مواعظ شافية

وفي آية ثالثة قال الله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا﴾ لماذا؟ يقول الله:﴿لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾14. ويقول تعالى: ﴿وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا﴾15. بمعنى أنّ كلّ هذه الأرض فانية. وهنا الله تعالى يبلونا ليرى أيّنا أحسن عملاً، لأنّه فيما بعد هناك جزاء وحساب، لنكون أهلاً للثواب بجدارة، أو مستحقّين للعقاب وليس لنا حجّة على الله عندما يُعاقبنا بذنوبنا أو بسوء أعمالنا.

البلاء بالخير والشرّ

﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾.

عنوان البلاء عامّ وهو بمعنى الاختبار والامتحان. والله سبحانه وتعالى يختبر عباده بالنعم، والخير، وأيضاً يختبرهم بالمصائب والمِحن أي “بالنعم والنقم”. في التعبير القرآني الخير بلاء والشرّ بلاء. ولكن، نتيجة الفَهم العرفي لكلمة “بلاء” يذهب الذّهن مباشرة إلى المصائب، حيث إنّها من نوع البلاء الظاهر الّذي لا ينكره أحد، أمّا البلاء بالنعم والّذي قد يكون أشدّ مصيبة على الإنسان، بل قد يكون نقمة أكبر عليه فهو البلاء الخفيّ الّذي قد يغترّ فيه الإنسان فيظنّ أنّه في موقع الرضا الإلهيّ والحال: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾16.

ويقول سبحانه وتعالى: ﴿فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ﴾17. فهنا مصداق الابتلاء الإلهي بالإكرام والإنعام، ﴿وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ﴾18 “قَدَر” أي “ضيّق” وهنا بتضييق العيش وحبس الأرزاق.

________________________________________
14- سورة الكهف، الآية: 7.
15- سورة الكهف، الآية: 8.
16- سورة آل عمران، الآية: 178.
17- سورة الفجر، الآية: 15.
18- سورة الفجر، الآية: 16.

شاهد أيضاً

مواعظ شافية

قالوا إنّ فتى من بني إسرائيل كان بارّاً بأبيه، وإنّه اشترى بيعا، فجاؤوا إلى أبيه ...