الرئيسية / القرآن الكريم / أسوار الأمان في صيانة المجتمع من الإنحراف على ضوء سورة الحجرات

أسوار الأمان في صيانة المجتمع من الإنحراف على ضوء سورة الحجرات

36)

الدرس الرابع: منهج تلقّي الأخبار أصول الآداب الاجتماعية

 

مفاهيم محورية

– العبرة بالوثوق بمضمون الخبر.

– هل الآية مختصة بالنبأ, أي هل يختص وجوب التبيُّن بالنبأ.

– لماذا تحدّثت الآية عن خصوص الفاسق؟

– الدروس المستفادة الآية.

– التثبُّت والتبيُّن من الأخبار وعلاقته بالتربية الأخلاقية للمجتمع الإسلامي.

 

 

النص القرآني

قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾

 

تمهيد

تتحدّث هذه الآية عن أهمّ الآداب الجماعية والمؤثِّرة على بنية المجتمع، وهو تلقّي الأنباء والأخبار وتناقلها فيما بينهم، وهنا يجب أن تؤخذ هذه الأنباء من مصادرها الموثوق بها وأمّا إذا كانت من فاسق أو لم تكن ممّا يوثق به فلا يمكن الركون إليه والأخذ منه. ولذا ينبغي الاستقصاء عند نقل الخبر. وإذا لاحظنا هذه الآية مع ما تقدّم فقد كان النداء الأول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ لتقرير جهة القيادة ومصدر التلقّي. وكان النداء الثاني لتقرير ما ينبغي من أدب للقيادة وتوقير. وكان هذا وذلك هو الأساس لكافة التوجيهات والتشريعات في السورة. فلا بد من وضوح المصدر الذي يتلقّى عنه المؤمنون، ومن تقرير مكان القيادة وتوقيرها، لتصبح للتوجيهات بعد ذلك قيمتها ووزنها وطاعتها. ومن ثم جاء هذا النداء الثالث يبين للمؤمنين كيف يتلقّون الأنباء وكيف يتصرّفون بها, ويُقرّر ضرورة التثبُّت من مصدرها[1].

 

 

الآية خطاب من الله – عزّ وجلّ – للمؤمنين بأنّه إذا جاءكم فاسق  وهو الخارج من طاعة الله إلى معصيته “بنبأ” أي بخبر عظيم الشأن “فتبيّنوا” صدقه من كذبه ولا تبادروا إلى العمل بما تضمّنه “أن تصيبوا قوماً بجهالة” لانّه ربما كان كاذباً وخبره كذباً، فيعمل به فلا يؤمن بذلك.

 

شرح مفردات الآية

بِنَبَأٍ: هو نقل حديث أو شيء آخر من موضع إلى موضع آخر. – وفي الآية – يراد حكاية من مجارى الأمور الماضية وتلاوة ممّا سبق من الأحاديث والقضايا الجارية[2].

 

فَتَبَيَّنُوا: (بين) وهو بعد الشيء وانكشافه. فالبين الفراق,  وبان الشيء وأبان إذا اتضح وانكشف ﴿إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ﴾. ﴿إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ﴾[3]. كونوا على حال الانكشاف وتكون الوقائع والأمور منكشفة عندكم[4].

 

بِجَهَالَةٍ: الجهل هو ما يخالف العلم، وفقدان العلم إمّا بالنسبة إلى المعارف الإلهيّة، أو علوم ظاهريّة، أو بالنسبة إلى تكاليف شخصيّة، وكلّ منها إمّا في موضوع كلَّي، أو جزئيّ. وخصوصيّات مفهوم الجهالة تختلف باختلاف الصيغ والموارد: يقال: جهل جهالة، وإذا أريد الإشارة إلى إدامة الجهل فيقال: جاهل، وفي مورد أريد قبول جاهل فيقال: تجاهل. وإذا أريد الطلب فيقال: استجهل. ثمّ إنّ الجهل يلازم الاضطراب، كما أنّ العلم واليقين يلازمان الطمأنينة، فتفسير الجهل بالحركة والاضطراب تفسير باللازم والأثر[5].

 

نَادِمِينَ: ندم إذا حزن أو فعل شيئاً ثمّ كرهه[6].

 

النَّدْمُ والنَّدَامَةُ: التَّحَسُّر من تغيُّر رأي في أمر فَائِتٍ. قال تعالى: ﴿فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾[7].

 

 

[1] ينظر: في ظلال القرآن، سيد قطب، ج6، ص 3341.

[2] التحقيق في كلمات القرآن الكريم، حسن المصطفوي، ج12، ص 14. 

[3] سورة النساء، الآية 94.

[4] التحقيق في كلمات القرآن الكريم، حسن المصطفوي، ج1، ص 368.

[5] التحقيق في كلمات القرآن الكريم، حسن المصطفوي، ج2، ص 132.

[6] المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، أحمد بن محمد المقري الفيومي، ج2، ص 598.

[7] مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني، ص 796.

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...