الرئيسية / الاسلام والحياة / الآداب المعنوية للصلاة – في الطهور وهو اما الماء وهو الاصل في هذا الباب واما الارض

الآداب المعنوية للصلاة – في الطهور وهو اما الماء وهو الاصل في هذا الباب واما الارض

(قال العارف السعيد القاضي سعيد القمّي ((*- هو محمد بن مفيد القُمّي العالم الفاضل الحكيم المتشرع العارف الربّاني والمحقّق الصمداني من أعاظم علماء الحكمة والادب والحديث . انتهى اليه منصب القضاء في بلده قم .

كان من تلامذة المحقق الفيض الكاشاني والمولى عبد اللازّاق الاهيجي له مصنفات فائقة منها شرحه على كتاب توحيد الصدوق في مجلّدات والاربعينيّات وغير ذلك . وأشهر مصنفاته شرحه على التوحيد وهو مشتمل على الفوائد الكثيرة فلنذكر فائدة مختصرة منها :

روى الصدوق عن أبي عبدالله عليه السلام قال لمّا امر الله عز وجل ابراهيم واسماعيل عليهما السلام ببنيان البيت وتمّ بناؤه أمره ان يصعد ركنا ينادي في الناس الا هلمّ الحجّ فلو نادى هلمّوا إلى الحج لم يحجّ إلا من كان يومئذ انسيّا مخلوقا ولكن نادى هلمّ الحجّ فلبّى الناس في أصلاب الرجال لبيك داعي الله لبيك داعي الله فمن لبىّ عشرا حجّ عشرا ومن لبّى خمسا حج خمسا ومن لبّى اكثر فبعدد ذلك ومن لبى واحدا حجّ واحدا ومن لم يلبّ لم يحج .

قال القاضي سعيد في معنى الخبر : عندي ان الوجه فيه ان استعمال هلم لمجرّد الامر وطلب الحضور مع تجريد من خصوصية المخاطب بالافراد والتذكير والتأنيث ، والمعنى ليكن اتيان بالحجّ وليصدر قصد إلى البيت ممّن يأتي منه هذا القصد من أفراد البشر وهذا إنّما يصحّح في صيغة المفرد حيث لم يكن فيه علامة الزيادة لاجل التأنيث والتثنية والجمع بخلاف صيغة الجمع فان الزيادة فيه مانعة عن ذلك كما لا يخفى على المتدرّب في العلوم ( انتهى ) .))

 

 

وهو ( أي الطهور ) امّا الماء الذي هو سرّ الحياة التي هي العلم ومشاهدة الحيّ القيّوم ، قال الله تعالى : ” وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به ” ( الفرقان 48 و 49 ) . وقال جل وعلا : ” وينزل عليكم من السماء ماء ليطهّركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان ” ( الانفال 11 ) وأما التراب الذي هو أصل نشأة الانسان قال عزّ من قائل ” منها خلقناكم ” ( طه 55 ) . وقال جلّ جلاله : ” فلم تجدوا ماء فتيمّموا صعيدا طيّبا ” ( النساء 43 ) وذلك لتتفكر في ذاتك لتعرف من أوجدك ومم أوجدك ولم أوجدك ، فتخضع له وترفع التكبّر من رأسك لان التراب هو الاصيل في الذلّة والمسكنة .

ثم اعلم ان ماء الغيث لطيف في غاية الصفا وله مزاج واحدا ولا يمازجه شيء في الخارج فهو في الباطن العلم اللدني الذي له طعم واحد اذ الانبياء والاولياء كلهم على قول متحد وان اختلفت المشارب والمناهل فليكن معتمدك في طهورك الظاهري والباطني هذا الماء ، وأما ماء العيون والآبار فهو مختلف الطعم بحسب تلك البقعة والأرض التي خرج منها وامتزج بتربتها فهو العلم المستفاد من الافكار الصحيحة التي لاتخلو من شائبة التغيّر بحسب مزاج المتفكر لانه ينظر في مواد محسوسة تقوم عليها البراهين ، فاختر لنفسك أي الماءين يقرب من ذوقك ويناسب مشربك .. ( انتهى ) .

وكأنّ الامام أطال الله بقاه ينظر إلى كلام هذا العارف في هذا المبحث ولكن شتّان ما بين الكلامين ، فتأمّل تعرف .)

إعلم أن للانسان السالك في الوصول إلى المقصد الأعلى ومقام القرب الربوبي طريقين على نحو كلي أحدهما وله مقام الكلّية والأصالة وهو السير إلى الله بالتوجّه إلى مقام الرحمة المطلقة وخصوصا الرحمة الرحيمية وهي رحمة توصل كل موجود إلى كماله اللائق به ، ومن شعب الرحمة الرحيمية ومظاهرها بعث الانبياء والرسل صلوات الله عليهم الذين هم هداة السبل والمساعدون للمتأخرين عن السير ، بل ان دار التحقق في نظر أهل المعرفة وأصحاب القلوب هي صورة الرحمة الالهية ، والخلائق دائما مستغرقون في بحار رحمة الحق تعالى ولكنهم لا يستفيدون منها .

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...