الرئيسية / القرآن الكريم / المرأة في القرآن والسنة – مكانة المرأة

المرأة في القرآن والسنة – مكانة المرأة

لقد اهتمّ الإسلام العزيز بالمرأة أيّما اهتمام، إلى الحدّ الّذي أنزلت سورة طويلة مسمّاة باسم “النساء” في القرآن الكريم. وهذا يدلّ على خطورة وأهمّية العنصر النسائي في المجتمع الإنساني، وعلى اهتمام الإسلام بهذا العنصر، إلّا أنّ التاريخ والحاضر قد ظلمها، ولم يلتفت إلى خطورة دورها، فأنقص حقوقها وهدرها. ونحن ذاكرون بعض حقوق المرأة العامّة في الإسلام، عسى أن يكون ذلك دافعاً لردّ بعض الشبهات الّتي قد تعتري بعض الناس حول وضع المرأة في الإسلام.

 

نظرة الإسلام للمرأة
المرأة هي أحد صنفي الإنسان، وحتّى نتعرّف على نظرة الإسلام إلى المرأة فلا بدّ من ملاحظتها ضمن النوع الذي تنتمي إليه في البداية وهو الإنسان، ثمّ ملاحظتها بخصوصيّتها كامرأة.

1- كرامة المرأة كإنسان:
يقول الله تعالى:﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾5.

وهذه الكرامة تنطبق على المرأة كما تنطبق على الرجل وبنفس المستوى، فليست المرأة مخلوقاً آخر على صورة البشر، بل هي بشر وإنسان حقيقة، متساوية من هذه الجهة مع الرجل.

يقول الله تعالى في كتابه العزيز:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا …﴾6.

فكما إنّ الشـعوب والقبائـل متسـاوية لجهة كونها إنسـاناً فكذلك الذكر والأنثى.

نقاط ضعف مشتركة
هذه الكرامة التي أشارت إليها الآيات الكريمة لا تعني عدم وجود نقاط ضعف في شخصيّة الإنسان بصنفيه، بل هناك الكثير من نقاط الضعف التي أشارت إليها الآيات القرآنيّة لا لتقدح بالإنسان وتحطّ من مقامه، بل لتنبّه هذا الإنسان إلى الثغرات التي ينبغي عليه أن يكون واعياً تجاهها ليسدّها ولا يكون فريسة سهلة أمامها.

فالقرآن الكريم هدفه الهداية:﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِين﴾7.

وهكذا كلّ نصٍّ شرعي يتحدّث عن نقطة ضعف هو في الحقيقة نوع من أنواع الهداية للوصول إلى الكمال وليس سيفاً مسلطاً لتضعيف الإنسان أو الرجل أو المرأة والعياذ بالله، فالإنسان ضعيف،يقول تعالى: ﴿.. وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾8.

والإنسان عجول:﴿… وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً﴾9.

والإنسان يجزع عند الشرّ ويمنع عند الخير: ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾10.

فهذه كلّها لا تُريد أن تحطّ من مقام الإنسان بل تريد أن تأخذ بيده وتحفظه عن الوقوع بمثل هذه الأمور، والأمر نفسه بالنسبة للمرأة وأيّ نصٍّ شرعيٍّ يمكن أن يتحدّث عنها أو يذكر بعض الثغرات التي يكثر وقوعها فيها يكون هدفه الهداية.
2- عدم التفاوت ضمن الجنس البشري

إنّ كون المرأة إنساناً يجعلها ذات الكرامة الكبرى بالنسبة إلى سائر المخلوقات كما

عبّر القرآن الكريم، ولكن يبقى الكلام داخل النوع الإنسانيّ نفسه، فهل المرأة درجة متدنّية من الإنسان ويبقى الرجل الدرجة الأعلى؟

يجيب القرآن الكريم على ذلك قائلاً: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾11.

حيث لم يجعل الله تعالى ميزان الكرامة لكون الإنسان رجلاً أو امرأة بل الميزان الوحيد هو ميزان التقوى، لا يختلف في ذلك الرجل والمرأة، فالفرد الأتقى هو الأكرم عند الله تعالى سواء كان رجلاً أو امرأة.

في الرواية عن الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام:”المرأة الصالحة خيرٌ من ألف رجلٍ غير صالح”12.

ولكن يبقى السؤال عن قوله تعالى: ﴿… وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ..﴾13.

فما معنى هذه الآية الكريمة؟ وما المقصود من الدرجة التي هي للرجال على النساء؟

هذا المقطع من الآية جاء ضمن الآيات الكريمة التالية: وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ الله سَمِيعٌ علِيمٌ * وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَالله عَزِيزٌ حَكُيم﴾14.

فهذه الآية الكريمة تتحدّث عن العلاقة الزوجيّة وعمّا للرجل وللمرأة من حقوق وواجبات في هذه العلاقة، فلا تشير إلى المقام المعنويّ أو إلى تفاضلٍ بين صنف المرأة وصنف الرجل؛ وإنّما تشير إلى مسألةٍ عمليّةٍ متعلّقةٍ بحقوق وواجبات كلٍّ من الزوج والزوجة، ولا شكّ أنّ هناك فروقاً في الكثير من التفاصيل العمليّة بين الرجل والمرأة على المستوى الشرعيّ، وواحدة منها موضوع الطلاق الذي تشير إليه هذه الآية الكريمة، وسنتحدّث عن هذه الفروق المتعلّقة بالجانب العمليّ وخلفيّة هذه الفروق في دروس لاحقة إن شاء الله تعالى.

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...