الرئيسية / الاسلام والحياة / ليالي بيشاور – 09 حوارات اسلامية و بحوث هادفة – مسلسل فديوا

ليالي بيشاور – 09 حوارات اسلامية و بحوث هادفة – مسلسل فديوا

لماذا دفن الامام علي (ع) سرا ؟

قلت نحن لا نعلم السبب والحكمة بالضبط، ربما كان ذلك لما يعلمه (ع) من حقد بني أمية وعدائهم الدفين للنبي (ص) ولآله (ع) خاصة، فانه كان من المحتمل أن ينبشوا القبر الشريف ويسيئوا الأدب مع الجسد الطاهر، وهو ظلم دونه كل ظلم !!

الحافظ : هذا الكلام الغريب منكم وبعيد جدا، كيف يمكن لإنسان أن يتعدى على قبر مسلم بعد موته ودفنه، إنه لا يكون مهما كان بينهم من العداء والبغضاء ؟!

قلت : ولكن ذلك ليس ببعيد من بني أمية !!

اما طالعت تاريخهم الأسود وماضيهم الحقود ؟!

أما قرأت جرائمهم الفظيعة وأعمالهم الفجيعة، التي يندى منها جبين الأنسانية خجلا، وتدمع عينها أسفا ؟؟!

أما علمت أن هذه العصبة الخبيثة والشجرة الملعونة في القرآن، لما قبضوا على زمام الحكم وغصبوا الخلافة، كم من أبواب جور فتحوا ؟! وكم من جناية وغواية ابتدعوا ؟! وكم من دم سفكوا ؟! وأعراض هتكوا ؟! وأموال نهبوا ؟! وحرما انتهكوا ؟!

إن أولئك البعداء عن الإسلام والإنسانية، لم يراعوا شيئا من الدين والأخلاق الحميدة في حركاتهم وسكناتهم، فكانوا يتصرفون في شؤون المسلمين حسب أهوائهم وآرائهم الفاسدة، وإن كثيرا من كبار علمائكم ومؤرخيكم سجلوا جرائم هذه الطغمة الفاسدة بحبر من عرق الخجل، على أوراق العار والفشل، بقلم الخوف والوجل !

ولقد ألف العلامة أبو العباس أحمد بن علي المقريزي الشافعي كتابه المشهور (النزاع والتخاصم بين بني أمية وبني هاشم) وذكر فيه بعض أعمال بني أمية القبيحة وجرائمهم الفظيعة، فانهم لم يرحموا حيا ولم يحترموا ميتا من شيعة آل الرسول (ص)، الموالين لعلي بن أبي طالب أمير المؤمنين (ع) وأولاده الغر الميامين .

وهنا اسمحوا لي أن أذكر لكم ـ كنموذج على ذلك ـ مثالين من هذا الكتاب، حتى تطلعوا على الجرائم البشعة لبني أمية، وتعرفوا حقيقة أمرهم، كي لا تتعجبوا من كلامي و لا تستغربوه، وتعرفوا أن ما أقوله لكم إنما هو عن دليل وبرهان !

شهادة زيد بن علي (ع):

قال المقريزي وغيره من المؤرخين : لما هلك يزيد بن عبد الملك، تولى الحكم أخوه هشام، فبدأ بالجور والعدوان على أهل البيت (ع) وشيعتهم، فكتب إلى عماله بالتضييق عليهم وسجنهم والفتك بهم، وأمر عامله على الكوفة يوسف بن عمر الثقفي، أن يهدم دار الكميت شاعر أهل البيت (ع) وأن يقطع لسانه، لأنه مدح آل الرسول (ص) !!

وكتب إلى عامله على المدينة خالد بن عبدالملك بن الحارث : أن يحبس بني هاشم فيها و يمنعهم من السفر! فنفذ خالد أمر هشام، وضيق على الهاشميين، وأسمع زيد بن الإمام زين العابدين ما يكره، فخرج زيد إلى الشم لشكو خالدا إلى هشام، فأبى هشام أن يأذن له، فأرسل إليه زيد رسالة يطلب الإذن بها له، فكتب هشام في أسفلها : إرجع الى أرضك، فقال زيد : والله لا أرجع، وأخيرا أذن له هشام وأمر خادما أن يتبعه ويحصي ما يقول، فسمعه يقول : والله ما أحب الدنيا أحد إلا ذل .

وأمر هشام جلساؤه أن يتضايقوا في المجلس حتى ل يقرب منه .

فلما دخل زيد لم يجد موضعا يجلس فيه، فعلم أم ذلك قد فعل عمدا، واستقبله هشام بالشتم والسباب، بدل التكريم والترحاب !

وفي المقابل لم يسكت زيد عن الجواب، و إنما أسمع هشاما ما لا يحب أن يسمع، فلم يتحمل هشام وأمر بطرده، دون أن يسمع شكواه، فأخذ الغلمان بيده ليخرجوه، فأنشد زيد :

شـرده الخــــــوف وأزرى بـه       كــذا من يكـــــره حـر الجـلاد

قـــد كان في الموت له راحة        والموت حتم في رقاب العباد

فخرج من مسجد هشام وتوجه إلى الكوفة، فحدث الناس بظلم الخليفة وعماله، فبايعه خلق كثير فيهم الأشراف والعلماء، لأنهم وجدوه أهلا للقيادة، فهو سيد هاشمي، وفقيه تقي، وشجاع باسل .

ولما رأى أعوانا، نهض ليؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويدفع الظلم والضيم عن نفسه وعن المؤمنين، فدارت المعركة بينه وبين يوسف الثقفي والي الكوفة وجيشه الجرار، ولكن أصحاب زيد تركوا زيدا وحده قبل أن يخوض الحرب ويدخل في غمراتها، ولم يبق معه إلا نفر قليل !! ورغم ذلك فقد دخل زيد الحرب وجاهد بشجاعة وبسالة هاشمية وهو يرتجز :

أذل الحـــيـاة وعـــز المـــمـــات           و كـــــلا أراه طـعـــامــا وبـيــلا

فــــإن كـــان لابد مــــن واحــــد           فسيري إلى الموت سيرا جميلا

فبينما هو يجاهد في سبيل الله ويحارب الأعداء، إذ وقع سهم في جبهته، فلما انتزعوا سقط شهيدا .

وكان ذلك في اليوم الثامن من شهر صفر عام 121هـ، وكان عمره الشريف إثنتين وأربعين سنة، فرثاه الحسن الكناني بأبيات منها :

فلما تردى بالحمائل وانتهى           يصول بأطراف القنا الذوابل

تبيـنـت الأعــداء أن سنــانه           يطيل حنين الأمهات الثواكـل

تبين فيه ميسم العـز والتقى          و ليا يفدي بين أيدي القوابل

فحمله ابنه يحيى بإعانة عدة من أنصاره، ودفنه في ساقية وردمها , و أجرى عليه الماء لكي لا يعلم أحد مدفنه ولكن تسرب الخبر إلى يوسف بن عمر، فأمر بنبش القبر واخراج الجسد الطاهر، ثم أمر بقطع رأسه الشريف فقطع وبعث به الى الشام، فلما وصل الرأس الشريف إلى الشام كتب هشام إلى واليه على الكوفة : أن مثل ببدنه واصلبه في كناسة الكوفة .

ففعل والي الكوفة يوسف بن عمر ذلك، وصلبه في ساحة من سوح الكوفة حقدا وعدوانا، وراح الشاعر الأموي يفتخر بهذه ويقول في قصيدة جاء فيها :

صلبــــنا لكم زيدا على جذع نخلة         ولم أر مهديا على الجذع يصلب !

فبقي أكثر من أربع سنوات مصلوبا، حتى هلك هشام وتولى بعده الوليد بن يزيد، فكتب إلى عامله بالكوفة : أحرق زيدا بخشبته وأذر .

ففعل وأذرى رماده على شاطئ الفرات !(35) .

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...