الرئيسية / القرآن الكريم / أسوار الأمان في صيانة المجتمع من الإنحراف على ضوء سورة الحجرات

أسوار الأمان في صيانة المجتمع من الإنحراف على ضوء سورة الحجرات

05)موضوعات ومقاطع السورة

إنّ الأمن والأمان والسلام من التطلّعات الكبرى للإنسانية جمعاء، فكلّ شخص يولد ويولد معه الأمل والتطلّع إلى الحياة الآمنة والسالمة، فهو يريد أن يعيش في سلام وأمان مع نفسه، ومع الآخرين، ومع مجتمعه وهذا بالتحديد ما ترسمه وتحدّده “سورة الحُجرات” من أسوار أمان نفسي وديني واجتماعي لتحقيق السلام في دار الدنيا قبل الآخرة.

 

فترسم السورة أسواراً في التعامل مع القيادة الإلهية لأنّها هي المرجع الأساس في حال تعرّضت وحدة المجتمع وأمنه وسلامه للخطر, وبعد أن ترسي احترام القيادة وآداب التعامل معها، وطبيعة العلاقة معهــا، تأمر السورة المؤمنين بالتثبُّت

في أمورهم، وعدم الاسترسال مع أنباء الفاسقين، فهي تؤسّس منهجاً في التعاطي مع الأخبار وترسم سُور أمانٍ جديد يمنع من إثارة الفتنة وشيوع الفوضى في المجتمع، لأنّهم من دون تثبُّت قد يصيبون بذلك قوماً بجهالة ثم يندمون على ذلك.

 

في سياق حديثها عن علاقة المسلمين بعضهم بالبعض تأمرنا في حال  نشوب اقتتال بين فئتين منهم إرجاعهما إلى سور الأمان وهو الإصلاح بينهما مقدّمة

 

 

لإرساء العدالة، وفي حال بغت إحداهما على الأخرى ولم تقبل بالرجوع إلى سور الأمان، فوظيفتنا إرجاعها إليه ولو بالقوة، لأنّ حفظ الأمن والأمان المجتمعي أعلى قيمة ينبغي المحافظة عليها لأنّه من دونها لا يمكن تحقيق العدالة في الأرض، فيجب محاربة الفئة الباغية، حتى تفيء إلى أمر الله وتقبل الصلح والتحاكم الى الشريعة المقدّسة، فإنْ فاءت تقوم الأمة بنشر العدالة في أوساطها والقسط.

 

ثم تُرسي سوراً مهمّاً في العلاقة بين المؤمنين وهو سور الأخوة ليكون محوراً أساسياً للعلاقة بينهم.

 

ثم ترسي لنا مجموعة أسوار لا بد من الرجوع إليها، من خلال جمعها بعنوان: “سور حرمة المؤمن”، فينبغي أن لا يحكم علاقتنا سوء الظنّ، ولا الغيبة، ولا السخرية والاستهزاء، فهذا هو سور “حرمة المؤمن”.

 

ثم ترسي لنا سور الإنسانية والذي يؤكّد الأصل الواحد للبشرية فالأب آدم عليه السلام والأم حواء عليها السلام، ترفض أي نوع من التمييز المادّي والعنصري بين البشر، وتُبيّن أنّ الحكمة من جعلنا شعوباً وقبائل هو التعارف والانفتاح والتلاقي وليس التدابر والانغلاق والتحارب، لأنّه اذا عرف بعضهم بعضاً ضبطت المسؤوليات والحقوق وتهيّأت أرضية إقامة العدالة.

 

نعم إنّ هناك تمايزاً واحداً هو سور التقوى. فإنّ أكرم الخلق عند الله أتقاهم. ومن معاني التقوى سلامة الفكر واستقامة السلوك، وبذلك يكون التنافس على إيصال المجتمع إلى أمنه وسلامه، فالتقوى هي المحقّقة لأهداف الله تعالى على الأرض.

 

وتختم السورة الكريمة بمظلّة الأسوار إن صحّ التعبير أي الضابط لتطبيق كلّ الأسوار السابقة والموجد للدافع الذاتي لتطبيق آداب السورة وتحقيق أسوارها وهو “علم الله بغيب السموات والأرض” وأنّ الله “بصير” بأعمال عباده.

 

وما ينتج من خلال تطبيق هذه الأسوار التي دعت لها السورة هو السلام، فالله

 

 

تعالى يدعو إلى دار السلام في الدنيا، وإلى دار السلام في الآخرة, السلام مع النفس، مع الآخرين، مع المجتمع.

 

فالسلام أشبه بشجرة مثمرة، جذورها وأصولها في القلب وثمارها وفروعها في المجتمع, فعندما يتحقّق السلام والاطمئنان في النفس، فستخرج من النفس كلّ الأضداد والأغيار فلا حسد، ولا حقد، ولا ضغينة، ولا عصبية وحمية جاهلية،  فعند ذلك ستبدأ أسوار سورة الحجرات بالتحقُّق في المجتمع.

 

فإذا كان القلب يغمره السلام والأمن، كانت تصرّفات الإنسان وسكناته معبّرة عن الارتياح والاطمئنان الذاتي فنجد بأنّه:

– يبحث لنفسه عما يصلحها وينفعها ويدفعها إلى التطوّر.

– وسيعاشر مَن حوله بسلامٍ خالٍ من البغي والظلم والتكبُّر وسوء الظنّ والتجسُّس والغيبة…

– وستراه ينشر بأقواله وأفعاله تفاصيل الأمن والسلام ويُحقّق كما قلنا أسوار الأمان في المجتمع بل قد يُقاتل من أجل تحقيقها.

 

 

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...