الرئيسية / الاسلام والحياة / ليالي بيشاور – 24 حوارات اسلامية و بحوث هادفة

ليالي بيشاور – 24 حوارات اسلامية و بحوث هادفة

نرجع إلى الخبر المروي عن إمامنا الحسين عليه السلام(14)

كل عالم منصف إذا كان يسلك طريق الإصلاح ، إذا وجد هكذا خبر مبهم ـ وما أكثرها في كتبكم وكتبنا ـ إن كان يمكنه أن يؤوله بالأخبار الصريحة الأخرى فليفعل ، وإذا لم يكن ذلك فليطرحه ويسكت عنه ، لا أنه يتخذ وسيلة لتكفير طائفة كبيرة من المسلمين .

والآن لما لم يوجد تفسير الصافي عندنا في المجلس حتى تراجع سند الخبر وندقق فيه النظر ، ولربما شرحه المؤلف بشكل مقبول .

إذ لو عرف المسلم إمام زمانه فقد توصل عن طريقه إلى معرفة ربه كالخبر المشهور : من عرف نفسه فقد عرف ربه عز وجل .

أو نقول في تقريب الخبر إلى أذهان الحاضرين : إننا لو تصورنا أستاذا تخرج على يده جمع من العلماء ، في مراتب مختلفة ممن العلم ، فإذا أراد أحد أن يعرف مدى عظمة ذلك الأستاذ ، يجب عليه أن ينظر إلى أعظم تلامذته وأعلاهم مرتبة حتى يصل من خلاله إلى حقيقة الأستاذ وعظمته العلمية .

كذلك في ما نحن فيه : فإن آيات الله كثيرة ، بل كل شيء هو آية الله تعالى ، إلا أن النبي (ص) هو الآية العظمى والحجة الكبرى ، ومن بعده عترته الأبرار الأئمة الأطهار (ع) ، فإنهم محال معرفة الله .

وقد ورد عنهم : بنا عرف الله ، وبنا عبد الله ، أي : بسببنا وبواسطتنا عرف الله ، وبعدما عرفوه عبدوه.

فهم الطريق إلى الله ، والأدلاء على الله ، ومن تمسك بغيرهم فقد ضل ومن يهتد ، ولذا جاء في الحديث المتفق عليه بين الفرقين ، والخبر المقبول الصحيح عند الجميع ، أن رسول الله (ص)
قال : “أيها الناس ! إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وهم لن يفترقا حتى يردا علي الحوض” (15).

الحافظ : لا ينحصر الدليل على كفركم وشكركم في هذه الرواية حتى تؤولها وتخلص منها ، بل في كل الأدعية الواردة في كتبكم نجد أثر الكفر والشرك ، من قبيل : طلب حاجاتكم من أئمتكم من غير أن تتوجهوا إلى الله رب العالمين ، وهذا أكبر دليل على الكفر والشرك !!

قلت : ما كنت أظنك أن تتبع أسلافك إلى هذا الحد ، فتغمض عينيك ، وتتكلم من غير تحقيق بكل ما تكلموا ، فإن هذا الكلام في غاية السخافة ، وبعيد عن الإنصاف والحقيقة ، فإما انك لا تدري ما تقول أو انك لا تعرف معنى الكفر والشرك !!

الحافظ : إن كلامي في غاية الوضوح ، ولا أظنه يحتاج إلى توضيح ، فأنه من البديهة أن من أقر بوجود الله عز وجل واعتقد انه هو الخالق والرازق ، وأن لا مؤثر في الوجود إلا هو ، لا يتوجه إلى غيره في طلب حاجة ، وإذا توجه فقد أشرك بالله العظيم .

والشيعة كما نشاهدهم ونقرأ كتبهم لا يتوجهون إلى الله أبدا، بل دائما حوائجهم من أئمتهم بغير أن يذكروا الله ، حتى نشاهد فقرائهم والسائلين الناس في الأسواق ذكرهم: يا علي ويا حسين ، ولم أسمع من أحدهم حتى مرة يقول: يا الله !! وهكذا كله دليل على أن الشيعة مشركون ، فانهم لا يذكرون الله تعالى عند حوائجهم ولا يطلبون منه قضاءها وإنما يذكرون غير الله ويطلبون حوائجهم من غيره سبحانه!!

قلت : لا أدري .. هل أنت جاهل بالحقيقة ولا تعرف مذهب الشيعة ؟!

أم إنك تعرف وتحرف ، وتسلك طريق اللجاج والعناد ؟!

لكن أرجو أن لا تكون كذلك ، فإن من شرائط العالم العامل : الإنصاف .

وفي الحديث الشريف : إن العالم بلا عمل كشجرة بلا ثمر .

ولما نسبت إلينا الشرك في حديثك كرارا والعياذ بالله ! وأردت بهذه الدلائل العامية التافهة أن تثبت كلامك السخيف الواهي ، وتكفر الشيعة الموحدين المخلصين في توحيد الله عز وجل غاية الخلوص ، والمؤمنين بما جاء به خاتم الأنبياء (ص) فإذا كان هذا التكرار والإصرار في تكفيرنا بحضورنا فكيف هو في غيابنا ؟!

واعلم أن أعداء الإسلام الذين يريدون تضعيف المسلمين وتفريقهم حتى يستولوا على ثرواتهم الطبيعية ويغصبوا أراضيهم ، فهم فرحون بكلامهم هذا ، ويتخذوه وسيلة لضرب المسلمين بعضهم ببعض ، كما أنني أجد الآن في هذا المجلس بعض العوام الحاضرين من أتباعكم قد تأثروا بكلامكم ، فبدأوا ينظرون إلينا شزرا ، حاقدين علينا باعتقادهم أننا كفار فيجب قتلنا ونهب أموالنا !!!

وفي الجانب الآخر ، أنظر إلى الشيعة الجالسين ، وقد ظهرت على وجوههم علائم الغضب ، وهم غير راضين من كلامك هذا ، ونسبة الشرك والكفر إليهم ، فيعتقدون أنك مفتر كذاب ، وأنك رجل مغرض ، وعن الحق معرض ، لأنهم متيقنون ببراءة أنفسهم مما قلت فيهم ونسبت إليهم .

والآن لكي تتنور أفكار الحاضرين بنور الحقيقة واليقين ، ولكي تتبدد عن أذهانهم ظلمات الجهل وشبهات المغرضين ، أتكلم للحاضرين باختصار ، موجزا عن الشرك ومعناه ، وأقدم لكم حصيلة تحقيق علمائنا الأعلام ، أمثال : العلامة الحلي ، والمحقق الطوسي ، والعلامة المجلسي (رضوان الله عليهم)، وهم استخرجوها واستنبطوها من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث المروية عن النبي (ص) وعترته الهادية ( سلام الله عليهم ) .

نواب : إن انعقاد هذا المجلس كان لتفهيم العوام وإثبات الحق أمامهم ، كما قلت سالفا ، فأرجوكم إن تراعوا جانبهم في حديثكم ، وأن تتكلموا بشكل نفهمه نحن العوام .

قلت : حضرة النواب ! إنني دائما أراعي هذا الموضوع ، لا في هذا المجلس فحسب ، بل في جميع مجالسي ومحاضراتي ومحاوراتي العلمية والكلامية ، فإني دائما أتحدث بشكل يفهمه الخاص والعام ، لأن الغرض من إقامة هذه المجالس وانعقادها ـ كما قلتم ـ هو تعليم الجهلاء وتفهيم الغافلين ، وهذا لا يتحقق إلا بالبيان الواضح والحديث السهل البسيط الذي يفهمه عامة الناس ، والأنبياء كلهم كانوا كذلك .

فقد روي عن خاتم الأنبياء وسيدهم (ص) أنه قال : إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم(16).

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...