الرئيسية / الاسلام والحياة / العين الحيوانية ترى الجسم فقط

العين الحيوانية ترى الجسم فقط

بسم الله الرحمن الرحيم

(سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه

الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) [فصلت: 53]

صدق الله العلي العظيم

 

العين الحيوانية ترى الجسم فقط

كان الحديث في بيان تطبيق معرفة النفس بمعرفة الله. وقد ورد في الحديث المشهور عن النبي الأكرم (ص) “من عرف نفسه فقد عرف ربه” وقد ذكرت له عدة تطبيقات ومن جملتها هو عدم الابصار، يعني أن عين الإنسان لا يمكنها أن ترى الله وليس لها أن تنكر وجوده لمجرد أنها لا تراه لأن رؤية العين الحيوانية مرتبطة بالجسد، هذا الجسد الذي يشغل حيزاً من الفراغ والجسم الكثيف ذي الأظلال.

 لا يمكنك رؤية ذاتك

ولأجل درك هذا المعنى ارجع إلى نفسك، فهل يمكن لشخص أن ينكر نفسه باستثناء من أصيب بالأوهام أو أصبح سوفسطائياً، وإلا فالعقل حاكم بأنها موجودة، فهل يمكنك أن ترى نفسك يعني أن ترى نفسك الناطقة؟

وهذا الذي تراه فهو الجسد والمركب، أما المدير لهذا الجسد والمدبر له، ذلك الذي يدرك الكمال هو مجرد وليس بجسم ولا يرى بالعين فخالق هذه النفس بطريق أولى لا يرى بالعين.

 البحث في علامات الوجود

فكما أن النفس تعرف من آثارها فالخالق لهذا العالم يعرف من آثار صنعه وأفعاله ومراتب خلقته ويحصل به اليقين.

النطق والبيان والحركات الحاصلة في البدن من آثار الروح، فمع عدم وجود الروح فالجسم جماد.

آثار الخالق أيضاً على أبواب وجدران هذا العالم وكل الأشياء علامات على وجود وعلم وقدرة الله سبحانه وتعالى.

النفس المجردة لا تحتاج إلى مكان

من وجوه التشابه في حديث “من عرف نفسه فقد عرف ربه” هو مسألة الأينية والمكان المحيط بالجسد فالنفس ليس لها مكان وخالق العالم أيضاً لا مكان له، ولا يمكن أن يقال أين الله؟ في العرش والسماء.. في الأرض.. الفوق والتحت بالنسبة إلى الله غلط لأن الذي بحاجة إلى المكان هو الجسم وليس خالق هذا الجسم.

قلنا أن الجسد يعني المركب هو المحتاج إلى المكان أما المجرد فلا حاجة له إلى المكان.

وقول الإمام أمير المؤمنين (ع) “أين الأين فلا يقال له الأين” فهو خالق المكان ولا يمكن أن ننسبه إلى مكان، هو الخالق للسماء والأرض فلا معنى لأن يكون مكانه هناك.. خالق العرش وليس مكانه العرش.

الله لا مكان له، والشاهد على ذلك هو روحنا، فقطعاً أن لكل واحد منا روح… أين روحنا؟ من الرأس حتى أطراف اصابع القدم في كل مكان تضع يدك وتقول هذا هو مكان الروح فهو غلط ولو قلت أنه ليس بمكان للروح فكذلك غلط وليس له معنى، فلا يمكن أن يقال أنه مكان الروح ولا يمكن أن يقال أنه منفصل عن الروح.

المكان غير منفصل عن الوجود أيضاً

ذلك لأن الروح موجود مجرد ومحيط بالجسم وشامل لظاهر وباطن البدن وليس محلاً لشيء وهي داخلة في الجسد فهي لا مكان لها أصلاً بل هي موجود مجرد وليس لها ظل وأيضاً لا يوجد مكان في الجسد وهو خال منها. “يا من لا يحويه مكان ولا يخلو منه مكان”.

العضو الفاقد للروح مفلوج وميت

(وكان الله بكل شيء محيطاً) [النساء: 126] الله سبحانه وتعالى بكل شيء محيط ولكن لا معنى لأن يكون له مكان ومحل، إذا أردتم أن يتوضح المطلب أكثر فارجعوا إلى روحكم التي ليس لها مكان. أي عضو من أعضاء جسمك من رأسك إلى قدمك إذا لم يكن له روح فهو مفلوج وميت ومع ذلك فالروح ليست في ذلك المكان ليس هو مكاناً للروح وليست الروح منفصلة عنه.

كذلك جميع أجزاء عالم الوجود ليست مكاناً لله وليست خالية من الله.

كل مكان تذهب إليه فالله موجود، كل مكان تكون فيه فالله معك (هو معكم أينما كنتم) [الحديد: 4] وفي نفس الوقت ليس لله مكان وتقول كيف يمكن ذلك؟ مثال ذلك الروح بالنسبة للبدن.

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...