الرئيسية / الاسلام والحياة / في جامع صفاتهم صلوات الله عليهم

في جامع صفاتهم صلوات الله عليهم

في جامع صفاتهم صلوات الله عليهم في البحار عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام): للإمام علامات، يكون أعلم الناس وأحكم الناس وأتقى الناس وأحلم الناس وأشجع الناس وأسخى الناس وأعبد الناس، ويولد مختونا ويكون مطهرا ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه، ولا يكون له ظل، وإذا وقع إلى الأرض من بطن أمه وقع على راحتيه رافعا صوته بالشهادتين، ولا يحتلم، وتنام عيناه ولا ينام قلبه، ويكون محدثا، ويستوي عليه درع رسول الله (صلى الله عليه وآله).

 

 

 

ولا يرى له بول ولا غائط، لأن الله عز وجل قد وكل الأرض بابتلاع ما يخرج منه وتكون رائحته أطيب من رائحة المسك، ويكون أولى الناس منهم بأنفسهم وأشفق عليهم من آبائهم وأمهاتهم ويكون أشد تواضعا لله عز وجل ويكون آخذ الناس بما يأمر به وأكف الناس عما ينهى عنه، ويكون دعاؤه مستجابا حتى أنه لو دعا على صخرة لانشقت بنصفين ويكون عنده سلاح رسول الله وسيفه ذو الفقار وتكون عنده صحيفة فيها أسماء شيعتهم إلى يوم القيامة وصحيفة فيها أسماء أعدائهم إلى يوم القيامة

 

 

 

ويكون عنده الجامعة وهي صحيفة طولها سبعون ذراعا فيها جميع ما يحتاج إليه ولد آدم ويكون عنده الجفر الأكبر والأصغر، إهاب ماعز وإهاب كبش فيها جميع العلوم حتى أرش الخدش وحتى الجلدة ونصف الجلدة وثلث الجلدة، ويكون عنده مصحف فاطمة (عليها السلام).(40)

 

 

 

(وفيه) في حديث آخر: إن الإمام مؤيد بروح القدس وبينه وبين الله عز وجل عمود من نور يرى فيه أعمال العباد، وكلما احتاج إليه لدلالة اطلع عليه ويبسط فيعلم ويقبض عنه فلا يعلم، والإمام يولد ويلد ويصح ويمرض ويأكل ويشرب ويبول ويتغوط وينكح وينام وينسى ويسهو ويفرح ويحزن ويضحك ويبكي ويحيى ويموت ويقبر فيزار ويحشر ويوقف ويعرض ويسأل ويتاب ويكرم ويشفع، ودلالته في الخصلتين: في العلم واستجابة الدعوة، وكلما أخبر به من الحوادث التي يحدث قبل كونها فذلك بعهد معهود إليه من رسول الله (صلى الله عليه وآله)

 

 

 

توارثه عن آبائه عنهم ويكون ذلك مما عهده إلى جبرئيل عن علام الغيوب عز وجل، وجميع الأئمة الأحد عشر بعد النبي قتلوا، منهم بالسيف وهو أمير المؤمنين والحسين والباقون قتلوا بالسم، قتل كل واحد منهم طاغية زمانه وجرى ذلك عليهم على الحقيقة والصحة لا كما تقوله الغلاة والمفوضة لعنهم الله، فإنهم يقولون: إنهم (عليهم السلام) لم يقتلوا على الحقيقة وأنه شبه للناس أمرهم، وكذبوا عليهم غضب الله، فإنه ما شبه أمر أحد من أنبياء الله وحججه للناس إلا أمر عيسى ابن مريم وحده لأنه رفع من الأرض حيا وقبض روحه بين السماء والأرض، ثم رفع إلى السماء ورد عليه روحه وذلك قول الله عز وجل (إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي)(41)

 

 

 

وقال عز وجل حكاية لقول عيسى يوم القيامة (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد).(42)

 

 

ويقول المتجاوزون للحد في أمر الأئمة: إنه جاز أن يشبه أمر عيسى للناس فلم لا يجوز أن يشبه أمرهم (عليهم السلام) أيضا؟ والذي يجب أن يقال لهم: إن عيسى مولود من غير أب فلم لا يجوز أن يكونوا مولودين من غير آباء، فإنهم لا يجسرون على إظهار مذهبهم لعنهم الله في ذلك، ومتى جاز أن يكون جميع أنبياء الله ورسله وحججه بعد آدم (عليه السلام) مولودين من الآباء والأمهات وكان عيسى مولودا من غير أب جاز أن يتشبه للناس أمره دون أمر غيره من الأنبياء والحجج، كما جاز أن يولد من غير أب دونهم وإنما أراد الله عز وجل أن يجعل أمره آية وعلامة ليعلم بذلك أنه على كل شئ قدير.(43)

 

 

وفي البحار عن مشارق البرسي عن طارق بن شهاب عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: يا طارق الإمام كلمة الله وحجة الله ووجه الله ونور الله وحجاب الله وآية الله، يختاره الله ويجعل فيه ما يشاء ويوجب بذلك الطاعة والولاية على جميع خلقه، فهو وليه في سماواته وأرضه أخذ له بذلك العهد على جميع عباده، فمن تقدم عليه كفر بالله من فوق عرشه، فهو يفعل ما يشاء وإذا شاء الله شاء، ويكتب على عضده (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا)(44)

 

 

 

فهو الصدق والعدل، وينصب له عمود من نور من الأرض إلى السماء يرى فيه أعمال العباد، ويلبس الهيبة وعلم الضمير ويطلع على الغيب، ويرى ما بين المشرق والمغرب فلا يخفى عليه شئ من عالم الملك والملكوت، ويعطى منطق الطير عند ولايته فهذا الذي يختاره الله لوحيه ويرتضيه لغيبه ويؤيده بكلمته ويلقنه حكمته ويجعل قلبه مكان مشيئته وينادي له بالسلطنة ويذعن له بالإمرة ويحكم له بالطاعة، وذلك لأن الإمامة ميراث الأنبياء ومنزلة الأصفياء وخلافة الله وخلافة رسل الله، فهي عصمة وولاية وسلطنة وهداية، لأنها تمام الدين ورجح الموازين.

 

 

 

 

الإمام دليل القاصدين ومنار للمجتهدين وسبيل السالكين وشمس مشرقة في قلوب العارفين، ولايته سبب للنجاة وطاعته مفترضة في الحياة وعدة بعد الممات، وعز المؤمنين وشفاعة المذنبين ونجاة المحبين وفوز التابعين، لأنها رأس الإسلام وكمال الإيمان ومعرفة الحدود والأحكام وحد سنن الحلال من الحرام فهي مرتبة لا ينالها إلا من اختاره الله وقدمه وولاه وحكمه، فالولاية هي حفظ الثغور وتدبير الأمور وتعديد الأيام والشهور. الإمام الماء العذب على الظمأ والدال على الهدى. الإمام المطهر من الذنوب المطلع على الغيوب. الإمام هو الشمس الطالعة على العباد بالأنوار فلا تناله الأيدي والأبصار، وإليه الإشارة بقوله تعالى (فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين)(45)

 

(40) البحار: 25 / 116 ح 1.
(41) آل عمران: 55.
(42) المائدة: 117.
(43) البحار: 25 / 119 ح 2.
(44) الأنعام: 115.
(45) المنافقون: 8.

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...