الرئيسية / الاسلام والحياة / الآداب المعنوية للصلاة – في الطهور وهو اما الماء وهو الاصل في هذا الباب واما الارض

الآداب المعنوية للصلاة – في الطهور وهو اما الماء وهو الاصل في هذا الباب واما الارض

فهذا الكتاب العظيم الإلهي الذي نزل من عالم الغيب الإلهي والقرب الربوبي ، ولأجل استفادتنا نحن المهجورين وخلاصنا نحن المسجونين في سجن الطبيعة والمغلولين في سلاسل أهواء النفس والآمال وقد صار في صورة اللفظ والكلام هو أحد مظاهر العظيمة للرحمة المطلقة الإلهية ، وما استفدنا نحن الصم العمي منه بشيء ولا نستفيد . وان الرسول الخاتم والوليّ المطلق الأكرم الذي شرّفنا وقد من محضر القدس ومحفل القرب والانس

{ 129 }

الإلهي إلى هذا المنزل منزل الغربة والوحشة وابتلي بمعاشرة أمثال أبي جهل وشرّ منه مراودته وان أنين ليغان على قلبي منه صلى الله عليه وآله قد أحرق قلوب أهل المعرفة والولاية ويحرقها الان أيضا هو الرحمة الواسعة والكرامة المطلقة الالهية التي كان قدومها في هذه الدويرة للرحمة على الموجودات وعلى سكنة العالم الاسفل الادنى واخراجهم من هذه الدار دار الغربة والوحشة ، فهو صلى الله عليه وآله كالحمامة المطوقة التي تلقي نفسها إلى الفخ لتنجي رفقاءها منه .

   فلابد للسالك إلى الله أن يرى التطهير بماء الرحمة صورة لاستفادته من الرحمة الالهية النازلة ، وما دامت الاستفادة له ميسورة ، لابد أن يقوم بأمرها واذا قصرت يده عنها بسبب القصور الذاتي أو تقصيره وبسبب فقد ماء الرحمة لم يكن له بدّ من التوجّه بذلّه ومسكنته وفقره وفاقته ، فاذا جعل ذلّة عبوديته نصب عينيه وتوجّه باضطراره الذاتي وفقره الذاتي وإمكانه الذاتي وخرج من التعزز والغرور وحب النفس ينفتح له باب آخر من الرحمة وتبدل بأرض الطبيعة أرض الرحمة البيضاء ويصير التراب أحد الطهورين ويصير موردا لترحم الحق تعالى وتلطفه ، وكلما قوي هذا النظر في الانسان أي النظر إلى ذلّة نفسه يكون موردا للرحمة أكثر . وأما اذا أراد الانسان أن يسلك هذا الطريق بقدم الاعتماد على النفس وعلى عمله فهو هالك لامحالة لانه من الممكن الا يؤخذ بيده فمثله كالطفل الذي يتجاسر على المشي ويغتر بقدمه ،   ويعتمد على قوته ، فمثل هذا الطفل لا يكون موردا لعناية أبيه ويكله الاب إلى نفسه وأما إذا عرض اضطراره وعجزه على جناب الأب الشفيق وخرج عن الاعتماد على نفسه وعلى قوّته بالكلّية فيصير حينئذ موردا لعناية الاب ويأخذ الاب بيده بل يأخذه في حضنه ويمشي به بقدمه فالاحرى بالسالك إلى الله ان يكسر رجل سلوكه وان يستدعي البراءة من الاعتماد على

{ 130 }

نفسه وارتياضه وعمله بالكلّية وينفى عن نفسه وقدرته وقوّته ، ويجعل فناءه واضطراره دائما نصب عينيه حتى يقع دائما موردا للعناية ، فربما يسلك حينئذ طريقا يطول سيره مئة سنة في ليلة واحدة بالجذبة الربوبية , وحينما يفنى عن نفسه وقوته وقدرته ويقول في محضر القدس الربوبي بلسان باطنه وحاله بالعجز والافتقار : ” أمّن يجيب المضّطر اذا دعـاه ويكشف السوء “. ( النمل – 61 )

 

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...