الرئيسية / الاسلام والحياة / ليالي بيشاور – 23 حوارات اسلامية و بحوث هادفة

ليالي بيشاور – 23 حوارات اسلامية و بحوث هادفة

الأخبار الكفرية :

1ـ عن أبي هريرة : إن النار تزفر و تتقيظ شديدا ، فلا تسكن حتى يضع الرب قدمه فيها ، فتقول : قطّ قطّ ، حسبي حسبي .

وعنه : إن جماعة سألوا رسول الله (ص) : هل نرى ربنا يوم القيامة ؟

قال (ص) : نعم ، هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب … إلى آخرها .

بالله عليكم أنصفوا ! أما تكون هذه الكلمات كفرا بالله سبحانه وتعالى .

وقد فتح مسلم بابا في صحيحه كما مر ونقل أخبار عن أبي هريرة وزيد بن أسلم وسويد بن سعيد وغيرهم في رؤية الله تبارك وتعالى .

وقد رد هذه الأخبار كثير من كبار علمائكم وعدوها من الموضوعات والأكاذيب على النبي (ص) ، منهم الذهبي في ” ميزان الاعتدال ” والسيوطي في ” اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ” وسبط ابن الجوزي في ” الموضوعات ” فهؤلاء كلهم أثبتوا ـ بأدلة ذكروها ـ كذب تلك الأخبار وعدم صحتها .

وإذا لم تكن هناك أدلة على بطلانها سوى الآيات القرآنية الصريحة في دلالتها على عدم جواز رؤية الباري عز وجل لكفى ، مثل : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير )(8) .

وفي قصة موسى بن عمران (ع) وقومه إذ طلبوا منه رؤية الله تعالى وهو يقول لهم : لا يجوز لكم هذا الطلب ، ولكنهم أصروا فقال : ( رب أرني أنظر إليك قال لن تراني )(9) و (لن) تأتي في النفي الأبدي .

قال السيد عبد الحي ـ وهو إمام جماعة المسجد ـ : ألم ترووا عن علي كرم الله وجهه أنه قال : لم أكن أعبد ربا لم أره ؟!

قلت : حفظت شيئا وغابت عنك أشياء ، إنك ذكرت شطرا من الخبر ولكني أذكر لك الخبر كله حتى تأخذ الجواب من نص الخبر :

روى ثقة الإسلام الشيخ محمد بن يعقوب الكليني قدس سره(10) في كتاب الكافي كتاب التوحيد باب إبطال الرؤية وروى أيضا الشيخ الكبير حجة الإسلام أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق طاب ثراه(11) في كتاب التوحيد باب إبطال العقيدة رؤية الله تعالى ، رويا عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) أنه قال : جاء حَبْرٌ إلى أمير المؤمنين (ع) فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك حين عبدته ؟

فقال (ع) : ويلك ! ما كنت أعبد ربا لم أره .

قال : وكيف رأيته .

قال (ع) : ويلك ! لا تدركه العيون بمشاهدة الأبصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان .

فكلام أمير المؤمنين (ع) صريح في نفي رؤيته سبحانه بالبصر ، بل يدرك بالبصيرة وبنور الإيمان .

وعندنا دلائل عقلية ونقلية أقامها علماؤنا في الموضوع ، وتبعهم بعض علمائكم ، مثل : القاضي البيضاوي ، وجار الله الزمخشري في تفسيريهما ، أثبتا أن رؤية الله سبحانه لا تمكن عقلا .

فمن يعتقد برؤية الله سواء في الدنيا أو في الآخرة ، يلزم أن يعتقد بجسميته عز وجل ، وبأنه محاط ومظروف ، ويلزم أن يكون مادة حتى يرى بالعين المجردة ، وهذا كفر كما صرح العلماء الكرام من الفرقين !!

الأخبار الخرافية في الصحيحين:

ثم أني أعجب كثيرا من اعتقادكم بالصحاح الستة ، وبالأخص صحيحي البخاري ومسلم على أنهما كالوحي المنزل ، فلو نظرتم فيهما بعين التحقيق والنقد ، لا بعين القبول والتسليم ، لاعتقدتم بكلامي ، ولقبلتم أن صحاحكم ، وحتى صحيحي مسلم والبخاري لا تخلو من الخرافات والموهومات ، وإليكم بعضها :

1ـ أخرج البخاري في كتاب الغسل ، باب من اغتسل عريانا ، وأخرج مسلم في ج2 باب فضائل موسى ، وأخرج أحمد في مسنده ج2 ص 315 عن أبي هريرة قال : كانوا بنوا إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوأة بعض ، وكان موسى يغتسل وحده ، فقالوا : والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر ـ أي ذو أدرة ، وهي : الفتق ـ .

قال فذهب مرة ليغتسل فوضع ثوبه على حجر ، ففر الحجر ، بثوبه ، فجعل موسى يجري بأثره ويقول : ثوبي حجر ! ثوبي حجر ! حتى نظر بنو إسرائيل إلى سوأة موسى !!! فقالوا : والله ما بموسى من بأس ، فقام الحجر بعد حتى نظر إليه ، فأخذ موسى ثوبه فطفق بالحجر ضربا !! فوالله إن بالحجر ندبا ستة أو سبعة !!

بالله عليكم أنصفوا .. هل يرضى أحدكم أن تنسب إليه هذه النسبة الموهنة الشنيعة ؟! التي لو نسبت إلى سوقيّ عاميّ لغضب واستشاط ! فكيف بنبي صاحب كتاب وشريعة ، وصاحب حكم ونظام ، يخرج في أمته وشعبه عريانا وهم يمنعون النظر إلى سوأته هل العقل يقبل هذا ؟!

وهل من المعقول أن الحجر يسرق ملابس موسى ويفر بها وموسى يركض خلفه ، والحجر يمر من فوق يده وموسى ينادي الحجر ، والحجر أصم لا يسمع ولا يبصر ؟!!

وهل من المعقول أن موسى بن عمران يقوم بعمل جنوني فيضرب الحجر ضربا مبرحا حتى يئن الحجر ؟!!

ليت شعري أبيده كان يضرب الحجر ؟! فهو المتألم لا الحجر !!

أم كان يضربه بالسيف ، فالسيف ينبو وينكسر !

أم كان الضرب بالسوط ، فالسوط يتقطع !

فما تأثير الضرب بأي شكل كان ، على الحجر ؟!

فكل ما في الحديث من المحال الممتنع عقلا ، وهو من الأحاديث المضحكة التي من التزم بها فقد استهزأ بالله ورسله !!

قال السيد عبد الحي : هل حركة الحجر أهم أم انقلاب عصا موسى إلى ثعبان وحية تسعى ؟!! أتنكرون معاجز موسى بن عمران فقد نطق بها القرآن ؟!

قلت نحن لا ننكر معاجز موسى ومعاجز سائر الأنبياء (ع) ، بل نؤمن بصدور المعاجز من الأنبياء ولكن في محلها ، وهو مقام تحديهم الخصوم في إحقاق الحق ودحض الباطل . وموضوع الحجر في غير محل الإعجاز ، فأي إحقاق حق ودحض باطل في التشهير بكليم ، وإبداء سوأته على رؤوس الأشهاد من قومه ؟! بل هو تنقيص من مقامه ! ولا سيما وهم يشاهدونه يركض وراء حجر لا يسمع فيناديه : ثوبي حجر !! ، أو يشتد ويغضب على حجر لا يشعر ولا يدرك فينهال عليه ضربا !!

السيد عبد الحي : أي حق أعلى من إبراء نبي الله ؟! فالناس عرفوا بذلك أن ليس فيه فتق !

قلت : على فرض أن موسى كان ذا أدرة ، فما تأثير هذا المرض على مقامه ونبوته ؟!

صحيح أن الأنبياء يجب أن يكونوا براء من النواقص مثل : العمى والصمم والحول ، وأن النبي لا يولد فلجا أو مشلولا أو به زيادة أو نقيصة في أحد أعضائه ، أما الأمراض العارضة على البشر فلا تعد نواقص ، فإن يعقوب بكى حزنا لفراق يوسف حتى ابيضت عيناه ، وإن أيوب أصيب بقروح في بدنه ، والنبي الأكرم وهو سيد الأولين والآخرين ، كسرت ثناياه في جهاده مع الأعداء في أحد ، فهذه الأشياء لا تنقص شيئا من شأن الأنبياء ولا تنزل من مقامهم وقدرهم.

والفتق مرض عارض على جسم الإنسان ، فما هي أهميته حتى يبرئ الله عز وجل كليمه بهذا الشكل الفظيع المهين . عن طريق خرق العادة والمعجزة ، ثم تنتهي بهتك حرمة النبي وكشف سوأته أمام بني إسرائيل ؟! وهل بعده يبقى شأن وقدر لموسى عند قومه ؟! وهل بعد ذلك سيطيعوه ويحترموه ؟!!

وهل يقتنع السيد عبد الحي ويقر بوجود أخبار خرافية في الصحيحين ،أنقل رواية أخرى عن أبي هريرة مضحكة أيضا ، ولا أظن أحدا من الحاضرين ـ بعد استماع هذه الرواية ـ سيدافع عن أبي هريرة ، أو يعتقد بصحة روايات البخاري ومسلم !

نقل البخاري في ج1 ، باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة ، وج2 ، باب وفاة موسى ، ونقل مسلم في ج2 باب فضائل موسى عن أبي هريرة ، قال : جاء ملك الموت إلى موسى (ع) ، فقال له أجب ربك.

قال أبو هريرة : فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها !!

فرجع الملك إلى الله تعالى ، فقال : إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت ففقأ عيني !

قال : فرد الله إليه عينه وقال : ارجع إلى عبدي فقل : الحياة ترد ؟! فان كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما توارت بيدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة .

وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج2 ص 315 ، عن أبي هريرة ، ولفظه : إن ملك الموت كان يأتي الناس عيانا ، فأتى موسى فلطمه ففقأ عينه .

وأخرجه ابن جرير الطبري في تاريخه ج1 ، في ذكر وفاة موسى ولفظه : إن ملك الموت كان يأتي الناس عيانا أتى موسى فلطمه ففقأ عينه ـ إلى أن قال : ـ إن ملك الموت إنما جاء إلى الناس خفيا بعد موت موسى !

وقد علقت فقلت لأنه يخاف من الجهال أن يفقئوا عينه الأخرى .

فضحك جمع من الحاضرين بصوت عال .

قلت بالله عليكم أنصفوا … ألم يكن هذا الخبر الذي أضحككم من الخرافات والخزعبلات ؟! وإني أتعجب من رواة هذا الخبر وناقله !!

وأستغرب منكم إذ تصدقون هذا الخبر وأشباهه ، ولا تسمحون لأحد أن يناقشها وينتقدها ، حتى لعلمائكم !!

فإن في هذه الرواية ما لا يجوز على الله تعالى ولا على أنبيائه ولا على ملائكته !!

أيليق بالله العظيم أن يصطفي من عباده ، جاهلا خشنا يبطش بملك من الملائكة المقربين وهو مبعوث من عند الله تعالى ، فيلطمه لطمة يفقأ بها عينه ؟!

أليس هذا العمل عمل المتمردين والطاغين الذين يذمهم الله العزيز إذ يقول : ( وإذا بطشتم بطشتم جبارين )(12) ؟!

فكيف يجوز هذا على من اختاره الله الحكيم لرسالته ، واصطفاه لوحيه ، وآثره بمناجاته ، وكلمه تكليما(13) وجعله من أولي العزم ؟!

وكيف يكره الموت هذه الكراهة الحمقاء فيلطم ملك الموت وهو مأمور من قبل الله تعالى ، تلك اللطمة النكراء فيفقأ بها عينه مع شرف مقامه ورغبته في القرب من الله تعالى والفوز بلقائه عز
وجل ؟!

وما ذنب ملك الموت ؟! هل هو إلا رسول الله إلى موسى ؟! فبم استحق الضرب بحيث تفقأ عينه ؟! وهل جاء إلا عن الله وهل قال لموسى سوى : أجب ربك ؟!

أيجوز على أولي العزم من الرسل إيذاء الكروبيين من الملائكة وضربهم حينما يبلغونهم رسالة ربهم وأوامره عز وجل؟!

تعالى الله ، وجلت أنبياؤه وملائكته عن كل ذلك وعما يقول المخرفون .

إن هكذا ظلم فاحش لا يصدر من آدمي جاهل فكيف بكليم الله !

ثم إن الهدف والغرض من بعثة الأنبياء وإرسال الرسل : هداية البشر وإصلاحهم ، ومنعهم من الفساد والتعدي والوحشية ، فلذلك فإن الله سبحانه وكل أنبيائه ورسله منعوا الإنسان من الظلم حتى بالنسبة للحيوان ، فكيف بالنسبة لملك مقرب ؟!

فلذا نحن نعتقد ونجزم بأن هذا الخبر افتراء على الله وكليمه ، وجاعل هذا الخبر كذاب مفتر يريد الحط من شأن النبي موسى ويريد هتك حرمة الأنبياء وتحقيرهم عند الناس .

أنا لا أتعجب من أبي هريرة وأمثاله ، لأنه كما كتب بعض علمائكم أنه كان يجلس على مائدة معاوية ويتناول الأطعمة الدسمة اللذيذة ، ويجعل الروايات ويضعها على ما يشاء معاوية وأشباهه .

وقد جلده عمر بن الخطاب لكذبه على النبي (ص) وجعل الأحاديث عنه (ص) ، فضربه بالسوط حتى أدمى ظهره !!!

ولكن أستغرب وأتعجب من الذين له مرتبة علمية بحيث لو أمعنوا ودققوا النظر لميزوا بين الصحيح والسقيم ، ولكنهم أغمضوا .. أعينهم ونقلوا هذه الأخبار الوراثية في كتبهم ، وأخذ الآخرون عنهم ونشروها فيكم ، حتى أن جناب الحافظ رشيد يعتقد كما يزعم : أن هذه الكتب أصح الكتب بعد كلام الله المجيد ، وهو لم يطالعها بدقة علمية ، وإلا لما كان يبقى على الاعتقاد الذي ورثه من أسلافه عن تقليد أعمى .

وما دامت هذه الأخبار الخرافية توجد في صحاحكم وكتبكم فلا يحق لكم أن تثيروا أي إشكال على كتب الشيعة لوجود الأخبار الغريبة فيها ، وهي غالبا قابلة للتأويل والتوجيه !

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...