الرئيسية / الاسلام والحياة / الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

08)  الأمثال العربية – محمد رضا المظفر

ويؤكد عبد العزيز الحليبي على هذا الأسلوب في تربية الطفل بقول يأتي اهتمام الثقافة الإسلامية باستخدام وسيلة الترغيب والترهيب في بناء عبادة الطفل من أنها ذات تأثير عميق في قلب الطفل ونفسه،وذات قدرة فعّالة على تحريك فطرته نحو الخير،واستثارتها للإقبال عليه والإقدام على فعل الطاعات والمداومة عليها،وكذلك ذات تأثير في تبغيض الشر له واستثارة فطرته للنفور منه والكف عن المعاصي والحذر من مقاربتها.[1]

 

 

ويؤكد في هذا الخصوص الرازي على،أن المقصود من ضرب الأمثال أنها تؤثر في القلوب ما لا يؤثر وصف الشيء في نفسه …ألا ترى أن الترغيب إذا وقع في الإيمان،مجرداً عن ضرب المثل له،لم يتأكد وقوعه في القلب،كما يتأكد وقوعه إذا مثّل بالنور،وإذا زهد في الكفر بمجرد الذكر لم يتأكد قبحه في العقول كما يتأكد إذا مُثّل له بالظلمة.[2]

 

 

وقد أشار علماء الإسلام إلى أن المسلم عليه أن يوازن بين الخوف الشديد والرجاء المفرط،فيما يخص آيات الترغيب والترهيب،فقد دلت الدراسات التجربية الحديثة على أن الخوف إذا كان معتدلا وغير شديد أو مسرف فيه فإنه يكون مفيداً،فيدفع الإنسان إلى حسن الأداء فيما يقوم به من أعمال،أما إذا كان الخوف على درجة عالية من الشدة أدى ذلك إلى اضطراب الإنسان والى سوء أدائه لما يقوم به من أعمال،فالخوف المحمود ما حال بين صاحبه وبين محارم الله،فإذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط[3].

 

 

وفي الأمثال القرآنية الكثيرة تبرز هذه الغاية بوضوح،قال مناع القطان في كتابه مباحث في علوم القرآن:

يضرب المثل للترغيب في الممثل،حيث يكون الممثل به معنى ترغب فيه النفوس،ويضرب المثل للتنفير أو الترهيب،ويكون الممثل به معنى تكرهه النفوس[4].

 

 

أما جنكة الميداني،فيقول في دراسته عن الأمثال القرآنية:

قد يأخذ الترغيب والترهيب شكل إثارة محور الطمع والرغبة أو إثارة محور الخوف والحذر،وفي هذين المحورين يتجه الإنسان بمحرض ذاتي إلى ما يراد إبعاده عنه،وهو من الأغراض التربوية المهمة وهو موجود بكثرة في الأمثال القرآنية.[5]

ويعبر النحلاوي عن هذا الغرض بإثارة الانفعالات المناسبة وتربية العواطف الربانية.

فلإختيار المشبه به أكبر الأثر في إثارة الانفعال المناسب،فإختيار ضرب المثل بالعنكبوت،يثير انفعال التقزز والاحتقار تجاه المشركين والشعور بضعف عقولهم وازدراء أفكارهم،واختيار الحمار لتشبيه من يقرأ كتاب الله ولا يعمل به يثير انفعال الإشمئزاز من هؤلاء والشعور بتفاهتهم وضياع عقولهم.

 

 

وفي الوقت ذاته يلاحظ أن إثارة انفعالات التقزز والكره والاحتقار لمعاني الشرك والكفر،ولضياع التفكير السليم عند المشركين أو الضالين،يقابله إثارة انفعال الارتياح لمعاني الإيمان لدى المؤمن،والاعتزاز بالولاء لله لمجرد الشعور المؤمن بالخلاص مما وقع فيه هؤلاء والترفع عن أموالهم بما هداه الله إليه.[6]

 

 

[1] – الحليبي،احمد عبد العزيز،ثقافة الطفل المسلم مفهوم وأسس بنائها،ص 333.

[2] – السبحاني،جعفر،الأمثال في القرآن الكريم،ص 25.

[3] – أبو إسماعيل،أكرم عبد القادر،التقويم الذاتي للشخصية في التربية الإسلامية.

[4] – القطان،مناع،مباحث في علوم القرآن،ص 288.

[5] – الميداني،عبد الرحمان جنكة،الأمثال القرآنية،ص 62.

[6] – النحلاوي،عبد الرحمان،أصول التربية الإسلامية وأساليبها،ص 251.

 

وقال محمد قطب في كتابه منهج التربية الإسلامية:

يدرك الإسلام الميل الفطري إلى القصة،ويدرك ما لها من تأثير ساحر على القلوب فيستغلها لتكون وسيلة من وسائل التربية والتقويم….،وهو يستخدم كل أنواع القصة …ومنها القصة التمثيلية التي تمثل واقعة بذاتها،ولكنها يمكن أن تقع في أية لحظة من اللحظات،وفي أي عصر من العصور.[1]

 

 

 

إن القرآن الكريم ومنهجه في تربية الوعي التاريخي عن طريق القصص،يدعو الناس إلى أن ينظروا وان يتفكروا في تاريخ المسيرة الحضارية لأية أمة من الأمم،كي يدركوا العلّة التي أفضت إلى ما حل بهم من وبال…..كما يتحدث القرآن الكريم عن الوجدان،أو اللب الإنساني بما يعرضه من قصص الغابرين ويستشعر العلل المصيرية التي أدت إلى زوالهم[2].

 

 

 

[1] – قطب ،محمد،منهج التربية الإسلامية،ج1، ص 193.

[2] – علي،سعيد إسماعيل،الأصول الإسلامية للتربية،ص 122.

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...