الرئيسية / القرآن الكريم / الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

28) الأمثال العربية – محمد رضا المظفة

وإعلم ان جميع ما ذكر من فضيلة العلم والعلماء إنما هو في حق العلماء العاملين الابرار المتقين اللذين قصدوا به وجه الله الكريم والزلفى لديه في جنات النعيم،لا من طلبه لسوء نية أو خبث طوية،أو لأغراض دنيوية من جاه أو مال او مكاثرة من الأتباع والطلاب.
إن الإيمان الصحيح متى استقر في القلب ظهرت آثاره في السلوك والإسلام عقيدة متحركة ، لا تطيق السلبية . فهي بمجرد تحققها في عالم الشعور تتحرك لتحقق مدلولها في الخارج؛ ولتترجم نفسها إلى حركة وإلى عمل في عالم الواقع. ومنهج الإسلام الواضح في التربية يقوم على أساس تحويل الشعور الباطن بالعقيدة وآدابها إلى حركة سلوكية واقعية؛ وتحويل هذه الحركة إلى عادة ثابتة أو قانون مع استحياء الدافع الشعوري الأول في كل حركة ، لتبقى حية متصلة بالينبوع الأصيل.
34- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو وَمُؤَمَّلٌ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنْ أَدَمٍ فِي نَحْوٍ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا فَقَالَ إِنَّكُمْ مَفْتُوحٌ عَلَيْكُمْ مَنْصُورُونَ وَمُصِيبُونَ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ وَلْيَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَلْيَنْهَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمَثَلُ الَّذِي يُعِينُ قَوْمَهُ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ كَمَثَلِ بَعِيرٍ رُدِّيَ فِي بِئْرٍ فَهُوَ يَنْزِعُ مِنْهَا بِذَنَبِهِ.
قال بعضهم : معنى الحديث أنه قد وقع في الإثم وهلك كالبعير إذا تردى في بئر فصار ينزع بذنبه ولا يقدر على الخلاص .
والحق ان ارتباط الإنسان بعشيرته وأهله من أفضل الامور التي تحدث للإنسان في هذه الحياة. وعلى الخصوص إذا تعرض الإنسان لظروف غير عادية،ولكن لا ينبغي لهذا الحب ان يكون على حساب الحق فقد نهانا الاسلام من التعصب المقيت،لقد عمل الاسلام على زرع رابطة الدين في نفوسنا،فلا اللون ولا اللغة أو النسب هو الذي سيجمع الناس إليهم،بل إنما هي العقيدة حيث لها الاثر الكبير،ولا بد أن يكون التعاون على البر والتقوى،كما ورد في كتاب الله العزيز في سورة المائدة،حيث قال(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) .
لقد حثّنا الله تعالى شأنه على التعاون،فهو واجب ديني وضرورة اجتماعية،فالإنسان إجتماعي بالفطرة،فلا يمكن أن يعيش معزل عن الآخرين والتعاون على البر والتقوى يعني التعاون مع الغير على الخير بشكل عام،مما يسبب الالفة والمحبة بين الناس وهو العامل الرئيس والمهم في تقدم البشرية وازدهارها.
35- عن المناوي نقلا عن الطيب،ان رسول الله صلى الله عليه واله قال:
(مثل القلب مثل الريشة تقلباها الرياح بفلاةٍ)
قال الطيبي: المثل هنا بمعنى الصفة لا القول السائر والمعنى صفة القلب العجيبة الشأن وورود ما يرد من عالم الغيب وسرعة تقلبه كصفة ريشة يعني أن القلب في سرعة تقلبه لحكمة الابتلاء بخواطر ينحرف مرة إلى حق ومرة إلى باطل وتارة إلى خير وتارة إلى شر وهو في مقره لا ينقلب في ذاته غالباً إلا بقاهر مزعج من خوف مفرط (تقلبها الرياح بفلاة) لفظ رواية أحمد بأرض فلاة أي بأرض خالية من العمران فإن الرياح أشد تأثيراً فيها منها في العمران وجمع الرياح لدلالتها على التقلب ظهراً لبطن إذ لو استمر الريح لجانب واحد لم يظهر التقلب كما يظهر من الرياح المختلفة. ولفظه بفلاة مقحمة فهو كقولك أخذت بيدي ونظرت بعيني تقريراً ودفعاً للتجوز، قال: وتقلبها صفة أخرى لريشة وقال المظهر: ظهراً بدل بعض من الضمير في تقلبها واللام في بعض بمعنى إلى ويجوز أن يكون ظهراً لبطن مفعولاً مطلقاً أي تقلبها تقليباً مختصاً وأن يكون حالاً أي تقلبها مختلفة أي وهي مختلفة ولهذا الاختلاف سمي القلب قلباً وقال الراغب: قلب الشيء صرفه عن وجه إلى وجه وسمي قلباً لكثرة تقلبه ويعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم والشجاعة وغيرها. وقال الغزالي: إنما كان كثير التقلب لأنه منزله الإلهام والوسوسة وهما أبداً يقرعانه ويلقنانه وهو معترك المسكرين الهوى وجنوده والعقل وجنوده فهو دائماً بين تناقضهما وتحاربهما والخواطر له كالسهام لا تزال تقع فيه كالمطر لا يزال يمطر عليه ليلاً ونهاراً وليس كالعين التي بين جفنين تغمض وتستريح أو تكون في ليل أو ظلمة أو اللسان الذي هو من وراء حجابين الأسنان والشفتين وأنت تقدر على تسكينه بل القلب عرش الخواطر لا تنقطع عنه بحال والآفات إليه أسرع من جميع الأعضاء فهو إلى الانقلاب أقرب ولهذا خاف الخواص على قلوبهم وبكوا عليها وصرفوا عنايتهم إليها ومقصود الحديث أن يثبت العبد عند تقلب قلبه وينظر إلى همومه بنور العلم فما كان خيراً أمسك القلب عليه وما كان شراً أمسكه عنه .
وَفِي الْحَدِيث دَلَالَة عَلَى أَنَّ أَعْمَال الْقَلْب مِنْ الْإِرَادَات وَالدَّوَاعِي وَسَائِر الْأَعْرَاض بِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى ، قَالَ الرَّاغِب : تَقْلِيبُ اللَّهِ الْقُلُوبَ وَالْأَبْصَار : صَرْفهَا عَنْ رَأْيٍ إِلَى رَأْيٍ ، وَالتَّقَلُّب التَّصَرُّف ، قَالَ تَعَالَى ( أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ ) قَالَ : وَسُمِّيَ قَلْب الْإِنْسَان لِكَثْرَةِ تَقَلُّبِهِ , وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ : الْقَلْب جُزْء مِنْ الْبَدَن خَلَقَهُ اللَّه وَجَعَلَهُ لِلْإِنْسَانِ مَحَلّ الْعِلْم وَالْكَلَام وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الصِّفَات الْبَاطِنَة ، وَجَعَلَ ظَاهِر الْبَدَن مَحَلَّ التَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ وَالْقَوْلِيَّةِ ، وَوَكَّلَ بِهَا مَلَكًا يَأْمُر بِالْخَيْرِ وَشَيْطَانًا يَأْمُر بِالشَّرِّ ، فَالْعَقْل بِنُورِهِ يَهْدِيهِ , وَالْهَوَى بِظُلْمَتِهِ يُغْوِيهِ , وَالْقَضَاء وَالْقَدَر مُسَيْطِرٌ عَلَى الْكُلِّ , وَالْقَلْبُ يَنْقَلِبُ بَيْن الْخَوَاطِر الْحَسَنَة وَالسَّيِّئَة , وَاللَّمَّة مِنْ الْمَلَك تَارَةً , وَمِنْ الشَّيْطَان أُخْرَى وَالْمَحْفُوظ مَنْ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى .
والثبات على الدين هو من نعم الله تعالى على الانسان يمنّ بها على من يشاء من عباده المؤمنين وقد قال الله تعالى شأنه (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء)
36 – أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ )
قال ابن القيم :(فحياة القلب مع الله لا حياة له بدون ذلك أبدا ومتى واطأ اللسان القلب في ذكره وواطأ القلب مراد حبيبه منه واستقل له الكثير من قوله وعمله واستكثر له القليل من بره ولطفه وعانق الطاعة وفارق المخالفة وخرج عن كله لمحبوبه فلم يبق منه شيء وامتلأ قلبه بتعظيمه وإجلاله وإيثار رضاه وعز عليه الصبر عنه وعدم القرار دون ذكره والرغبة إليه والاشتياق إلى لقائه ولم يجد الأنس إلا بذكره وحفظ حدوده وآثره على غيره فهو المحب حقا) .
هذا على الصعيد الفردي،وأما على صعيد الاسرة فلابد لرب الاسرة من وقاية نفسه واهله من النار التي اعدت للعاصين،والسبيل الى ذلك بتعليم العائلة امور دينها ليكونوا على بصيرة من امر دينهم ودنياهم،وقد قال الله تعالى شأنه(يا أيها الذين آمنوا قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) وقال رسول الله صلى الله عليه واله(إن الله تعالى سائل كل راع عمّا استرعاه أحفظ ذلك ام ضيعه،حتى يسأل الرجل عن أهل بيته)296

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...