الرئيسية / من / الشعر والادب / العلامة الحلي يرثي الإمام الحسين عليه السلام

العلامة الحلي يرثي الإمام الحسين عليه السلام

إن لم أقف حيث جيش الموت يزدحم * فلا مشت بي في طرق العلا قدم
لابد أن أتداوى بالقنا فلقد * صبرت حتى فؤادي كله ألم
عندي من العزم سر لا أبوح به * حتى تبوح به الهندية الخذم
لا أرضعت لي العلى ابنا صفو درتها * إن هكذا ظل رمحي وهو منفطم

 

 
إلية بضبا قومي التي حمدت * قدما مواقعها الهيجاء لا القمم
لأحلبن ندي الحرب وهي قنا * لبانها من صدور الشوس وهو دم
مالي أسالم قوما عندهم ترتي * لا سالمتني يد الأيام إن سلموا
من حامل لولي الأمر مألكة * تطوى على نفثات كلها ضرم

 

 
يا بن لألى يقعدون الموت ان نهضت * بهم لدى الروع في وجه الضبا الهمم
الخيل عندك ملتها مرابطها * والبيض منها عرى أغمادها السأم
هذي الخدور العداء ( 169 ) هاتكة * وذي الجباه ألا مشحوذة تسم
لا تطهر الأرض من رجس العدى أبدا * ما لم يسل فوقها سيل الدم العرم

 

 
بحيث موضع كل منهم لك في * دماه تغسله الصمصامة الخذم
أعيذ سيفك أن تصدى حديدته * ولم تكن فيه تجلى هذه الغمم
قد آن أن يمطر الدنيا وساكنها * دما أغر عليه النقع مرتكم
حران تدفع هام القوم صاعقة * من كفه وهي السيف الذي علموا

 

 
نهضا فمن بظباكم هامه فلقت * ضربا على الدين فيه اليوم يحتكم
وتلك أنفالكم في الغاصبين لكم * مقسومة وبعين الله تقتسم
جرائم آذنتهم أن تعاجلهم * بالانتقام فهلا أنت منتقم
وإن أعجب شئ أن أبثكها * كأن قلبك خال وهو محتدم

 

 
ما خلت تقعد حتى تستثار لهم * وأنت أنت وهم فيما جنوه هم
لم تبق أسيافهم منكم على ابن تقى * فكيف تبقي عليهم لا أبا لهم
فلا وصفحك إن القوم ما صفحوا * ولا وحلمك إن القوم ما حلموا
فحمل أمك قدما أسقطوا حنقا * وطفل جدك في سهم الردى فطموا ( 170 )

 

 
لا صبر أو تضع الهيجاء ما حملت * بطلقة معها ماء المخاض دم
هذا المحرم قد وافتك صارخة * مما استحلوا به أيامه الحرم
يملأن سمعك من أصوات ناعية * في مسمع الدهر من إعوالها صمم
تنعى إليك دماء غاب ناصرها * حتى أريقت ولم يرفع ( 171 ) لكم علم

 

 
مسفوحة لم تجب عند استغاتها * إلا بأدمع ثكلى شفها الألم
حنت وبين يديها فتية شربت * من نحرها نصب عينيها ، الضبا الخذم
موسدين على الرمضاء تنظرهم * حرى القلوب على ورد الردى ازدحموا
سقيا لثاوين لم تبلل مضاجعهم * إلا الدماء وإلا الأدمع السجم

 

 
أفناهم صبرهم تحت الضبا كرما * حتى قضوا ( 172 ) ورداهم ملؤه كرم
وخائضين غمار الموت طافحة * أمواجها البيض بالهامات تلتطم
مشوا إلى الحرب مشي الضاريات لها * فصارعوا الموت فيها والقنا أجم
ولا غضاضة يوم الطف أن قتلوا * صبرا بهيجاء لم تثبت لها قدم

 

 
فالحرب تعلم إن ماتوا بها فلقد * ماتت بها منهم الأسياف لا الهمم
أبكيهم لعوادي الخيل إن ركبت * رؤسها لم تكفكف عزمها اللجم ( 173 )
وللسيوف إذا الموت الزؤام غدا * في حدها هو والأرواح يختصم
وحائرات أطار القوم أعينها * رعبا غداة عليها خدرها هجموا

 

 
كانت بحيث عليها قومها ضربت ( 174 ) * سرادقا أرضة من عزهم حرم
يكاد من هيبة أن لا يطوف به * حتى الملائك لولا أنهم خدم
فغودرت بين أيدي القوم حاسرة * تسبى وليس لها ( 175 ) من فيه تعتصم
نعم لوت جيدها بالعتب هاتفة * بقومها وحشاها ملؤه ضرم

 

 
عجت بهم مذ على أبرادها اختلفت * أيدي العدو ولكن من لها بهم
نادت ويا بعدهم عنها معاتبة * لهم ، ويا ليتهم من عتبها أمم
قومي الألى عقدت قدما مآزرهم * على الحمية ما ضيموا ولا اهتضموا
عهدي بهم قصر الأعمار شأنهم * لا يهرمون وللهيابة الهرم

 

 

 
ما بالهم لا عفت منهم رسومهم * قروا وقد حملتنا الأنيق الرسم
يا غاديا بمطايا العزم حملها * هما تضيق به الأضلاع والحزم
عرج على الحي من عمرو العلى وأرح * منهم بحيث اطمأن البأس والكرم
وحي منهم حماة ليس بابنهم * من لا يرف عليه في الوغى العلم

 

 
المشبعين قرى طير السما ولهم * بمنعة الجار فيهم يشهد الحرم
والهاشمين وكل الناس قد علموا * بأن للضيف أو للسيف ما هشموا
كماة حرب ترى في كل بادية * قتلى بأسيافهم ( 176 ) لم تحوها الرجم ( 177 )
كأن كل فلا دار لهم وبها * عيالها الوحش أو أضيافها الرخم

 

 
قف منهم موقفا تغلي القلوب به * من ( 178 ) فورة العتب وأسأل ما الذي بهم
جفت عزائم فهر أم ترى بردت * منها الحمية أم قد ( 179 ) ماتت الشيم
أم لم تجد لذع عتبي في حشاشتها * فقد تساقط جمرا من فمي الكلم
أين الشهامة أم أين الحفاظ أما * يأبى لها شرف الأحساب والكرم

 

 
تسبى حرائرها ( 180 ) بالطف حاسرة * ولم تكن بغبار الموت تلتثم
لمن أعدت عتاق الخيل إن قعدت * عن موقف هتكت منها به الحرم
فما اعتذارك يا فهر ولم تثبي * بالبيض تثلم أو بالسمر تنحطم
أجل نساؤك قد هزتك عاتبة * وأنت من رقدة تحت الثرى رمم
فلتلفت الجيد عنك اليوم خائبة * فما غناؤك حالت دونك الرجم

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...