الرئيسية / القرآن الكريم / الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

06) اسم الكتاب : الأمثال العربية – المؤلف : محمد رضا المظفر , وقد استخدم الله تعالى في الأمثال القرآنية لتقريب المعنى للمخاطب نوعين من المدركات،أولها المدركات الحسيّة وهي الأكثر في الأمثال،وهي كل مشبه به تدركه الحواس الخمس،من جماد وإنسان وحيوان وغيره،واستخدم بنسبة قليلة جداً المدركات المعنوية،وهي كل مشبه به لا تدركه الحواس،وإنما يُدرك معنوياً بالعقل والإحساس الداخلي،كالمدركات الفكرية والوجدانية والعاطفية .
والأمثال القرآنية في الواقع هي أسلوب رائد وقوي في استنارة العقل الإنساني، بما في هذا الأسلوب من تشبيه وقياس وتحريك الفكر،فالأمثال القرآنية تبعث على التأمل والتفكر في معاني الأمثال ومراميها وأغراضها،حتى تفهم على حقيقتها.فالقران يستثير عقل الإنسان فارضاً عليه تنمية حواسه .
والأمثال القرآنية دلائل عقلية للأيمان والتوحيد،فالإيمان في الإسلام ليس رموزاً باهتةً لا يعلم لها معنى ولا حكمة،وليس قضايا ساقطة يأباها العقل الصحيح،أو تعاليم مزورة يرفضها العلم ويثبت بطلانها،بل الإيمان يتخذ من العقل وسيلة للعروج إليه وأساسا لمبادئه وأصوله .
كما أن التفكير عملية معرفية معقدة ونشاط داخلي يقتضي معالجة المعلومات التي يتعامل بها المتعلم،وبالتفكير يكتسب المعرفة والخبرة ويدرك العلاقات بين عناصرها ويطبقها في المواقف الجديدة،ويحلل عناصر الخبرة ويركّبها ويقومها،وبالتفكير يكتشف المتعلم طرقا جديدة لحل المشكلات التي يواجهها .
ويقتضي التعلم بالتفكير دوام الحوار وطرح الأسئلة،وهذا بالضبط ما جاءت به الأمثال القرآنية،التي أكثرت من الأسئلة والاستفهام،ولذلك فان ضرب الأمثال في التعليم يعد من الطرق التعليمية الناجحة .
ويقتضي التعلم بالتفكر دوام الحوار وطرح الأسئلة،وهذا بالضبط ما جاءت به الأمثال القرآنية،التي أكثرت من الأسئلة والاستفهام،أو تلك القصص التمثيلية التي رواها الله تعالى شأنه على شكل حوارات،ولذلك فان ضرب الأمثال في التعليم يعد من الطرق التعليمية الناجحة في جذب انتباه المتعلمين وتوجيههم إلى مادة التعلم وإدراك العلاقات .
وكل تلك الأمثال تسهل للناس التفكر والتعقل والتذكر بما تشتمل عليه من مقايسة الأمور،وإلحاق النظير بنظيره والمساواة بين المتشابهات في الحكام.
ويؤكد الغامدي على أن من أغراض المثل التربوية انه يلفت الانتباه ويشحذ الذهن لتأملها وتدبرها،لان المثل فيه تصوير وتشبيه ومقارنة وموازنة تجعل الذهن يتحفز والعقل يتدبر.فالإنسان عبر الأمثال يعيد النظر إلى القضايا ويعيد التفكر في المسائل حتى يدركها،بعكس الكلام المسترسل الذي لا يجذب العقول ولا يلفت الأنظار،وإنما هو مجرد وعظ وإلقاء .
والإنسان خصوصاً صاحب الثقافة العالية أو ممن الذين يملكون رصيداً معرفياً كبيراً،ينأى عن الجانب الوعظي ولا يؤثر فيه الكلام الوجداني العاطفي،بينما يؤثر فيه المثل،لأن الأمثال القرآنية أوقع في النفس وابلغ في الوعظ واشد في الزجر وأقوى في الإقناع والباحث في التراث التربوي الإسلامي يجد إلى جانب استخدام القران الكريم والحديث الشريف للأمثال والأشباه كطريقة تربوية وتعليمية،اهتمام المربين المسلمين بذلك كما بين ابن جماعة في تذكرة السامع والمتكلم .
ومن استثارة العمليات العقلية الدافعة إلى التفكر والتأمل،طرح السؤال واستخدام الأسلوب الاستفهامي الحواري في الأمثال القرآنية.فقد ورد في العديد من الأمثال القرآنية بصيغة الاستفهام،وهو في القرآن الكريم أسلوب رائج،كما انه احد ابلغ الأساليب اللغوية في إبطال المعاني للمخاطبين.
قال ابن تيمية:
إن كثير من الأمثال جاءت على شكل الاستفهام الإنكاري الذي يدل على الذم والنهي .
ويرى علماء البلاغة أن الاستفهام يفيد في تنبيه السامع،حتى يرجع إلى نفسه فيخجل ويرتدع ويستبين الجواب …،ومن الاستفهام ما يأتي للإفحام والرد وآخر يهدف إلى النفي والتوبيخ والاستغراب والتعجب والإنكار،كما يأتي التردد بين أمرين في ظاهر القول،وهو في الحقيقة ليس تسوية بين أمرين في الحكم والنتيجة،والمعقول يثبت احدهم وينقض الآخر،بدليل العقل والحس،والاستفهام يدفع المخاطب إلى الحكم الصحيح،ويثير فيه التنبيه إلى الحقائق في غير عوج بل بطريق مستقيم .
وتؤكد بعض الدراسات القديمة والحديثة على أن الاستفهام جزء من الأسلوب الحواري المستخدم بكثرة في القرآن الكريم،وأوضح صورة أن يرد سؤال من الحق تعالى يليه جواب،فتكون غايته لفت الأنظار إلى أمر هام ثم يشرح هذا الأمر،والاستفهام خطاب يعتمد على إثارة عواطف وانفعالات وجدانية تترك أثرا فعالا في الانقياد للسلوك الطيب والعمل الصالح كالخوف والأمل والرغبة والرهبة .

 

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...