الرئيسية / الاسلام والحياة / بداية الطريق شذرات من عبق الإمام الخامنئي دام ظله

بداية الطريق شذرات من عبق الإمام الخامنئي دام ظله

روي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُول:” جُعِلَ الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي بَيْتٍ وَ جُعِلَ مِفْتَاحُهُ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: لَا يَجِدُ الرَّجُلُ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِهِ حَتَّى لَا يُبَالِيَ مِنْ أَكْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: حَرَامٌ عَلَى قُلُوبِكُمْ أَنْ تَعْرِفَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى تَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا”.1
________________________________________

1- الكافي، الكليني، ج2، ص 128، باب ذم الدنيا والزهد فيها، ح2.

عليّ عليه السلام, أكثر الناس إنتاجاً وزهداً!
… فأمير المؤمنين عليه السلام كان المَثَلَ في زهده وإعراضه عن الدّنيا. ولعلّ الزُّهدَ أبرزُ مواضيع نهج البلاغة أو أحدُ أبرزِها. ومع ذلك, فإنّه عليه السلام كان طوال فترة خمسٍ وعشرين سنة بين وفاة الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم وتسلّمه الخلافة يُنفق من ماله الخاصّ في الإعمار، إذ كان يزرع البساتين والمزارع، ويحفر الآبار، ويشقّ الأقنية ويسوّي الحقول، والمدهش أنّه كان يتصدّق بكلّ ذلك في سبيل الله.

لا غَرَرَ في أن نعلم أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان أكثر النّاس إنتاجاً، وقد نُقل عنه أنّه قال: “إنّ صَدَقَتي اليوم لو وُزِّعَت على بني هاشم لوَسِعَتهم”18. هكذا كان إنتاجه. لكنّ هذا الإنسان الثريّ كان يعيش الحياة الأكثر فقراً، لأنّه كان يُنفق كلّ تلك الثّروة في سبيل الله. كان بيديه يحفر الآبار في الأرض، ويقوم بكلّ الأعمال. ينقل الراوي: “رأيتُ الماء قد تدفّق من تلك البئر كأوداج الجمل، فخرج أمير المؤمنين عليه السلام منه
________________________________________
16- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج40، ص 318, باب زهد الإمام علي عليه السلام وتقواه وورعه، ح 2.
17- كلام القائد في خطبة صلاة الجمعة – طهران، 05/04/1991.
18- ابن طاووس، كشف المحجّة, ص124.

وهو مُلطّخ بالطّين، وجلس عند حافتّه، ودعا بورقٍ وكتب فيه بأنّ هذا البئر أوقفه عليّ بن أبي طالب على أشخاصٍ ذَكَرَهم”.

والأمر الذي نلاحظه في عهد حكومة أمير المؤمنين عليه السلام كان امتداداً لحياته الخاصّة ومسيرته (قبل ذلك)، وكان أيضاً يظهر في أثناء خلافته هكذا.

إنّ الزُّهد بالدّنيا لا يتنافى مع بنائها الذي جعله الله واجباً على الجميع، عمّروا الدّنيا، وأحيوا الأرض وأوجدوا الثروة، ولكن لا تتعلّقوا بها، ولا تكونوا عبيداً لها، ولا تكونوا أسرى المال والثّروة، لتتمكنوا من إنفاقها في سبيل الله بسهولة.

هذا هو التّوازن الإسلامي. والأمثلة من هذا الطّراز كثيرةٌ، ولو أردتُ ذكر أمثلةٍ لها لاستغرقت وقتاً طويلاً19.

________________________________________
19- من كلامه في خطبة صلاة الجمعة – طهران، 31/01/1997.

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...