الرئيسية / الاسلام والحياة / في رحاب نهضة الامام الحسين عليه السلام

في رحاب نهضة الامام الحسين عليه السلام

96 وكان فارسا شجاعا ليس يرد وجهه شيئ ، فقال : انا اذهب اليه والله لئن شئت لافتكن به ، فقال له عمر بن سعد : ما اريد ان يفتك به ، ولكن ائته فسله ما الذي جاء به ؟ قال : فاقبل اليه ، فلما رآه ابوثمامة الصائدى قال للحسين : اصلحك الله ابا عبدالله قد جاء‌ك شر اهل الارض واجرأه على دم وافتكه ، فقام اليه فقال : ضع سيفك ، قال : لا والله ولا كرامة انما انا رسول ، فان سمعتم مني ابلغتكم ما ارسلت به اليكم ، وان ابيتم انصرفت عنكم –  فقال له : فاني آخذ بقائم سيفك ثم تكلم بحاجتك ، قال : لا والله لا تمسه ، فقال له : اخبرني ما جئت به وانا ابلغه عنك ولا ادعك تدنو منه فانك فاجر ، قال : فاستبا ثم انصرف إلى عمر بن سعد فاخبره الخبر . قال : فدعا عمر قرة بن قيس الحنظلى

فقال له : ويحك يا قرة الق حسينا فسله ما جاء به وماذا يريد ؟ قال : فاتاه قرة بن قيس ، فلما رآه الحسين مقبلا قال : اتعرفون هذا ؟ فقال حبيب بن مظاهر : نعم هذا رجل من حنظلة تميمى وهو ابن اختنا ولقد كنت اعرفه بحسن الرأى وما كنت اراه يشهد هذا المشهد قال : فجاء حتى سلم على الحسين وابلغه رسالة عمر بن سعد اليه له ، فقال الحسين : كتب إلى اهل مصركم هذا ان اقدم ، فاما اذكر هونى فانا انصرف عنهم . قال : ثم قال له حبيب بن مظاهر : ويحك يا قرة بن قيس انى ترجع إلى القوم الظالمين ، انصر هذا الرجل الذي بآباء‌ه ايدك الله بالكرامة ، وايانا معك ، فقال له قرة : ارجع إلى صاحبى بجواب رسالته وارى رأيى ، قال : فانصرف إلى عمر بن سعد فاخبره الخبر ، فقال له عمر بن سعد : انى لارجو أن يعافينى الله من حربه وقتاله

97

قال هشام عن ابي مخنف قال : حدثني النضر بن صالح بن حبيب بن زهير العبسى عن حسان (  1 )  بن فائد ابن ابي بكر العبسى ، قال : أشهد ان كتاب عمر بن سعد جاء إلى عبيدالله بن زياد وانا عنده فاذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فانى حيث نزلت بالحسين بعثت اليه رسولى فسألته عما أقدمه وماذا يطلب ويسأل ؟ فقال : كتب إلى اهل هذه البلاد وأتتنى رسلهم فسألونى القدوم

ففعلت ، فاما اذكر هونى فبدا لهم غير ما أتتنى به رسلهم فانا منصرف عنهم . فلما قرئ الكتاب على ابن زياد قال : الان اذ علقت مخالبنا به *  يرجو النجاة ولات حين مناص قال : وكتب إلى عمر بن سعد : بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد بلغنى كتابك وفهمت ما ذكرت ، فأعرض على الحسين ان يبايع ليزيد بن معاوية هووجميع اصحابه ، فاذا فعل ذلك رأينا رأينا والسلام . قال : فلما أتى عمر بن سعد الكتاب قال قد حسبت الا يقبل ابن زياد العافية .

*  (  هامش )  *  (  1 )  حسان بن فائد العبسى الكوفى . عن عمر بن الخطاب روى عنه ابواسحاق السبيعى . قال ابوحاتم : شيخ . وقال البخاري : يعد في الكوفيين . واخرج في تفسير النساء قال عمر : الجبت السحر وهذا جاء موصولا من طريق شعبة عن ابي اسحاق عنه . اخرجه مسدد في مسنده الكبير عن يحيى القطان عن شعبة . وذكره ابن حبان في ثقات التابعين . تهذيب التهذيب (  ج –  2 ص –  251 )  .

98

قال ابومخنف –  حدثنى سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم الازدى قال : جاء من عبيدالله بن زياد كتاب إلى عمر بن سعد : اما بعد فحل بين الحسين واصحابه وبين الماء ولا يذوقوا منه قطرة كما صنع بالتقى الزكى المظلوم امير المؤمنين عثمان بن عثمان بن عفان ، قال : فبعث عمر بن سعد عمرو بن الحجاج على خمس مأة فارس ، فنزلوا على الشريعة وحالوا بين حسين واصحابه وبين الماء ان يسقوا منه قطرة ، وذلك قبل قتل الحسين بثلاث .

قال : ونازله عبدالله بن أبي حصين الازدى وعداده في بجيلة فقال : يا حسين الا تنظر إلى الماء كانه كبد السماء والله لا تذوق منه قطرة حتى تموت عطشا . فقال الحسين : اللهم اقتله عطشا ولا تغفر له ابدا . قال حميد بن مسلم : والله لعدته بعد ذلك في مرضه ، فوالله الذي لا اله الا هو لقد رايته يشرب حتى بغر ، ثم يقئ ثم يعود فيشرب حتى يبغر فما يروى ،

فما زال ذلك دأبه حتى لفظ غصته يعنى نفسه . قال : ولما اشتد على الحسين واصحابه العطش دعا العباس بن علي بن ابيطالب اخاه فبعثه في ثلاثين فارسا وعشرين راجلا وبعث معهم بعشرين قربة ، فجاء‌وا حتى دنوا من الماء ليلا ، واستقدم امامهم باللواء نافع بن هلال الجملى ،

فقال عمرو بن الحجاج الزبيدي : من الرجل فجئ ما جاء بك ؟ قال : جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلاء‌تمونا عنه ، قال : فاشرب هنيئا ، قال : لا والله لا اشرب منه قطرة وحسين عطشان ومن ترى من اصحابه فطلعوا عليه ، فقال : لا سبيل إلى سقى هؤلاء ، انما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء ، فلما دنا منه اصحابه

99

قال لرجاله : املؤوا قربكم فشد الرجالة فملؤوا قربهم وثار اليهم عمرو بن الحجاج واصحابه ، فحمل عليهم العباس بن علي ونافع بن هلال فكفوهم ، ثم انصرفوا إلى رحالهم فقالوا : امضوا ، ووقفوا دونهم ، فعطف عليهم عمرو بن الحجاج واصحابه واطردوا قليلا ، ثم ان رجلا من صداء طعن من اصحاب عمرو بن الحجاج طعنه نافع بن هلال فظن انها ليست بشئ ، ثم انها انتقضت بعد ذلك فمات منها . وجاء اصحاب حسين بالقرب فأدخلوها عليه

. قال ابومخنف –  حدثني أبوجناب عن هاني بن ثبيت الحضرمي وكان قد شهد قتل الحسين قال : بعث الحسين (  ع )  إلى عمر بن سعد عمرو بن قرظة بن كعب الانصارى أن القنى الليل بين عسكرى وعسكرك قال : فخرج عمر بن سعد في نحو من عشرين فارسا ، وأقبل حسين في مثل ذلك ، فلما التقوا أمر حسين اصحابه ان يتنحوا عنه ، وأمر عمر بن سعد أصحابه بمثل ذلك ، قال فانكشفنا عنهما بحيث لا نسمع اصواتهما ولا كلامهما ، فتكلما فأطالا حتى ذهب من الليل هزيع ، ثم انصرف كل

واحد منهما إلى عسكره باصحابه ، وتحدث الناس فيما بينهما ظنا يظنونه ان حسينا قال لعمر بن سعد : اخرج معى إلى يزيد بن معاوية و ندع العسكرين ، قال عمر : اذن تهدم دارى . قال : انا ابنيها لك ، قال : اذن تؤخذ ضياغى ، قال : اذن اعطيك خيرا منها من مالى بالحجاز قال ؟ فتكره ذلك عمر ، قال : فتحدث الناس بذلك وشاع فيهم من غير ان يكونوا سمعوا من ذلك شيئا ولا علموه قال ابومخنف –  واما ما حدثنا به المجالد بن سعيد والصقعب

100

بن زهير الازدى وغيرهما من المحدثين فهو ما عليه جماعة المحدثين قالوا : انه قال : اختاروا منى خصالا ثلاثا اما ان ارجع إلى المكان الذي اقبلت منه ، واما ان اضع يدى في يد يزيد بن معاوية فيرى فيما بينى وبينه رأيه واما ان تسيرونى إلى اى ثغر من ثغور المسلمين شئتم فاكون رجلا من اهله لى مالهم وعلى ما عليهم . قال ابومخنف –  فاما عبدالرحمان بن جندب فحدثني عن عقبة بن سمعان

قال : صحبت حسينا فخرجت معه من المدينة إلى مكة ، ومن مكة إلى العراقولم افارقه حتى قتل ، وليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة ولا بمكة ولا في الطريق ولا بالعراق ولا في عسكر إلى يوم مقتله الا وقد سمعتها ، الا والله ما اعطاهم ما يتذاكر الناس وما يزعمون من ان يضع يده في يد يزيد بن معاوية ولا ان يسيروه إلى ثغر من ثغور المسلمين ، ولكنه قال : دعونى فلا ذهب في هده الارض العريضة حتى ننظر ما يصير امر الناس . قال ابومخنف – 

حدثنى المجالد بن سعيد الهمداني والصقعب بن زهيرانهما كانا التقيا مرارا ثلاثا او اربعا حسين وعمر بن سعد ، قال : فكتب عمر بن سعد إلى عبيدالله بن زياد : اما بعد فان الله قد اطفأ النائرة ، وجمع الكلمة ، واصلح امر الامة ، هذا حسين قد اعطاني ان يرجع إلى المكان الذي منه اتى ، او ان نسيره إلى اى ثغر من ثغور المسلمين شئنا ، فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ، او ان يأتي يزيد امير المؤمنين فيضع يده في يده فيرى فيما بينه وبينه رأيه ، وفي هذا لكم رضى وللامة صلاح

101

قال فلما قرأ عبيدالله الكتاب قال : هذا كتاب رجل ناصح لاميره مشفق على قومه نعم قد قبلت . قال : فقام اليه شمر بذي الجوشن فقال : اتقبل هذا منه ؟ وقد نزل بارضك إلى جنبك ، والله لان رحل من بلدك ولم يضع يده في يدك ليكونن اولى بالقوة والعز ولتكونن اولى بالضعف والعجز ، فلا تعطه هذه المنزلة فانها من الوهن ولكن لينزل على حكمك هو واصحابه ، فان عاقبت فانت ولى العقوبة ،وان غفرت كان ذلك لك ، والله لقد بلغنى ان حسينا وعمر بن سعد يجلسان بين العسكرين فيتحدثان عامة الليل ، فقال له ابن زياد : نعم ما رايت الراى رايك .

قال ابومخنف –  فحدثنى سليمان بن ابي راشد عن حميد بن مسلم قال : ثم ان عبيدالله بن زياد دعا شمر بن ذي الجوشن فقال له : اخرج بهذا الكتاب إلى عمر بن سعد فليعرض على الحسين واصحابه النزول على حكمى ، فان فعلوا فليبعث بهم إلى سلما ، وان هم ابوا فليقاتلهم ، فان فعل فاسمع له واطع ، وان هوابى فقاتلهم فانت امير الناس وثب عليه فاضرب عنقه وابعث إلى برأسه قال ابوممخنف –  حدثني أبوجباب الكلبى قال : ثم كتب عبيدالله بن زياد إلى عمر بن سعد

،

أما بعد فانى لم ابعثك إلى حسين لتكف عنه ولا لتطاوله ولا لتمنيه السلامة والبقاء ولا لتقعد له عندى شافعا ، انظر فان نزل حسين واصحابه على الحكم واستسلموا فابعث بهم إلى سلما ، وان ابوا فازحف اليهم حتى تقتلهم وتمثل بهم ، فانهم لذلك مستحقون ، فان قتل حسين فأوط الخيل صدره وظهره ، فانه عاق مشاق ، قاطع ظلوم ،

102

وليس دهرى في هذا أن يضر بعد الموت شيئا ولكن على قول لو قد قتلته فعلت هذا به ، ان أنت مضيت لامرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع وان ابيت فاعتزل عملنا وجندنا وخل بين شمربن ذي الجوشن وبين العسكر فانا قد امرناه بأمرنا والسلام . قال ابومخنف –  عن الحارث (  1 )  بن حصيرة عن عبدالله (2)

*  (  هامش )  *  (  1 )  الحارث بن حصيرة الازدى ، ابوالنعمان الكوفي . عن زيد بن وهب وعكرمة وطائفة ، وعنه مالك ينعول ، وعبدالله بن نمير وطائفة . قال ابواحمد الزبيرى كان يومن بالرجعة ، وقال يحيى بن معين ثقة خشبى ،ينسبون إلى خشبة زيد بن علي لما صلب عليها . وقال النسائي : ثقة ، وقال زنيج : سألت جريرا أرأيت الحارث بن حصيرة ؟ قال : نعم ،

رأيته شيخا كبيرا طويل السكوت يصر على امر عظيم . عباد بن يعقوب الرواجنى ، حدثنا عبدالله بن عبدالملك المسعودى عن الحارث بن حصيرة عن زيد بن وهب ، سمعت عليا يقول : انا عبدالله واخو رسوله ، لا يقولها بعدى الا كذاب . وروى الحارث عن ابي سعيد عقيصا عن علي عن النبي صلى الله عليه وآله قال : مهما ضيعتم فلا تضيعوا الصلوة . وقال ابن عدى : عامة روايات الكوفيين عنه في فضائل اهل البيت واذا روى عنه البصريون فرواياتهم احاديث متفرقة . وقال الاجرى عن ابي داود : شيعى صدوق وثقه العجلى وابن نمير

103

بن شريك العامرى قال : لما قبض شمر بن ذي الجوشن الكتاب قام هو وعبدالله بن أبي المحل وكانت عمته ام البنين ابنة حزام عند على بن ابي طالب (  ع )  ، فولدت له العباس وعبدالله وجعفرا وعثمان ، فقال عبدالله بن أبي المحل بن حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب : اصلح الله الاميران بني اختنا مع الحسين فان رأيت ان تكتب لهم أمانا فعلت . قال : نعم ونعمة عين ، فامر كاتبه فكتب لهم امانا فبعث به عبدالله

*  (  هامش )  *  وذكره ابن حبان في الثقات . تهذيب التهذيب (  ج 2 ص 140 )  وميزان الاعتدال (  ج 1 ص 432 )  (  2 )  عبدالله بن شريك العامرى الكوفى . روى عن ابيه وعبدالله بن الرقيم الكنانى وابن عمر ، وابن عباس وابن الزبير ، وجندب وغيرهم . وعنه اسرائيل ، وفطر بن خليفة ،

وشريك ، واجلح بن عبدالله الكندى ، وجابر بن الحر النخعى ، وابوالاحوص ، والسفيانان وجماعة . قال ابن المدينى عن سفيان : جالسنا عبدالله بن شريك وكان ابن مأة سنة وقال احمد وابن معين وابوزرعة ثقة وقال النسائي في موضع آخر ليس به باس وذكره ابن حبان في الثقات وقال البرقاني عن الدار قطنى : لا بأس به سمع من ابن عمر وابن الزبير وقال يعقوب بن سفيان ثقة من كبراء اهل الكوفة يميل إلى التشيع . تهذيب التهديب (  ج 5 ص 252 )  . 

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...