الرئيسية / القرآن الكريم / الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

22) الأمثال العربية – محمد رضا المظفة
شرح بعض الأمثال في سورة العنكبوت:
17 – شرح الآية 41 من سورة العنكبوت :
(مثل الذين إتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت إتخذت بيتاً وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون) .
يبين القرآن الكريم مثالا بليغاً ومؤثراً …فليتأمل القارئ بدقة أن كل حيوان وكل حشرة له بيت او وكر وما أشبه ذلك،لكن ليس في هذه البيوت بيت اوهن من بيت العنكبوت،فكل بيت عادة ما يحتوي على سقف وباب وجدار وهو يحفظ صاحبه من الحوادث ويكون مكاناً أميناً لإيداع الأطعمة والأشياء الاخرى لحفظها…فبعض البيوت لا سقف لها إلا أن لها سقفاً،لكن بيت العنكبوت المنسوج من خيوط دقيقة واهية،ليس له سقف ولا جدار ولا ساحة ولا باحة ولا باب، هذا من جانب ،ومن جهة آخرى فإن مواد بنائه واهية جداً،وسرعان ما تتلاشى أزاء أي حادثة بسيطة،فهي لا تقدر على المقاومة،فآلهة هؤلاء ومعبوداتهم(الكاذبة)كمثل هذا البيت لا تنفع ولا تضر ولا تحل مشكلة .
وقد شبّه الله سبحانه وتعالى حال من إتخذ من دونه أولياء ينصرونه عند الحاجة في الوهن والضعف بحال العنكبوت الذي يتخذ بيتا ليأوي اليه،فكما ان ابيت العنكبوت في غاية الوهن والضعف. وهنا إشارة صريحة الى ان الوهن والضعف في بيت العنكبوت وليس في خيوطه وهي إشارة دقيقة جدا،

 

 

حيث ان خيوط بيت العنكبوت حريرية دقيقة،وهي على الرغم من دقتها الشديدة فهي اقوى مادة بيولوجية عرضها الانسان حتى الآن.أما الوهن فهو وهن وضعف معنوي لأن بيت العنكبوت من الناحية المعنوية هو اوهن بيت على الاطلاق،فهو بيت محروم من معاني المودة والرحمة التي يقوم على اساسها كل بيت سعيد،وذلك لأن انثى العنكبوت في بعض انواعه تقضي على ذكرها بمجرد إتمام عملية الإخصاب،وفي بعض الحالات تلتهم الانثى صغارها دون ادنى رحمة.ومن هنا ضرب الله تعالى المثل في بيت العنكبوت في الوهن والضعف لإفتقاره الى ابسط معاني التراحم بيت الزوج وزوجته والام وصغارها.

 
شرح بعض الأمثال في سورة الحديد:
18 – شرح الآية 20 من سورة الحديد:
(إعلموا ان الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاماً وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) .لمّا ذكر حال الفريقين(المؤمنون والكافرون)حصر أمور الدنيا يعني ما لا يتوصل به منها الى سعادة الآخرة بان يبين انها امور وهمية عديمة النفع سريعة الزوال وإنما هي لعب يتعب الناس فيه انفسهم جدا،

 

 

اتعاب الصبيان في الملاعب من غير فائدة ولهو يلهون به انفسهم كما يهمهم وزينة من ملابس جميلة ومراكب بهية ومنازل رفيعة ونحو ذلك وتفاخر بالانساب والاحساب وتكاثر بالعدة والعدد وهذه ستة امور جامعة دنيوية لا يتعلق احدهما بالآخر مترتبة بالذكر ترتب مرورها على الانسان غالبا كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً.ثم قرر تحقير الدنيا ومثل لها في سرعة تقضيها وقلة جدواها بحال نبات انبته الغيث واستوى فأعجب به الحراث او الكافرون بالله لانهم أشد اعجابا بزينة الدينا.ولأن المؤمن إذا رأى معجباً انتقل فكره الى قدرة الله تعالى شأنه وصنعه فأعجب بها،والكافر لا يتخطى فكره عمّا أحس به فيستغرق فيه إعجابا ثم هاج أي يبس بعاهة فأصفرّ ثم صار حطاما أي هشيماً وفي الآخرة عذاب شديد .

 

 

المثل في هذه الآية يصور لنا الحياة الدنيا تصويرا حسّيا واقعياً ملموساً نراه في كل زمن،وكذلك أن الله سبحانه وتعالى ينزل الماء من السماء على القاحلة فينبت به الزرع فتصبح به الارض خضراء تسر الناظرين،فيفرح بها اهلها أشد الفرح ويتأملون خيراً في ثمرها،وبينما هم كذلك في حالة السرور والفرح،فإذا بريح شديدة تهب على ذلك الزرع فتهلكه وتجعله حطاماً.هكذا مثل الحياة الدنيا تبدو لأهلها وطلابها حلوة تسر الناظرين وتغر المغفلين ولكن سرعان ما تزول تلك الحلاوة وتذبل تلك النضارة اذ ان من طبيعة الحياة الدنيا الهرب من طلابها والساعي اليها،ولقد صدق امير المؤمنين عليه السلام حينما قال: (إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غيره ، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه) .
شرح بعض الأمثال في سورة الجمعة:
19 – شرح الآية 5 من سورة الجمعة :
(مثل اللذين حمّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفاراً بئس مثل القوم اللذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين) .
ورد في بعض الروايات أن اليهود قالوا: (اذا كان محمد قد بعث برسالة فإن رسالته لا تشملنا) فردت عليهم الآية مورد البحث في اول بيان لها بأن رسالته قد اشير اليها في كتابكم السماوي لو أنكم قرأتموه وعملتم به. يقول تعالى شأنه: (مثل اللذين حمّلوا التوراة ثم لم يحملوها)أي نزلت عليهم التوراة وكُلّفوا بالعمل بهاولكنهم لم يؤدوا حقها ولم يعملوا بآياتها فمثلهم(كمثل الحمار يحمل اسفاراً)،فهذا الحيوان لا يشعر الا بثقل الحمولة،ولا يميز بين ما يحمل على ظهره من خشب او حجر او كتب فيها أدق أسرار الخلق واحسن منهج في الحياة.ولقد اقتنع هؤلاء القوم بتلاوة التوراة واكتفوا بذلك دون ان يعملوا بموجبها.هؤلاء مثلهم كمثل الحمار الذي يضرب به المثل في الغباء والحماقة،وذلك اوضح مثال يمكن ان يكشف عن قيمة العلم وأهميته.
للعلم أهمية قصوى في الاسلام،فجميع أسس الإسلام بنيت على اساس علمي فكري،لأنه السبيل الوحيد لمعرفة الحق والحقائق،والعلم يورث الخشية من الله والإذعان له،وقد قال الله جل وعلا (إنما يخشى الله من عباده العلماء) ،وقال أيضاً تبارك اسمه(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) فهي المكانة السامية للعلم والعلماء في الدنيا والآخرة لكن بشرط الايمان وتقوى الله تعالى فالعلم من دون التقى لن يوصل الى القرب الإلهي ومن اجل ذلك قال النبي الاكرم صلى الله عليه واله: فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم .

 

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...