الرئيسية / الشهداء صناع الحياة / 80 الشهيد عبد الأمير فاضل

80 الشهيد عبد الأمير فاضل

80ـــــــــــ جعفر الجعفري ـــــــــــــــــ
رجال تاجروا بالنفس مع الباري القدير، وعقدوا العزم على السير إلى الأمام، فكانت لهم صولات وضربات أوجعت من عاث في الأرض فسادا…
فازوا بإحدى الحسنَيين فكان عطرهم يلامس شغاف القلوب وكانت أرواحهم تطوف في خنادق المجاهدين الذين ما تركوا البندقية لإحقاق حقها المغتصب، فحمل إخوانهم من بعدهم أمانة التكليف، فكانت الشهادة والسير على خطى الشهداء هما الميراث، ومن هذه القافلة الحسينية الشهيد جعفر الجعفري.
كانت بغداد مسقط رأسه عام1967م، عاش وسط أسرة متدينة ميسورة الحال، تحمل من الالتزام والأخلاق الرفيعة ما جعلها موضع احترام أبناء المنطقة جميعا، ونشأ في جو يسوده الإيمان وحب أهل البيت‌عليهم‌السلام، هذا الالتزام والموالاة جعلت منه إنسانا مؤمنا يتردد على المساجد والحسينيات، فكان لتردده على جامع المصلوب في بغداد، وزياراته لمراقد الأئمة الأطهار عليهم‌السلام الأثر البالغ على روحه الشفافة، وعلى براءته وفطرته السليمة، حيث تزوّد التقوى والإيمان من معين أهل البيت الرقراق، فانغرست البذرة الصالحة في التربة الخصبة، وتطهرت روحه من الأدران والشوائب الدنيوية.
بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، تعاطف أبناء الشعب العراقي المسلم معها، وكان لمفاهيم تلك الثورة تأثير في نفوس أبناء الرافدين، وبعد أن انتشر ذلك المد الإسلامي وعجزت مؤسسات النظام القمعية في الحد منه، قامت بإفراغ الساحة الإسلامية من مراجعها المجاهدين وعلى رأسهم السيد الشهيد محمد باقر الصدر رضوان‌الله‌تعالى‌عليه وزُجّ أبناء العراق المؤمنين في غياهب السجون، وجن جنون حزب البعث اللئيم وازداد حقده على أبناء العراق الغيارى، فاتخذوا قرارا ظالما بتسفير الأسر المؤمنة بحجج واهية، وكانت أسرة عبد الأمير من ضمن تلك الأسر، حيث سُفّرت إلى إيران عام1980م، وكانت مدينة مهران الحدودية هي المحطة الأولى في حياته.
بعد شن الحرب على الجمهورية الإسلامية من قبل نظام العفالقة واحتلال مدينة مهران أنتقل هو وأسرته إلى مدينة إيلام، حيث دخل إحدى المدارس الدينية في المدينة لينهل من معارف وعلوم أهل البيت عليهم‌السلام.
بعد فترة تطوع في قوات بدر ضمن الدورة الرابعة( ) في13/4/1983م، وفي أيامها الأولى ومع ساعات الفجر الأولى، كان صوته الجَهُوري المملوء إخلاصا ومعنوية وهو يشدوا (حسنت جميع خصاله صلوا عليه وآله) وغيرها من الأبيات في حق النبي وآله الطاهرين تملأ أهوار الجنوب، كما كانت أناشيده الثورية أثناء الرياضة الصباحية تزيد حماس المجاهدين وترفع معنوياتهم، ومن تلك الأناشيد (عهدا منا للصدر…) كان لها الأثر البالغ في شد العزائم وشحذ الهمم.

 
امتاز بطيبة القلب وحسن الخلق، فقد كان خدوما لإخوانه المجاهدين الذين أحبوه كثيرا، وكان يحرص دائما على إدخال السرور في قلوبهم.
اشترك في كل العمليات التي نفذها المجاهدون العراقيون في هور الحويزة والشمال في حاج عمران، والى الجنوب على أطراف مدينة البصرة، وعُرف في كلها شجاعا مقداما باسلا لايهاب الموت ولاتأخذه في الله لومة لائم، قال عنه قائد بدر (انه كان أستاذنا…).
في عمليات شرق البصرة، شارك مع فوج الشهيد الصدر وأبلى بلاء حسنا، إذ شهد بذلك كل من رآه، فكان يحمل العتاد لإخوانه في وقت كان القصف المدفعي كالمطر. في تلك العمليات ضاقت روحه وتمنى لقاء الله في أسرع وقت، بعد ما رأى أحد رفاق دربه — الذي عاش معه أعز أيام حياته — على الأرض جريحا ينزف دما إلى أن استشهد، وهو الشهيد أبوصباح المخابر، وهناك في أرض المعركة سقط العديد من رفاق دربه شهداء، وقد استجاب الله دعاءه وتحققت أمنيته التي يتمناها كل مؤمن مجاهد، وذلك يوم21/1/1987م، بعد أن استقرت رصاصة غادرة في رأسه، وأخرى في قلبٍ لم يستقر ولم يهدأ إلا برضا الله وجوار الحسين‌عليه‌السلام، فهنيئا له عاش سعيدا ورحل شهيدا.
سلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يُبعث حيا

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...