الرئيسية / الشهداء صناع الحياة / 89 الشهيد علي صندل داغر من شهداء بدر

89 الشهيد علي صندل داغر من شهداء بدر

89 ــأبوغفران الساعدي

ولد في بغداد عام1955م، وسط أسرة مؤمنة ملتزمة، ذات سمعة حسنة يكنُّ لها أهل المنطقة كل الاحترام والتقدير، فتغذى منها الأخلاق الفاضلة والخصال الحميدة.
في عام1974-1975م، عندما بدأ النظام العفلقي يُطبق كماشته على الأوضاع في العراق، ويجبر الناس على الانتماء لحزبه المشؤوم، كان متيقظا واعيا لما يدور وراء كواليس البعث وما يخطط له هذا الحزب اللعين، فكان ينبه أصدقاءه المقرّبين، ويحذرهم من خطر الانتماء لذلك الحزب واتجاهاته الخبيثة، فكان يرفض الانتماء إليه رفضا قاطعا، لذا صار يعيش مراقبا تلاحقه عيون زبانية النظام البغيضة.
سيق مجبرا مع ذلك الجيش الذي قدم على حرب الإسلام، وقد أنجاه الله سبحانه من ذلك الكابوس الذي كان يؤرقه ليل نهار، فاستنشق عبير الحرية بعد أن أسر بتاريخ 23/3/1982م في عمليات الفتح المبين (شوش- دزفول) بعد أن زجّ به النظام البعثي اللئيم في أتون قادسيته القذرة.
عاش في معسكرات الأسر فكان المثال الرائع في التقوى والإيمان والعمل الصالح، حيث منَّ الله عليه بفرصة صقل النفس وبناء الروح الجهادية، فكان يعد نفسه إعداد الصالحين لأنفسهم للسير في خط أبي عبدالله الحسين‌عليه‌السلام، مواظبا على تأدية واجباته العبادية وقراءة القرآن والأدعية، وكان يدعو الله باستمرار أن يكون أحد الجنود المدافعين والمجاهدين من أجل إعلاء كلمة لاإله إلا الله محمد رسول الله، ويتطلع بشوق كبير إلى اليوم الذي سيقاتل فيه نظام الجريمة الحاڪم في بغداد.
كان أبوغفران صبورا شجاعا، صادق القول والفعل، حسن الأخلاق والمعاشرة مع إخوانه، فهو يتحرك داخل معسكر الأسرى جنبا إلى جنب إخوانه المؤمنين لفضح جرائم نظام الطاغية المجرم، وأساليبه العدوانية والتخريبية ضد الشعب العراقي.
أنعم الله عليه إذ تلقى خبر الخروج من معسكر الأسر بفرح وسرور كبيرين، حيث تحققت أمنيته بالجهاد في سبيل الله ومقاتلة نظام العفالقة، والالتحاق بالمجاهدين في قوات بدر يوم18/12/1986م.
بعد أن أنهى التدريبات اللازمة، كانت مشاركته الأولى ضمن فرقة حمزة — فوج عمار بن ياسر، وعلى مشارف مدينة البصرة حيث أبدى فيها بسالة وشجاعة فائقتين. وكانت له مشاركة أخرى شرق مدينة السليمانية، عندما كُلف الفوج للقيام بعمليات اقتحامية داخل الأراضي العراقية، وبقي مرابطا هناك حتى استشهاده بتاريخ28/8/1987م.
كان أبوغفران قد شاهد عددا من الرؤى الصادقة فسرت جميعها بأنها الشهادة المقبلة عليه، وفرح لذلك فرحا كبيرا، حيث كانت الرؤيا الثالثة والأخيرة وكأن الشهيد مع أخ مؤمن آخر وهو الشهيد أبوسراج يُكلمان القاسم بن الحسن‌عليه‌السلام، مخاطبا إياهما بالقول (متى تأتيان إلينا؟) فردّ أبوغفران على القاسم عليه‌السلام، (والله لاأدري والأمر بيد الله)، فأجابهم القاسم‌عليه‌السلام (إذا أنتم ضيوفنا في اليوم السابع من المحرم، أنت وصاحبك أبوسراج عند صلاة الظهر، وسأڪون أنا في استقبالكما هناك)…
في صبيحة اليوم السابع من المحرم الحرام شوهد أبوغفران الساعدي ذاهبا ليغتسل غسل الشهادة، جامعا حاجياته لغرض ترتيبها، والوقت أخذ يقترب من صلاة الظهر، ثم ذهب وتوضأ وفرش سجادته ليتهيأ للصلاة، فقرّر أن يستغل بعض اللحظات لقراءة القرآن، وفجأة سقطت قذيفة على مقربة منه استقرت شظية منها في مؤخرة رأسه، فوضع القرآن على وجهه وخر ساجدا على التربة، وفاضت روحه الطاهرة.
وقف أبوسراج على جثمانه وهو يبكي محدثا أبي غفران باستغراب… (كيف تقول لي إنك تستشهد معي وقد استشهدت وبقيت أنا؟) وبقي حائرا في تفسير هذه المسألة، وما هي إلا لحظات وسقطت قذيفة أخرى في نفس المكان فأصابته شظية منها واستقرت في خاصرته فسقط بالقرب منه، بين ذهول ودهشة المجاهدين الحاضرين… وهكذا تحققت الرؤيا الصادقة للشهيد أبي غفران الساعدي، ليلتحق هو ورفيقه في ذلك اليوم بركب النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
ومن وصيته رحمه‌الله (أوصيكم بتقوى الله وإقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ومساعدة الفقراء والمساڪين والدفاع عن العلماء والمجاهدين…).
سلام عليهما وعلى جميع الشهداء السائرين بركب الحسين عليه السلام

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...