الرئيسية / الاسلام والحياة / الآداب المعنوية للصلاة – في نبذة من آداب الوضوء الباطنية والقلبية

الآداب المعنوية للصلاة – في نبذة من آداب الوضوء الباطنية والقلبية

وفي باب علّة وجوب الصوم ايضا :

{ 136 }

عن الحسن بن علي بن ابي طالب عليهما السلام قال :

” جاء نفر من اليهود الى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله أعلمهم عن مسائل ، فكان فيما سأله أن قال له : لايّ شيء فرض الله عز وجل الصوم على أمّتك بالنهار ثلاثين يوما وفرض على الامم السالفة أكثر من ذلك ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله ان آدم لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض الله تعالى على ذرّيته ثلاثين يوما الجوع والعطش والذي يأكلونه تفضّل من الله تعالى عليهم ” ( الحديث ) .

فمن هذه الاحاديث لاهل الاشارات واصحاب القلوب استفادات منها أن خطيئة آدم عليه السلام مع أنها ما كانت من قبيل خطايا غيره بل لعلها كانت خطيئة طبيعية أو أنها كانت خطيئة التوجّه إلى الكثرة التي هي شجرة الطبيعة أو كانت خطيئة التوجّه إلى الكثرة الاسمائية ، بعد جاذبة الفناء الذاتي ولكنها ما كانت متوقعة من مثل آدم عليه السلام الذي كان صفيّ الله والمخصوص بالقرب والفناء الذاتي ولهذا أعلن الذات المقدسة وأذاع بمقتضى الغيرة الحبية عصيانه وغوايته في جميع العوالم وعلى لسان الانبياء عليهم السلام ، وقال تعالى : ” وعصى آدم ربّه فغوى ” . ( طه – 2 ) . ومع ذلك لا بد من التطهير والتنبيه بهذه المثابة له ولذرّيته التي كانت مستكنة في صلبه ومشتركة في خطيئته بل اشتركوا في الخطيئة بعد الخروج من صلبه أيضا فكما أن لخطيئة آدم وأبنائه مراتب ومظاهر فأول مرتبتها التوجه إلى الكثرات الاسمائية وآخر مظهرها الاكل من الشجرة المنهية التي صورتها الملكوتية شجرة فيها أنواع الثمار والفواكة وصورتها الملكية هي الطبيعة وشؤونها ، وان حب الدنيا والنفس هما موجودان ياستمرار في الذرية لمن شؤون هذا

{ 137 }

الميل إلى الشجرة والأكل منها كذلك لتطهيرهم وتنزيههم وطهارتهم وصلاتهم وصيامهم للخروج من خطيئة الاب الذي كان هو الاصل ايضا مراتب كثيرة مطابقة لمراتب الخطيئة .

وقد علم من هذا البيان ان جميع أنواع المعاصي القالبية لابن آدم هي من شؤون أكل الشجرة ، وتطهيرها على نحو خاص : وان جميع أنواع المعاصي القلبية لهم ايضا من شؤون تلك الشجرة وتطهيرها بطور آخر .   وان جميع أنواع المعاصي الروحية من تلك وتطهيرها بطور خاص وان تطهير الاعضاء الظاهرية هو ظلّ الطهارات القلبية والروحية للكمّل ووظيفة ووسيلة لتطهير القلب والروح لاهل السلوك . وما دام الانسان في حجاب تعيّن الاعضاء وطهارتها وواقف في ذلك الحد فليس هو من أهل السلوك ، وهو باق في الخطيئة ، فاذا اشتغل بمراتب الطهارات الظاهرية والباطنية وجعل الطهارات الصورية القشرية وسيلة للطهارات المعنوية اللبية ولاحظ في جميع العبادات والمناسك حظوظها القلبية وتمتع منها بل اهتم بالجهات الباطنية أكثر من الظاهرية وعرف أنها هي المقصد الاعلى دخل في باب سلوك الانسانية كما أشار اليه في الحديث الشريف في مصباح الشريعة حيث يقول فيه : ” وطهّر قلبك بالتقوى واليقين عند طهارة جوارحك بالماء ” فيلزم للانسان السالك العلمي كي يشخص ببركة أهل الذكر عليهم السلام مراتب العبادات ويرى العبادات الصورية مرتبة نازلة للعبادات القلبية والروحية ثم يشرع في السلوك العملي الذي هو حقيقة السلوك ، وغاية هذا السلوك هي تخلية النفس عن غير الحق وتحليتها بالتجليات الاسمائية والصفاتية والذاتية ، فاذا حصل للسالك هذا المقام

{ 138 }

فحينئذ ينتهي سلوكه وتحصل له الغاية في السير الكمالي فينال اسرار النسك والعبادات ولطائف السلوك وهي التجليات الجلالية التي هي اسرار الطهارات والتجليات الجمالية التي هي غايات العبادات الاخر ، وتفصيلها خارج عن مجال هذه الاوراق .

 

 

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...