الرئيسية / الاسلام والحياة / محاضرات في الدِّين والاجتماع للشهيد مرتضى المطهّري

محاضرات في الدِّين والاجتماع للشهيد مرتضى المطهّري

العقل البشري ومعرفة الله

 

1- كثيراً ما تطرق أسماعَنا عبارةُ: “تُعرف الأشياء بأضدادها”، فما المقصود منها؟

2- هل صحيح أنّ العقل البشريّ قاصر عن إدراك بعض الأشياء؟!

3- كيف تكون معرفة النفس مقدمة إلى معرفة الله؟

4- إلى أيّ حدّ يمكن معرفة الذات الإلهية؟

5- لماذا يكثر القرآن من ذكر الحياة وآثارها وشؤونها؟

 

 

 

 معرفة الأشياء بأضدادها

 

يؤكد العلماء العاملون في مجال تحليل العقل البشريّ، أنّ هذا العقل إنّما يدرك الأشياء ويتعرّف عليها من خلال مقارنتها بما يقابلها، ولا وسيلة له لمعرفة الأشياء سوى هذه الوسيلة.

 

وعليه، فإنّ الإنسان سيقف عاجزاً عن إدراك الشي‏ء الذي لا مقابل له حتى ولو كان بمنتهى الجلاء والوضوح.

 

هذا هو المقصود من العبارة الشائعة على ألسن العلماء: “تُعرف الأشياء بأضدادها”.

 

وكما في بيت شعرٍ مشهور:

 

ضدّان لمّا استجمعا حسُنا          والضدُّ يظهر حسنه الضدُّ

 

لو غمر النور هذا العالم، وكان الكون سابحاً في نور كليّ

 

 لا يحجبه ساتر ولا حائل، بحيث ينتشر في جميع الأنحاء بدرجة متساوية، لعجز الإنسان عن إدراك هذا النور، ولما علم بأنّ رؤيته للأشياء إنما يعود الفضل فيها إليه. فلولا حلول الظلام لما عرف الإنسان النور ولكان خفيّاً عليه.

 

إذاً هذا النور الذي هو أظهر وأوضح كلّ شي‏ء، بل هو مُظهر الأشياء، “ظاهر في نفسه مظهر لغيره”، فإن ظهوره لا يكفي ليدركه الإنسان، وإنما يدركه لأنه يأفل ويزول ويحلّ الظلام المقابل له محلّه، وهذا النقص، وكما هو واضح، يرجع إلينا لا إلى النور!.

 

وكذا لو عمّت الظلمة ولم يغمرها النور يوماً لما كنّا لندرك أنّنا في ظلمة أبداً، فإدراكنا للنور والظلام هو بالمقابلة بينهما.

 

هكذا حال من يعيش بشكل دائم ومستمر في محيطٍ طيّب الرائحة، أو خبيثها، بحيث لا يخرج من هذا المحيط أبداً، فإنّه لن يشمّ تلك الرائحة أبداً، أو من يعيش عمره لا يطرق سمعه سوى نغمة واحدة، فإنّه يفقد الإحساس بها…

 

يقول أحد العلماء القدامى، إنّ هناك موسيقى رتيبة تنبعث دائماً من حركة الأفلاك، ولكن بما انّ النّاس يسمعونها بلا انقطاع فإنّهم لا يسمعونها أبداً!!

 

وللسبب عينه يفقد الأغنياء إحساسهم باللذائذ، والفقراء شعورهم بالآلام… وسِق في هذا المجال جميع الأمثلة: القدرة والعجز، العلم والجهل، الخير والشرّ…

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...