة / الأسرة في الإسلام – زواج الإمام علي أمير المؤمنين (ع)

الأسرة في الإسلام – زواج الإمام علي أمير المؤمنين (ع)

جاء الإمام علي (ع) إلى رسول الله (ص) وبعد أن عرض في محضره أحاديث كثيرة قال: يا رسول الله، أنت ذخري وملاذي في الدنيا والآخرة، يا رسول الله؛ رغم محبتك لي وعنايتك زوجني امرأة آنس بها وتكون لي أهلاً.

يا رسول الله: جئت إليك أخطب ابنتك فاطمة. فأعقد لي عليها.

قالت أم سلمة: رأيت جبين رسول الله (ص) يتلألأ من شدة الفرح، بعدها تبسم بوجه أمير المؤمنين (ع) وقال له: يا أبا الحسن، هل لديك مهر فاطمة (ع) لأعقد لك عليها؟

فقال علي (ع): فداك أمي وأبي، وهل يخفى عليك أوضاعي وأنت تعلم أن لي سيفاً ودرعاً وجملاً واحداً أحمل عليه الماء. ولا غير هذه الأشياء عندي.

فقال رسول الله (ص): إنك غير مستغنٍ عن سيفك هذا، لأنك تريد جهاداً في سبيل الله، وتحارب به أعداء الله.

وأما الجمل، فتحمل عليه الماء لتروي به أشجار النخيل، وتحمل عليه متاعك في السفر. إني أزوجك فاطمة (ع) بدرعك هذا”(11).

 جهاز سيدة الإسلام الأولى

لقد كان جهاز فاطمة (ع) قميصاً واحداً قيمته سبعة دراهم، ونقاباً قيمته أربعة، وقماشاً من القطيفة أسود خيبرياً، وسريراً نسج بليف النخيل وسطه، وفراشين، وأربعة من المساند من جلود الطائف، وستارة واحدة من الصوف، وحصيراً من الخوص، رحى واحدة، وقدراً من البرونز، وقدحاً لشرب الماء صنع من الجلد، آنية خشبية لجمع اللبن، وقربة ماء، وإبريقاً طلي بالقير، وغطاءً أخضر لآنية، وإناءً خزفياً واحداً لشرب الماء(12).

 عطية الزهراء البتول (ع)

عند طريقها إلى بيت علي (ع) وهي عروس تزف، صادفت فاطمة الزهراء (ع) امرأة محتاجة، فأعطتها ـ سلام الله عليها ـ لباس عرسها ولبست هي لباس المرأة المحتاجة، وبهذا اللباس البالي ذهبت إلى بيت زوجها.

وفي صبح اليوم التالي جاء رسول الله (ص) إلى بيتها فرآها بغير لباس عرسها، فقصت عليه ما حدث بالأمس، ففرح رسول الله (ص) حتى قال: “فدتك أمي وأبي يا ابنتي”.

والتفت رسول الله (ص) إلى علي وقال له: “يا علي، إن فاطمة هذه هي كفؤ لك، ولم لم تكن لما وجدت من تكون كفؤاً لك. ثم قال لفاطمة الزهراء (ع): يا زهراء، إن علياً هذا هو كفؤ لك ولو لم يكن لما وجدت من يكون كفؤاً لك.

 تقسيم الأعمال

ثم قال الرسول (ص): أعمال علي هي خارج المنزل، وأعمال فاطمة داخله.

وهنا قالت الزهراء (ع):

“لا يعلم ما داخلني من السرور إلى الله في هذا الأمر”. لقد ابتهجت الزهراء (س) وكانت بهجتها تسع هذا العالم لأن الرسول (ص) أعفاها من العمل مع المحارم خارج بيتها.

 مثال للزواج في صدر الإسلام

كان الزواج في صدر الإسلام يسيراً.

وإذ ذاك جاءت إلى الرسول (ص) امرأة وقالت له: “تزوجني يا رسول الله”.

ولم يكن الرسول (ص) راغباً في ذلك، ولا في ردها بغير احسان إليها، فطأطأ رأسه إلى الأسفل، وإذا بأحد الأصحاب ينهض من الجمع يا رسول الله: إن كنت لا ترغب في زواجها فزوجنيها.

فرفع الرسول (ص) رأسه ونظر إليها وقال: ما تقولين؟

فقالت: نعم يا رسول الله (ص)، فقال الرسول للرجل: ما عندك؟

فأجاب: ليس لي إلا هذا القميص الذي يسترني.

فسأله النبي (ص): أتحفظ القرآن؟

فقال: احفظ منه سورة الواقعة.

فقال الرسول (ص) للمرأة: هل ترضين بسورة الواقعة تعليماً مهراً لك؟

فأجابت بنعم فقرأ الرسول (ص) خطبة العقد لهما وقال للرجل: لا أريد أن أراك إلاّ وماء الغسل يقطر من رأسك.

 البدعة في أمر الزواج

لقد أزال الشرع المقدس الإسلامي عن طريق الزواج كل الموانع والعوائق التي تطرقنا إليها سلفاً، وكل بدعة يأتي بها الإنسان ويلصقها بالإسلام يجب أن يعطي الدليل عليها يوم القيامة، والمبتدع ومروج البدعة شريكان في الذنب.

لقد وكد الرسول الأكرم (ص) الزواج برفعه الموانع من طريقه (13).

 الزواج نوع من أنواع الجهاد

للزواج أثر حسن في المجتمع والنسل الجديد فإدارة الزوجة البيت في نظر الإسلام جهاد في سبيل الله، ولهذا قال رسول الله (ص): جهاد المرأة حسن التبعل(14).

وكذا الأمر بالنسبة للرجل، فربوبية الأسرة ثوابها كبير وكما عبر المعصوم (ع):

“الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله”.

ولقد جاء في الخبر ما مضمونه:

كل قطرة تسقط من غسل من بدن الرجل أو امرأته يبدلها الله بملك يستغفر لهما إلى يوم القيامة.

وقد رفعت الموانع والخرافات في ظل الجمهورية الإسلامية، فعلينا جميعاً ألا ندعها تعود إلينا منغصة حياتنا بكدرها وشرها الحاجب للنجاة من الآثام.

 الحاجة إلى الزواج عضوية

عضوياً، يحتاج من يبلغ سن الرشد من فتى أو فتاة إلى الزواج، وإذا لم يبلغ حاجته اضطرب فكره وشعوره وبدنه، فظهر مجتمع مريض وفاسد.

طبقاً لأحكام التكوين الإلهي، عند العطش يشرب الماء، وإذا تحمل الإنسان وعانى مشقةً معاكسة للتكوين الإلهي بحركة هو يسعى لها، سوف يسلم أمره مجبوراً في النهاية ويتناول الماء أو يموت.

وهكذا الحاجة الفطرية إلى الولد، فهي في صميم الفتيات والفتيان إذا بلغوا سن الرشد.

فإذا عوملوا خلافاً للتكوين العضوي انجرفوا إلى شاطئ الفساد، وبذلك يفسد المجتمع.

وما نراه في المجتمعات المدعية بالرقي والحضارة من فساد هو ثمرة للعمل على خلاف الفطرة، إذ يجر الحرمان والابتذال الجسديان إلى الكآبة والشقاء والتوتر العصبي المدمر للطمأنينة والاستقرار.

 أسباب أهمية الزواج من منظار إسلامي

ترجع أهمية الزواج في الإسلام إلى نقطتين:

1 ـ ارضاء الغريزة

فالزواج يفي بحاجة جسدية ماسة جداً وفاءً سليماً طاهراً مما يشين النفس ويتلف البدن. أي أنه يصون الإنسان نفساً وجسماً من مخاطر الكبت والابتذال الشهويين.

هذا الإنسان مثلما يحتاج للماء عند العطش وللغذاء عند الجوع ويحتاج للنكاح عند الشبق. والزواج هو السبيل لسد هذه الحاجة الأساسية الماسة، ولذا شرعه الإسلام بضوابط حكيمة تضمن سرور الزوجين ببعضهما وتحابهما الدائم.

2 ـ التربية الإنسانية

إن السبب الثاني الذي أكد عليه الإسلام في تشكيل الأسرة وهو أمر مهم جداً ألا وهو التربية.

لقد بينا سابقاً أن جو الأسرة هو مكان حي للتربية تنشأ فيه النفوس الطيبة وتزدهر فيه المكارم، وتنزاح الرذائل، إذا يتعاون الزوجان البصيران على إظهار الخير والحق والجمال، ومحو الشر والباطل والقبح في بناء أسرة متحابة متماسكة.

وهذه الغاية تفرض علينا أن نعطل كثيراً من رغباتنا في البيت، لأن هذا التعطيل للرغبات وغض النظر عن بعض الاشتباهات في محيط الأسرة، ضروري جداً لتكوينها وتهذيبها.

وإذا ما صبرت المرأة وزوجها قربة إلى الله تعالى وتحمل أحدهما الآخر في سبيل الله، آتاهما الله أجراً وثواباً كبيراً وفي الخبر جاء ما مضمونه:

“من صبر على سوء خلق المرأة أعطاه الله ثواب أيوب في بلائه، ومن صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها ثواب آسيا”.

الهوامش:

(1) مصباح الشريعة، ص380.

(2) مصباح الشريعة، ص381.

(3) ومن عشق شيئاً أغشى بصره (نهج البلاغة فيض، ص330).

(4) وسائل الشيعة، ج14، ص10.

(5) وسائل الشيعة: ج14، صفحة3.

(6) وسائل الشيعة: ج14، صفحة4.

(7) وسائل الشيعة: ج14، صفحة4.

(8) من لا يحضره الفقيه.

(9) بحار الأنوار: ج22، ص124.

(10) بحار الأنوار: ج3، ص126 ـ 127. 

(11) وسائل الشيعة: مجلد14، ص3.

(12) راجع بحار الأنوار: ج43، باب تزويج فاطمة الزهراء (ع).

(13) قال رسول الله (ص): “أكثر أهل النار العزاب”.

(14) وسائل الشيعة: ج11، ص15.

 

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...