الرئيسية / الاسلام والحياة / في بيان الحفاظ على العبادة من تصرف الشيطان

في بيان الحفاظ على العبادة من تصرف الشيطان

من الآداب المهمة القلبية للصلاة وغيرها من العبادات الحفاظ عليها من التصرفات الشيطانية ، وهو في الوقت نفسه من أمهات الآداب القلبية والقيام به من عظائم الأمور ومشكلات الدقائق ، ولعل الآية الشريفة في وصف المؤمنين الذين هم على صلواتهم يحافظون إشارة إلى جميع مراتب الحفظ التي تكون أحداها بل أهمها الحفاظ عليها من تصرفات الشيطان .

 

 

وتفصيل هذا الإجمال إن من الواضح عند أصحاب المعرفة وأرباب القلوب أنه كما أن للابدان غذاء جسمانيا تتغذى به ، ولا بد أن يكون الغذاء مناسبا لحالها وموافقا لشأنها حتى تتيسر لها التربية الجمسانية والنمو النباتي ، كذلك فإن للقلوب والأرواح غذاء لا بد أن يكون مناسبا لحال كل منها وموافقا لنشأتها كي تتربى به وتتغذى منه وتنمو نموا معنويا وتترقى ترقيا باطنيا . والغذاء المناسب لنشأة الأرواح هو المعارف الإلهية اعتبارا من مبدأ المبادئ للوجود إلى منتهى النهاية للنظام الوجودي كما قال أعاظم أرباب الصناعة الفلسفية في تعريف الفلسفة         ” هي صيرورة الإنسان عالما عقليا مضاهيا للعالم العيني في صورته وكماله ” . وهذا القول إشارة إلى هذا التغذي  

{ 53 }

من المعارف الإلهية في حين أن تغذي القلوب يستمد من الفضائل والمناسك الإلهية .

 

 

وليعلم أن كلا من هذه الأغذية إذا خلص من تصرف الشيطان وأوعدّ على يد الولاية للرسول الخاتم وولي الله الأعظم صلوات الله عليهما وآلهما يتغذى الروح والقلب منه وينالا الكمال اللائق   بالإنسانية ، ويعرجان معراج القلوب إلى الله ، ولا يحصل الخلاص من تصرف الشيطان الذي هو مقدمة للإخلاص بحقيقته إلا أن يكون السالك في سلوكه طالباً لله .

 

 

 

ويضع حب النفس وعبادتها الذي هو المنشأ للمفاسد كلها وأمُّ الأمراض الباطنية تحت قدميه ، وهذا لا يتيسر بتمام معناه في غير الإنسان الكامل وبتبعية في خُلَّص أوليائه ، وأما سائر الناس فغير ميسّر لهم هذا الخلاص ، ولكن على السالك إلاّ ييأس من الألطاف الباطنية لله سبحانه فإن اليأس من روح الله رأس كل برودة وفتور ومن أعظم الكبائر .

 

 

 

والذي يمكن من الإخلاص لصنف الرعايا هو أيضاً قرّة العين لأهل المعرفة ، فعلى سالك طريق الآخرة لزوما حتما أن يخلص معارفه ومناسكه من تصرف الشيطان والنفس الأمارة مهما بلغ من الجهد وان يغوص في حركاته الباطنية ، وتغذياته الروحية ، ولا يغفل عن حيل النفس والشيطان وحبائل النفس الأمارة وإبليس وان يسوء ظنه سوء الظن الكامل في جميع حركاته وأفعاله ، ولا يخلي نفسه على رسلها آنا ما ، فربما تتغلب على الإنسان وتصرعه إذا تسامح معها وتوسقه إلى الهلاك والفناء ، لأن الأغذية الروحانية إذا لم تكن خالصة من تصرف الشيطان وتدخلت يده في أعدادها فمضافا إلى أنه لا تتربى بها الأرواح والقلوب ولا تصل إلى الكمال اللائق بها ، يحصل لها النقصان الفاحش أيضاً ، ولعلها تجعل صاحبها منسلكا في سلك الشياطين والبهائم والسباع .

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...