الرئيسية / من / الشعر والادب / المخطوطات العربية وأهميتها، وسبل حمايتها والإفادة منها

المخطوطات العربية وأهميتها، وسبل حمايتها والإفادة منها

 يتناول هذا البحث المخطوطات العربية منذ العصور الإسلامية الأولى، وأثر العولمة على تراثنا الحضاري الزاخر، ويوضح الاهتمام المؤسساتي لحفظ تلك المخطوطات وحمايتها والعناية بها وصيانتها•
ويبين البحث طرق الفهرسة والتكشيف الضرورية لتسهيل الإفادة من المخطوطات بعد القيام بتحقيقها، ويقدم أخيراً اقتراحات عامة لبذل المزيد من الاهتمام والرعاية لتراثنا العربي والإسلامي لا سيما في وجه عصر العولمة الذي يسعى للقضاء على الشخصية الوطنية للدول النامية•
1ـ تمهيد
أقبل العرب المسلمون على الكتابة والتدوين والتأليف إقبالاً منقطع النظير منذ العصور الإسلامية الأولى، وحققوا في مجال وضع الكتب بموضوعات المعرفة المختلفة، وحفظها، ونشرها تقدماً لم تحققه شعوب كثيرة أخرى كانت تمتلك آنذاك من مقومات الحضارة ما يؤهلها لذلك• كبيزنطة وبلاد فارس وغيرها• لقد كان إقبالهم على الكتب والمخطوطات “يشبه إلى حد كبير شغف الناس في عصرنا هذا باقتناء السيارات والثلاجات وأجهزة التلفاز• وكما يقاس ثراء الناس اليوم بمدى ما يملكون من عربات فاخرة مثلاً، قَدّر الناس في ذلك العصر الممتد من القرن التاسع عشر حتى القرن الثالث عشر الثراء بما يملكون من كتب أو مخطوطات• ونمت دور الكتب في كل مكان نمو العشب في الأرض الطيبة، ففي عام (891) م أحصى مسافر عدد دُور الكتب العامة في بغداد بأكثر من مئة، وبدأت كل مدينة تبني لها داراً للكتب يستطيع عمرو أو زيد من الناس استعارة ما يشاء منها، وأن يجلس في قاعات المطالعة يقرأ ما يريد، كما ويجتمع فيها المترجمون والمؤلفون في قاعات خصصت لهم، يتجادلون ويتناقشون كما يحدث اليوم في أرقى الأندية العلمية”•(1)


لقد أعطى العرب منذ العصور الإسلامية الأولى المخطوطات، والكتب والمكتبات عناية كبيرة وبخاصة منها في العصر العباسي، حيث ازدهرت حركة الترجمة والتأليف، وأقبل الناس على النسخ وشراء الكتب واقتنائها والعناية بها، وقد حفلت المؤلفات العربية بكثير من المنثور والمنظوم الذي يؤكد هذا الحب والولع(2)• كما أقيمت المكتبات العامة في جميع أرجاء الدولة الإسلامية آنذاك، وكذلك المكتبات المدرسية والمتخصصة التي حفلت بملايين الكتب والمخطوطات(3)، ولم يكن ذلك غريباً، فقد حض الإسلام على طلب العلم، واستخدام العقل في أمور الحياة• وقد عبر المؤرخ وول دبورانت عن روح ذلك العصر بقوله: “لم يبلغ الشغف باقتناء الكتب والمخطوطات في بلد آخر من بلاد العالم ـ اللهم إلا في بلاد الصين ـ ما بلغه في بلاد الإسلام في هذه القرون، حين وصل إلى ذروة حياته الثقافية، وأن عدد العلماء في آلاف المساجد المنتشرة في البلاد الإسلامية من قرطبة إلى سمرقند لم يكون يقل عن عدد ما فيها من الأعمدة” (4)•
لقد اجتمعت كتب المسلمين و المسيحيين و اليهود على رفوف مكـتبات العرب، متحابـة،منتظمة،مفتوحة للقراءة أمام الناس،”تخدم الجميع على اخـتلاف معارفهم وعقائدهم في بناء النهضة العلمية، و بروح التسامح العربي نفسه،لم يخجل العرب أن يدخـلوا مدارس غير المسـلمين، و أن ينهلوا من منابع المعـارف الهندية أو الإغريقية الشيء الكثير” (5)•


و مما يؤسف له أن شطراً كبيراً من هذه المخطوطات التي ازدانت بها المكتبات العربية الإسلامية ضاع بسبب ما تعرضت له الدولة أو الدول العربية الإسلامية من حروب وفتن وغزوات، وكان ما أصاب الثقافة العربية مروعاً عندما اقتحم هولاكو بجيوشه بغداد عام 1258م، حيث ألقيت مئات الألوف من المخطوطات في نهر دجلة، كما أثبت ابن بطوطة أن التتار قتلوا في العراق أربعة وعشرين ألفاً من العلماء(6)•
ولم يكن نصيب المخطوطات العربية من الدمار خلال زحف تيمورلنك بأقل منه على يد هولاكو، وفي الغرب الإسلامي تعرض التراث العربي الإسلامي للمحنة نفسها، فحين سقطت غرناطة بيد الإسبان المهاجمين عام 1492م، وانتهت دولة المسلمين في الأندلس أحرقت عشرات الآلاف من المخطوطات، وأكثر الباحثين حذراً أو عطفاً على الإسبان يقدرها بثمانين ألفاً(7)•


أما الجـانب الذي سـلم من هذه الكـوارث والنكـبات فقد نقـل معظمه إلى دور المخطوطات والأديـرة والمتاحف الأجنبية في ديار الغرب خلال الحروب الصليبية، ثم خلال الاستعمار الحديث للبلاد العربية، ويقدر معهد المخطوطات العربية، عددها بثلاثـة مـلايين مخطـوط(8)•
لقد حظيت البلاد العربية الإسلامية بتراث علمي وثقافي مخطوط قل أن حظيت بمثله أمة من الأمم عبر التاريخ، ولا يتمثل ذلك في كثرته وحجمه فحسب، بل في محتوياته العلمية والأدبية والثقافية والتاريخية، واتساع آفاقه، ليشمل العالم القديم والوسيط كله تقريباً، جغرافياً وتاريخياً•
2 ـ العولمة والتراث:


تتسـم العولمـة الثقافية بتأثيرات سلبية على الهويـة والموروث الثقافي للأمم والشعوب، ومخاطر فائقة تمس قضايـاها التراثية الجوهريـة، بما يهـدد الهويـة الوطـنية بالتشـويه والاضمحلال•
والعولمة بمفهومها المعاصر تعني إحلال الاختراق الثقافي محل الصراع الإيديولوجي• وهو اختراق يستهدف العقل والنفس والتراث• إنه مفهوم يترتب عليه ضياع تراثنا وهويتنا• فثقافة العولمة هي ثقافة أحادية أمريكية تفرض على الآخرين، وهي مهددة للخصوصيات الوطنية، وبخاصة منها العربية الإسلامية، فهي مقاربة اقتصادية على حساب الثقافة والهوية الوطنية، لتقوم مقامها هوية السوق•


ولم تعد العولمة الشرسة بمفهومها السلبي هذا تراعي أي شيء فهي تدعي أنها منتصرة لا محالة، ولا مجال لردها أو عدم الدخول فيها، بل إنه لا يحل في هذا العالم سواها• ونحن نقول: إن العولمة ما هي إلا ظاهرة تاريخية، أي مرحلة من مراحل النظام الرأسمالي، قابلة للانتعاش والتراجع، ويجب مقاومتها، وتكوين جيوب مقاومة ضدها، وهذه الجيوب موجودة اليوم ليس فقط في أمريكا اللاتينية، بل في أوربا الغربية أيضاً التي تخشى الهيمنة الأمريكية•
أما العولمة الثقافية فهي مجموعة من الرؤى والقيم والسلوكات والمعلومات والمعطيات المرتبطة ارتباطاً قوياً بالنظام الليبرالي الرأسمالي الذي يملك قوة انتشارها وتوزيعها عبر العالم من خلال وسائل القوة التي يمتلكها، وتكنولوجيا الاتصال والإعلام الحديثة، ومن خلال قوته الاقتصادية والعسكرية• ثم إن الدخول في العولمة لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يعني إلغاء السيادة الوطنية، وهي مفهوم مشترك ومقبول من جميع أفراد الوطن الواحد وتحركه قيم الناس ومشاعرهم المشتركة، وتاريخهم الواحد، وتراثهم وحضارتهم ولغتهم الواحدة•


إن الديمقراطية، وحقوق الشعوب، وحقوق الإنسان، والمجتمع المدني مقولات كبرى، ومطالب أساسية ظهرت حديثاً في مجتمعنا وكأنها مفاهيم قادمة من بعيد، من الغرب، وليست منطلقة من مجتمعنا ذاته ومن عمق تاريخنا، وهي موجودة فيه، فالحضارة العربية التي سادت بلادنا والعالم قروناً طويلة اتسمت بالإنسانية والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان والشورى بين الناس وكلها مبادئ نادت بها الرسالة الإسلامية، وتشبعت بها حضارتنا وهي في حد ذاتها حضارة إسلامية إنسانية•
واليوم ما مدى قدرتنا على مواجهة العولمة والصمود في وجهها، وهل المغرب العربي أكثر صموداً من المشرق العربي، أو العكس هو الصحيح؟ إن قرب المغرب العربي من أوربا قوى مفهوم الشراكة• وهذا يسهل عملية الدخول في العولمة• ولكن هل العولمة فعلاً خيار لا مفر منه؟
إن من واجبنا نحن العرب، مشرقاً ومغرباً، أن نقوي صلتنا بتراثنا وأمجادنا الغابرة، ومن هنا تأتي ضرورة نفض الغبار عن تراثنا المخطوط، وحفظه، وتنظيمه، وفهرسته، والتعريف به وتوجيه الأجيال للتمسك به ونحن نتجه للدخول في العولمة، حتى نفيد من إيجابياتها إن وجدت، ونتفادى سلبياتها التي تلقي بظلها الخطير على هويتنا الوطنية• ولا خوف على ثقافتنا العربية في جميع الأحوال عندئذ، لأنها ثقافة كبرى في تاريخ البشرية تؤهلنا لأداء دور جديد في هذا التاريخ وصنع فكر إنساني جديد•


إننا اليوم أكثر من أي يوم مضى بحاجة إلى الاعتزاز بتراثنا “وتجديد ثقافتنا الوطنية وتعزيز الانتماء إلى الذات مع الانفتاح على العصر، وذلك عبر إعادة بناء الثقافة من داخلها وربطها بمفهوم الشعب والأمة واعتمادها سلاحاً في مواجهة ظاهرة عولمة الثقافة”(9)•
إن العولمة لا تشكل خطراً إذا هي اعترفت بتنوع الثقافات الإنسانية واحترمت الهويات القومية الوطنية وخصوصيات الشعوب وابتعدت عن التنميط القسري واعترفت بالسلم والعدل الدوليين• ولكنها للأسف تبدو كظاهرة شريرة تريد فرض سيطرة عالمية للنظام الرأسمالي، وإن الاندماج المطلق فيها أو الانعزال المطلق كلاهما انتحار حضاري•
لذا إذا كان لا بد لنا أن ندخل هذه العولمة ولا خيار لنا في ذلك فإن من واجبنا أن ندعم هويتنا الثقافية وهويتنا الذاتية من خلال امتلاك قوانين المكتشفات العلمية وتطوير رؤيتنا الثقافية ـ التراثية وأن نحول نظرتنا إلى تراثنا من مجرد شيء نمجده إلى نقده نقداً عقلانياً وأن نستفيد منه في تأكيد ذاتيتنا وهويتنا لأنه المفتاح نحو المستقبل”(10)•


انطلاقاً من ذلك نقول: إن الاهتمام بالتراث الوطني هو حفاظ على الهوية الوطنية من الضياع والذوبان في هوية الآخرين أو هوية السوق• وإن التراث المخطوط الذي يحوي مؤلفات علمائنا السابقين وإبداعاتهم وعطاءاتهم الفكرية الخلاقة في جميع مجالات العلوم والآداب والفنون لهو خير حافظ لنا من الذوبان في حضارة الآخرين• وعلينا أن ننفض عنه غبار الزمن وأن نعطيه من العناية والرعاية ما يستحق•
3 ـ فهارس المخطوطات:
تزخر الأراشيف ودور الوثائق والمتاحف في دول العالم بنفائس المخطوطات العربية الإسلامية، وقد بذلت جهود كبيرة في العصر الحديث لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المخطوطات التي سلمت من الكوارث والنكبات وعرف العالم أهمية إنقاذها وحمايتها والحرص عليها، نظراً لما تحويه من فكر خلاق في العلوم الطبيعية والصيدلانية والرياضة والفلكية والكيميائية والأدبية واللغوية والإنسانية وغيرها، لقد أدت دوراً بالغ الأهمية في قيام النهضة الأوربية، بعد أن أطلع الأوربيون عليها، ونقلوا جزءاً كبيراً منها إلى لغاتهم الوطنية، مما جعلهم يتقدمون خطوات كبيرة إلى الأمام في مضمار الرقي والازدهار•
وتبرز فهارس المخطوطات العربية التي تزخر بها مكتبات العالم الحجم الكبير لهذه المخطوطات التي بقيت على قيد الحياة، وما زالت قبلة للدارسين والباحثين، ينهلون منها، ويرتوون من ينابيعها الثرية السمحة، وهذه الفهارس تفتح أمام العلماء الباحثين مغالق تلك الكنوز الخطية الموجودة فوق رفوف مكتبات وأراشيف العالم، وقد بلغت أعداد هذه الفهارس من الكثرة بحيث أصبحت الإحاطة بها تكاد تكون ضرباً من المستحيل، لذلك نهض عدد من الباحثين المهتمين بوضع ببليوغرافيات عامة ومتخصصة لرصد هذه الفهارس والتعريف بها، في مقدمتهم هويسمان، وفاجدا، وبيرسن، وبروكلمان من علماء الغرب، ويوسف أسعد داغر، وفؤاد سزكين من أبناء العرب•


ونظراً لكون الكثير من هذه الفهارس قد تقادم به العهد ولأن بعضها كتب متعددة شرقية وأخرى أوربية، ولكون جملة منها قد نشرت في مجلات استشراقية ليس من اليسير الاطلاع عليها، وأصبح من الضروري إصدار فهرس عام، ومسح حديث لهذه الفهارس وبأسلوب عصري، قام عدد من الباحثين العرب، والمؤسسات العربية بالتصدي لهذا العمل ومن بين الباحثين العرب الذين بذلوا مجهودات هامة في هذا المجال نذكر الباحث كوركيس عواد الذي وضع فهرساً مبوباً للمخطوطات العربية في الخافقين بعد جهود طويلة، وزيارات علمية للمكتبات الشرقية والغربية• وقد جاء هذا الفهرس معرباً تبعاً للأقطار التي تمتلك تلك المخطوطات، يليها أسماء المدن في كل قطر، ثم أسماء المكتبات التي تقتنيها، مع مراعاة الترتيب الزمني للفهارس الموجودة في كل مكتبة أو معهد، وهو فهرس عظيم الأهمية، ولكنه بحاجة إلى تكملة وذيول لأن الإحاطة الشاملة بجميع الفهارس على باحث واحد ضرب من المستحيل(11)•
كما تتصدى اليوم مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي(12) للتعريف بالمخطوطات العربية الإسلامية وأماكن وجودها عبر العالم بأسلوب علمي حديث، وأصدرت فهارس ضخمة في أربعة مجلدات تحوي أكثر من ألفي صفحة، غطت 107 دول في العالم، وأسدت بعملها هذا خيراً كبيراً للمكتبة العربية الإسلامية في هذا الجانب(13)•


وهناك مراكز عربية أخرى في مقدمتها معهد المخطوطات العربية التابع للجامعات العربية الذي يبذل جل اهتمامه لتقصي المخطوطات العربية عبر العالم، والاهتمام بتصورها والتعريف بها، ويسهل وضعها تحت تصرف الباحثين، وهذا ما سنتحدث عنه في ما يلي من صفحات• ولا بد هنا من الإشارة إلى المجهودات التي يبذلها مركز “جمعه الماجد” في دبي للتعريف بالمخطوطات وتصوير الموجود منها داخل الوطن العربي والتعريف به وتيسير الاطلاع عليه•
كما تقوم الدول العربية بإعطاء مزيد من الاهتمام للمخطوطات المحفوظة لديها• ووضع فهارس لها وكشافات تساعد الباحثين في الوصول إليها بسهولة ويسر، علماً بأن معظم هذه المخطوطات ما زالت موزعة بين المكتبات العامة والخزائن الخاصة، وأن جميع المجهودات التي تبذل في سبيل تجميعها وصيانتها ما زالت قاصرة عن تحقيق أهدافها المنشودة• علماً بأن الإدارات المسؤولة عنها ما زالت تعاني من نقص الكفاءات الفنية المؤهلة لهذا العمل، هذا فضلاً عن قصور القوانين العربية التي تحمي المخطوطات من الاستلاب الثقافي والعلمي، وبخاصة منها المخطوطات الموجودة في فلسطين التي تتعرض للنهب الحضاري بصورة خطيرة•


4 ـ حماية المخطوطات العربية الإسلامية:
بدأت حماية المخطوطات العربية تخرج من الاهتمام الفردي إلى الاهتمام المؤسساتي، وهي مؤسسات قامت بجهود عدد من الرجال الأثرياء العرب الذين اختاروا إنفاق جانب من أموالهم في هذا المجال الهام، بعد أن تحمل هذه الأعباء في الماضي جيل من الأساتذة الرواد الذين بدؤوا السير في هذا الطريق الصعب الشائك، بغية اكتشاف كنوزه المجهولة، إلا أن عوادي الزمن أقعدتهم عن مواصلة الطريق، بعد أن انحسرت موجة الاستشراق والمستشرقين الذين أسهموا إسهاماً فاعلاً في حماية هذه المخطوطات وصيانتها والتعريف بها، مهما كانت الدوافع التي حركتهم للسير في هذا الاتجاه أو المآخذ التي أخذت عليهم، فقد كانت لهم رغم ذلك أياد بيضاء في البحث عن المخطوطات النادرة، وحفظها، وطبعها، ونشرها، والتعريف بها رغم كونها انتزعت من بلادنا دون حق، وجدير بنا، ونحن نفكر في حماية مخطوطاتنا، أن نفكر أيضاً في سبل استرجاعها إلى أوطانها الأصلية التي نهبت منها وهذا الأمر يتطلب بذل جهود أكبر، وعناية أكثر، لرعايتها على الصعيد العربي، ثم على الصعيد الدولي• ومما يثير الدهشة والألم، أن نجد مخطوطاتنا تلقى عناية الغربيين وهي في ديارهم، أكثر مما تلقاه في بلادنا• لذلك فنحن بحاجة إلى بذل مزيد من الجهود على الصعيد العربي، وتوحيد الجهود، ووضع خطط عمل مشتركة، للضغط على الدول الأجنبية التي لا تسمح بتصوير مخطوطاتنا المحفوظة لديها، أو تضع العراقيل أمام تحقيق ذلك، وهذا أضعف الإيمان• وأذكر على سبيل المثال أنني حضرت في ربيع عام 1995 مؤتمراً في جامعة لايدن في هولندا، وكنت أعرف أنها تحتفظ لديها بين نفائس المخطوطات العربية نسخة مخطوطة أصلية من “كتاب غريب الحديث” لابن سلام، ولم أستطع الاطلاع عليه إلا بعناء، وتحت مراقبة مشددة، بعد أن أعطيت لي مدة عشر دقائق فقط، طبعاً للمسؤولين عن مكتبة الجامعة عذرهم في ذلك، فالمخطوط قديم ويجب إعطاؤه قدراً كبيراً من الرعاية ليبقى أطول مدة ممكنة•


وتعيش المخطوطات العربية في بلادنا مشتتة مبعثرة بين مختلف الهيئات الحكومية والأهلية والأفراد والمكتبات• وليس تشتت المخطوطات بين مختلف أنواع المكتبات في الدولة الواحدة هو المظهر الوحيد لسوء حالها، فالذي يدخل مخازن أي مكتبة عربية يشعر بأسى عميق لما تلقاه المخطوطات من إهمال بعد أن تحولت في نظر الكثير من المسؤولين عنها إلى مواد متحفية تعرض منها النسخ التي تتحلى بألوان من الفن في كتابتها أو زخرفتها أو تجليدها، ويكرس الباقي في المستودعات ليكون طعماً للآفات والحشرات دون أن يحظى بأي نوع من الصيانة، بل حتى دون أن يراعى في وضعه أبسط الأسس العلمية لتنظيم الكتب على الرفوف فبعضها يزدحم ازدحاماً شديداً حتى لتحشر عليه المخطوطات حشراً يفسد أوراقها وتجليدها، وبعضها الآخر تلقى عليه المخطوطات مضطجعة أو قائمة في وضع مائل يتلفها، وبلادنا بطبيعتها يغلب عليها الحرارة والجفاف، أو الرطوبة وهذه تساعد على إتلاف الأوراق والجلود، ومخازن المخطوطات عندنا لا تعرف أجهزة سحب الغبار والأتربة، بل قلما تسلم من الشمس أو الرطوبة فضلاً عن سوء التهوية أو معظم هذه الأخطار مجتمعة• أما تعقيم المخطوطات وترميمها فما زالت أساليبه عندنا قاصرة عاجزة عن أن تصون لنا ما سلم من تلك الآفات رغم ما أحرزه العلم من تقدم في هذا المجال(14)، ناهيك عن النقص الفادح في الفهارس اللازمة للتعريف بها، ونقص الدراسات الأكاديمية عن المخطوطات العربية، مع غياب هذا الموضوع كمادة تدريسية على مستوى معاهد المكتبات في معظم الجامعات العربية•


إن أمتنا بحاجة إلى مزيد من العناية بتراثها المخطوط، وحمايته وتصويره من أرشيف ومكتبات العالم، وبخاصة الموجود منه في تركيا، لأنه يحفل بآلاف مؤلفة من المخطوطات التي ما زالت مجهولة وهي بحاجة قبل كل شيء إلى خطة واضحة المعالم، وتعاون قوي بين دولها، ودعم لمعهد المخطوطات العربية، وتعاون أفضل مع المؤسسات التي تعمل في هذا الاتجاه، عامة كانت أم خاصة وتوحيد الجهود، في سبيل إنقاذ مخطوطاتنا، ورعايتها وتجميعها، وتصويرها، وتحقيقها، والتعريف بها وفق أحدث السبل، وأفضل الوسائل•


5 ـ معهد المخطوطات العربية والتراث المخطوط:
لم يدرك العرب في عصرهم الحديث أهمية تراثهم المخطوط، إلا بعد إدراكهم لحقيقة الحضارة الغربية والنهضة الأروبية التي يقال بأنها قامت على أساس هذا التراث، لذلك قامت الجامعة العربية بإنشاء معهد إحياء المخطوطات العربية وذلك في شهر نيسان من عام 1948، ولم يمض على قيامه أكثر من سنة واحدة، وكانت الأهداف المرسومة لهذا المعهد بطبيعة الحال الاهتمام بالمخطوطات العربية أينما كانت، ورصدها، وجمعها، وتصويرها، والتشجيع على تحقيقها، وفهرستها، وصيانتها، ونشر هذه الفهارس على أوسع نطاق ممكن، مع إصدار نشرة دورية تعنى بالمخطوطات وما يتصل بها من أمور•
بدأ المعهد بعد عام من تأسيسه بإرسال البعثات إلى الدول العربية والأجنبية لتصوير المخطوطات(15) ثم توقف عن ذلك في عام 1960 لأسباب مادية، غير أنه بدأ في الحصول على صور المخطوطات عن طريق اليونسكو خلال المدة التي توقف فيها، فقد أخذ هذا الأخير على عاتقه أمر تصوير المخطوطات في البلاد العربية التي تطلب منه ذلك• ثم عاد المعهد للتصوير فيما بعد حين توفرت الاعتمادات المادية لذلك•
وقد بدأ المعهد عام 1955 بإصدار مجلة نصف سنوية تعنى بالمخطوطات العربية وتقدم أخبارها وأخبار المعهد ونشاطاته، كما بدأ بإصدار فهارس للمخطوطات العربية عبر العالم، فضلاً عن نشرة نصف شهرية ثم أصبحت شهرية لأخبار التراث العربي، ويستقبل المعهد أعداداً كبيرة من الباحثين والعلماء والدارسين والمحققين لمراجعة المخطوطات المصورة على ميكروفيلم، ويعمل على تزويد الراغبين بنسخ عنها• ويعد المعهد اليوم مركزاً للتوثيق الببليوغرافي حول المخطوطات العربية، وتدريب المشتغلين فيها•


إن معهد المخطوطات العربية هو الملاذ الأمين الذي تعتمد عليه المخطوطات العربية لحمايتها من الإهمال والضياع والاندثار، “وجهوده المعروفة غنية عن التعريف، وإنما نريد منه الخروج من إطار النظرة الأكاديمية التقليدية إلى أفق أكثر رحابة بما يحقق التفاعل والتلاحم للجماهير العريضة من المثقفين، لكي تحقق المخطوطات مزيداً من نبض الإشعاع والإخصاب في خضم الثقافة العربية، ولا يتوقف فقط عند مهمة التحقيق والنشر والتصحيح والتعريف•• ولا ينبغي أن نحمل المعهد وحده ثقل هذه المسؤولية، بل هو بحاجة إلى روح جديدة، وحضور متواصل، والخروج من نطاق التخصص المحدود إلى مجالات أرحب وأوسع مدى يتلاحم فيها مع مصاب الثقافة العربية العامة، ويتماوج بأكبر وأعمق من إطاره الأكاديمي المعروف”(16) ورغم مرور أكثر من عشرين سنة على هذه الدعوة، فإنها ما زالت قائمة إلى اليوم، بل هي اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى، حيث العولمة تريد أن تفرض أخطبوطها على العالم، وبخاصة منه العالم النامي، لتبعده عن تراثه وأصالته، وهويته، لتصنع مكانها هوية السوق، وفي ذلك خطر مبين•


6 ـ حفظ المخطوطات وصيانتها:
تحتاج عملية حفظ المخطوطات إلى مخازن معينة بمواصفات خاصة ببناء التجهيزات وما إليها، فالبناء يجب أن يكون في منطقة صحية بعيدة عن التلوث الجوي، تحفظه جدران نارية من الحرائق، وتدخل في بنائه مواد تمنع وجود الحشرات فيه ما أمكن ذلك• ويجب استخدام الخزائن الحديدية المتقولبة لحفظ المخطوطات، مع استخدام المساند الحديدية أيضاً والرفوف المتحركة• أما الإضاءة فتكون كهربائية غير مباشرة، مع عدم استخدام الإضاءة الزئبقية أو التي من نوع الفلورنس لأنها تحوي الأشعة فوق البنفسجية التي تضر الورق وتغير لونه، و لا بد من توفر درجة حرارة و رطوبة مناسبة، كأن تكون درجة الحرارة بين 20-25 درجة مئوية، أما الرطوبة بين 50%-60%• و تشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن حفظ المخطوطات النادرة يجب أن يتم في درجة حرارة تصل إلى 30 درجة تحت الصفر، أي درجة التجميد الشديد، لأن مثل هذه المخطوطات قديمة جداً، و نادرة الاستخدام، و حفظها في درجة التجميد الشديد يطيل عمرها•
و لا بد من تزويد المخازن بأجهزة إطفاء جيدة، ووسائل تنبيه سريعة عن الحرائق، وكذلك تزويدها بصناديق تعقيم وتبخير لمعالجة المخطوطات ومكافحة آفاتها• كما أن احتواء المكتبة أو الأرشيف على قسم خاص بالصيانة والتجليد والترقيم هو من الأمور الهامة التي لا غنى عنها• ومن مهام هذا القسم تصفح المخطوطات ومعرفة أوضاعها الصحية، وترقيمها بإكمال الصفحات الممزقة والناقصة بالوسائل والمواد الحديثة الملائمة، وطلاء الأوراق الجافة بمواد مطرية خاصة، و التحذير من استخدام القماش العادي والأصماغ والنشاء وما إليها في هذه الأعمال نظراً لمنعكساتها السلبية على المخطوطات، وتأثيرها على نمو الحشرات الضارة والبكتريا والفطريات، أهمها النمل الأبيض (الأرضة) والسمكة الفضية، والحشرة القارضة، ودودة الورق، والخنفساء السوداء، والإصابات الجرثومية، والفطريات التي تترك بقعاً ذات ألوان مختلفة صفراء أو برتقالية أو سوداء وتعطي أثراً حامضياً، يؤدي إلى فسخ الزخارف وضياع ألوانها• وجدير بالذكر أن هذه الفطريات لا تمتص الرطوبة من الجو، بل من المواد المخزونة نفسها وبخاصة عندما تكون درجة الرطوبة في المخازن مرتفعة• وهناك مواد متعددة تستخدم لمكافحة الحشرات بينها مادة الـ (D.D.T)•


ويهتم هذا القسم أيضاً بعملية تعفير المخطوطات وتعقيمها• وتقتني كل مكتبة صناديق للتعفير بمعدل صندوق لكل خزانة، وتوضع فيه مجموعة كتبها وتبخر بمواد قاتلة للحشرات• وتتم هذه العملية مرة واحدة كل عام، وعند الشعور بوقوع إصابات بين المخطوطات• ونشير هنا أنه لا بد من تعفير المخطوطات القادمة حديثاً إلى المخزن قبل وضعها فوق الرفوف لاحتمال كونها مصابة إصابات مسبقة• وحتى لا تنتقل العدوى إلى المخطوطات الأخرى المحفوظة في المخزن• ويكون صندوق التبخير عادة مصنوعاً من مادة خشبية جيدة مصفحة من الداخل بمادة معدنية لا تسمح بتسرب الأبخرة خارجه• ويكون حجم الصندوق حوالي متر مربع واحد، توجد في أسفله شبكة معدنية ترتفع حوالي 20 سم من أسفله توضع فيها المواد الكيميائية الخاصة بمكافحة الأوبئة• وهناك أضرار متنوعة قد تصيب المخطوطات نتيجة الاستخدام والملامسة من قبل الموظفين والمستفيدين، أو نتيجة عرضها في المتاحف والمعارض• لذلك ينصح بعدم استخدام وسائل التدفئة الغازية أو النفطية في المخازن، وعدم السـماح للمستفيدين باستخدام أقلام الحـبر وما شابهها عند استعمال المخطوط، ومنعهم بشدة من الكـتابة عليه• ويفضل تقديم صور عن المخطوط للمطالعـين، أو ميكـروفيش وميكـرو فيلم عنها لقراءتها عبر الأجهزة القارئة(17)•


7 ـ فهرسة المخطوطات وتكشيفها:
لقد بذلت حتى الآن جهود كبيرة على المستويين العربي والدولي لرصد الفهارس بجهود العلماء، وفهرستها، وصدرت أعداد كبيرة من الفهارس بجهود علماء أجلاء، دفعهم لذلك حبهم للتراث وانشغالهم فيه، أو بجهود منظمات عامة أو مؤسسات خاصة سبق الإشارة إليها•
ولم تسلك هذه الفهارس مسلكاً موحداً من الناحية الفنية، وهو مسلك بدأ يتضح في السنوات الأخيرة، ويأخذ اتجاهاً موحداً على جميع المستويات العربية وذلك بصدور بطاقة الفهرسة الموحدة للمخطوطات العربية عام 1989، وهي بطاقة يجري اعتمادها اليوم في جميع الدول العربية ومن قبل الباحثين العرب المهتمين بإصدار الفهارس• وتتضمن هذه البطاقة ستة حقول أساسية هي على التوالي:
7ـ1ـ حقل المضمون: يحوي هذا الحقل عنوان المخطوط والعناوين الفرعية، والمؤلف مع تاريخ وفاته، ثم الموضوع واللغة التي كتب فيها ثم عبارات البداية والنهاية•


وتستخدم التحديد نفسه بالنسبة لكل مخطوط في بعض الأحيان، وهي بحاجة إلى إحالات، لغياب العنوان أصلاً بسبب ضياع بعض الأوراق الأولى أو الأخيرة منه، أو لكون بعض الناسخين ينسون كتابة العنوان، كذلك بسبب تعدد أسماء القدماء من المؤلفين، وتنوعها، وهذه كلها لها قواعد محددة يجب اعتمادها•
7ـ2ـ بيانات النسخ: وتتضمن اسم الناسخ مع نَسَبه ومذهبه ومسكنه• إلخ• ثم مكان وتاريخ النسخ باليوم والشهر والسنة إلى غير ذلك من أمور•
7ـ3ـ الوصف المادي للمخطوط: مثل رقم المجلد رقم الجزء، نوع المادة التي كتب عليها، وصف الحالة العامة له، وحالته الصحية، وعدد أوراقه، ومقاييسه، كذا نوع خطه، ورسومه وزخاريفه، مع لون مداده وتجليده•
7ـ4ـ الإضافات الخاصة بالمضمون: وتشمل إضافات تتصل بمضمونه أو لا تتصل، كالإجازات، السماع، والتوقيعات والملكية، والأوراق المنفصلة عنه إلى غير ذلك من أمور•


7ـ5ـ البيانات الإضافية: وهي البيانات الخاصة بالنسخة، وبيانات النشر والترجمة، ورقم وجود المخطوط في المكتبة ومجموعته، ومكان الطبع إن وجد وتاريخه ودار النشر، مع بيانات التحقيق وما إليها•
7ـ6ـ حقل الملاحظات: أي البيانات المتصلة بالمخطوط والتي لم يكن بالإمكان إدخالها ضمن البيانات السابقة لسبب أو لآخر، ثم الحصول عليها من مصادر أخرى خارجية•
أما الكشافات فهي ضرورية أيضاً، وتقع في عدة أنواع مثل كشاف العناوين، وكشاف المؤلفين• وكشاف النساخ والكشاف الزمني وغيره، ثم إن وجود فهرس عام موحد للمخطوطات العربية في العالم هو أمر في غاية الأهمية، وهو عمل ضخم يستدعي تضافر الجهود وتوفير الأموال والوسائل اللازمة لذلك• مكتبات تاريخ الأدب العربي لبروكلمان، وتاريخ التراث العربي لفؤاد سيزكين فيهما حصر لعدد كبير من المخطوطات العربية وكتب التراث، إلا أنهما مع غيرهما من الفهارس الموجودة اليوم لا تغني عن الفهرس الموحد المنشود• ويمكن أن يتحقق ذلك اليوم بصورة أسهل من أي وقت مضى، نظراً لوجود الكثير من الفهارس الراصدة للمخطوطات، ويبقى على معهد المخطوطات بذل الجهود لإصدار الفهرس الموحد الذي يشملها جميعاً، لأنه الجهة الأقدر على ذلك• وبقي اليوم استخدام الآلية في صنع هذه الفهارس والكشافات نظراً لإمكانات استيعابها الواسعة، ومقدرتها الفائقة على التنظيم، مع صفاتها ودقتها المتناهية• لذلك لا بد من الاهتمام بإصدار الفهارس المحوسبة للمخطوطات العربية•


8 ـ تحقيق المخطوطات:
التحقيق: هو جهد علمي هام لا يقل أهمية عن التأليف، بل هو جهد وطني يعمل على إحياء تراث الأمة، والتعريف به، وإبرازه لينير السبيل أمام الأجيال الصاعدة• ونحن أحوج ما نكون اليوم إلى تحقيق تراثنا ونشره، وبخاصة منه التراث العلمي، لنبين مدى إسهام أجدادنا في هذا الميدان، وفضلهم على النهضة العالمية، وحفاظهم على تراث الأمم الأخرى• ومن واجبنا اليوم أن نفخر بعلمائنا الأجلاء الذين يصرفون الوقت والجهد، للتعريف بتراث أمتهم وإسهاماتها عبر التاريخ في الحضارة الإنسانية، قالت المستشرقة المنصفة زيغريد هونكة في مقدمة كتابها “شمس العرب تسطع على الغرب”: (لقد صممت على تأليف هذا الكتاب، وأردت أن أكرم العبقرية العربية، كما أردت أن أقدم للعرب الشكر على فضلهم، الذي حرمهم من سماعه طويلاً، تعصب ديني أعمى، أو جهل أحمق•• لقد حان الوقت للتحدث عن شعب أثر بقوة على مجرى الأحداث العالمية، ويدين له الغرب، كما تدين له الإنسانية كافة بالشيء الكثير، بالرغم من ذلك، فإن من يتصفح مئة كتاب تاريخي، لا يجد اسماً لذلك الشعب من ثمانية وتسعين منها)(18)•


ينبغي على المحقق أن يروض نفسه على الصبر والجلد، لأن تحقيق الكتب والنصوص يحتاج إلى نفس طويل وإرادة قوية، وميل لمثل هذا العمل•
ومن الصفات الأخرى المطلوبة في هذا المجال الدقة والأمانة العلمية في النقل، وكذلك الدقة في التفكير والتعبير، مع الشعور بالمسؤولية والتواضع، ثم الارتفاع عن مجرد الرواية وترديد الأخبار، بل السعي لاستجلاء معانيها، وبيان آثارها في الحياة، وهناك ثلاثة أنواع من العلماء المحققين، نوع مثقف بثقافة علمية معاصرة تستند على تجربة واختبار، يضعون معارفهم في خدمة الحقيقة، ونوع مثقف بثقافة إسلامية تقليدية، ويفهمون ويفسرون في ضوء آراء السابقين وأفكارهم دون خروج عنها، وهؤلاء لا يضعون المعرفة السابقة في ضوء العلوم الحديثة والشروط المتغيرة وهؤلاء يبقى تحقيقهم تقليدياً ملتزماً دون خروج عن القواعد السابقة المألوفة• أما النوع الثالث فهو الذي اطلع على الثقافة الحديثة المعاصرة، وعرف مداخلها ومناهجها ومضامينها، وتشرب بروحها، مع إحاطته إحاطة واعية بالثقافة الإسلامية السمحة، وبالتالي يكون قد جمع بين الثقافتين الحديث والتقليدية، وهو النوع الذي نتمنى أن يسود بين المحققين لأننا بحاجة إلى أمثال هؤلاء العلماء الذين لا يفرطوا بالقديم ولا يستهينوا به بل يقدمونه حلة عصرية حديثة، إننا بحاجة إلى علماء يحترمون حرية التفكير والرأي الآخر، ويوسعون زاوية الفهم، ويمتلكون المعايير والموازين لتقويم الثقافتين الإسلامية والمعاصرة، ويميزوا بين ما هو صحيح فيها، وما هو خاطئ دون تحيز ودون معرفة تامة بالثقافة الإسلامية، ومن إحاطة بالثقافة المعاصرة، “ودون التمييز بين الصالح والطالح وبين الحسن والسيئ لا يكون هناك ازدواج بين الأصعاء، ولا مولود سليم البنية والروح معاً”(19)•


إن على الباحثين أن يختبروا الأدلة قبل أن يختبروا الأقوال المستندة إليها، إذا كانت صحيحة يتأكدون من صحتها، وإذا لم تكن صحيحة صححوها، هذا هو المنهج الصحيح للبحث عن الحق والصواب بعيداً عن الأحكام المسبقة•
ويحتاج المحقق إلى ثقافة أوسع من ثقافة المؤلف، لأنه بفضلها في كثير من الأمور يتمكن من تقديم النص الذي يحققه حياً إلى القراء، فهو بحاجة إلى اطلاع جيد على مختلف أنواع الثقافة و معرفة بالمكتبات والخزائن وكيفية استخدام فهارسها لما هو بحاجة إلى اطلاع جيد على فقه اللغة العربية وعلم الصرف ليتمكن من استجلاء غوامض النصوص، أو ما ذهبت به الأيام، كما هو بحاجة إلى اطلاع على علم العروض والقافية، ويكون نجاحه في عمله بمدى اطلاعه على المصادر والمراجع ذات الصلة بموضوع المخطوط، مثل مؤلفات صاحب المخطوط، ومخطوطاته الأخرى، والكتب ذات الصلة به، وبخاصة المؤلفات التي اعتمدها المؤلف في كتابه، مع كتب الأعلام والأنساب والمعجمات اللغوية فضلاً عن كتب أخرى يهتدي إليها المحقق وهو يجمع مصادره•
ثم إن معرفة المحقق بأنواع الخطوط العربية يعد من الأمور الهامة، وبخاصة عندما يتصل الأمر بمخطوط قديم، ومعروف أن العرب كانوا يكتبون بالخط الكوفي حتى القرن الثالث الهجري، وهو خط لم يكن منقوطاً أو مشكولاً، تصعب قراءته، ثم الخط الثلثي والنسخي والريحاني في العصر العباسي، بينما لم يشتهر الخط الفارسي بأنواعه إلا بدءاً من القرنين السادس والسابع، وبلغ مرحلة الكمال في القرنين العاشر والحادي عشر• أما الخط الأندلسي فقد ازدهر في الأندلس بصفاته الخاصة، والخط الإفريقي في المغرب• وكان لكل قطر خصائصه، ولكل مؤلف خطه وشخصيته•


ولا يجوز للمحقق أن يتدخل في نص المخطوط مهما كان السبب بل عليه أن يخرجه بالشكل الذي يرضي مؤلفه الأصلي، ويخرجه كما لو كان حياً، بتقديم النص مقروءاً ومشكولاً، وموثقاً وإثبات صحته وعنوانه لمؤلفه بدليل علمي قاطع، والسهر عليه سهراً كلياً، لتثبيت كل ما فيه من كلام، وشواهد وأعلام، مع العناية الدقيقة بضبط الكلمات التي تحتمل أكثر من قراءة، فهو إذاً عملية إحياء نص قديم، وعرضه عرضاً علمياً دقيقاً، وهذا الأصل، لأن النص أمانة مقدسة في رقبة من يتعهد إخراج النص من مكامنه(20)•
وتعد الحواشي الميدان الحر لقلم المحقق الشخصي، وشروحـه، وآرائه الشخصية، وتعليقاته، يذكر فيها ما يشاء، وإذا كان من واجبه الإبقاء على متن النص كما هو دون تبديل أو تغـيير، فإن الهوامـش هـي له يـدون منها ما يريد، ولكـن دون إطالة أو إكثار من الشروح حتى لا يرهـق القارئ• ويعيب الكـتاب، ويفضل أن تكـون تعليقـاته عـبارة عن إشـارات توضيحية، أو شـروح موجـزة أو تصحيح خطأ ورد في النـص الأصلي، أو شـرح نقطة غـامضة•
ويجب على المحقق أن يضع فهارس للمخطوط، مثل فهارس الأعلام المذكورة في النص، وفهارس الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة، وفهارس الأشعار، وفهارس أخرى يراها ضرورية ويتطلبها المخطوط مثل فهارس الألفاظ، وفهرس المباحث الكلامية، وفهرس الاستعارات والمجازات لمخطوطات علوم البلاغة وغيرها•


ويجب على المحقق أن يضع مقدمة وافية للمخطوط تعرف بهوية صاحبه وعصره• وعلومه وشيوخه، وتلامذتهم ويتحدث فيها عن موضوع الكتاب ومن سبقه إليه، ومن تبعه بعده فيه أو علق عليه، كما يصف فيها المخطوطة مثل “الحديث عن مكان وجودها، وعدد أوراقها وقياس كل ورقة، وعدد السطور فيها، ونسبة كمالها أو نقصها وعيوبها، ونوع النقش وألوانه، وصحة نسبة العنوان وما ذكر مع العنوان ونوع القلم الذي نسخت له، وهل هو منقوط ومشكول ومدى صحة ذلك، وهل النسخة مزينة، وتاريخها، ومدى علاقتها بنسخة المؤلف• وكم قلماً نسخها، واسم ناسخها• ومرتبته العلمية، وأمانته• ثم يعرف بالتعليقات والهوامش والإجازات والأختام والتملكات المضافة على النسخة•• ثم تعريف بالنسخ الفرعية، ووصفها وصفاً دقيقاً، ومدى الاستفادة منها، وأهميتها• وهل هي مطبوعة سابقاً وأهمية النسخة المطبوعة وعيوبها فقد يعتمد المحقق على نسخة واحدة فيطبعها، وقد يفقد أصل الكتاب بعد طبعه، وهذا يزيد من أهمية النسخة المطبوعة•• ثم يبين خطته (المحقق) في مراحل عمله التحقيقي، والشرحي، والفهرسي، ونوع الصعوبات، وأسـماء من مدوا يد العون نحوه• والرموز التي اتبعها في إخراج نسخته• ثم التعليق على أسلوب المؤلف وأفكـاره، وإذا كانت النسخة دون تاريخ، كـيف ذلل ذلك، وإذا لم يذكر فيها من اسم المؤلف، كـيف تمكن من اكتشافه؟ ثم يختم ذلك كـله ببعض الورقات المصورة من المخطوطات كنماذج، ولا سيما الأولى والأخيرة• وترقم هذه المقدمة بالأبجدية، وتلحق بأول الكـتاب(21)، وفي جميع الأحوال تبقى الممارسة الميدانية، والتجربة خير مجال للمحقق، وأفضل سبيل•


9 ـ مقترحات عامة:
لقد عرفت المخطوطات العربية اهتماماً ملحوظاً في السنوات الماضية من قبل حكومات الدول العربية والمؤسسات الرسمية والخاصة، ومن قبل الباحثين، إلا أن ذلك ما زال بحاجة إلى مزيد من الاهتمام والرعاية والدعم، لاسيما وإننا نعيش عصر العولمة الذي يسعى إلى القضاء على الشخصية الوطنية للدول النامية، وبخاصة منها شخصيتنا العربية الإسلامية• لذلك يجب أن تأخذ هذه القضية قدراً أكبر من رعايتنا واهتمامنا حفاظاً على هويتنا ووجودنا• ونقدم فيما يلي بعض المقترحات التي يمكن أن تفيدنا في تدعيم نشاطنا، وتقوية مجهوداتنا في هذا الاتجاه:
9ـ1ـ إنشاء صندوق عربي خاص لتمويل حماية التراث المخطوط ونشره، وتعضيداً للجهود التي تبذلها الحكومات والمؤسسات العلمية في هذا المجال، مع تبادل الخبرات الفنية والبعثات التدريبية المتصلة بالمخطوطات، وتصويرها، وصيانتها، وترميمها، وتبادل الفهارس للتعريف بما تقتنيه كل دولة من مخطوطات، مع السعي لإيجاز الفهرس الموحد بإشراف معهد المخطوطات العربية•


9ـ2ـ تقديم مزيد من الدعم لجهود معهد المخطوطات العربية والمؤسسات العلمية لتصوير المخطوطات العربية الموجودة في العالم، وبخاصة في تركيا، التي تقتني مجموعات كبيرة من تراثنا المخطوط الذي وجد فيها خلال الحكم العثماني للبلاد العربية• ويجب إقامة مزيد من التعاون مع اليونسكو ودول العالم في هذا السبيل، مع ضرورة الاستعانة بمؤسسات تصوير ذات خبرة عالية في هذا العمل، وتوقيع الاتفاقيات الثنائية مع الدول لتحقيق الغاية•
9ـ3ـ وضع قانون عربي موحد لحماية المخطوطات، كـتتويج للقوانين الوطنية لكـل دولة، ويشمل كـل ما يتصل بأمن المخطوطات، وصيانتها، وإدارتها وملكيتها وسبل التعريف بها، وجمعها، وحفظها، وترقيمها، وتصويرها وتقييم الانتفاع بها إلى غير ذلك من الأمور بمشاركـة المتخصصين في الأرشيف والمخطوطات ورجال القانون، ووضع العقوبات الرادعـة لكل عمل من شأنه الإساءة إلى المخطوطات أو تهريبها، مع وضع المكافآت اللازمة لكـل من يسهل جمع المخطوطات ووضعها تحت تصرف الجهات المسـؤولة عن حمايتها ورعـايتها•


9ـ4ـ الاستمرار في بذل الجهود على المستويات الوطنية للتعريف بأهمية المخطوطات في حياة كل أمة، ومتابعة السعي لاقتنائها، ورعايتها، وحفظها، وترقيمها والتعريف بها وفق أفضل السبل والوسائل•
9ـ5ـ إجراء مسح شامل على مستوى كل دولة عربية للمخطوطات المحفوظة في المكتبات العامة والخاصة الموجودة فيها، ونشر قوائم بها، تمهيداً لإصدار فهرس المخطوطات الموحد على المستوى العربي، وتصويرها بوساطة المصغرات الفيلمية، ووضع هذه الصور تحت تصرف الباحثين في كل دولة عربية• وكذلك نشر قائمة موحدة للرسائل الجامعية على مستوى الماجستير والدكتوراة التي تناولت تحقيق المخطوطات على مستوى الجامعات العربية أو الجامعات الأجنبية التي اهتمت بتحقيق مخطوطات عربية•
9ـ6ـ توجيه مزيد من الاهتمام لتحقيق المخطوطات ذات المحتويات العلمية والاقتصادية والاجتماعية والفنون العسكرية،نظراً لأهمية هذه الموضوعات، وقلة اهتمام الباحثين بها•


9ـ7ـ وجوب تعميم الطرق والوسائل العلمية الحديثة في حفظ المخطوطات وصيانتها، على مختلف المكتبات ودور الوثائق التي تقتني مخطوطات ما أمكن ذلك، ونشر المعلومات اللازمة حول هذا الموضوع• وننوه هنا بالجهود التي تبذلها المكتبة الوطنية الجزائرية “بالحامة” في هذا المجال•
9ـ8ـ إقامة مزيد من الدورات الفنية الخاصة بترقيم المخطوطات وصيانتها وتعفيرها والحفاظ عليها، إلى جانب موضوعات أخرى تتصل بأنواع الخطوط والورق والحبر والكتابة والخطاطين والوقاية من الآفات التي تصيبها • وحبذا لو أدخلت هذه الموضوعات كمادة مقررة في أقسام المكتبات والتاريخ في الجامعات العربية ضمن مقياس “المخطوطات العربية”•


10 ـ الخاتمة:
إذا كانت الأمم والشعوب المختلطة تعنى بتراثها المخطوط، فإن من واجبنا نحن العرب المسلمين أن نكون أكثر منها عناية ورعاية واهتماماً، نظراً لتراثنا المخطوط الهائل الموجود عبر العالم، والذي يقدره معهد المخطوطات العربية بثلاثة ملايين مخطوط، وهي ثروة لا تعادلها ثروة نادرة كان لها دور كبير، مؤثر وفاعل في صنع الحضارة الإنسانية، نهل منها الغرب قرون طويلة، وأفاد منها في صنع النهضة، وإقامة حضارته التي تظلل العالم اليوم•
إن التعلق بالتراث وبذل الجهود الفردية والجماعية لحمايته وتحليله ودراسته والتعريف به بروح علمية واعية هو أحد مظاهر الإيمان بالأمة وتاريخها وأمجادها، والعمل على ترسيخ أقدامها بين الأمم• وإذا كانت البشرية مازالت بحاجة إلى ثرواتنا المادية، فإنها أكثر حاجة إلى ثروتنا الثقافية والفكرية في هذا العالم المضطرب الذي انحدرت فيه القيم، وتعثرت أمامه السبل نحو إقامة مجتمعات تسود فيها المحبة والإخاء والمساواة والعدالة الاجتماعية، لذلك كله نجد أنفسنا اليوم أكثر حاجة من أي وقت مضى لنشر هذه القيم والمثل العليا فيه عبر أحدث الوسائل، وأفضل السبل•


المراجع والهوامش:
(1) زيغريد هونكة، شمس العرب تسطع على الغرب، أثر الحضارة العربية في أوروبا• ط5 ترجمة فاروق بيضون وكمال الدسوقي• بيروت: دار الآفاق الجديدة، 1981 ص 583 •
(2) كتب أبو بكر أحمد بن الحسين على ظهر كتاب له ما يلي:
يامستعيـر كتـابـي إنــه علـــق بمهـجتي عـلق المحبـوب بالمهـج
انسخه واردده في حل وفي سعة وأنت في حبسه من أضيق الحرج
وأنشد أبو حسين علي بن أحمد بن يحيى الجور دكي لنفسه بالبصرة ما يلي:
يـامـن يـروح كـتابـي لنـسـخــــه إن أراده
أو رغـبـة فـي اطــلاع يـبغـي بـذاك الـزيادة
تـوق فـيـه خـصــالاً تـسـويـده وفـسـاده
إذا فـرغـت فـأســرع بــه إلــى الإعـــادة
فحـبسـه فعـل ســوء وسـرعـة الـرد عـادة
وكتب أبو الحسن علي إبن أحمد بن علي الغالي الأديب على نسخة من كتاب الجمهرة اضطرته الفاقة لبيعها ما يلي:
أنست بها عشرين حولا وبعتها لقد طال وجدي بعدها وحنيني
وما كان ظني أننـي سأبيعــها لو خلدتني في السجون ديوني
ولكن لضعف وافتقار وصبيـة صغار عليهم تستهـل شؤونـي
فقلت ولم أملك سوابـق عبـره مقالة مكـوي الفـؤادي حـزيـن
وقد تخرج الحاجات يا أم مالك كرائــم مـن رب بهـن ضنــين


أما وصف الجاحظ للكتاب فهو غني عن كل قول وبيان• لمزيد من الاطلاع، انظر:
محمد ماهر حمادة، المكتبات في الإسلام، نشأتها، وتطورها، ومصائرها• بيروت: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر،1970.
(3) كانت مكتبة دار العلم في القاهرة إبان القرن الحادي عشر الميلادي تضم ما يزيد عن مليونين من المخطوطات في جميع العلوم والفنون بينها (1200) نسخة من تاريخ الطبري، وأكثر من (30) نسخة من كتاب العين للفراهيدي، مئة نسخة من كتاب الجمهرة لابن دريد•
وتذكر بعض المصادر التاريخية الموثقة أن مكتبة بني عمار في طرابلس الشام كانت تحوي في فترة ازدهارها عند نهاية القرن العاشر الميلادي حوالي ثلاثة ملايين مجلد مخطوط، بينها خمسون ألف نسخة من القرآن الكريم، وثمانون ألف نسخة من التفاسير، وعمل فيها ما يزيد عن مئة وثمانين موظفاً لخدمة القرآن ونسخ الكتب•
(4) وول ديورانت: قصة الحضارة، تعريب أحمد بدران، القاهرة: لجنة التأليف والترجمة والنشر،1950 ج13، ص• 171 •
(5) زيغريد هونكة، المرجع السابق، ص• 141 •
(6) فؤاد قزانجي• المكتبات والصناعة المكتبية في العراق• بغداد: مطبعة الجمهورية، 1972 • ص• 15 •
(7) المرجع نفسه،ص• 26 •
(8) د• عبد اللطيف صوفي• لمحات من تاريخ الكتاب والمكتبات• دمشق: دار طلاس للنشر، 1987 •
(9) د• عصام نعمان: العرب والعالم، تحديات العولمة وفرصها• مجلة معلومات دولية، دمشق: مركز المعلومات القومي ع ـ 58 خريف 1998، ص• 112 •
(10) عمر مقداد• الصراع بين العولمة والهوية، مجلة معلومات دولية• دمشق: مركز المعلومات القومي،1998 ع58، ص• 104 •
(11) صدر هذا العمل الذي قام به كوركيس عواد عن معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية في مجلدين تحت عنوان: “فهارس المخطوطات العربية في العالم”
(12) مؤسسة عربية إسلامية مركزها مدينة لندن، تعنى بالتراث الإسلامي المخطوط والتعريف به، وهي بتمويل من الشيخ أحمد زكي اليماني•
(13) صدر هذا العمل باللغة الإنكليزية تحت عنوان: World Survey of islamic manuscripts
وذلك خلال الفترة الواقعة بين 1992-1994، ثم شرعت بنقل هذا العمل إلى اللغة العربية، وأصدرت منه المجلد الأول الذي يقع في أكثر من 750 صفحة، يحوي الدول التي تبدأ بحرفي الألـف والباء وعددها 29 دولة•
(14) د•عبد الستار الحلوجي، نحو خطة عربية لتجميع تراثنا المخطوط• المورد (مجلة تراثية فصلية)• بغداد: وزارة الإعلام، م5، ع1، 1976 • ص• 133 •
(15) اتجهت أول بعثة أرسلها المعهد للتصوير إلى سورية فصورت عدداً من مخطوطات المكتبة الظاهرية، والمكتبة الأحمدية، وفي العام نفسه صورت بعثات أخرى مخطوطات دار الكتب المصرية والمكتبة التيمورية، وتوالت البعثات إلى تركيا والهند وإيران والبلاد العربية الأخرى وغيرها•
(16) بشير الهاشمي• وجهة نظر في حماية المخطوطات العربية• المورد (مجلة تراثية فصلية) بغداد: وزارة الإعلام، م،5 ،ع 1، .1976 ص131 ـ 132 •
(17) لمزيد من المعلومات انظر: أسامة ناصر النقشبندي • صيانة و خزن و تعفير المخطوطات، المورد (مجلة تراثية فصلية) بغداد: وزارة الإعلام، م،5 ،ع1،1976 ص158 -163
(18) زيغرد هونكة، المرجع السابق•
(19) د• حسين أتاي، منهج البحث العلمي في القرآن الكريم مجلة العلوم الإسلامية، قسطنطينة: جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية،ع.3 (كانون الثاني 1992) ص• 34 •
(20) د• محمد التونجي • المناهج في تأليف البحوث و تحقيق المخطوطات• حلب :دار ملاح للطباعة و النشر،1986 •ص180 •
(21) المرجع نفسه ، ص194ـ195 •