الرئيسية / الاسلام والحياة / التقريب بين المذاهب الاسلامية ضرورة ملحّة

التقريب بين المذاهب الاسلامية ضرورة ملحّة

 لا شكّ أنّ التقريب بين المذاهب الإسلامية ضرورة ملحّة يشعر بها كلّ من يحمل هموم المسلمين ، وتتفاقم الحاجة إليه كلّما ازدادت حدّة المواجهة بين الإسلام وأعدائه الذين يتربّصون به الدوائر ، لا سيّما ونحن في عصر العولمة الثقافيّة الذي تُشن فيه حملات مسعورة ضدّ ثقافتنا الإسلامية ، ممّا يلحّ علينا باطّراد إلى تقريب الخُطى وتوثيق التعاون المشترك بين كافّة الطوائف الإسلامية .

كما أنّ تعزيز أواصر التقريب المنشود رهن عوامل عديدة أبرزها :

وقوف كلّ طائفة على ما لدى الطائفة الأُخرى من أفكار ومفاهيم ، لتُدرك مدى عظمة المشتركات التي تجمعهما ، وهامشيّة الأسباب التي تباعدهما .

ومع الأسف الشديد أنّ التاريخ أسدل ستار الجهالة على الشيعة ، وهي الطائفة التي رفدت الفكر الإسلامي بالكثير من المفكّرين والعلماء والمثقفين ، ونسج حولها الأوهام والشكوك .

وأنا لا أنسى أبداً حينما زرت مكّة المكرّمة عام 1376هـ ونزلت في بيت أحد مدرّسي الحرم المكّي ، فإذا هو يباغتني بهذا السؤال; هل للشيعة تأليف؟!

فقد هزّني كلامه هذا ، وقلت في نفسي ، سبحان الله ، في وسط هذا البلد الحرام يجهل مدرسُ الحرم المكّي تاريخَ الشيعة الإمامية ومصنّفاتها ، وكأنّه يسأل عن أُمّة بائدة لا تاريخ لها ولا ثقافة ، فما بال الآخرين الذين هم في منأى عن أُمّ القرى مكّة المكرّمة؟!!

ومنذ ذلك الحين راودتني فكرة تحرير كتاب عن تاريخ الشيعة ، وعقائدها ، وأئمّتها ، وأحكامها .

وقد حرصتُ في هذا الكتاب على بيان المشتركات التي تجمع بين الطائفتين (السنّة والشيعة) على صعيد العقيدة والشريعة والفكر ، إلى جانب بيان الفوارق التي ساقها إليهم الدليل والبرهان ، هذا في الوقت الذي نذعن فيه لما قاله أُستاذنا ورائدنا السيّد شرف الدين العاملي ـ رحمه الله ـ حينما خاطب علماء السنّة بقوله : ما يجمعنا أكثر ممّا يفرّقنا .

وتبعه الشاعر المفلق محمّد حسن عبدالغني المصري شاعر الأهرام لمّا قال :

إنّا لتجمعنا العقيدة أُمّةً * ويضمّنا دينُ الهدى أتباعاً

ويؤلّف الإسلامُ بينَ قلوبنا * مهما ذهبْنا في الهوى أشياعاً

 
وفي الختام نرجو من الله سبحانه أن يكون هذا الكتاب مساهمة متواضعة في سبيل تقريب الخطى بين المسلمين وتوثيق أواصر الأُخوّة ، وتعزيز التعاون المشترك بينهم كي يكونوا صفّاً واحداً أمام أعدائهم ، إنّه بذلك قدير وبالإجابة جدير .

جعفر السبحاني
قم ـ مؤسسة الإمام الصادق _ عليه السلام _
17 صفر المظفّر من شهور عام 1421هـ

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...