الرئيسية / القرآن الكريم / الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

31) الأمثال العربية – محمد رضا المظفة
امثال من نهج البلاغة
إن القيمة الأساسية للنص ، في الخطب علي بن أبي طالب ، ورسائله ، ماثلة في حضور الإبداع النصي في النشاط الفكري والكلامي له على المستويين: الشفهي والتحريري . وتلك ميزة نادرة يتفرد بها علي بن أبي طالب بصورة ملموسة .وهي ميزة تجعله في المقدمة من جميع كتاب النصوص المبرزين ، ذلك لأن أولئك الكتّاب ، مثلهم مثل الرسامين والنحّاتين الذين يصنعون نماذجهم ، بعد طول تأمل ، وتخطيط ، وممارسة ، وبعد مراجعات نقدية متواترة ، وصولاً إلى المحصلة الفنية النهائية ، على صعيد العمل.وكان علي بن أبي طالب ، بعفويته الثاقبة ، يباشر عمله الإبداعي الفوري ، فيأتي النص المرتجل ، مثل النص المكتوب ، آية في الإتقان والروعة ومن الثابت ، أن جريان خطب علي بن أبي طالب على نحوه الباهر ، في طوله ، وقصره ، هو دليل على الفعالية الخارقة لعقل مبدع ، موهوب ، هو السيد المؤكد في عالم العقول .لا يمكن أن تتوفر تلك الخصوصية لقوة النص في المخاطبة الارتجالية ، وفي الكتابة ، لشخص آخر ـ غير علي بن أبي طالب ـ الذي انطوت شخصيته على علوم وفنون وقدرات عظيمة ، تتلاقح فيما بينها بجدلية خصبة.ورغم أن الخطاب عند علي بن أبي طالب خطاب سياسي ، وفقهي ، وتربوي ، ووعظي ، في إطار معرفي محكم ، إلا أنه ذو سمة رياضية ، ماثلة في بنية الخطاب الذي يتكامل نصاً مغنياً.ولقد ارتكزت السمة الرياضية في البناء الأدبي للخطاب على دعامتين بارزتين ، الأولى هي في صلب بنية الخطاب ، وعلاقته الداخلية ، والثانية في خفاء المنهج، أي في تنظيم فضائه.
المقوّم الأول ، هو المقوم النحوي ، الذي يعصم الخطاب الأدبي من التحرر الإنساني ، وبعض مظاهر اللانحوية ، التي قد يستكين إليها الوصف الأدبي والحماسة ، والارتجال ، وخاصة في الخطاب الشفهي .
إن أساس الخطاب في فعالية علي بن أبي طالب ـ من الناحية اللغوية ـ هو أساس نحوي ، ذلك لأن علياً بن أبي طالب هو واضع النحو العربي ، في منطلقه الأول .
قال لأبي الأسود الدؤلي ، حين أعرب عن ألمه من شيوع اللحن على اللسان العربي ، اكتب ما أملي عليك . ثم أملى عليه أصول النحو العربي ، ومنها أن كلام العرب يتركب من اسم وفعل وحرف ، فالاسم ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل . ثم أملى عليه أن الأشياء ثلاثة: ظاهر ومضمر وشيء ليس بظاهر ولا مضمر . وفي خاتمة التوجيهات قال علي: يا أبا الأسود انحُ هذا النحو . وهكذا أصبح عند العرب علم النحو .
من هنا كان الأساس النحوي للنص في خطب علي بن أبي طالب ، يؤمن القاعدة المادية لشبكة العلاقات الداخلية للنص ، التي يرتكز عليها البناء البلاغي للنص.
ولا شك في أن تكامل الأساس النحوي والبناء البلاغي قائم ـ أصلاً ـ على المحور الفكري للنص ، وهو محور المعاني والدلالات.
وإذ يستكمل الخطاب ( العلوي ) شروطه المادية ـ اللغوية ، وجماع علاقاته الداخلية ، فإنه يستكمل الوحدة القائمة بين نصّية النص ـ بمعناها الأدبي ـ والفضاء الروحي للنص . أي أن النص يتوفر له البعدان الرمزيان للأرض والسماء في وحدتهما التامة.
أما المقوّم المادي الثاني للنص ، فهو المقوّم الرياضي الذي يستدلّ عليه ، استدلالاً ، لأنه لا يعبّر على نحو مباشر ، إلا بالنسبة إلى الملتقي النابه.
إن الذهنية الرياضية النشطة ، والمبادهة لعلي ، تنعكس تأثيراتها على تعبيراته الأدبية ، بصورة الإتقان المحكم لعرض الأفكار ، وكذلك في تقديمه المتقن للبناء اللغوي والبلاغي للخطاب.
فالاتساق الرياضي وارد في صلابة أفكاره ، وفي عظمة منطقه ، وبلاغته . ومردّ ذلك ثابت في معرفته العلمية بالحساب؛ تلك المعرفة التي كانت تكشف عنها سرعة البديهة في الجواب عن معضلات معقدة في المواريث والأقضية.وذاعت الفريضة المنبرية التي أفتى بها وهو على منبر الكوفة ، حينما سئل عن ميت ترك زوجه وأبوين وابنتين ، فأجاب من فوره: صار ثُمنها تُسعاً.
وشكت ـ مرة ـ امرأة أن أخاها مات عن ستمائة دينار ولم يقسم لها من ميراثه غير دينار واحد ، فقال لها بسرعة: لعله ترك زوجة وابنتين وأما واثني عشر أخاً وأنت؟ وكان الأمر كذلك.
فمعرفته بعلم الحساب كانت أكثر من معرفة فقيه يتصرف في معضلات المواريث ، لأنه كان سريع الفطنة إلى حيله التي كانت تعد في ذلك الزمن ألغازاً تكدّ في حلها العقول.
ما قيل في نهج البلاغة :
كان علي ( عليه السلام ) هو الشخص الوحيد الذي اهتم الناس بحفظ كلماته ( عليه السلام ) وضبطها في بطون الصحائف والقلوب .فهذا ابن أبي الحديد ينقل لنا عن الكاتب عبد الحميد بن يحيى الذي كان يضرب به المثل في الكتابة والخطابة في أوائل القرن الثاني الهجري ، أنّه كان يقول : حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع ، ففاضت ثمّ فاضت.
وينقل الدكتور علي الجندي : أنّ عبد الحميد سئل : أنى لك هذه البلاغة ؟ فقال : حفظ كلام الأصلع .

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...