الرئيسية / الاسلام والحياة / الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

45) الأمثال العربية – محمد رضا المظفة
وقد اقر الحديث النبوي بثلاثة انواع من الشؤم: الشؤم في المرأة والدار والفرس . وهذا الامر ليس بالامر المعيب والمنكر لانه ليس من باب الطيرة،بل لما يعانيه المرء من سكنى هذه الدار او من معاشرة لتلك المرأة او ركوبه للفرس وهلم جرا.وقد قال بعضهم : ان شؤم الدار وضيقها وسوء جيرانها وآذاهم وشؤم المرأة هو سوء العشرة وسلاطة اللسان وتعرضها للريب،وشؤم الفرس ان لا يغزى عليها وغلاء ثمنها وشؤم الخادم سوء خلقه وقلة تعهده لما فوض اليه.والمراد بالشؤوم،عدم الموافقة والانسجام مع هذه الامور بعد ثبوت الأدلة على وقوع الضرر والتحول عن هذه الامور ليس من باب انها هي التي تضر وتنفع فالضار والنافع هو الله جل وعلا،وإنما من باب تهيئة الاسباب الجالبة لسعادة المؤمن فهو يتفأل ولا يتطير.ويقول ابن الاثير: الفأل فيما يرجى وقوعه من الخير،ويحسن ظاهره ويسره،والطيرة لا تكون إلا فيما يسوء.
وإنما احب النبي صلى الله عليه واله الفأل لان الناس إذا أمّلوا فائدة من الله تعالى ورجوا عائدته عند كل سبب ضعيف او قوي فهم على خير،وإن لم يدركوا ما أمّلوا فقد أصابوا في الرجاء من الله تعالى وطلب ما عنده،وفي الرجاء لهم خير معجل ألا ترى أنهم اذا قطعوا أملهم ورجائهم من الله كان ذلك من الشر،فاما الطيرة،فإن فيها سوء الظن وقطع الرجاء،وتوقع البلاء وقنوط من الخير،وذلك مذموم بين العقلاء منهي عنه من جهة الشرع .
17- (أصدق من قطاة) :
تنازعت قطاة مع غراب وكان النزاع على حفرة يجتمع فيها الماء،إدعى كل منهما أن الحفرة ملكه،فتحاكما الى قاضي الطير،طلب القاضي دليل كل منهما،فحكم القاضي للقطاة بالحفرة،مع ان الحفرة كانت للغراب،فلما رأت القطاة ان القاضي حكم لها بلا دليل قالت له : أيها القاضي لماذا تحكم لي وليس عندي دليل ولا بينة؟ ولم فضلتني على الغراب؟فقال القاضي: قد اشتهر عنك الصدق بين الناس،فقالوا اصدق من القطا.فقالت القطاة:إذا كان الامر على ما ذكرت فإني اقول الصدق،ان الحفرة للغراب،ولا اريد ان يعرف الناس عني الصدق ثم الكذب،فقال القاضي: وما حملك على هذه الدعوى الباطلة؟فقالت: الغضب،لقد منعني الغراب من الشرب ولذلك رفعت عليه الدعوى،أنا الان فإني أرى الرجوع الى الحق فضيلة،وهذه الشهرة الحسنة لي خير من الف حفرة.
ويضرب هذا المثل لمن يعرف عنه الصدق دائما،والقطا طائر يضرب به المثل في الصيد لانه يصيح قطا قطا فيصدق في صياحه باخباره عن نفسه،ولها صوت واحد لا تغيره ابداً.وجاء ي الحديث الشريف عن ابن ماجه في قول النبي محمد صلى الله عليه واله(من بنى مسجدا لله لمفحص قطاة او اصغر بنى الله له بيتا في الجنة) .ولعل اختيار النبي صلى الله عليه واله لمواطن القطاة في حديثه دون سواه من مواطن الطيور او غيرها لأنها تبيض في عش او على رأس جبل،وإذا ارادت أن تبيض فحصت في الرمل وكشفته حتى تضع بيضها فيه على بسيط الارض،لذلك شبّه النبي صلى الله عليه واله بمفحصها المسجد،ولأجل صدقها كما قيل عنها إشارة الى الإخلاص في بنائه كما اشار اهل العلم الى ذلك .
كان الصدق صفة ملازمة للنبي محمد صلى الله عليه واله حيث كانوا يسمونه قبل ان يبعثه الله سبحانه وتعالى بالصادق الامين،وهذه الصفة هي صفة الانبياء جميعا فقد جاء في كتاب الله تعالى عن النبي ابراهيم عليه السلام(واذكر في الكتاب ابراهيم انه كان صديقا نبياّ) واخبر الله تعالى شأنه عن يوسف عليه السلام فقال(يوسف ايها الصديق) ،وبما ان الانبياء وعلى رأسهم النبي محمد صلى الله عليه واله هو قدوة لنا في اخلاقهم وسيرتهم،فلابد لنا من ان نتصف بهذه الصفة التي تزرع فينا الثقة بالنفس والاطمئنان في خطواتنا،طبعاً بالصدق حيث قال الرسول الاعظم صلى الله عليه واله(دع ما يريبك الى ما لا يريبك،فإن الكذب ريبة والصدق طمأنينة) .
وعدم الصدق هو علامة من علامات النفاق بدليل قول النبي صلى الله وآله حيث نقل عنه انه قال: آية المنافق ثلاث، إِذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان .
فإذا اردنا ان نعيش بكرامة وراحة بال فعلينا بالصدق مع الآخرين ومع الله بالإخلاص في الأعمال كلها والإبتعاد عن الرياء والسمعة،والجدير بالذكر هنا هو وجود حالات خاصة يجوز فيها الكذب بحسب ما ورد عن النبي صلى الله عليه واله في تجويزه للكذب في ثلاثة مواضع او مواقف وهي : ثلاثة يحسن فيهنّ الكذب: المكيدة فى الحرب و عدتك زوجتك و الاصلاح بين الناس. والحكمة من هذا الحديث واضحة لا غبار عليها فالحرب خدعة والوصول الى النصر النهائي هو المهم،واما الوعد للزوجة فكم هو دقيق صلى الله عليه واله في هذا الامر لان طلبات المرأة لا تنتهي ودائما تريد المزيد فلذلك جوز الكذب عليها ولاننسى ان الرسول الاعظم عندما قال ذلك نسبة الى الاعم الاغلب من النساء ولربما وجدت امراة تكون عاقلة متفهمة لوضع زوجها بقلة طلباتها منه.والاصلاح بين الناس وفوائده معلومة مفهومة وسبله واضحة فالخصام امر قبيح مذموم في جميع الديانات والاعراق وللتقليل من هذا القبيح والوقوف بوجهه حثنا الرسول الاعظم على الاصلاح بالطريق الممكن.
18- (وقع القوم في سلى جمل) :
السَّلَى : ما تُلْقِيه الناقةُ إذا وضعت وهي جُليدَةٌ رقيقة يكون فيها الولد من المواشي وإن نزعت عن وجه الفصيل ساعةً يولدُ وإلاَ قتلته وكذلك إذا انقطع السَّلَى في البطن فإذا خرج السَّلَى سلمت الناقة وسلم الولد وإذا انقطع في بطنها هلكت وهلك الولد ويضرب في بلوغ الشدة منتهى غايتها وذلك أن الجمل لاَ يكون له سَلىً فأرادوا أنهم وقعُوا في شر لاَ مِثْلَ له .
إنما بعث الله تعالى الانبياء لإصلاح البشر،فهم رحمة للبشرية وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه واله،وبما ان الانبياء قدوة لنا،فليس لنا الا التمسك بنهجهم ونكون رحمة لبعضنا البعض وبذلك ننشر الخير والحق ونبتعد عن الباطل والشر،فالمجتمع الحريص على التعاون والمحبة والتسامح جدير بالاحترام والرحمة من قبل الآخرين والله سبحانه وتعالى يرحم هؤلاء في الدنيا لتراحمهم فيما بينهم وهذا المفهوم(الرحمة)لا يمكن ان نحصل عليه إلا من خلال التكاتف ونشر المثل والمفاهيم يتم من خلال المؤسسات التعليمية الحكومية،فلا يمكن ان نعطي للتلاميذ العلم الذي يؤهله للعمل دون علم الاخلاق والسلوك،فيمكن ان يتخرج طبيبا او مهندسا او غير ذلك من الاعمال،فبالوقت الذي نجحنا فيه لتعليم هؤلاء شيئا بامكانهم خدمة البشر به وبالطبع ان هذا شيء كلنا بحاجة اليه،فلابد لنا بنفس الوقت ان يتعلموا امر مهم يحتاجونه في تعاملاتهم مع بعضهم البعض الا وهو علم الاخلاق،والجدير بالذكر أن طلبة الحوزة العلمية يدرسون علم الاخلاق بالرغم من دراستهم للدين،فهم يتعلموم الفقه والاصول والمنطق وغيرها ولكن الاخلاق اولا ثم العلم،فمدارسنا احوج ما يكون لتدريس هذه المادة حتى لا نقع في الشر والباطل يجب أن نبدأ اليوم حتى نحصد ما نريد بعد سنوات طويلة وعلى اقل التقادير يمكن لنا تقليل الشر الذي سنقع فيه.
19 – (إياك أعني واسمعي يا جارة) .
أول من قال ذلك سهل بن مالك الفزاري ، وذلك أنه خرج فمر ببعض أحياء طي فسأل عن سيد الحي فقيل هو حارثة بن لام الطائى ، فأم رحله فلم يصبه شاهدا،فقالت له أخته : أنزل في الرحب والسعة ، فنزل فأكرمته وألطفته ، ثم خرجت من خباء فرآها أجمل أهل زمانها فوقع في نفسه منها شيء فجعل لا يدري كيف يرسل إليها ولا ما يوافقها من ذلك ، فجلس بفناء الخباء وهي تسمع كلامه فجعل ينشد:
يا أخت خير لبدو والحضارة كيف ترين في فتى فزاره أصبح يهوى حرةمعطاره إياك أعني واسمعى يا جاره فلما سمعت قوله علمت أنه إياها يعني ،فضرب مثلا .
وقيل لما سمعت قوله عرفت أنه إياها يعني فقالت له:
إني أقول يا فتى فزارة ……. لا ابتغي الزوج ولا الدعارة
ولا فراق أهل هذه الجارة …… فارحل إلى أهلك باستخارة
فاستحيا الفتى وقال: ما أردت منكراً فقالت: صدقت. فكأنها استحيت من تسرعها الى تهمته .
فأرسلت إليه أن اخطبني إن كان لك حاجة يوماً ..فخطبها وتزوجها .
ما احوجنا الى مثل هذه الامثال عندما نتعامل مع الآخرين فاحيانا الطلب المباشر من الاخرين وبالخصوص عندما نريد ان نعلمهم شيئا ينفعهم في الدنيا والاخرة صعب جدا لاسباب كثيرة منها رفض الاخرين للنصح والتعلم المباشر لاحساسهم بالضعف،او ربما يكون من يحتاج التعلم اكبر منا سنا،وكما حدث مع الامامين الحسن والحسين عليهما السلام عندما وجدا شيخا كبيرا يتوضا بصورة خاطئة،فارادا ان يعلمانه كيفية الوضوء فوجداه لا يحسن الوضوء وكانا عليهم السلام آنداك طفلين صغيرين ، إلا أنّ الواجب الديني يحتم عليهما أن يرشداه ويعلماه كيفيّة الوضوء الصحيح ، ولكن كيف يعلمانه بصورة لا يتأثّر نفسيّا” منها، إنهما إن أخبره بأنّ وضوءه غير صحيح ، يولّد هذا التوجيه أثرا” سيئا” على نفسه ، إضافة إلى أنّه ربما اعتبر هذا الإرشاد بمثابة تحقير موجه له .فكّر الإمامان مدّة ، حتى انبثق في ذهنهما أنهما يستطيعان أن يرشداه إلى الصواب بصورة غير مباشرة ، لجئا حينئذٍ إلى التنازع الظاهري بينهما فأخذا كل واحد منهما يقول للآخر أنت لا تحسن الوضوء ، وأخيرا”، اتّفقا على أن يجعلا الشيخ حكما” بينهما ، فتقدما إليه وقالا له أيُّها الشيخ كن حكما” بيننا ، وافق الشيخ على ذلك فتوصأ كل منهما والشيخ ينظر ، ثم قالا أيُّنا يحسن الوضوء ، فقال لهما إنّما تحسنان الوضوء ولكن الشيخ الجاهل هو الذي لم يكن يحسن الوضوء وتعلم منكما .

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...