الرئيسية / القرآن الكريم / البسملـة – روح الله الموسوي الخميني قدس سره

البسملـة – روح الله الموسوي الخميني قدس سره

16 الوديعة الإلهية

جميع القوى الإلهية التي أودعها الله فينا أمانة لدينا، لا نرّدها إلى صاحبها نصرفها على ما هي عليه هنا – في هذا البيت – ولا زلنا فيه ولا نزال ويوما بعد آخر نزداد بُعداً عنه، عن هذا المبدأ، عن المحل الذي يجب أن نهاجر إليه، وقد روي أن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم كان قاعداً مع أصحابه في المسجد فسمعوا هدةً عظيمة – صوتاً رهيباً – فارتاعوا وسألوا عن هذا الصوت فقال [ص]:- ” حجر ألقي من أعلى جهنم منذ سبعين سنة الآن وصل إلى قعرها ” فقال ذوو القلوب الحية “فسمعنا إن كافرا – منافقا – قد مات وكان عمره سبعين سنة (راجع كتاب علم اليقين للفيض الكاشاني ج 2 ص 1002 (المقصد الرابع الباب الثالث عشر – الفصل الرابع) ونحن أيضا سائرون بهذا الاتجاه غاية الأمر أني منذ ثمانين عاما أسير بهذا الاتجاه، وأنتم منذ سنوات عديدة وأرجو أن لا تسيروا أنتم أيضا بهذا الاتجاه

أعدى الأعداء

كل ما يجري علينا وكل ما نبتلي به هو من حب النفس من هذه “الأنانية” “أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك ( حديث نبوي مشهور راجع بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج 15 ص40 إذ ينقل حديثا عن النبي الأكرم (ص) قريبا من مضمون الحديث) هكذا ورد التعبير عن النفس فهي الأسوأ من كل الأعداء وأكبر من كل الأوثان فهي أم الأوثان إذ أن الإنسان يعبدها أكثر من سائر الأوثان يتوجه إليها أكثر من سائر الأوثان، وما لم يحطم هذا الوثن فلا يستطيع أن يصبح إلهيّاً فلا يمكن الجمع بين الله وبين الوثن لا يمكن الجمع بني الأنانية والإلهية.

العبادة الحقة

ما لم نتحرر من هذا البيت من معبد الأصنام هذا، وما لم نتحرر من هذا الوثن ونعوض عنه ونتوجه إلى الله تبارك وتعالى وما لم نخرج من هذا البيت فنحن من عبدة الأصنام حتى لو كنا موحدين ظاهريّاً.

نقول “الله” بألسنتنا ولكن الذي في قلوبنا هو أنفسنا، نريد “الله” لأنفسنا، وإذا كنا نريد “الله” لأنفسنا، فإننا نقف ونصلي ونردد ألفاظ : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ولكن العبادة هي في الواقع هي عبادة النفس، وعندما يكون الالتفات والتوجه هو للنفس عندها أرى جميع الأبعاد بالنفس وأريد جميع الأشياء لنفسي.

“الأنانية” أم المصائب

جميع هذه المصائب التي تحل بالإنسانية ناشئة من هذا النقاط من “أنانية الإنسان” جميع الحروب في هذا العالم من هذه الأنانية، فما من حرب ونزاع بين المؤمنين، فإذا نشبت حرب بين المؤمنين فليعلموا أنهم ليسوا مؤمنين فلا حرب بين المؤمنين.

ولكن حيث لا يكون هناك إيمان وحيث أن توجه الإنسان إلى النفس لذا فهو يريد كل شيء لنفسه ومن هنا يقع النزاع، أنا أريد هذه الأريكة لنفسي وأنتم تريدونها لأنفسكم وحيث لا يمكن الجمع يقع التعارض والتضاد أنا أريد هذا البساط لي وأنتم تريدونه لكم أنا أريد أن
تكون هذه الرئاسة الوهمية لي وأنتم تريدونها لكم وحيث لا يمكن الجمع بين الإرادتين ينشب النزاع.

هذا يريد هذه الدولة له والثاني يريدها لنفسه، فنقع الحرب، جميع هذه الحروب في العالم هي بين الأنانيات الإنسان يحارب بأنانيته والحروب هي حروب الأنانيات وهي معدومة بين الأولياء لأنهم لا أنانيات لديهم فلو اجتمع الأولياء في مكان واحد لما نشب بينهم أبدا ولا ظهر اختلاف بينهم لأن كل شيء هو “لله” فلا مكان هنا للنفس لكي يجر هذا البساط إلى طرفه فيحدث الاختلاف وينشب بينهم النزاع.

الجميع هم لمبدأ واحد ويسيرون بنفس الاتجاه ولكنا نحن واقعون في بئر عميقة وظلمات أشدها ظلمة هي ظلمة “الأنانية” وما لم نخرج منها فلا سبيل للخروج من تلك البئر العميقة.

ما دمنا في ظلمات الأنانية فسنظل لا نلتفت إلا إلى أنفسنا فنعتبر الآخرين لا شيء أما أنفسنا فهي كل شيء وكل ما يطرح يقبله الإنسان إذا ينفعه وإلا فلا يرضى به حتى إذا كان حقاً، يصدق به فورا إذا كان يرى فيه منفعة لنفسه وإلاّ لا يصدق به بتلك السرعة وكل ذلك ناشئ من الأنانية.

كل المصائب التي تحل بنا وبكم وببني آدم في كل مكان ناشئة من هذا المنبع، فالنزاع ناشئ من الأنانية من كوني أنا أجر إلى طرفي وأنت إلى طرفك.

وما دامت هذه الأنانية موجود فما من “إلهية” وما من عبادة إلا عبادة النفس.

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...