الرئيسية / بحوث اسلامية / دروس في العقيدة الإسلامية

دروس في العقيدة الإسلامية

الدافع الثالث: فطرية الشعور الديني نفسه‏

 

إن بعض علماء النفس واستناداً إلى شواهد التاريخ وعلم الاثار يقرّون بأن لعبادة الله والتديّن دافعاً فطرياً مستقلاً في الإنسان مصدره الشعور الديني، ويعتبرون حسّ التديّن هذا بعداً رابعاً للروح الإنسانية بالإضافة إلى حب الاستطلاع، والشعور بالخير، والشعور بالجمال. ومن هنا يرون أن التديّن وعبادة الله ظاهرة ثابتة بشكل من الأشكال في كل الأجيال البشرية على امتداد التاريخ، وهذا الثبات الدائم لهذه الظاهرة دليل على فطريتها.

 

ولكن لا يلزم من القول بشمولية الدافع الفطري أن يوجد دائماً بشكل حي ويقظ في الأفراد، بحيث يدفع الإنسان شعوريّاً لأهدافه المنشودة، بل من الممكن أن يختفي هذا الشعور الفطري في أعماق الفرد نتيجة لعوامل المحيط والتربية غير السليمة، كما قد تنحرف الميول والغرائز عن مسارها الطبيعي للسبب نفسه. وعلى ضوء ذلك فإن للبحث عن الدين دافعه الفطري المستقل ولا نحتاج لإثبات ضرورته إلى دليل.

 

الدافع الرابع: لزوم شكر المنعم‏

 

وهذا الدافع هو من الدوافع العقلية الفطرية، وهو أنّ النعم التي تواكب الحياة الإنسانية والتي لا يسع أحد إنكارها هي من الكثرة بحيث لا تبلغ حدّ الإحصاء،

 

ومن جانب اخر فإن العقل الفطري يحكم بلزوم شكر المنعم على نعمه (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)، ولا يتحقق شكر المنعم الحقيقي (وهو الله تعالى) إلا بمعرفته، ولا تتحقق المعرفة إلا بالبحث عنه والاستدلال على وجوده تعالى.

 

الأسئلة

 

1- لماذا عد علم “معرفة الله” من أعظم العلوم شرفاً وأكثرها قيمة؟

2- ما هو الدافع الذي يدفع الإنسان لمعرفة الحقائق؟

3- ما هو الشعور الديني؟ وما هو الدليل على وجوده؟

4- بيّن ضرورة البحث عن أصول الدين.

5- هل يمكن أن نعتبر من ضعف احتمال التوصّل إلى العلاج اليقيني في المسائل الدينية مبرّراً لتجنّب البحث عنها؟ ولماذا؟.

 

 

 

 

 

 الدرس الثالث‏: البحث عن الدين-2

 

الدليل الثاني: الشرط المقوّم للحياة

 

وهذا الدليل على ضرورة البحث عن الدين، والسعي لمعرفة الدين الحق، ينبع من الفطرة الإنسانية أيضا وهو في الحقيقة عبارة عن صياغة فنيّة دقيقة للدليل الفطري.

 

ومفاده هو أن كل إنسان لو لم يبحث عن الدين، ولم يحصل له العلم والمعرفة بالله تعالى، فإنه لن يصل إلى كماله الإنساني المطلوب، بل لا يمكن أن يعدّ إنسانا على الحقيقة. وإثبات هذه الحقيقة يعتمد على ثلاث مقدمات:

 

1- الإنسان موجود باحث عن الكمال بفطرته.

2- الكمال الإنساني إنما يتحقّق في ظل الأفعال الاختيارية المنبثقة من حكم العقل.

3- الأحكام العملية للعقل إنما تتكوّن على ضوء معرفة مبدأ الوجود (التوحيد)، ومصير الحياة (المعاد)، والسبيل الذي يكفل الحصول على النظام الذي يوفر السعادة (النبوة)، أي معرفة الوجود، ومعرفة الإنسان، ومعرفة السبيل.

 

أولاً: الإنسان باحث عن الكمال‏

 

لو تأمل كل واحد منا في دوافعه الداخلية، وميوله النفسية، للاحظ أن الدافع الأساسي للكثير منها هو الرغبة في الكمال، ولن نجد إنساناً يرغب في النقص في وجوده، ولهذا يسعى جاهداً وبحسب وسعه لإزالة كل النقائص والعيوب عن نفسه، ليبلغ كماله المنشود، وقبل إزالتها يحاول إخفاءها عن الآخرين.

 

وإذا وقع هذا الدافع الفطري في مساره السليم فسيؤدي إلى رقيّه وتكامله المادي والمعنوي، ولكن لو وقع في مسار منحرف نتيجةً لبعض العوامل والظروف، فإنه سيؤدي إلى الكثير من العواقب السيئة كالاستعلاء والتكبّر والرياء والتهالك على السمعة والظهور.. إذن فالرغبة في الكمال عامل فطري قويّ كامن في عمق الروح الإنسانية.

 

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...