الرئيسية / الاسلام والحياة / بداية الطريق شذرات من عبق الإمام الخامنئي دام ظله

بداية الطريق شذرات من عبق الإمام الخامنئي دام ظله

روي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُول:” جُعِلَ الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي بَيْتٍ وَ جُعِلَ مِفْتَاحُهُ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: لَا يَجِدُ الرَّجُلُ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِهِ حَتَّى لَا يُبَالِيَ مِنْ أَكْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: حَرَامٌ عَلَى قُلُوبِكُمْ أَنْ تَعْرِفَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى تَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا”.1
________________________________________

1- الكافي، الكليني، ج2، ص 128، باب ذم الدنيا والزهد فيها، ح2.

عليّ عليه السلام … نموذج الزهد الأرقى

الزُّهد زينة علي عليه السلام:
هناك العديد من الرّوايات الحاكية عن مناقب أمير المؤمنين عليه السلام وفضائله.
بدايةً أُشير إلى أنّ ما رُوي في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام لا يقتصر على الشّيعة فقط، بمعنى أنّ الشّيعة ليسوا وحدهم من يرويها أو يأنس بها1. الكثير من فضائل ومناقب أمير المؤمنين عليه السلام يرويه أيضاً غير الشّيعة في كتبهم، فالكثير من المسلمين همّ من المُحبّين والمُريدين والتّابعين لأهل بيت النبوّة الكرام عليهم السلام, ولا سيما ذاك الإمام عظيم الشأن.

إحدى الروايات هي عن “ابن المغازلي” الكاتب الشافعيّ المعروف، الذي يروي في كتابه – وراوي هذا الحديث ليس شيعيّاً – عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: “إنّ عليّ بن أبي طالب يُضيء في الجنّة لأهل الجنّة، كما يظهر كوكب الصّبح لأهل الدّنيا”2، معناه أنّ نور ذلك العظيم يغلب في الجنّة أيضاً على سائر الأنوار. وهذا الكاتب نفسه، يروي عن عمّار

________________________________________
1- ونستثني من ذلك القلّة الذين يُعدّون على أصابع اليدّ، ولا يُعرف إذا ما بقي منهم أثرٌ أو أنّ لهم وجوداً – يعني النّواصب والخوارج-، وأمّا بقيّة المسلمين فهم من محبّي أمير المؤمنين عليه السلام.
2- ابن الغزالي, المناقب, ص140-185. وفي مصادر أخرى: شرح الأخبار والعمدة والإقبال والبحار.

بن ياسر أنّه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعليّ بن أبي طالب عليه السلام: يا عليّ، إنّ الله قد زيّنك بزينة لم يُزيّن العباد بزينة أحبّ إلى الله منها، الزُّهد في الدنيا”3، أي عدم الرغبة بالدّنيا والإعراض عن تلك المظاهر الخادعة التي يلتذّ بها الإنسان، هذه هي الزينة التي أعطاها الله تعالى لعليّ عليه السلام. فليس المقصود هنا إعمار الدّنيا ولا إحياء الأرض وتزيينها بالزّينة الإلهيّة حتى يستفيد منها عباد الله – وهو ما كان أمير المؤمنين عليه السلام سبّاقاً إليه -، ولكن المقصود بالدنيا هو ما أعددناه – نحن وأنتم – ممّا هو في الأرض لحظوظ النفس ولذّاتها، من مأكل ومشرب ومركب (سيّارة)، أو من شهوات جنسيّة، وهذه هي الدنيا المُشار إليها في الرّوايات. ومن الطبيعيّ، فإنّ الاستفادة بمقدارٍ ما من هذه الأمور مباحٌ، ولعلّه ممدوحٌ أيضاً، أمّا ما نُهينا عنه فهو الغرق في تلك الدنيا السيّئة والخبيثة.

إذاً، الزُّهد في الدّنيا هو زينة عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

ثمّ يقول في بقية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنّه قال لعليّ عليه السلام: “وَجعَل الدّنيا لا تنال منك شيئا”.

والرواية الأخرى التي تُنير قلوب محبّي ذلك العظيم هي رواية “الموفّق الخوارزميّ الحنفيّ”، وهو أيضاً من كتّاب أهل السنّة، وله كتابٌ في المناقب.

ينبغي الاستعداد لنكون عمليّاً من أتباع تلك الشخصيّة العظيمة, وليس بالاسم فقط.

________________________________________
3- الموفق الخوارزمي، المناقب, ص113 / مناقب المغازلي، ص105، مع اختلاف بسيط.

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...