الرئيسية / القرآن الكريم / الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

24) الأمثال العربية – محمد رضا المظفة
أمثال من السنة النبوية الشريفة

لا شك ولا ريب ان رسول الله صلى الله عليه وآله هو من افصح العرب،لانه ترعرع في افصح القبائل وهي قبيلة بني سعد.وقد وردت عنه صلى الله عليه واله أحاديث بين لنا فيها فصاحته وأصالته حيث قال : (أنا أفصح العرب بيد أني من قريش وأسترضعت في بني سعد بن بكر)
وهنا اعطى النبي محمد صلى الله عليه واله العلة الحقيقية لفصاحته وهي البيئة التي ولد ونشأ فيها،فقبيلة قريش هي أفصح القبائل العربية وقبيلة بني سعد تجمع بين الاسلوب الخالص والفصاحة،وقال صلى الله عليه واله (أوتيت جوامع الكلم) .
وقد ذكر الجاحظ بلاغة الرسول محمد صلى الله عليه واله بقوله:
(هو الكلام الذي قل عدد حروفه، وكثر عدد معانيه، وجل عن الصنعة، ونزه عن التكلف.وكان كما قال الله تبارك وتعالى،قل يا محمد(وما أنا من المتكلفين) استعمل المبسوط في موضع البسيط، والمقصور في موضع القصر، وهجر الغريب الوحشي، ورغب عن الهجين السوقي، ويسر بالتوفيق، وهذا كلام الذي ألقى الله المحبة عليه وغشاه بالقبول، وجمع بين المهابة والحلاوة، وبين حسن الإفهام وقلة عدد الكلام هو مع استغنائه عن إعادته وقلة حاجة السامع إلى معاودته، لم تسقط له كلمة،

 

 

ولا زلت له قدم، ولا بارت له حجة، ولم يقم له خصم، ولا أفحمه خطيب، بل يبذ الخطب الطوال بالكلام القصير، ولا يلتمس إسكات الخصم إلا بما يعرفه الخصم، ولا يحتج إلا بالصدق، ولا يطلب الفلج إلا بالحق، ولا يستعين بالخلابة، ولا يستعمل المؤاربة، ولا يهمز ولا يلمز، ولا يبطئ ولا يعجل ولا يسهب ولا يحصر، ثم لم يسمع الناس بكلام قط أعم نفعاً ولا أصدق لفظاً، ولا أعدل وزناً، ولا أجمل مذهباً، ولا أكرم مطلباً، ولا أحسن موقعاً، ولا أسهل مخرجاً، ولا أفصح عن معناه، ولا أبين عن فحواه من كلامه صلى الله عليه وآله) .
واذا اردنا تحليل كلام الجاحظ ،فإننا نرى انه يشير أن كلام رسول الله صلى الله عليه واله يتضمن اصولا بلاغية،منها الايجاز وهو قلة اللفظ وكثرة المعنى والبعد عن التكلف،فلم يكن صلى الله عليه واله يتصنع او يتكلف في كلامه،لأن كلامه وحي من الله سبحانه وتعالى.وكما خلا كلامه صلى الله عليه واله من التكلف،وخلا أيضا من معايب الكلام خاصة بطريقة نطق الكلام كالتشديق والتعييب،والمتشدق هو من يلوي شدقيه للتفصح ويتوسع في النطق من غير احتياط واحتراز.وقد قال رسول الله صلى الله عليه واله: ابغضكم اليّ الثرثارون المتشدقون .
وابتعد رسول الله صلى الله عليه واله عن التقعيب وهو التحدث بأقصى الحلق،كما يقول الجاحظ(استعمل المبسوط في موضع البسط والمقصور في موضع القصر)وهذا ما يعرف باللغة مراعاة متقضى البلاغة،فإذا كان المقام يقتضي الإطالة كان صلى الله عليه واله يطيل،واذا كان المقام يقتضي الإيجاز كان صلى الله عليه واله يوجز.
يقول الجاحظ(وهجر الغريب الوحشي ورغب عن الهجين السوقي)فلم يكن كلام رسول الله صلى الله عليه واله بالغريب او الهجين،فالغرابة تخل بالمعنى واللفظ فينفر منها السامع،فلا يمكن معرفة المعنى الصحيح لا بمراجعة معاجم اللغة،والغريب الذي نزه الجاحظ عنه كلام النبي صلى الله عليه واله هي الالفاظ التي لا تأنس لها النفوس.وأما الهجين الذي ابتعد عنه الرسول صلى الله عليه واله فهي الكلمات المبتذلة القبيحة البعيدة عن الذوق،

 

 

ويستطرد الجاحظ في كلامه فيقول(فلم ينطق الا ميراث حكمة ولم يتكلم الا بكلام قد حفّ بالعصمة وشيّد بالتأييد ويسر بالتوفيق وهذا الكلام الذي ألقى الله المحبة عليه وغشاه بالقبول وجمع له بين المهابة والحلاوة بين حسن الافهام وقلة عدد الكلام ومع استغنائه عن اعادته وقلة حاجة السامع الى معاودته)وميراث الحكمة هو ميراث النبوة لان النبي صلى الله عليه واله هو خاتم النبيين ثم ان الله عصمه من الخطأ والزلل ليس بتبليغ رسالة السماء ولكن في كل افعاله وكلامه.

 

 

 

فكلام النبي صلى الله عليه واله سهلاً ينفذ الى القلوب لأنه خرج من قلب رحيم وهو قلب حبيب الله محمد صلى الله عليه واله،وقول الجاحظ(حفّ العصمة)يعني العصمة من الله سبحانه وتعالى وهي الحاجز له عن الخطأ والسهو،وأما قوله (يُسر بالتوفيق)يعني التوفيق الإلهي بالوحي والإلهام وتهيئة النفوس لتقبل كلامه(صلى الله عليه وآله)،

 

 

ثم يقول الجاحظ(جمع له بين المهابة والحلاوة)واجتماع المهابة والحلاوة شيء لا يجتمع الى كثير من الناس،فالمهابة تكون في المعاني،فالكلام المهيب هو المعنى الشريف الجليل والحلاوة تكون في بناء الألفاظ والجمل،فالكلام المهيب يخترق القلوب ويؤثر بالنفوس.ثم يذكر الجاحظ (وبين حسن الأفهام وقلة الكلام)ويمكن تحقيق ذلك بإستعمال الكلام البسيط في القول العميق بالمعنى بعيداً عن التعقيد،اما الكلمات القليلة المعبرة عن المعنى في أقل عدد من الألفاظ،فلا يمكن أن نحصل عليه إلا من تبحر في اللغة ومسالكها،وحين يصاغ الكلام بهذه الصورة من الوضوح وحسن التعبير فإنه يستغني عن إعادته.لما يتركه من إرتياح في نفوس المتلقين،

 

 

ثم يستطرد الجاحظ (لا تسقط له كلمة ولا زلّت …الى اخر الكلام،ولا يهمز ولا يلمز)فكلام رسول الله صلى الله عليه واله،هو الكلام الذي خلا من سقوط لفظة او معنى.ولم من الحجج ما يسكت اي معاند.لذلك لم يستطع أعدائه رد هذه الحجج،لأن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يقصد إسكات الخصم بأي وسيلة،إنما يريد إيصال الحق الى النفوس الضعيفة التائهة بسبب الكفر. لذلك لم يستعن النبي صلى الله عليه واله بالخلابة(اي استخدام الالفاظ البراقة كما كان يسجع أهل الجاهلية)،

 

 

ثم أنه صلى الله عليه واله لا يوارب في الكلام،أي لا يستخدم المكر والخداع والدهاء،فإنها ليست من صفات المتكلمين،فضلاً عن الانبياء والمرسلين. (ولا يهمز ولا يلمز)يعني الإشارة بالرأس أو العين أو الشفة مع كلام خفي.فالرسول صلى الله عليه واله خال من هذه الصفات السيئة.

 

 

ثم يقول الجاحظ(ولا يبطئ ولا يعجل ولا يسهب ولا يحصر)فكان صلى الله عليه وآله لا يسرع في كلامه ولا يبطئ إنما يتكلم بكلام قاطع وفاصل يفهمه المتلقي،فطريقة النبي صلى الله عليه واله في التحدث للآخرين هو التي أغنت السامع عم معاودة كلامه.

 

 

(لا يسهب ولا يحص)أي أنه لا تؤاتيه حبسة في الكلام(يعني التوقف)فلا يقدر على مواصلته وهي من عيوب الكلام.ثم يقول الجاحظ(ثم لم يسمع الناس بكلام قط أعم نفعا ولا أقصد …الى اخر الكلام،ولا أبين فحوى من كلامه صلى الله عليه وآله)فكلام رسول الله صلى الله عليه وآله عام النفع يبين من خلال كلامه صلى الله عليه واله المنهج الرباني في هذه الحياة الدنيا،

 

 

لذلك نفعه دائم لا يتغير أبدا،واما قوله (ولا أعدل وزنا،فهو صلى الله عليه واله ذا قدرة في استخدام انغام اللغة لتأدية المعنى المناسب لفهم السامع(ولا اجمل مذهبا)ولرسول الله صلى الله عليه واله نسق لا يلتبس مع غيره من كلام الآخرين.فكلمه صلى الله عليه واله موصول بالله سبحانه وتعالى،(ولا أكرم مطلبا)فغاية كلامه صلى الله عليه واله إيصال الخير والسعادة للإنسان وقوله(ولا أسهل مخرجاً)فسهولة المخرج يعني حسن مخارج الحروف وعدم تنافرها فكل كلمة متلائمة مع الكلمة الأخرى التي تليها بحيث تشعر أن كلامه صلى الله عليه واله منسجما مع بعضه البعض الآخر،وفي ختام كلام الجاحظ يقول (ولا افصح معنى ولا أبين فحوى من كلامه صلى الله عليه وآله)فهو كلام ظاهر واضح يفهمه كل الناس على اخلاف مستوياتهم.

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...