الرئيسية / كلامكم نور / وصايا الرسول لزوج البتول – السيد على الحُسيني الصدر

وصايا الرسول لزوج البتول – السيد على الحُسيني الصدر

أو تزوّدٌ لمعاد (65) ، أو لذّةٌ في غير مُحَرَّم.  يا علي ، ثلاثٌ من مكارمِ الأخلاق في الدنيا والآخرة (66) ، أن تعفَو عمّن ظَلَمك ، وتصلَ من قطعكَ ، وتَحْلُم عمّن جَهِلَ عليك.
    يا علي ، بادر بأربع (67) قبل أربع ، شبابَك قبل هرمِك ، وصحّتَك قبل سُقمِك ، وغناكَ قبل فَقرِك ، وحياتَك قبل موتِك.
    يا علي ، كره اللّه عزّوجلّ لاُمّتي (68) …

    (65) أي حمل الزاد للمعاد والعمل لثواب الآخرة ، وخير الزاد للدار الاُخرى هو التقوى.
    (66) أي من محاسن الأخلاق والسجايا والطبايع الطيّبة التي تكون عزّةً للإنسان في الدنيا ومثوبةً في الاُخرى.
    (67) من المبادرة بمعنى المسارعة أي سارع فيها واغتنمها وإسع للخير فيها قبل أن تأتي الاُمور التي لا يمكن السعي للخير فيها .. فالعقل يدعو إلى إنتهاز الفرصة وعدم تأخير عمل الخير لحظة .. فانّه قد يحصل المانع وتعرض الطوارىء لذلك ورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، « إذا هممت بخير فبادِر فإنّك لا تدري ما يَحدُث » (1).
    (68) يقال ، كره الأمر كراهة فهو كريه مثل قبيح وزناً ومعنىً ، والشيء المكروه هو ضدّ المحبوب .. والمكروه هنا أعمّ من أن تكون فيه مفسدة فيحرم ، أو فيه حزازة فيكره إصطلاحاً ، فبعض ما ذكر هنا محظور وبعضه مكروه بالإصطلاح الفقهائي .. وكلّها يكرهها الله تعالى لما فيها من فساد أو سوء. 1 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 142 ، باب تعجيل فعل الخير ، ح 3.
العبثَ في الصلاةِ (69) ، والمَنَّ في الصدقةِ (70) ، وإتيانَ المساجد جنباً (71) ، والضحكَ بين القُبور (72) ، والتطلّعَ في الدُور (73) ، والنظَر إلى فروجِ النساءِ لأنّه يُورثُ العمى ، وكره الكلامَ عند الجماع لأنّه يورثُ الخرس ، وكرَه النوم بين العشائين لأنّه يُحرم الرزق ، وكره الغسلَ تحت السماءِ إلاّ بمئزر ، وكره دخول الأنهارِ إلاّ بمئزر فإنّ فيها سُكّاناً من الملائكة ، وكره دخولَ الحمّامِ إلاّ بمئزر ، وكره الكلامَ بين الأذانِ والإقامةِ في صلاةِ الغَداة ، وكره ركوبَ البحرِ في وقت هَيَجانهِ ، وكره النومَ فوقَ سطح ليسَ بمُحَجّر (74) ، وقال ، من نامَ على سطح غير مُحجَّر فقد برئَت …
    (69) العبث هو اللعب وعمل ما لا فائدة فيه كأن يلعب بشعر لحيته أو رأسه في الصلاة ، وهو يكشف عن عدم التوجّه والخشوع.
    (70) فانّه يبطل الصدقة ويذهب بأجرها. ذكر الشيخ الطريحي ، أنّ المنّ في الصدقة هو أن يقول ، ألم اُعطك ، ألم اُحسن إليك ؟ ونحو ذلك (1).
    (71) فانّه محرّم إلاّ أن يكون بنحو الإجتياز والعبور من غير مكث إلاّ في المسجد الحرام والمسجد النبوي فلا يجوز للجنب حتّى إجتيازهما والعبور منهما.
    (72) فانّه خلاف الإعتبار والإتّعاظ بالموت الذي هو المطلوب في هذه الأماكن.
    (73) التطلّع هو الإشراف من علوّ للإطلاع على ما في الدور ، وقد يحصل بالإشراف كشف عورات المؤمنين ، وهو قبيح.
    (74) أي ليس له حائط من حجر ونحوه بحيث يقي عن السقوط من شاهق. 1 ـ مجمع البحرين ، ص 572.
منه الذِّمّة (75) وكره أن ينامَ الرجلُ في بيت وحَده ، وكره أن يغشي (76) الرجلُ امرأتَه وهي حائض فإن فعل وخرج الولد مجذوماً أو به برص فلا يلومنَّ إلاّ نفسَه ، وكره أن يكلّم الرجلُ مجذوماً إلاّ أن يكون بينه وبينه قدرِ ذراع وقال ( عليه السلام ) ، « فرَّ من المجذوم فرارَك من الأسد » ، وكره أن يأتي الرجلُ أهلَه وقد احتلم حتّى يغتسلَ من الإحتلام فإن فَعَل ذلك وخرج الولدُ مجنوناً فلا يلومنَّ إلاّ نفسَه ، وكره البولَ على شطّ نهر جار (77) ، وكره أن يُحدث الرجلُ تحت شجرة أو نخلة قد أثمَرت ، وكره أن يُحدث الرجلُ وهو قائم ، وكره أن يتنعّلَ (78) الرجل وهو قائم ، وكره أن يدخُلَ الرجلُ بيتاً مظلماً إلاّ مع السراج.
    يا علي ، آفةُ الحَسَبِ (79) الإفتخار.

    (75) قال في المجمع ، معناه أنّ لكلّ أحد من الله عهداً بالحفظ والكلاءة فإذا ألقى بيده إلى التهلكة أو فعل ما حرّم أو خالف ما أمر به خذلته ذمّة الله (1).
    (76) غشى الرجل المرأة غشياناً أي جامعها.
    (77) أي في جانب ذلك النهر .. من الشاطيء وهو جانب النهر وحافّته.
    (78) التنعّل هو لبس النعل ، والنعل هي ما تقي القدم من الأرض ومنها النعل العربية والسندية.
    (79) الحَسَب بفتحتين هو الشرف الثابت بالآباء ، ويطلق على الفعال الصالح ، مقابل النَسَب وهو الأصل. وشرافة الآباء بنفسها من المحاسن إلاّ أنّ التفاخر بها من الآفات. 1 ـ مجمع البحرين ، مادّة بَرَأ ، ص 10.
    يا علي ، من خافَ اللّهَ عزَّوجلّ خاف منه كلُّ شيء (80) ، ومن لم يَخَفِ اللَّهَ عزّوجلّ أخافه اللّهُ من كلِّ شيء (81).
    يا علي ، ثمانيةٌ لا يقبل اللّهُ منهم الصلاةَ ، العبدُ الآبق (82) حتّى يرجعَ إلى مَولاه ، والناشزُ (83) وزوجُها عليها ساخِط ، ومانعُ الزكاةِ ، وتاركُ الوضوءِ ، والجاريةُ المدركةُ تصلّي بغير خمار ، وإمامُ قوم يصلّي بهم وهم له كارهون ، والسكرانُ والزَّبين (84) ـ وهو الذي يدافع البولَ والغائط ـ.

    (80) فبالخوف من الله تعالى تحصل هذه المعنوية والهيبة الربّانية.
    (81) وهذا من أثر عدم الخوف منه تعالى ، فلابدّ أن يكون العبد خائفاً من الله تعالى إلى جانب رجائه وإلاّ لخاف من غير الله تعالى.
    وفي الكافي ، عن الحارث بن المغيرة أو أبيه ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، « قلت له ، ما كان في وصيّة لقمان ؟ قال ، كان فيها الأعاجيب وكان أعجب ما كان فيها أن قال لإبنه ، خف الله عزّوجلّ خيفةً لو جئته ببرِّ الثقلين لعذّبك ، وارج الله رجاءاً لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك ، ثمّ قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) ، كان أبي يقول ، انّه ليس من عبد مؤمن إلاّ وفي قلبه نوران ، نور خيفة ونور رجاء ، لو وزن هذا لم يزد على هذا ولو وزن هذا لم يزد على هذا » (1).
    (82) وهو العبد الذي فرّ من مولاه.
    (83) نشوز المرأة ، معصيتها لزوجها وتعاليها عمّا أوجب الله تعالى عليها من طاعة الزوج كأن تمتنع على زوجها إذا دعاها إلى الإستمتاع.
    (84) الزّبين على وزن سكّين هو مدافع الأخبثين البول والغائط مأخوذ من 1 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 67 ، باب الخوف والرجاء ، ح 1.
(35)
يا علي ، أربعٌ من كنّ فيه بنى اللّهُ تعالى له بيتاً في الجنّة ، من آوى (85) اليتيم ، ورحِمَ الضعيف ، وأشفَقَ (86) على والديه ، ورفق (87) بمملوكه.
    يا علي ، ثلاثٌ من لقى اللّه عزّوجلّ بهنّ (88) فهو من أفضلِ الناس ، من أتى اللّهَ بما افترضَ عليه فهو من أعبدِ الناس (89) ،

الزَبَن وهو الدفع.
    (85) الإيواء هو الإسكان ، والمأوى هو المنزل .. أي اسكن اليتيم في مسكن ومنزل.
    (86) من الشفقة بمعنى الحنان .. أي حنَّ على والديه.
    (87) الرفق ، لين الجانب وهو ضدّ العنف ، أي يليّن الجانب ويحسن العمل ولا يخرق بمملوكه.
    (88) أي أتى في حياته بهذه الخصال حتّى مات عليها ولقى الله تعالى بها.
    (89) أي يأتي بالواجبات التي فرضها الله تعالى عليه فيُعدّ من أعبد الناس ، حيث يكون أعبد ممّن يفعل المستحبّات ويترك بعض الواجبات .. ومن المعلوم انّ الفرائض هي أحبّ إلى الله تعالى وأحقّ بأن يتعبّد بها .. وقد ورد في الحديث ، عن أبي حمزة الثمالي قال ، قال علي بن الحسين صلوات الله عليهما ، « من عمل بما إفترض الله عليه فهو من خير الناس ».
    وعن السكوني ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، « إعمل بفرائض الله تكن أتقى الناس ».
    وعن محمّد الحلبي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، قال الله تبارك وتعالى ، « ما

ومن ورِعَ عن محارمِ اللّهِ عزّوجلّ فهو من أورعِ الناس (90) ، ومن قنع بما رزقُه اللّهُ فهو من أغنى الناسِ (91).

تحبّب إليَّ عبدي بأحبّ ممّا إفترضت عليه » (1).
    (90) الورع في أصل اللغة بمعنى الكفّ عن المحارم والتحرّز منها ثمّ إستعمل للكفّ المطلق .. فإذا كفّ الإنسان عن المحرّمات عُدّ أورع الناس ، ويكون أورع ممّن يجتنب المكروهات مع إجترائه على المحرّمات .. والمحارم أولى بالترك فيكون تاركها أورع .. وقد ورد بهذا أحاديث عديدة.
    فعن أبي سارة الغزال ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال ، قال الله عزّوجلّ : « إبن آدم إجتنب ما حرَّمت عليك ، تكن من أورع الناس ».
    وعن الفضيل بن يسار قال ، قال أبو جعفر ( عليه السلام ) ، « إنّ أشدّ العبادة الورع ».
    وعن يزيد بن خليفة قال ، وعظنا أبو عبدالله ( عليه السلام ) فأمر وزهَّد ، ثمّ قال ، « عليكم بالورع ، فإنّه لا ينال ما عند الله إلاّ بالورع » (2).
    (91) القناعة بفتح القاف هو الرضا بما رزقه الله تعالى وإن كان يسيراً ، والقانع برزقه من أغنى الناس لأنّ الغناء هو عدم الحاجة والقانع بما رزقه الله لا يحتاج إلى السؤال عن غير الله تعالى فيكون من أغنى الناس.
    فعن أبي حمزة ، عن أبي جعفر أو أبي عبدالله ( عليهما السلام ) قال ، « من قنَع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس ».
    وعن الهيثم بن واقد ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، « من رضي من الله باليسير من المعاش رضي الله منه باليسير من العمل » (3). 1 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 81 ، باب أداء الفرائض ، الأحاديث 1 و 4 و 5.
2 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 77 ، باب الورع ، الأحاديث 7 و 5 و 3.
3 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 137 ، باب القناعة ، الأحاديث 3 و 9.
(37)
    يا علي ، ثلاثٌ لا تطيقُها هذه الاُمّة (92) ، المواساةُ للأخ في مالِه (93) ، وإنصافُ الناسِ من نفسِه (94) ، وذكرُ اللّهِ على كلِّ حال ، وليس هو سبحانَ اللّهِ والحمدُ للّه ولا إلَه إلاّ اللّهُ واللّهُ أكبر ، ولكن إذا وَرَدَ على ما يحرمُ عليه خافَ اللّهَ عزّوجلّ عندَه وتَرَكَه (95).

 

    (92) وفي نسخة البحار ، « لا يطيقها أحد من هذه الاُمّة » أي لا يطيقونها لصعوبتها فلابدّ من بذل الجهد فيها والإهتمام بها.
    لذلك ورد في حديث الحسن البزاز قال ، قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) ، « ألا اُخبرك بأشدِّ ما فرض الله على خلقه [ ثلاث ] ؟ قلت ، بلى قال ، إنصاف الناس من نفسك ، ومؤاساتك أخاك ، وذكر الله في كلّ موطن ، أما إنّي لا أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله اكبر وإن كان هذا من ذاك ولكن ذكر الله جلّ وعزّ في كلّ موطن ، إذا هجمت على طاعة أو على معصية » (1).
    (93) مواساة الأخ هو تشريكه وإسهامه في الرزق والمعاش والمساواة معه.
    (94) الإنصاف هي المعاملة بالقسط والعدل ، وإنصاف الناس من نفسه هو أن يعترف بالحقّ فيما له أو عليه ، حتّى أنّه لا يرضى لنفسه بشيء إلاّ رضي لهم مثله.
    (95) فانّ ذكر الله تعالى حسن في كلّ حال وبكلّ ذكر ، وهو كثير وفير كما تلاحظه مجموعاً في السفينة (2) إلاّ أنّ الذكر الذي لا تطيقه الاُمّة من حيث الصعوبة هو أن يذكر الله تعالى عند ما يهمّ بالمعصية وتسوّل له نفسه اللذّة المحرّمة فيتركها ، فهذا يكون ذكراً لله تعالى. 1 ـ اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 145 ، باب الإنصاف والعدل ، ح 8.
2 ـ سفينة البحار ، ج 3 ، ص 200.

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...