الرئيسية / الاسلام والحياة / في رحاب نهضة الامام الحسين عليه السلام

في رحاب نهضة الامام الحسين عليه السلام

104 بن أبي المحل مع مولى له يقال له كزمان ، فلما قدم عليهم دعاهم فقال : هذا امان بعث به خالكم ، فقال له الفتية : أقرئ خالنا السلام وقل له : ان لا حاجة لنا في امانكم ، امان الله خير من امان ابن سمية . قال : فاقبل شمر بن ذي الجوشن بكتاب عبيدالله بن زياد إلى عمر بن سعد ، فلما قدم به عليه فقرأ قال له عمر : مالك ويلك لاقرب الله دارك وقبح الله ما قدمت به على ، والله اني لاظنك انت ثنيته ان يقبل ما كتبت به اليه ، أفسدت علينا امرا كنا رجونا ان يصلح ، لا يستسلم والله حسين ان نفسا ابية لبين جنبيه ، فقال له شمر : أخبرني ما أنت صانع ؟ أتمضى لامر اميرك وتقتل عدوه والا فخل بيني وبين الجند والعسكر .قال : لا ولا كرامة لك ، وانا اتولى ذلك . قال : فدونك وكن انت على الرجال

قال : فنهض اليه عشية الخميس لتسع مضين من المحرم ، قال : وجاء شمر حتى وقف على اصحاب الحسين فقال : اين بنواختنا ؟ فخرج اليه العباس وجعفر وعثمان بنو على فقالوا له : مالك وما تريد ؟ قال : انتم يا بني اختى آمنون ، قال له الفتية : لعنك الله ولعن أمانك لان كنت خالنا أتؤمننا وابن رسول الله لا امان له ؟ قال : ثم ان عمر بن سعد نادى يا خيل الله اركبى وابشرى فركب في الناس ثم زحف نحوهم بعد صلوة العصر ، وحسين جالس امام بيته محتبيا بسيفه اذ خفق برأسه على ركبتيه ، وسمعت أخته زينب الصيحة فدنت من أخيها فقالت : يا أخي اما تسمع الاصوات قد اقتربت ؟ قال : فرفع الحسين رأسه فقال : اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام فقال لي : انك تروح الينا ، قال : فلطمت اخته وجهها وقالت : يا ويلتى ، فقال ليس

105

لك الويل يا اخية ، اسكتى رحمك الرحمان وقال العباس بن علي : يا اخي اتاك القوم ، قال : فنهض ثم قال : يا عباس اركب بنفسى انت يا اخي حتى تلقاهم فتقول لهم : ما لكم وما بدالكم ؟ وتسئلهم عما جاء بهم . فأتاهم العباس فاستقبلهم في نحو من عشرين فارسا فيهم زهير بن القين وحبيب بن مظاهر ، فقال لهم العباس ما بدالكم وما تريدون ؟ قالوا : جاء امر الامير بأن نعرض عليكم ان تنزلوا على حكمه او ننازلكم ، قال : فلا تعجلون حتى ارجع إلى ابي عبدالله فاعرض عليه ما ذكرتم قال : فوقفوا ثم قالوا : القه فاعلمه ذلك ، ثم القنا بما يقول :

قال : فانصرف العباس راجعا يركض إلى الحسين يخبره بالخبر ، ووقف اصحابه يخاطبون القوم ، فقال حبيب بن مظاهر لزهير بن القين : كلم القوم ان شئت وان شئت كلمتهم ، فقال له زهيرء‌انت بدأت بهذا فكن انت تكلمهم فقال له حبيب بن مظاهر : اما والله لبئس القوم عندالله غدا قوم يقدمون عليه ، قتلوا ذرية نبيه (  ع )  وعترته واهل بيته صلى الله عليه وآله وعباداهل هذا المصر المجتهدين بالاسحار والذاكرين الله كثيرا فقال له عزرة بن قيس : انك لتزكى نفسك ما استطعت ، فقال له زهير : يا عزرة ان الله قد زكاها وهداها ، فاتق الله يا عزرة فانى لك من الناصحين انشدك الله يا عزرة ان تكون ممن يعين الضلال على قتل النفوس الزكية ، قال : يا زهير ما كنت عندنا من شيعة اهل هذا البيت انما كنت عثمانيا . قال : افلست تستدل بموقفى هذا انى منهم ؟ أما والله ما كتبت

106

اليه كتابا قط ، ولا ارسلت اليه رسولا قط ، ولا وعدته نصرتى قط ، ولكن الطريق جمع بينى وبينه ، فلما رأيته ذكرت به رسول الله صلى الله عليه وآله

ومكانه منه ، وعرفت ما يقدم عليه من عدوه وحزبكم فرأيت ان انصره وان اكون في حزبه وان اجعل نفسى دون نفسه حفظا لما ضيعتم من حق الله وحق رسوله (ع )  . قال : واقبل العباس بن على يركض حتى انتهى اليهم فقال : يا هؤلاء ان ابا عبدالله يسئلكم ان تنصرفوا هذه العشية حتى ينظر في هذا الامر ، فان هذا امر لم يجر بينكم وبينه فيه منطق ، فاذا أصحبنا التقينا ان شاء الله فاما رضيناه فاتينا بالامر الذي تسألونه وتسومونه اوكرهنا فرددناه وانما اراد بذلك ان يردهم عنه تلك العشية حتى يأمر بامره ويوصى اهله ، فلما اتاهم العباس بن علي بذلك

قال عمر بن سعد : ماترى يا شمر ؟ قال : ما ترى أنت ، أنت الامير والرأى رأيك ، قال : قد اردت ان لا اكون ، ثم اقبل على الناس فقال : ماذا ترون ؟ فقال عمرو بن الحجاج بن سلمة الزبيدى : سبحان الله والله لو كانوا من الديلم ثم سألوك هذه المنزلة لكان ينبغى لك أن تجيبهم اليها . وقال قيس بن الاشعث : اجبهم إلى ما سألوك ، فلعمرى ليصبحنك بالقتال غدوة . فقال والله لو اعلم ان يفعلوا ما اخرجتهم العشية ، قال : وكان العباس بن على حين اتى حسينا بما عرض عليه عمر بن سعد قال : ارجع اليهم ، فان استطعت ان تؤخرهم إلى غدوة وتدفعهم عند العشية لعلنا نصلى لربنا الليلة وندعوه ونستغفره ، فهو يعلم اني قد كنت احب الصلوة له وتلاوة كتابه كثرة الدعاء والاستغفار .

107

قال ابومخنف –  حدثني الحارث بن حصيرة عن عبدالله بن شريك العامرى عن علي بن الحسين قال : أتانا رسول من قبل عمر بن سعد فقام مثل حيث يسمع الصوت فقال : انا قد اجلناكم إلى غد ، فان استسلمتم سرحنا بكم إلى اميرنا عبيدالله بن زياد ، وان ابيتم فلسنا تاركيكم . قال ابومخنف –  وحدثنى عبدالله بن عاصم الفائشى عن الضحاك بن عبدالله المشرقى بطن من همدان ان الحسين بن علي (  ع )  جمع اصحابه . قال ابومخنف –  وحدثنى ايضا الحارث بن حصيرة عن عبدالله بن شريك العامرى عن على بن الحسين قالا : جمع الحسين اصحابه

بعد ما رجع عمر بن سعد وذلك عند قرب المساء ، قال على بن الحسين :

فدنوت منه لاسمع وانا مريض فسمعت ابى وهو يقول لاصحابه : اثنى على الله تبارك وتعالى احسن الثناء ، واحمده على السراء والضراء ، اللهم اني احمدك على ان اكرمتنا بالنبوة ، وعلمتنا القرآن ، وفقهتنا في الدين ، وجعلت لنا اسماعا وابصارا وافئدة ولم تجعلنا من المشركين ، اما بعد فاني لا اعلم اصحابا اولى ولا خيرا من اصحابى ، ولا اهل بيت ابرولا اوصل من اهل بيتي ، فجزاكم الله عنى جميعا خيرا ، الاوانى اظن يومنا من هؤلاء الاعداء غدا ، الاوانى قد رايت لكم ،

فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم منى ذمام ، هذاليل قد غشيكم فاتخدوه جملا .

108

قال ابومخنف –  حدثنا (  1 )  عبدالله بن عاصم الفائشي بطن من همدان عن ( 2)  الصحاك بن عبدالله المشرقي قال : قدمت ومالك بن النضر الارحبي على الحسين فسلمنا عليه ثم جلسنا اليه ، فرد علينا ورحب بنا وسألنا عما جئنا له ؟ فقلنا : جئنا لنسلم عليك وندعو الله لك بالعافية ، ونحدث بك عهدا ونخبرك خبر الناس ، وانا نحدثك انهم قد جمعوا على حربك فررأيك . فقال الحسين (  ع )  : حسبي الله ونعم الوكيل ، قال : فتذممنا و سلمنا عليه ودعونا الله له ، قال : فما يمنعكما من نصرتي ؟ فقال مالك بن النضر : على دين ولي عيال ، فقلت له : ان على دينا وان لي لعيالا ولكنك ان جعلتني في حل من الانصراف اذا لم أجد مقاتلا قاتلت عنك ما كان

*  (  هامش )  *  (  1 )  عبدالله بن عاصم ، ابان بن عثمان عنه عن ابيعبدالله عليه السلام مرتين في (  يب )  في باب التيمم واحكامه ومرتين في (  بص )  في باب من دخل الصلوة بتيمم ثم وجد الماء ومرة في (  في )  في باب وقت الذي يوجب التيمم عنه جعفر بن بشير في (  يب )  في باب التيمم واحكامه . جامع الرواة (  ج 1 ص 494 )  : (  2 )  ضحاك بن عبدالله (  عبيدالله )  المشرقي عده الشيخ ره في رجاله من اصحاب الامام الهمام زين العابدين السجاد عليه السلام والظاهر كونه اماميا . (  تنقح المقال (  ج 2 ص 104 )  . جامع الرواة (  ج 1 ص 418 )  .

109

لك نافعا قال : قال فانت في حل ، فاقمت معه فلما كان الليل قال : هذا الليل

قد غشيكم فاتخذوه جملا . ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من اهل بيتي ، ثم تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله ، فان القوم انما يطلبوني ولو قد اصابوني لهوا عن طلب غيري . فقال له اخوته وابناء‌ه وبنو أخيه وابنا عبدالله بن

جعفر : لم نفعل لنبقى بعدك ؟ لا ارانا الله ذلك ابدا بدأهم بهذا القول العباس بن علي ، ثم انهم تكلموا بهذا ونحوه . فقال الحسين (  ع )  : يا بني عقيل حسبكم من القتل بمسلم ، اذهبوا قد أذنت لكم ، قالوا : فما يقول الناس ؟ يقولون : انا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الاعمام ولم نرم معهم بسهم ، ولم نطعن معهم برمح ، ولم نضرب معهم بسيف ، ولا ندري ما صنعوا لا والله لا نفعل ولكن نفديك انفسنا واموالنا واهلونا ونقاتل معك حتى نرد موردك ، فقبح الله العيش بعدك قال ابومخنف –

 حدثني عبدالله بن عاصم عن الضحاك بن عبدالله المشرقي قال : فقام اليه مسلم بن عوسجة الاسدي فقال : انحن نخلي عنك ولما نعذر إلى الله في اداء حقك . اما والله لا افارقك حتى أكسر في صدورهم رمحي واضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولو لم يكن معي سلاح اقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة دونك حتى اموت معك ، قال : وقال سعد بن عبدالله الحنفي : والله لا نخليك حتى يعلم الله انا قد حفظنا غيبة رسول الله صلى الله عليه وآله فيك ، والله لو علمت اني اقتل ثم احيا ثم احرق حيا ثم اذر يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتى القى حمامي دونك ، فكيف

110

الا افعل ذلك وانما هي قتلة واحدة ، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها ابدا .

قال : وقال زهير بن القين : والله لوددت اني قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتى اقتل كذا الف قتلة وان الله يدفع بذلك القتل عن نفسك و عن انفس هؤلاء الفتية من اهل بيتك ، قال : وتكلم جماعة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا في وجه واحد فقالوا : والله لا نفارقك ولكن انفسنا لك الفداء نقيك بنحورنا وجباهنا وايدينا فاذا نحن قتلنا كنا وفينا وقضينا ما علينا . قال ابومخنف –  حدثني الحارث (  1 )  بن كعب وابوالضحاك (  2 )  عن علي بن الحسين بن علي قال : اني جالس في تلك العشية التي قتل ابي صبيحتها وعمتي زينب عندي تمرضني اذ اعتزل ابي باصحابه في خباء له وعنده حوى مولى ابي ذر الغفاري وهو يعالج سيفه ويصلحه وابي يقول :

*  (  هامش )  *  (  1 )  الحارث بن كعب الازدي (  ين )  (  مح )  . جامع الرواة (  ج 1 ص 174 )  . (  2 )  ابوالضحاك البصري عن ابي هريرة وحدث عنه شعبة وباسناده عن ابي هريرة ان في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مأة عام لا يقطعها تسمى شجرة الخلد قال ابوحاتم لا اعلم روى عنه غير شعبة . تهذيب التهذيب (  ج 12 ص 136 )  . ميزان الاعتدال (  ج 4ص540)

111

يا دهرف أف لك من خليل *  كم لك بالاشراق والاصيل من صاحب او طالب قتيل *  والدهر لا يقنع بالبديل وانما الامر إلى الجليل *  وكل حي سالك السبيل

قال : فأعادها مرتين او ثلاثا حتى فهمتها فعرفت ما أراد فخنقتني عبرتي فرددت دمعي ولزمت السكون فعلمت ان البلاء قد نزل ، فاما عمتي فانها سمعت ما سمعت وهي امرأة وفي النساء الرقة والجزع ،فلم تملك نفسها ان وثبت تجرثوبها وانها لحاسرة حتى انتهت اليه فقالت : واثكلاه ليت الموت أعدمني الحياة اليوم ماتت فاطمة امي ، وعلي ابي ، وحسن اخي ، يا خليفة الماضي وثمال الباقي .

قال : فنظر اليها الحسين (  ع )  فقال : يا اخية لا يذهبن حلمك الشيطان ، قالت : بابي انت وامي يا ابا عبدالله استقتلت نفسي فداك ، فرد غصته وترقرقت عيناه وقال : لو ترك القطاء ليلا لنام ، قالت : يا ويلتى افتغصب نفسك اغتصابا فذلك اقرح لقلبي واشد على نفسي ، و لطمت وجهها واهوت إلى جيبها وشقته وخرت مغشيا عليها . فقام اليها الحسين فصب على وجهها الماء وقال لها : يا اخية اتقي

الله ، وتعزى بعزاء الله ، واعلمي ان اهل الارض يموتون ، وان اهل السماء لا يبقون ، وان كل شئ هالك الا وجه الله الذي خلق الارض بقدرته ، ويبعث الخلق فيعودون وهو فرد وحده ، أبي خير مني ، وامي خير مني ، وأخي خير مني ، ولي ولهم ولكل مسلم برسول الله اسوة . قال فعزاها بهذا ونحوه وقال لها : يا اخية اني اقسم عليك فابرى قسمى ولا تشقى علي جيبا ، ولا تخمشي علي وجها ، ولا تدعى علي بالويل 

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...