الرئيسية / الاسلام والحياة / حوارات اسلامية و بحوث هادفة – دفاع عن معاوية ويزيد

حوارات اسلامية و بحوث هادفة – دفاع عن معاوية ويزيد

الشيخ : إني أتعجب منك إذ تصرح بكفر يزيد وهو خليفة المسلمين المنصوب من قبل معاوية ، وهو خال المؤمنين وخليفتهم ، وقد جعله عمر الفاروق والخليفة المظلوم عثمان واليا على بلاد الشام في طيلة أيام خلافتهما .

ولما رأى المسلمون أهليته وكفاءته للحكم بايعوه للخلافة ، وهو جعل ابنه يزيد ولي العهد ليكون خليفته من بعده ، ورضي به المسلمون فبايعوه بالخلافة !

فأنت حينما تعلن كفر يزيد وسلفه ، فقد أهنت جميع المسلمين الذين بايعوه بالخلافة ، وأهنت خال المؤمنين ، بل أهنت الخليفتين الراشدين اللذين عينا معاوية واليا وممثلا عنهما في بلاد الشام !!

ولا نجد في التاريخ عملا ارتكبه يزيد فيكون سبب كفره وارتداده ، فهو كان مؤمنا مصليا وعاملا بالإسلام ، إلا أن عامله على العراق ، قتل سبط النبي وريحانته وسبي حريمه وعياله وأرسلهم إلى يزيد في الشام !! فلما وصلوا إلى مجلس يزيد حزن واعتذر من أهل البيت واستغفر الله من أعمال الظالمين .

وإن الإمام الغزالي والدميري أثبتا براءة الخليفة يزيد من دم الحسين بن علي وأصحابه ، فما تقولون ؟!

ولو فرضنا أن وقائع عاشوراء الأليمة وفجائع كربلاء كانت بأمر من يزيد بن معاوية ، فإنه تاب بعد ذلك واستغفر الله سبحانه ، والله غفور رحيم !!

ردنا على كلام الشيخ:

قلت : ما كنت أظن أن التعصب يبلغ بك إلى حد الدفاع عن يزيد العنيد !

وأما قولك : إن الخليفتين نصبا معاوية واليا وهو عين ولده يزيد خليفة على المسلمين فتجب طاعته عليهم ! فهو كلام مردود عند العقلاء ولا سيما في هذا العصر عصر الديمقراطية .

ثم إن هذا الكلام لا يبرر موقف معاوية وعمل يزيد ، بل هو يؤيد كلامنا ويدل على صحة معتقدنا بأنه يلزم أن يكون الخليفة معصوما ومنصوبا من عند الله سبحانه ، حتى لا تبتلى الأمة برجل كيزيد ونظرائه .

وأما قولك : إن الإمام الغزالي أو الدميري وأمثالهما دافعوا عن يزيد وبرأوا ساحته عن فضائح الأعمال الشنيعة والجرائم القبيحة ، لا سيما قتل سبط رسول الله (ص) وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين عليه السلام !

فأقول : أولئك أيضا أعمتهم العصبية مثلكم ، وقد قيل : إن حب الشيء يعمي ويصم ، وإلا فأي إنسان منصف ، وأي عاقل عادل يبرئ ذمة يزيد العنيد من دم السبط الشهيد وأصحابه الأماجد ؟!

وأي عالم متدين ملتزم بالحق تسوغ نفسه ويسمح له دينه وعلمه أن يدافع عن مثل يزيد العنيد ؟!

وأما قولك : إن قتل الحسين ريحانة رسول الله (ص) ما كان بأمره ، وأنه اعتذر من أهل البيت وتاب واستغفر عن فعل عامله ، فلو كان كذلك فلماذا لم يحاكم ابن زياد ولم يعاقب قتلة الحسين عليه السلام ؟!

ولماذا لم يعزل أولئك المجرمين عن مناصبهم وهم شرطته وجلاوزته وأعوان حكومته ؟!

ثم من أين تقولون إنه تاب واستغفر ؟! وكيف تجزمون وتحتمون بأن الله سبحانه وتعالى قبل توبته وغفر له ؟!

صحيح ، إن الله عز وجل غفور رحيم ، ولكن للتوبة شروط :

أولها : رد حقوق الناس ، فهل رد يزيد حقوق أهل البيت والعترة الطاهرة .

ثم إن فضائح يزيد وقبائحه لم تنحصر في قتل السبط الشهيد وسبي نسائه ونهب أمواله وحرق خيامه .. إلى آخره ، بل إنكاره ضروريات الدين ، ومخالفته القرآن الكريم ، وتظاهره بالفسق والمعاصي ، كل واحد منها دليل على كفره وإلحاده .

النواب : أرجوك أن تبين لنا دلائلكم على كفر يزيد حتى نعرف الحقيقة ونتبع الحق .

دلائل كفر يزيد العنيد:

قلت : من الدلائل الواضحة على كفر يزيد بن معاوية مخالفته لحكم الله سبحانه في حرمة شرب الخمر ، فإنه كان يشرب ويتفاخر بذلك في أشعاره فقد قال وثبت في ديوانه المطبوع :

شميسة كرم برجها قعر دنّـهـــا * فمشرقها الساقي ومغربهـا فمـي

فإن حرمت يوما على دين أحمد * فخذها على دين المسيح بن مريم

وقال أيضا كما في ديوانه :

أقول لصحب صمّت الكاس شملهم * وداعـــي صبابات الهوى يترنّم

خــذوا بنصـيـب مـن نـعـيـــم ولــذة * فكــــل وإن طال الـمدى يتصرم

فهو في هذين البيتين يدعو إلى لذة الدنيا ونعيمها وينكر الآخرة ، ومن شعره في إنكار الآخرة والمعاد ، ما نقله أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه : ( الرد على المتعصب العنيد ، المانع عن لعن يزيد لعنه الله ) وهو :

عليـة هـاتي نــاولي وترنمــي * حديـثـك إني لا أحــب الـتـناجيا

فإن الذي حدثت عن يوم بعثنا * أحاديث زور تترك القلب ساهيا

ومن كفريّاته :

يا معشر الندمان قوموا * واسمعوا صوت الأغاني

واشربــوا كــأس مـدام * واتـركـوا ذكــر الـمـعاني

شـغـلـتني نغمة العيدان * عـــــــن صـــــوت الأذان

وتعـوضـــت عن الحور * عــجـــوزا فــــي الـدنـان

ومن الدلائل الواضحة على كفر يزيد وارتداده ، أشعاره الإلحادية وكفرياته التي أنشدها بعد مقتل السبط الشهيد سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي عليه السلام .

فقد ذكر سبط ابن الجوزي في كتابه ـ التذكرة : ص148 ـ قال : لما جاءوا بأهل البيت إلى الشام سبايا ، كان يزيد جالسا في قصره ، مشرفا على محلة جيرون ، فأنشد قائلا :

لما بدت تلك الرؤوس وأشرقـت * تلك الشموس على ربى جيرون

نعب الغراب قلت : نح أو لا تنح * فلقـد قضـيت مـن النـبي ديونـي

ومن الدلائل على كفر يزيد العنيد لعنه الله :

فقد ذكر المؤرخون كلهم أن يزيد احتفل بقتل الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام ودعا إلى ذلك المجلس كبار اليهود والنصارى ، وجعل رأس السبط الشهيد سيد شباب أهل الجنة أمامه ، وانشد أشعار ابن الزبعرى :

ليت أشياخي ببدر شهـــدوا * جزع الخزرج من وقـــع الأسل

لأهـلوا واستــهـلوا فرحــــا * ثـم قالـوا يــا يـــزيــد لا تـشـــل

قد قتلنا القرم من ساداتهــم * وعـــدلــنـاه بـبــدر فـــاعــتــدل

لعبت هــاشم بالمــلك فــــلا * خــبر جــاء ولا وحـــي نــــــزل

لست من خندف إن لم أنتقم * مــن بــني أحـمـد مـا كـان فعل

قد أخذنا من عـــلي ثـــارنا * وقتــلنــا الفـارس الليـــث البطل

والظاهر أن البيت الثاني والأخير ليزيد نفسه .

وقد كتب بعض علمائكم مثل : أبي الفرج ابن الجوزي ، والشيخ عبد الله بن محمد بن عامر الشبراوي في كتاب الاتحاف بحب الأشراف : ص 18 ، والخطيب الخوارزمي في الجزء الثاني من كتابه ” مقتل الحسين “.

صرحوا : إن يزيد لعنه الله كان يضرب ثنايا أبي عبدالله الحسين بمقصرته ويترنم بهذه الأبيات التي نقلناها .

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...